Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

تخيّل لو لم تعد بحاجة إلى مفاتيح لمنزلك أو لمحفظتك أو لبطاقاتك، تخيّل لو أنك في عالم تكون فيه بصمات وجهك هي المفتاح وأكثر من مجرد كلمة سرّ للدخول إلى التطبيقات أو الحسابات. تطوّرت خلال السنوات الأخيرة تكنولوجيا التعرّف على الوجه ورسمت مجتمعاً رقمياً بكل المستويات، أكثر أماناً ومرونة.

تعمل هذه التكنولوجيا المتقدمة، التي تستخدم ميزات الوجه الفريدة للتعرف على الأفراد والتحقق من هويتهم، على تغيير الطريقة التي نتفاعل بها مع العالم من حولنا. ويمتد اعتمادها إلى قطاعات وأماكن مختلفة، بين المطارات والمطاعم والمكاتب، مما يعزز الأمن الرقمي، ويبسّط عملية نقل المعلومات، ويوفر مرونة كبيرة في الأنشطة اليومية.  مع ذلك، تطرح تقنية التعرف على الوجه جدليات كثيرة تدور حول المخاوف بشأن معلومات المستخدم وخصوصيته وأمنه الرقمي على التطبيقات. فبينما يسهّل التعرف الرقمي على الوجه حياتنا تقدّم بعض الشركات ميزة Face ID لغايات خبيثة فيقع المستخدم بفخ الدخول السريع إلى تطبيق أو موقع الكتروني أو التعرّف إلى المعلومات في الأماكن العامة والمراكز الحكومية. فهل لتحسين تجربة المستخدم الشاملة يجب التعامل مع مخاطر عدّة. وهل تهدد الفلاتر الرقمية سلامة المستخدم؟

 

مخاطر رغم الخدمات

أثار انتشار تقنية التعرّف على الوجه والفلاتر الرقمية وكل التقنيات ذات الصلة انتقادات من مجموعات مختلفة تعتبر ان هذه التقنيات هي خدعة لانتهاك المعلومات بطريقة مُبطّنة. تُخزّن الفلاتر التقنية معلومات عن المستخدم غير أنها تجمع ملامح الوجه بالتفاصيل. فمقابل التسلية والترفيه أو اعتماد الفلاتر الرقمية للظهور بالشكل الذي نريده على مواقع التواصل الاجتماعي، تشمل هذه الفلاتر مجموعة من المخاطر يستغلّها المهاجمون ومنها:

إختراق البيانات: يصل المهاجمون إلى المعلومات السريّة على الهاتف أو الكمبيوتر من خلال الفلاتر الرقمية أو بصمة الوجه ليتم من بعدها التلاعب بالأنظمة الأمنية والتلاعب بها واستغلالها.

التلاعب بهوية المستخدم: تُستخدم الفلاتر الرقمية لتغيير مظهر الأفراد كما يمكن من خلالها انتحال شخصيات وانتاج صور وهمية للوجه واستخدامها للعمليات السيبرانية.

انتهاك الخصوصية: قد يكون تهديد التكنولوجيا الأكبر بانتهاك خصوصية المستخدم نتيجة استخدامنا المكثّف للتقنيات الذكية والأنظمة الالكترونية التي تتطلّب معلومات خاصة ومنها بصمات الوجه. من هذا المنطلق، تمنع بعض الحكومات والجهات الفاعلة في الدول استخدام تقنية التعرّف على الوجه والاعتماد على وسائل أخرى بديلة. ويصف بعض الخبراء الكاميرات وتقنية التعرف على الوجه بالبرامج المثيرة للقلق.

التعدي على الحرية الشخصية: قد تكون حريتنا الشخصية معرّضة للخطر أيضاً بفعل التعدي على المعلومات الخاصة بواسطة التعرف على الوجه. فمن خلال هذه التقنية يمكن للشركات مراقبة المستخدمين وتحرّكاتهم.

ظهور مزيد من الثغرات: تخلق برامج التعرف على الوجه ثغرات اضافية تتعلق بحماية البيانات وتهدد الأمن السيبراني. فإن حجم المعلومات الخاصة التي يشاركها المستخدم مع هذه التقنية يسمح للمهاجمين بالوصول إلى أنظمة الهاتف بمرونة. وتعتبر هذه البيانات حساسة خصوصاً وان غالبية الخدمات اليوم باتت مرتبطة بالانترنت، مثل الخدمات المصرفية، تستخدم بشكل متزايد البيانات البيومترية كجزء من المصادقة متعددة العوامل. يمكن أن يكون لدى جهة التهديد التي تتمتع بإمكانية الوصول إلى قاعدة البيانات، بيانات الوجه والأدوات اللازمة لتجاوز عمليات التحقق هذه والوصول إلى معلومات أكثر حساسية.

ارتفاع عدد عمليات الاحتيال: يمكن لمخالفي القانون استخدام تقنية التعرف على الوجه لارتكاب جرائم ضد الضحايا الأبرياء. يمكنهم جمع المعلومات الشخصية للأفراد، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو التي تم جمعها من عمليات مسح الوجه وتخزينها في قواعد البيانات، لارتكاب عملية احتيال في الهوية.

 

أنظمة خبيثة... هل بصمة الوجه دقيقة؟

تجمع مواقع التواصل الاجتماعي صور المستخدمين عن المنصة فهي تحتاج إليها لتحليل متطلباتها وتحديد سلوكها. كما انها تحتاج إلى هذه البيانات لتطوير خدمات المنصة لتلبية حاجاتها وتطلعاتها. وبينما تعتبر هذه التطبيقات وسيلة للترفيه والتواصل إلا أنها تعتبر من أكبر مصادر الخطر الرقمي اذ يسلّط الخبراء الضوء على كيفية اعتماد هذه المنصات بعيداً عن مشاكل الاستغلال من قبل الشركات أو المتسللين على الانترنت.

ومع تصاعد وتيرة الهجمات السيبرانية على مرّ السنوات وخصوصاً بعد توسع نطاق التكنولوجيا وعصر الانترنت، تناقش الدول سياساتها بخصوص توفر تقنية التعرف على الوجه في الأماكن العامة وعلى التطبيقات الذكية ونسبة خطورتها والخدمات التي تقدمّها في آن واحد. هذا وتركّز التقارير على أهمية هذه التقنية لتحديد هوية المجرمين في المطارات واستخدام معلومات واضحة بسرعة قياسية. لكن هل تقنية التعرّف على الوجه دقيقة إلى هذا الحدّ؟

تختلف الدراسات بهذا الاطار فمنها التي تؤكد مصداقية بصمات الوجه ومنها من يخالف هذا الأمر. من جانبه أجرى المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا اختباراً لدراسة دقة خوارزميات التعرّف على الوجه في مختلف المنصات والتطبيقات الذكية وتبيّن ان الخوارزميات الـ28 التي تم اختبارها غير دقيقة بالدرجة نفسها فقد فشل بعضها بنسبة 0.2%.

كما تواجه هذه التقنية بعض المشاكل بعدم قدرتها على تحديد الوجه بدقة أثناء الليل وفي الاضاءة المنخفضة. فكلما كان الضوء واضحاً كلما حددت التقنية ملامح الوجه بشكل أفضل.

 

بصمات الوجه برسم البيع

تعتبر سرقة بصمات وجوه الناس من السرقات الرائجة حالياً فما علاقة هذه العمليات ببرامج الذكاء الاصطناعي؟ تدفع الشركات مبالغ طائلة مقابل بصمة وجه لمستخدم وتستخدمها لأهداف متعددة. تتوارد لنا في الفترة الأخيرة أشكال مختلفة لروبوتات شبيهة بوجوه البشر فهذا يكون استناداً الى بصمة الوجه المسروقة ونحو 90% من هذه العمليات تتم على هذا الشكل.

فبمجرّد مشاركة بصمة وجهك مع "ترند" على احد التطبيقات لتحويل صورك إلى كرتون أنت تساهم بسرقة بصمة وجهك ليتم تخزينها لدى الشركات وقواعد بياناتهم. لكن لمَ تهتم هذه الشركات للحصول على بصمات الوجه.

تشتري شركات الذكاء الاصطناعي  بصمات الوجه وتستخدمها لتطوير تقنية التعلم العميق أو Deep Fake  وبالتالي صناعة روبوتات أو وجوه روبوتية تتحركّ عبر الذكاء الاصطناعي ومشابهة للبشر. قد تصل قيمة شراء بصمة وجه إلى نحو 200 ألف دولار حيث يتنازل صاحب البصمة عن حقوق استخدام ملامح وجهه إلى الأبد فتتم صناعة روبوت مشابه لشكل الشخص الذي باع بصمة وجهه.

وستستخدم هذه الروبوتات في الفنادق والمطارات والأماكن العامة في المستقبل. أما التطبيقات التي تفرض على المستخدم تسجيل دخول أو قراءة شروط معيّنة – والتي 95% منّا يوافق عليها دون قراءتها - قبل استخدامها تعتبر وسيلة تُجبر المستخدم على التنازل عن حقوق بصمات وجهه إلى الأبد.

على ضوء ذلك، يؤكد احد مستشاري الأمن السيبراني عدم الوثوق بالتطبيقات الذكية فمعظم تطبيقات الدردشة والمكالماتFace App  تجمع معلومات وبيانات عن المستخدم وتخزّنها وهي تشكل الاسم الكامل والبريد الالكتروني والمتصفح المستخدم والمواقع التي يتم استخدامها على الهاتف وعنوان بروتوكول الانترنت الخاص أيضاً. أما الأخطر من ذلك، فتسمح سياسة تطبيق Face App وغيره من التطبيقات المشابهة مشاركة معلومات المستخدم مع شركات الاعلانات لتظهر هذه الأخيرة وفقاً لرغبة المستخدم ومتطلباته.

لا يقتصر الموضوع على مشاركة الصور والمعلومات فقط ، بل يشير مطورو الاعلانات الرقمية الى ان تطبيق Face App  مثلاً  يستخدم كل الصور الموجودة على الهاتف دون اذن المستخدم حتى لو تم مسح التطبيق فسيتم الحفاظ على الصور في الشركة. أما لطلب عدم مشاركة الصور أو مسح المعلومات المشاركة فيتطلّب ذلك التواصل مع الشركة. فكيف يمكن أخذ الحذر؟

يشير خبراء التقنية والأمن السيبراني إلى مجموعة من التدابير التي يمكن اتخاذها لحماية أنفسنا على الانترنت:

  • عدم مشاركة بياناتنا مع مواقع أو تطبيقات غير موثوقة.
  • عدم الموافقة على سياسة التطبيقات قبل قراءتها كاملةً.
  • عدم الاشتراك ببرامج ذكية دون قراءة سياسة الخصوصية.

 

قد يصل بنا التطور إلى مراحل خيالية تجد فيها نفسك بهيئة روبوت في أحد الأماكن وبموافقتك المطلقة. فلا قوانين ولا سياسات يمكن تطبيقها لحماية بياناتك بل المسؤولة الأولى والأخيرة تقع على عاتقك. فإما استخدام التكنولوجيا بالطريقة الصحيحة أو العواقب ستكون كبيرة على البشرية.