لا شكّ ان مجال الاتصالات هو القطاع النابض بالحياة في كل دولة. ففي وقت الأزمات يكون الحل الأنسب لضمان استمرارية الأعمال وخصوصاً القطاعات الحيوية. وخلال الأزمات، لطالما اعتمد لبنان على قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وبينما يمرّ لبنان بحالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والجيوسياسي، كان لمجلة تيليكوم ريفيو مقابلة حصرية مع وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال، جوني القرم الذي شاركنا خطّة الوزارة للتعامل مع المشاكل الراهنة واستعدادها لمواجهة التحديات المتمثلة اليوم وفي المرحلة المقبلة وكيفية التصدي لها.
خطة الطوارئ
يشهد لبنان اليوم حالة من الاضطراب في مختلف القطاعات وذلك نتيجة الحرب على غزة وتداعياتها، مما يثير الخوف من احتمال توسع الصراع في جميع أنحاء البلاد. وتعليقاً على جاهزية قطاع الاتصالات قال القرم: "وضعنا خطة طوارئ بالتنسيق مع وزارة الصحة ولجان الانقاذ لضمان الاتصال والتواصل. كما نعمل أيضاً على وضع خطة اتصال داخلية عبر شبكة الانترانت لضمان ترابط الوزارات في ما بينها. وعلى الخط نفسه، وضعنا خطة مفصلة تضمن استمرارية المشاريع والأعمال مع مشغلي الاتصالات، ألفا وتاتش".
وفي حديثه لفت القرم إلى أن وزارة الاتصالات تبذل قصارى جهدها لتكون في أعلى جهوزية في حال تدهور الوضع أكثر. أما عن خدمات ستارلينك فأوضح القرم تأييده التام لربط لبنان بستارلينك لما له من ايجابيات على المستوى التقني والتجاري، لكن الأمر ليس بهذه السهولة. ولفت سعادة الوزير الى ان"ستارلينك وافقت على أن تقدّم لنا السجلات وعنوان بروتوكول الانترنت، ولكن ذلك بعد توقيع اتفاقية ملزمة تمنح الحصرية الكاملة للوزارة للاستفادة من خدمات ستارلينك ويتضمن ذلك مساءلة قضائية في سويسرا. إلا أن الجهات المعنية في لبنان أرادت أن تضمن ستارلينك ذلك قبل توقيع الاتفاقية الرسمية، ولهذا السبب فشلت المناقشات بشأن خدمة ستارلينك".
وأوضح إلى أن بعض الجهات أعربت عن مخاوفها في ما يتعلّق بخصوصية البيانات وأمنها ولا سيّما في أن الهيئة المنظمة للاتصالات في لبنان غير فاعلة.
الجيل الخامس: هدف بعيد المنال
حالياً تنتشر شبكة الجيل الرابع على نطاق واسع على كافة الأراضي اللبنانية إلا أنه لم يتم نشر الجيل الخامس في السوق بعد. وقال القرم: "في الوقت الحالي، نعمل على تطوير الأنظمة بما يتوافق مع شبكة الجيل الخامس. يتطلب إطلاق الجيل الخامس بنجاح استثمارات رأسمالية ضخمة، حيث يجب أن يكون عدد محطات الجيل الخامس ضعف ما نملكه الآن مع الجيل الرابع على الأقل حتى نتمكن من إطلاقه في السوق. وفي هذه المرحلة، لسنا مستعدين لإطلاقه. نفضل تلبية جميع المتطلبات الفنية والمالية أولاً حتى نتمكن من تزويد المستهلكين بجيل خامس موثوق به بالكامل".
وأضاف معالي الوزير: "تكمن القضية الأساسية هنا بالعائد على الاستثمار. لقد كنا نراقب عن كثب تجارب الدول الأخرى التي قامت بنشر شبكة الجيل الخامس، ونفضل التروّي والالتزام بشبكة الجيل الرابع التي تعمل بكامل طاقتها والموثوقة قبل الانتقال إلى خيار جذاب تكنولوجيًا".
خصخصة قطاع الاتصالات
يدعو أحدث قانون للاتصالات في لبنان (صادر في العام 2002) إلى إعادة هيكلة وخصخصة أصول الاتصالات المملوكة للدولة، وإنشاء هيئة تنظيمية مستقلة للاتصالات مكلفة بفرض المنافسة، والتحرير الجزئي للقطاع. ومع ذلك، وبعد مرور 22 عاماً، لم يتم تنفيذ معظم أحكام هذا القانون بعد.
فماذا عن خصخصة قطاع الاتصالات اللبناني على المدى القريب؟ عن هذا الموضوع اختتم الوزير القرم حديثه قائلاً: "يجب أن تستوفي الخصخصة شروطاً عدّة لتحقيقها بنجاح، بما في ذلك وجود نظام مصرفي قوي قادر على جذب الاستثمارات الأجنبية. وأنا من أشد المدافعين عن الخصخصة نظراً للمرونة التي يمكن أن توفرها للقطاع العام؛ ولكن يجب أن تتم في ظلّ ظروف ملائمة وفي الوقت الأنسب".