تعزز الأجهزة الإلكترونية والهواتف المحمولة التواصل والاتصال المرن بين الأفراد كما تسهّل الوصول إلى خدمات قطاعات مختلفة. في الوقت نفسه، تخلق الرقمنة فرصاً اقتصادية وتنموية عدّة تساهم في تحسين المجتمع وتطويره.
تملك الحلول الذكية والابتكارات الحديثة القوة لتحويل أنظمتنا الداخلية وتحقيق النمو المبتغى. ففي ظلّ العصر الرقمي والامكانات التكنولوجية التي باتت متوفرة، حققت الدول ارباحاً هائلة للناتج المحلي كما ساهمت في سدّ الفجوة الرقمية وخصوصاً في الدول ذات الكثافة السكانية. تترك الرقمنة آثارها المباشرة على حياتنا العملية واليومية ويعزز استخدام البيانات الرقمية مستوى رفاهية الأفراد والمجتمعات.
بحسب الاحصاءات، ترتبط حياتنا بالأجهزة الالكترونية بشكل كبير فكل نشاطاتنا قائمة على استخدام الانترنت. واقع جديد يُفاقم نسبة الخوف من الانقطاع عن الاتصال بالعالم حيث أصبحت الحاجة إلى التفاعل أكبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتخفيف التوتر والقلق ودفع رفاهية الأفراد إلى الأمام.
رفاهية العيش ترتبط بشبكة واحدة
تختلف مقوّمات الرفاهية عن السابق مع تغيّر نمط الأعمال وأسلوب العيش على المستويات كافة. يوفر العصر الرقمي فرصاً أكبر مدعومة بالتقنيات التكنولوجية والابتكارات. فأين يرى الأفراد رفاهيتهم اليوم وكيف يحققونها؟
تخلق مواقع التواصل الاجتماعي فرصاً جديدة للشعور بالانتماء إلى مجتمع افتراضي يترابط فيه الأفراد عن بُعد. أما من الناحية العملية، فتعزز الحلول الرقمية انجاز المعاملات وتوفر الوقت والجهد وهذا ما يبحث عنه الأفراد اليوم أكثر من أي وقت مضى. بين تنوع الخدمات والسرعة في تلبية الاحتياجات، تدعم الحكومات دمج التكنولوجيا في كل الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والتعلم والعمل عن بُعد وتفعيل التجارة الالكترونية والمنصات الرقمية. هذا وتسجل الأجهزة القابلة للارتداء مثل الساعات أو الكاميرات نقطة تحول على مستوى رفاهية العيش حيث بات بأمكان الأفراد الوصول إلى كل البيانات الطبية الأساسية للصحة (معدل دقات القلب، النبض، نسبة الأكسيجين في الجسم وغيرها من معلومات طبية أكثر دقّة) بكبسة زر.
بناءً على ذلك، تشير التقارير إلى أهمية اتخاذ الاجراءات المطلوبة من قبل الحكومات والجهات المعنية لاستيعاب مدى تأثر مستوى رفاهية الأفراد بالتقنيات المستخدمة وفهم النهج المعتمد والتكاليف المالية والمعنوية المطلوبة للحفاظ على هذه الرفاهية. ترتبط رفاهية الحياة اليوم بالحفاظ على الصحة النفسية والحدّ من تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي وتجنّب المشاكل التي تتشكّل إلى جانب تأمين حماية المعلومات والبيانات الشخصية للأفراد والشركات مع زيادة احتمال حدوث جرائم الكترونية مختلفة.
وبدورها تزيد برامج الذكاء الاصطناعي رفاهية الأفراد على المستويات كافة فتعمل الشركات الناشئة على تطوير أنظمتها وتقديم التمويل الكافي لرفع أداء الخدمات الرقمية وزيادة الاستثمار في هذا المجال.
إبتكارات ظهرت لتبقى... ما هي؟
شهدت المجتمعات ازدهاراً كبيراً بعد الثورة الصناعية الرابعة مع انفاق الشركات مليارات الدولارات على الابتكارات والمشاريع الناشئة سنوياً. تأتي هذه الاستثمارات تأكيداً على دور الخدمات الرقمية والحلول الذكية والتقنيات المعتمدة أهمها الذكاء الاصطناعي لرفع الكفاءة ومواصلة مسيرة التحول الرقمي وتحسين حياة الانسان.
خلال القرن الحالي، ظهرت ابتكارات عدّة وُجدت لتبقى وتتطور وتتبدل وفقاً لحاجة الانسان. تشمل هذه الابتكارات الأجهزة الالكترونية القابلة للارتداء من الساعات إلى الملابس وصولاً إلى الشرائح الالكترونية وزرعها في جسم الانسان لتحفظ بياناته وهي تستخدم في المدن الذكية بشكل خاص. يرتدي واحد من كل خمسة أشخاص جهازاً إلكترونياً أو ساعة ذكية. ينعكس ذلك على الخدمات المتوفرة للأفراد والعملاء حول العالم حيث من المتوقع أن 67% من التفاعل معهم سيكون عبر الأجهزة الذكية بحلول عام 2030.
وبعد انتشار الواقع المعزز عام 2016، انتشرت الأجهزة الالكترونية المدعومة بهذه التقنية مع تعدد الألعاب الالكترونية وانتشار مفهوم الميتافيرس والاستثمار في العالم الافتراضي. أكثر من ذلك، تستخدم تقنية الواقع المعزز والواقع الافتراضي في صناعات مختلفة لتسهيل الخدمات في الرعاية الصحية أو التجارة الالكترونية أو الأعمال الافتراضية، ومن المرجّح أن يصل عدد أجهزة الواقع الافتراضي الى 1.73 مليار دولار خلال العام الجاري.
تُطوّر شركات التكنولوجيا بنية السيارات الذكية لتشكّل اليوم جزءاً أساسياً من قواعد الرفاهية الحديثة. وسط مخاوف واسعة من التغيّر المناخي والجهود العالمية لحماية البيئة، يُرجّح ارتفاع مبيعات السيارات الذكية 44% خلال عام 2025 لتصل إلى 1.9 مليون سيارة. وبعد اتصال هذه السيارات بشبكة الانترنت تماماً، يستفيد السائق من خدمات متنوعة تحسّن تجربة القيادة خصوصاً خلال الرحلات الطويلة. توفر السيارات الذكية خدمات الهاتف المحمول نفسها أو أي جهاز كمبيوتر حيث يمكن للسائق اجراء الاتصالات الهاتفية، الاستفادة من التطبيقات الذكية، التعامل مع كل أجزاء السيارة افتراضياً، التنبّه إلى أي عطل تقني أو ميكانيكي قبل حدوثه كما يمكن استقبال الاشارة أثناء القيادة بمجرّد الاتصال بالانترنت وربط الهاتف المحمول بالنظام الداخلي للسيارة. تعتبر السيارات الذكية من أكثر الابتكارات التي ترفع رفاهية الانسان وهي باتت منتشرة بشكل أكبر حول العالم.
تأتي رفاهية الانسان مع كل الخدمات التي تحملها شبكة الانترنت دون أن ننسى المستوى المتقدّم الذي وصلت إليه القطاعات لا سيّما قطاع الرعاية الصحية بعد العام 2019 حيث تستمر العلاجات عن بُعد حتى الآن.
تعتبر حلول التكنولوجيا الرقمية الدافع الأول لتحول حياة الانسان والمساهمة في تحقيق التنمية الشاملة والنمو والكفاءة، فقطار التطور يسير إلى الأمام من دون العودة إلى الوراء والرهان الأكبر يبقى على الابتكارات المستقبلية وما ستحمله من خدمات اضافية تعزز رفاهية الحياة.