مع زيادة الطلب على روبوتات الدردشة والتي تعتمد بطبيعة الحال على الذكاء الاصطناعي في عملها، لوحظ ارتفاع في أسهم بعض الشركات التكنولوجية.
دفع هذا الحماس بالمستثمرين الى تركيز اهتمامهم على أسهم شركات تكنولوجية محددة. ما أدى إلى تسجيلها ارتفاعات كبيرة في الأشهر الستة الماضية. فقطاع التكنولوجيا، وبعد أن سجل خسائر هائلة في 2022 تخطت الـ 7 تريليونات دولار، عاد ليحصل على جرعة دعم كبيرة في 2023. والفضل يبقى بطبيعة الحال الى الذكاء الاصطناعي الذي أثبت أن العالم الجديد يلوح في الأفق، فتصدّر اهتمام المستثمرين بهذا القطاع.
ماذا في الأفق؟
يشير مطلعون على هذا الملف الى أنه وعلى رغم التدافع الكبير بين الشركات تماشياً ما السياسة التنافسية بالاضافة الى تقديم أحدث التقنيات للمستخدمين، إلا انها لن تكون جميعها قادرة على مواكبة المرحلة المقبلة تكنولوجياًً. فعملية انتقال حياة البشر من المرحلة الحالية إلى المقبلة، ستنحصر بثلاث شركات فقط، والمعتمدة بشكل أساسي على ثورة الذكاء الاصطناعي. وتابع هؤلاء موضحين أن هذه التوقعات لا ترتبط بما نعيشه حالياً بل بالسنوات المقبلة.
تأثير الذكاء الاصطناعي على الشركات التكنولوجية
واقع التكنولوجيا الحالي يأتي نتيجةً لظهور الجيل الجديد من التكنولوجيا والذي يشغّل البرامج الحالية، ويُنسب الى الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من تأثيراته الايجابية لناحية تحفيز الشركات على التقدم، حمل في طياته أيضاً سلبيات متعددة. فالمستثمرون اقتنعوا بفرضية أن التكنولوجيا ستصل الى مرحلة متقدمة تتخطى فيها العقل البشري، وركزوا اهتماماتهم على الاستثمار في الشركات الكبرى، مما ساهم تلقائياً برفع أسهمها.
وبالرغم من أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، هو تكنولوجيا مهمة للاقتصاد والاستثمار، إلا أن هناك مبالغة في التوقعات. من الخبراء، هناك من يحذر المستثمرين من عملية الانجراف وراء الارتفاعات التي تسجلها أسهم هذه الشركات، خاصة أن ما يحدث يأتي في فترة ليس فيها رخاء ونمو اقتصادي في أميركا، إضافة إلى أن جميع دول العالم تشهد موجة حمائية قوية، وبالتالي يجب الانتباه وعدم الانجرار إذا كان التقييم عالياً، حيث انه من الواضح أن هناك فقاعة بدأت ملامحها في الظهور.
ومن المهم التوضيح بان أي عملية مغالاة لرفع أسعار أسهم بعض شركات التكنولوجيا، ليس من الضروري أن يقابلها أداء مالي جيد لتبرير هذه الارتفاعات. فهناك العديد من الشركات، التي تلجأ للإشارة إلى الذكاء الاصطناعي، في محاولة منها للاستفادة من الفورة الحاصلة ورفع أسعار أسهمها، في حين أنه قد يتم الاكتشاف في مرحلة لاحقة أن لهذه التكنولوجيا بعض المساوئ، التي قد تتسبب في تراجع كبير لأسعار الأسهم المرتبطة بها.
إذاً، إن الاستثمار في قطاع التكنولوجيا يتطلب القليل من التسرع والكثير من الوعي. فالمستثمر الذكي قد لا يستثمر في أسهم شركات كبيرة، بل يبحث عن شركات لديها ابتكارات وقدرات قوية، في عالم الذكاء الاصطناعي، لم يتم اكتشافها ومعرفتها بعد. فان المشهد بطبيعة الحال لن يبقى كذلك في الموجة الثانية التي ستشهد ازدهار الكثير من الشركات.
تغيير عالمي على أكثر من صعيد
وفقاً لعلماء التكنولوجيا، سيغير الذكاء الاصطناعي العالم أكثر من أي شيء في تاريخ البشرية، وبدرجة تفوق بكثير التغيير الذي أحدثه اختراع الكهرباء، فهو يؤثر في مستقبل كل قطاع وكل إنسان تقريباً بعدما أصبح المحرك الرئيسي للتقنيات الأكثر تطوراً مثل الروبوتات وإنترنت الأشياء ومعالجة البيانات الضخمة بسرعات قياسية. وسيستمر الذكاء الاصطناعي في العمل كمبتكر تكنولوجي في المستقبل القريب على الأقل. وعبر التطور المستمر في أبحاث وتطبيقات برامج الذكاء الاصطناعي، أصبحت هناك نماذج يمكن أن تفهم بشكل ما، ماذا يجري حولها وتنجز مجموعة من المهام وتتعلم أشياء جديدة بسرعة كبيرة، بعدما كانت النماذج الأولى تفعل شيئاً واحداً. ووفقاً للخبراء، توجد حالياً نماذج نصية يستخدمها آلاف المطورين وقليلون من المستخدمين للقيام بمهام مختلفة ومتعددة.
وإذا كانت أجهزة الكمبيوتر تتطور وتضاعف قدراتها وكفاءاتها كل عام أو عامين، فإن الذكاء الاصطناعي ينمو ويتطور بمعدل يفوق ذلك بـ 10 أضعاف، وهذا يعني أن العالم سيصل إلى حدود لا نعرف نهايتها وسوف يكتشف العلماء قدرات فائقة بمرور الوقت. وبذلك وبعد نحو سنوات قليلة من الآن، ستكون هناك برامج ذكاء اصطناعي بحسب التوقعات، تقدم لأي شخص الاستشارة في مهن مختلفة.
على سبيل المثال، سيتمتع هذا الذكاء بالقدرة على تقديم استشارات طبية أو قانونية. كما وستكون هذه الأجهزة قادرة على إنجاز ما يرغب الناس في تحقيقه من أشياء لربما بسيطة، كحجز تذاكر طيران أو إقامة في فندق أو طلب سيارة وغيرها من الأعمال البشرية المتكررة، فضلاً عن القدرة على القيام ببعض الأعمال الإبداعية كالرسومات الهندسية والفنية.