ترتكز الشركات على بيانات المستخدمين لتوجيه اعلاناتها وفقاً لمتطلباتهم. ومع تحفيز التحول الرقمي واعتماد شبكات فائقة السرعة بين الجيلين الرابع والخامس، تنشط حركة البيانات بشكل غير مسبوق حول العالم. أما في منطقة الشرق الأوسط، فتعد الكويت والمملكة العربية السعودية والبحرين من بين الدول العشر الأكثر استخداماً لبيانات الهاتف المحمول.
ينتج عن التطبيقات الذكية المستخدمة يومياً عدد هائل من البيانات مع مشاهدة أكثر من مليار مقطع فيديوعلى تطبيق تيك توك وإجراء 9 مليارات عملية بحث على غوغل، وإرسال نحو 350 مليار بريد إلكتروني حول العالم. ومع استخدام الهاتف المحمول بشكل أكبر، ارتفعت حركة البيانات المتنقلة على مستوى العالم حيث ارتفعت من 2.6 جيغابايت شهرياً في عام 2017 إلى 16 جيغابايت شهرياً في عام 2022، ومن المتوقع زيادة هذه الأرقام أيضاً لتصل إلى 42 جيغابايت شهرياً بحلول عام 2027. يعود ارتفاع حركة البيانات إلى انتشار مفهوم الرقمنة عالمياً والوصول إلى الجيل الخامس والتقنيات الحديثة واعتماد الشبكات اللاسلكية في ظلّ عصر التكنولوجيا.
وقد ارتفعت كمية البيانات المخزنة والمنشأة من 2 زيتابايت في عام 2010 على أن تصل إلى 120 بحلول عام 2023، وقد تتجاوز 180 زيتابايت بحلول عام 2025. وفقاً لتقرير البنك الدولي عن التقدم والاتجاهات الرقمية لعام 2023. أما من حيث الاستهلاك الشهري لبيانات الهاتف المحمول، فتحتل جزيرة كوراساو المرتبة الأولى، بمتوسط 131.3 جيغابايت من الاستخدام الشهري لبيانات الهاتف المحمول رغم عددها السكاني الذي يبلغ 193000 نسمة فقط إلا أنها تتصدر العالم في متوسط الاستخدام الشهري لبيانات الهاتف المحمول. ويعود هذا الإنجاز إلى عوامل عدّة تتمثل بتدفق أكثر من مليون سائح في عام 2022، وخطط بيانات الهاتف المحمول المثيرة، ومحدودية الوصول إلى الاتصالات الثابتة والإنترنت واسع النطاق.
البيانات المستخدمة إلى زيادة في الخليج
في منطقة الشرق الأوسط، تحتل الكويت المرتبة الثانية، بمتوسط 83.9 جيغابايت من بيانات الهاتف المحمول المستخدمة شهرياً. وقد أدت التطورات الأخيرة في قطاع الاتصالات في الكويت إلى توسيع تغطية شبكة الجيل الخامس إلى حوالى 97% من السكان. بالإضافة إلى ذلك، فإن استثمار الحكومة في منصات الهاتف المحمول وبشكل كبير يمكّن المواطنين من التعامل مع مهام متعددة أونلاين مثل دفع المخالفات المرورية أو جدولة مواعيد المحكمة من خلال تطبيقات الهاتف المحمول.
تُصنف المملكة العربية السعودية من بين الدول العشر الأولى عالمياً من حيث سرعات الإنترنت عبر الهاتف المحمول، حيث تعمل الهواتف المحمولة كوسيلة أساسية للوصول إلى الإنترنت، وتمثل 98.9% من الاستخدام. ووفقاً لشركة GlobalData فمن المتوقع أن يرتفع متوسط الاستخدام الشهري لبيانات الهاتف المحمول في المملكة العربية السعودية بشكل ملحوظ، ليصل إلى 89.8 جيغابايت في عام 2028. أما سبب هذا الارتفاع فيعود إلى زيادة استهلاك خدمات الفيديو ذات النطاق الترددي العالي عبر الإنترنت ومحتوى الوسائط الاجتماعية عبر الهواتف الذكية.
كغيرها من الدول المجاورة، يشهد قطاع الاتصالات والتكنولوجيا تحولاً كبيراً في البحرين أيضاً، حيث من المتوقع أن يصل انتشار شبكات الجيل الخامس ليرتفع من 41% في عام 2023 إلى 75% من السكان بحلول عام 2028. وتعمل الحكومة البحرينية بنشاط على تعزيز البنية التحتية للاتصال في البلاد، بما يتماشى مع خطط إنشاء شبكة اتصالات في البحرين. وتعتبر شبكة الألياف الضوئية ذات النطاق العريض على مستوى البلاد كجزء من الخطة الوطنية الخامسة للاتصالات (NTP5). وتهدف هذه المبادرة إلى توفير إمكانية الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة بأسعار مدروسة لجميع المنازل والشركات بحلول عام 2026.
من ناحية أخرى، تشتهر فنلندا ببنيتها التحتية المتطورة للاتصالات السلكية واللاسلكية، وتقف في طليعة استخدام البيانات المتنقلة في أوروبا. والجدير بالذكر أنها كانت رائدة في أول شبكة اختبار الجيل السادس في العالم. ومن خلال الاستفادة من سمعتها كمركز للابتكار الرقمي، اختارت العديد من الشركات فنلندا لتكون بمثابة أرض اختبار للمنتجات والخدمات الجديدة قبل تقديمها عالمياً.
بيانات الهاتف المحمول وتطور المجتمع الرقمي
تعزز بيانات الهاتف المحمول مسيرة التحول الرقمي من خلال تعزيز الاتصال، وتحفيز التجارة الالكترونية عبر الهاتف المحمول، ودعم الأعمال عن بعد، وتمكين الحلول الذكية.
ومن هذا المنطلق، لم يعد تبني الرقمنة خياراً بل أصبحت ضرورة للاستمرارية والنجاح، لأنها تحمل الأساس والقدرة على تشكيل عالم أكثر شمولاً ومرونة واستدامة للأجيال القادمة. ووفقاً للبنك الدولي، مع اتاحة الإنترنت السريع، تزداد احتمالية توظيف الفرد بنسبة تصل إلى 13.2%، ويزداد إجمالي العمالة لكل شركة بنسبة تصل إلى 22%، وتتضاعف صادرات الشركة أربع مرات تقريباً.
ومع تحول التركيز من توسيع تغطية الإنترنت إلى تعزيز القدرات في العقد القادم، تلعب بيانات الهاتف المحمول دوراً رئيسياً في سد الفجوة الرقمية. وينصب التركيز على الانتقال نحو ترقية الشبكات لاستيعاب نمو حركة البيانات الهائل وتعزيز جهود الرقمنة. ونتيجة لذلك، تزداد الفجوة الرقمية؛ فلم يعد الأمر يتعلق فقط بالتغطية الجغرافية؛ أما الآن، فهو يشمل الوصول والاستخدام وجودة الخدمات المقدمة.
وفي هذا السياق، سيكون نشر الشبكات عالية السرعة، بما في ذلك تقنيات الألياف الضوئية والجيل الخامس، محورياً لتسهيل الابتكار وتعزيز التحول الرقمي عبر مختلف قطاعات المجتمع. وستعمل هذه التطورات في البنية التحتية على تمكين الأفراد والشركات والمجتمعات على حد سواء، مما يؤدي إلى تعزيز الاتصال والإنتاجية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية خلال السنوات القادمة.