تأخذ الهجمات السيبرانية جزءاً من الحرب الفعلية المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا وذلك عبر اختراق المواقع الالكترونية الحكومية ونشر المعلومات المضللة دون التأكد من مصدرها. في هذا الإطار، يحذّر المحللون من ارتباط الحرب العسكرية بالحرب السيبرانية التي ستزيد الصراع الروسي الأوكراني.
بعيداً عن الأضرار المادية التي سيتركها الهجوم الروسي على الأراضي الأوكرانية، يلفت خبراء الاقتصاد إلى تداعيات الحرب السيبرانية على البلاد حيث تُقدر الخسائر المالية سنوياً بتريليون دولار للاقتصاد العالمي. مع استمرار التهديدات اليومية، تسعى الحكومات وليس فقط أوكرانيا إلى تعزيز خبراتها في مجال التقنية ودعم الكفاءات والمهارات في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا لصد الهجمات الالكترونية وحماية البنية التحتية الرقمية من القراصنة.
تعتبر الحرب السيبرانية من أخطر الحروب التي تطال المؤسسات والمنظمات والحكومات دون استثناء أو قد تضرّ بخدمات البنية التحتية وقطاع النقل والصحة والاقتصاد. على عكس الحروب التقليدية تمتد آثار الجريمة السيبرانية للمدى الطويل فمع انتشار الوباء وازدياد العمل على الانترنت تركّزت أشكال هذه الجرائم على البرامج الضارة والفيروسات واستهداف البنية التحتية الرقمية، تكاثر هجمات إلكترونية تمنع المستخدم من الوصول إلى شبكاته الخاصة، سرقة البيانات الحكومية وتعديلها، إنتشار فيروسات الفدية والتهديد بانتهاك المعلومات الخاصة بالمستخدم.
أنواع الهجمات السيبرانية وأخطرها
تؤثّر الهجمات السيبرانية على أمور عديدة إلا أن البعض منها يُعد من الأخطر على الاطلاق. وفقاً للتقارير الصادرة، يستهدف القراصنة في الفترة الأخيرة البنية التحتية الرقمية للدولة نظراً لأهميتها وتأثيرها على كافة الأنظمة. بمجرّد استهدافها، يمكن أن يصل المقرصنة إلى أنظمة النقل، الشبكات اللاسلكية، الأنظمة المصرفية والتكنولوجية إلى جانب قطاع الطاقة والتجارة وتهديد الأمن القومي في البلاد.
هذا وتتخوّف الدول من الهجمات التي قد تضرب أجهزة إنترنت الأشياء والحوسبة السحابية في وقت يلجأ فيه القطاع الطبي إلى هذه التقنيات لتسهيل العمل في المستشفيات في ظلّ الظروف الحالية. يعتبر الأطباء أن هذا النوع من الهجمات السيبرانية هو من الأخطر على الاطلاق كونه يُعطّل التواصل بين المرضى وفريق الأطباء.
في العام 2020 شهد العالم هجمات إلكترونية هدفها الابتزاز كما شهد العام 2021 زيادة ملحوظة بعدد هجمات برامج الفدية التي وصلت نسبتها إلى 102%. خلال السنوات الأخيرة نمت برامج الفدية لابتزاز الأفراد والشركات مالياً خصوصاً بعد ظهور العملات الرقمية والتداول بها على الانترنت.
تأتي الهجمات السيبرانية بأهداف سياسية لتؤثر على الاستقرار الاجتماعي وتزيد الحروب بين الدول؛ في العام 2020 تواجهت أستراليا مع الصين بعد أن استهدفت الصين الحكومة الاسترالية بعملية قرصنة إلكترونية، إلى جانب النزاعات بين الصين والولايات المتحدة، كوريا السمالية وباكستان على خلفية التجسس الرقمي وغيرها من عمليات القرصنة المبرمجة. مؤخراً تتواصل الحرب بين أوكرانيا وروسيا إلكترونياً أيضاً مع سيطرة الانترنت والحياة الرقمية على الأنشطة اليومية، فبحسب الدراسات هناك أكثر من 90 مليوم مستخدم للانترنت في روسيا ونحو 23 مليوناً في أوكرانيا. بعد الهجوم الروسي تعاني اليوم روسيا من ضغوطات كبيرة من قبل شركات الاتصالات والتكنولوجيا التي علّقت عملها في روسيا أو أوقفت خدماتها فيها.
من ناحية أخرى تدعم عمالقة التكنولوجيا أوكرانيا بعد تزويدها بالانترنت المجاني على الطرقات من خلال الأقمار الصناعية مقابل قطع الانترنت في روسيا. إلى جانب ذلك، تم تعليق العديد من الخدمات على المواقع الالكترونية الرسمية في روسيا.
مع زيادة هجمات الفدية والقرصنة الالكترونية في العالم يُتوقع أن تسجّل كلفة جرائم الانترنت 10.5 تريليون دولار سنوياً بحلول العام 2025 على مستوى العالم: ستطال الهجمات الالكترونية كل أنواع الشركات الصغيرة والكبرى، المؤسسات والمنظمات العامة والخاصة في أوروبا أو العالم العربي والعالم أجمع. أمام الانتهاكات وسرقة البيانات التي تطال منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بصورة خاصة، تستعد الحكومات لمحاربة كل أنواع الهجمات السيبرانية والتصدي إليها عبر نشر الوعي لدى العملاء حول كيفية التعامل مع الحوادث الالكترونية وإطلاق المزيد من برامج وأنظمة الحماية الرقمية.