Advertisement

منتهي الصلاحية
تقارير وتغطيات
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

تقدم الحكومات خدماتها لتلبية متطلبات الواقع الجديد واحتياجات المواطنين، كما تواكب التحولات على كافة المستويات. فرغم الميزانيات المحدودة والتحديات المعقدة، تسعى حكومات المنطقة إلى تحقيق الاستقرار الدائم وتمكين المشاريع الناشئة استعداداً للمرحلة المقبلة. في ظلّ هذا الواقع، تعتبر الاستراتيجية الرقمية وسرعة تطبيقها بوابة الوصول إلى مراحل متطورة في الاتصال.

بينما نعتقد ان التحول الرقمي يكون عبر اعتماد التقنيات والابتكارات فقط الا أن الأمر يمتد إلى تمثيل الحكومات رقمياً وتركيز مكانتها على مستوى عالمي لجذب الاستثمارات إلى البلاد. فمع نهضة الحلول الذكية، أصبحت الحكومات الرقمية ضرورة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والارتقاء بالخدمات. ولا بدّ من الاشارة، الى ان حكومات دول الشرق الأوسط تحرز تقدماً ملحوظاً في الانتقال إلى الرقمنة وتلبية السوق مع التركيز على النماذج الناجحة في الحلول الذكية. في غضون ذلك، تخصص حكومات المنطقة استثمارات طائلة في مجال التكنولوجيا والاتصالات إلى جانب توسيع مراكز البيانات وتوفير كل ما يحتاج إليه المستخدم. تمثل البنية التحتية الرقمية للاتصالات والتكنولوجيا في الشرق الأوسط أكثر من مجرد اتصال، فهي عنصر أساسي للاستراتيجية الاقتصادية الوطنية والتمكين الاجتماعي. فبينما تسعى الدول إلى تعزيز مكانتها رقمياً، تصبح شبكات الاتصالات بالغة الأهمية في تطوير الخدمات الحكومية. أكثر من 40% من استثمارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الشرق الأوسط هي لتحقيق مبادرات التحول الرقمي. تتقدم دول الخليج مع احداث ثورة في الخدمات الالكترونية ودعم المهارات واليد العاملة لتناسب ديناميكية المرحلة المستقبلية. ومع اعتبار الذكاء الاصطناعي، والجيل الخامس، والسحابة، وإنترنت الأشياء من بين المجالات الرائدة للإنفاق، فمن المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي نفسه بأكثر من 300 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط بحلول عام 2031. كما تعمل تطبيقات الأتمتة الذكية على تعزيز الكفاءة، وتشجيع الابتكار الاقتصادي وتحسين جودة خدمات الحكومة الإلكترونية.

 

الاستراتيجية الرقمية للتحول الناجح

مع استمرار نمو حكومات الخليج وتطورها بشكل سريع، من المتوقع أن يكون التركيز على الاطر العملية التي تشمل كل الخدمات الرقمية الحكومية للتميّز والريادة.

الامارات العربية المتحدة:

تضع الحكومة الاماراتية جهودها لمواكبة العصر الرقمي حيث تقدم خدمات مميزة تضعها ضمن قائمة الدول الرائدة عالمياً في الخدمات الحكومية الرقمية. ترتكز الاستراتيجية الحكومية للامارات على تعزيز الكفاءة والمرونة ومواكبة العصر الرقمي وعلى متطلبات المستخدمين واعتماد التقنيات الرقمية والبيانات. كما تحرص الحكومة الرقمية الاماراتية على توفير البنية التحتية الرقمية عالية الأداء، توفير منصة رقمية وممكّنات ذكية مشتركة إلى جانب الخدمات الرقمية والشاملة ورفع مستوى اليد العاملة الماهرة للارتقاء بالعمل الحكومي. هذا وتلتزم الاستراتيجية الوطنية للحكومة الرقمية بتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 وسد الفجوة الرقمية وتحقيق المساواة بين الجنسين. أصبحت خدمات الحكومة الإلكترونية جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للمقيمين في الإمارات. ففي عام 2022، وصل مستوى الرضا عن الخدمات الحكومية الرقمية في دولة الإمارات إلى 79%. بالإضافة إلى ذلك، لقي عرض الخدمات الرقمية في الإمارات استجابة إيجابية، حيث ذكر 62% من المشاركين في الإمارات أنهم يستخدمون الخدمات الحكومية الرقمية مرة واحدة على الأقل في الأسبوع.

هذا وتعهدت استراتيجية الامارات للحكومة الرقمية تقديم 90% من خدمات الحكومة على منصة واحدة موحدة وخدمات شخصية بنسبة 100% وابراز أهمية التكنولوجيا ودورها في التقدم الاجتماعي والاقتصادي والاستثماري والتنموي.

المملكة العربية السعودية:

أطلقت هيئة الحكومة الرقمية في المملكة العربية السعودية في عام 2022، برنامجًا حكوميًا شاملاً لتقديم خدمات رقمية متكاملة للقطاع الحكومي، وتسريع التحول الحكومي الرقمي المستدام وزيادة تبادل البيانات بين الوكالات.  ومن بين الجوائز التي حصلت عليها، صنف مؤشر الأمم المتحدة لتنمية الحكومة الإلكترونية لعام 2022 المملكة في المرتبة 31 عالمياً والأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث توافر الخدمات الحكومية الرقمية وتطويرها. وأشار تقرير برنامج التحول الوطني 2022 في البلاد أيضًا إلى أن 97% من جميع الخدمات الحكومية متاحة رقمياً، مع وجود أكثر من 6000 خدمة حكومية إلكترونية تعمل في مختلف القطاعات. بالإضافة إلى ذلك، تم تصنيف المملكة العربية السعودية من بين أفضل الدول في تقديم الخدمات الحكومية الرقمية والتفاعل مع المواطنين وفقاً لما ورد في تقرير النضج الرقمي لعام 2021 الصادر عن البنك الدولي.

وقد تُرجم تقدم المملكة في مجال الاتصال والتقنية مع تقدمها في مؤشر الامم المتحدة لتطور الحكومة الالكترونية في عام 2024. تعكس أعمال الحكومة الالكترونية رؤية المملكة 2030 ودعم الاقتصاد الرقمي على المستوى الداخلي والخارجي والتقدم في رحلة التحول الرقمي لتعزيز الابتكار ودفع الخدمات إلى الأمام واعادة الهيكلة.

قطر:

كانت الحكومة الالكترونية القطرية أول من تبنى برنامج OpenAI. ووفقاً للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، ساهم هذا الأمر في تعزيز تجربة المستخدم وتوفير كفاءة وسرعة أفضل في أعمال الحكومة وتحقيق التكامل. نحو 58% من المشاركين القطريين كشفوا أنهم يستخدمون خدمات الحكومة الإلكترونية مرة واحدة على الأقل في الأسبوع. كما أن النسبة الأكبر من المواطنين القطريين يعبّرون عن راحتهم في انجاز معاملاتهم عبر الحكومة الالكترونية. استناداً إلى آخر المؤشرات، احتلت قطر المرتبة الثانية في المنطقة العربية. وكدليل على نجاح التحول من الحوكمة التقليدية إلى الحوكمة الرقمية في الدولة، تم تنفيذ أكثر من 9 ملايين معاملة خلال أربع سنوات من خلال مركز الاتصال الحكومي الذي يقدم خدمات الدعم للمواطنين ويجيب على استفساراتهم المتعلقة بجميع الخدمات الحكومية.

الكويت:

أبرمت حكومة الكويت وغوغل كلاود تحالفاً استراتيجياً للاستفادة من قدرات التكنولوجيا وخبرات الرواد في مجال تحليل البيانات والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي. وسيدعم ذلك رقمنة خدمات المواطنين وزيادة إنتاجية موظفي الحكومة.

تبذل الجهود لتكثيف رقمنة الخدمات الحكومية في الكويت بما يتماشى مع برنامج عمل الحكومة للفصل التشريعي السادس عشر (2022-2026) والذي تم تكليف الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات بالإشراف عليه وإنجازه.

وبحسب الدكتور خالد مهدي، الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، تهدف الكويت بين عامي 2024 و2025 للوصول إلى المركز 30 في مؤشر الأمم المتحدة لتنمية الحكومة الإلكترونية. تنظر الكويت في مشاريعها لتنفيذ الحكومة الالكترونية وتوظيف التكنولوجيا في مختلف الأعمال. كما تسعى الحكومة الكويتية إلى تشكيل جهاز فني متخصص بالتقنية لتطبيق الحلول الرقمية. وفي غضون ذلك، تدعم الكويت شركات الاتصالات المحلية لتنظيم خدماتها وزيادة انتاجيتها وتحقيق الأداء الأعلى بموثوقية وشفافية. كما يتم تدريب المهارات واليد العاملة لتقديم أفضل الخدمات. بالاضافة إلى تشجيع الاستثمار في البنية التحتية الرقمية في البلاد لرقمنة القطاع العام والقطاع الخاص وخلق بيئة تنافسية مع السوق الخارجي.

عمان:

في عام 2022، احتلت عُمان المرتبة 4 في مؤشر نضج الخدمات الإلكترونية والمتنقلة الحكومية (GEMS) الصادر عن الإسكوا التابع للأمم المتحدة، والذي يقيس مدى نضج خدمات الحكومة الإلكترونية. في إطار برنامج التحول الرقمي الحكومي 2021-2025، تم طرح مناقصة لدراسة وتصميم وتنفيذ بوابة وطنية موحدة للخدمات الإلكترونية. وتأتي هذه المبادرة تنفيذاً لتوجيهات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم.

أوضحت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات أنه من خلال إطلاق المرحلة الأولى من البوابة الوطنية الموحدة للخدمات الحكومية الإلكترونية، سيتم تقديم أكثر من 80 خدمة إلكترونية للمواطنين وقطاع الأعمال. وتعمل هذه الإجراءات على تبسيط الإجراءات وإعادة هندسة 70% من خدمات الحكومة الإلكترونية الأساسية.

وسبق أن دشنّت سلطنة عمان 3 منصات رقمية وهي: المنصة الوطنية للمقترحات والبلاغات، المنصة الالكترونية المخصصة لتلقي الشكاوى في المؤسسات الحكومية لتحسين الخدمات الحكومية والمنظومة الوطنية لتقييم الأداء ومتابعة كل التحولات. تهدف هذه المنصات إلى تحسين جودة الخدمات الحكومية فضلاً عن تعزيز رضا المستخدمين أيضا، فوجود الرقمنة والحلول الذكية ضرورة وليس خياراً بعد الآن.

 

تحديات رغم ازدهار الخدمات

تواجه المنطقة تحديات فعلية مع التوجه نحو الرقمنة ودمجها في الأعمال الحكومية. ومع تقييم واقع التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط، تعاني المنطقة من فجوة رقمية على مستوى البنية التحتية بين المدن المتقدمة رقمياً والمدن الأكثر اكتظاظاً والتي لا تلبي كل احتياجات السكان.

يشكّل الانتقال من النمط التقليدي إلى النمط الرقمي تحدياً للحكومات ذات القدرات المحدودة ويحتاج ذلك إلى موازنة مالية كبيرة يمكنها دعم الخدمات الرقمية واتاحة الفرصة لتسهيل حركة البيانات. أما عدم توافق معايير الحكومة الاكترونية مع البنية التحتية الرقمية فقد يكون من العوائق التي تمنع التحول إلى المعاملات الذكية.

تعكس الحكومات الالكترونية واقع الرقمنة الذي نعيشه اليوم وأهمية دمج التكنولوجيا في حياتنا اليومية خصوصاً وان الطلب يتزايد على التقنيات التي تساعد الانسان في انهاء مهامه. ومع النمو والتطور السريع، تجد الحكومات نفسها أمام تحدٍ كبيرٍ للعمل على تحقيق التناغم بين الخدمات المقدمة وحاجة السوق ومتطلبات المجتمع الجديدة.