بينما تركّز الشركات على عمليات دمج المرأة في الحياة العملية وخصوصاً في مجال التقنية، أثبتت ريم أسعد، نائبة الرئيس لشركة سيسكو في الشرق الأوسط وأفريقيا مكانتها كأول سيدة عربية في منصب نائب رئيس في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. في مقابلة حصرية مع تليكيوم ريفيو عربية، تحدّثت السيّدة ريم عن أبرز التحديات والانجازات المحققة بين الماضي والمرحلة المقبلة.
انطلاقاً من منصبك وكونك من أهم النساء الرائدات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، كيف تلخّصين خبرتك طيلة هذه السنوات في مجال الرقمنة؟ وبرأيك كيف تحوّل هذا القطاع بين الماضي والحاضر؟
يشرفني أن أكون أول سيدة عربية في منصب نائب رئيس شركة سيسكو في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا حيث أقوم بقيادة اعمال الشركة لترسيخ مكانتها كمزود تقني واستشاري رائد في المنطقة.
لقد حققت العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا خطوات هامة في استثماراتها وأهدافها في مجال الرقمنة مُتنبئةً بالاحتياجات الحالية والمستقبلية الناتجة عن التطور المستمر للقطاع، مع الحفاظ على تركيزها الواضح على التنويع الاقتصادي وأهمية تزويد الجيل القادم من المواهب بالمهارات التقنية. ولطالما امتلكت المنطقة في كثير من النواحي تفكيراً تجاه إطلاق الإمكانات الحقيقية للرقمنة.
وقد شهدنا في شركة سيسكو على مر السنين تطور الرحلة الرقمية للمنطقة، ونفخر اليوم بدورنا النشط في دعم أهداف الرقمنة في المنطقة من خلال برنامج التسريع الرقمي، حيث يقوم البرنامج بالتعاون مع القيادات الوطنية والأوساط الأكاديمية للمساعدة في سد الفجوة الرقمية وبناء مجتمعات مستدامة وآمنة وشاملة تدعمها الحلول التقنية المبتكرة.
والبرنامج يعمل حالياً في 49 دولة حول العالم ويضم أكثر من 1500 مشروع يركز على تطوير البنية التحتية والنقل الذكي والمدن الذكية والصحة الإلكترونية والأمن السيبراني والتعليم والأولويات الرقمية الأخرى. ويمنح الأولوية لفهم الاحتياجات والطموحات المحددة لكل بلد، ثم تطوير المناهج التي تتماشى مع أهدافها الرقمية. وينشط في الشرق الأوسط برنامج سيسكو لتسريع التحول الرقمي في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر وتركيا وجنوب أفريقيا. ونقوم بالتعاون في كل دولة مع صُناع القرار لفهم وتحديد الأولويات الاستراتيجية معاً.ومن الأمثلة الناجحة للبرنامج ما نقوم به في دولة الإمارات، حيث قمنا بتجديد العمل بالتعاون مع مكتب وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، بهدف تعزيز العمل المشترك في تصميم وإطلاق مبادرات تسهم في تسريع التحول الرقمي والتنمية في المجالات التكنولوجية في دولة الإمارات.
تشمل المحاور الأساسية للبرنامج في دولة الامارات التركيز على تسريع التحول الرقمي للشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال أحدث التقنيات التي تعمل على تحسين القدرة التنافسية والكفاءة. وتمهيد الطريق لبيئات عمل جديدة في مختلف القطاعات الرئيسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والخدمات العامة، مع الاستفادة من قوة العمل الهجين لتحسين الإنتاجية والخبرة. كما تركز على تطوير المهارات وتوفير برامج التدريب الوطنية لتمكين الكفاءات المستقبلية في الدولة وصقل المواهب المتميزة من خلال إشراك أكاديمية سيسكو للشبكات، ودعم البنية التحتية الوطنية الرقمية لدعم الخدمات الرقمية وتسريع التحول الرقمي مثل تعزيز المدن الذكية وخطط الأمن السيبراني، وتطوير العمليات الميدانية من خلال تسخير تقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتحويل العمليات الميدانية للبنية التحتية الحيوية من خلال تطبيقات الأتمتة والمراقبة، والتحكم، والسلامة، والأمن. وضمان الأمان الرقمي من خلال الشراكة مع الجهات ذات الصلة على المستوى لتعزيز الشعور بالأمان في التجارب الرقمية واستخدام الإنترنت والعمل عن بعد.
نفخر من خلال جهودنا المبذولة في قطاع الرقمنة المحلي عبر برنامج سيسكو لتسريع التحوّل الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بالمساهمة بدعم الاقتصاد الرقمي وتمكين الأجيال القادمة من الاستفادة من التكنولوجيا وتحقيق إمكاناتهم الكاملة.
في قطاع يُعتبر القسم الأكبر من رواده من الرجال، ما التحديات التي تواجه المرأة اليوم لتثبيت مكانتها أكثر في قطاع التكنولوجيا والرقمنة؟
لقد تم إحراز تقدم كبير في هذا الجانب، لكن لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجهها المرأة في طريقها إلى النجاح في هذا المجال. وتشمل هذه التحديات:
- التوقعات الازدواجيّة: غالباً ما تواجه المرأة في قطاع التكنولوجيا (وعلى نطاق أوسع في أماكن العمل بشكل عام) ضغوطات لتحقيق التفوق المهني بالإضافة إلى أدائها للدور التقليدي المتوقع من المرأة في المنزل. ويمكن أن يؤدي عملها على تلبية هذه التوقعات جميعها إلى خلق تحديات إضافية وضغوطات كبيرة، خصوصاً إن لم تكن هناك مرونة في توفير خيارات العمل الهجين.
- فرص الإرشاد: قد تواجه المرأة صعوبات في بناء العلاقات المهنية الفعالة وإيجاد المرشدين، خاصةً عندما يكون هناك نقص في عدد النساء اللواتي يشغلن المناصب القيادية. ويعيق هذاالنقص النمو المهني للمرأة ويحدّ من توفير التوجيه والدعم اللازمين لتطورها المهني. ويمكن أن يساعد توسيع برامج الإرشاد ونشر الوعي حول الفرص المهنية المتاحة في معالجة هذا التحدّي.
- التحيّز نتيجة لغياب الوعي: يمكن أن يكون للتحيز نتيجةً لغياب الوعي تأثير ضار على سعي الشركة لتحقيق التنوع والإنصاف والإدماج، خاصةً في القطاعات المرتبطة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، حيث تكون بعض الأدوار مقولبة ومنحازة للرجال. ويجب أن تركز الشركات على نشر الوعي حول أخطار التحيز وتنفيذ السياسات اللازمة مثل إنشاء مجالس توظيف متنوعة لتمثيل مجموعة أوسع من وجهات النظر.
يمكننا من خلال مواجهة هذه التحديات وتعزيز الشمولية إنشاء قطاع تقني أكثر إنصافاً. ومن المهم أن نوفّر بيئات العمل الداعمة التي تتميز بالتنوع القيادي وتتحدى التحيز على جميع المستويات.
ما العناصر الضرورية لبناء بيئة تكنولوجية آمنة للأعمال والشركات ولتحقيق أهداف الاستدامة في آن معاً؟
من المهم أن يأخذ قطاع التكنولوجيا الخطوة الأولى وأن يركز على تأثيرات انبعاثات الكربون الخاصة به، حيث تعتبر هذه الخطوة ضرورية نحو تحقيق تحول مزدوج يركز على بناء مستقبل رقمي ومستدام. وللقيام بذلك، ستحتاج الشركات إلى تسريع وتيرة التزامها وتعزيز قدرتها على التنفيذ وتوفير الموارد اللازمة لإطلاق مبادرات الاستدامة. وننصح صُنّاع القرار بما يلي:
- وضع خطط طويلة الأمد لتنفيذ ممارسات الاستدامة وتحديد معايير الأداء الرئيسية والأهداف المؤسسية.
- قياس مستوى التقدم المُحرَز عبر المقارنة مع معايير الأداء الرئيسية باستخدام التقنيات المتطورة القائمة على البيانات.
- تضمين الاستدامة في ثقافة مكان العمل وتعزيز الوعي بالممارسات المستدامة في مختلف أقسام الشركة.
- تعيين خبراء للاستدامة داخل الشركة ليسهموا في دفع عجلة التطور لتحقيق أهداف الاستدامة.
- إشراك قسم تقنية المعلومات كعناصر تمكين رئيسية لتحقيق التحول المستدام والاستفادة من التقنيات المتطورة لتبسيط العمليات وتحسين الموارد.
- التعاون مع الجهات الحكومية وصُنّاع السياسات والمنظمين لتحديد المعايير والمنهجيات والأهداف.
ستتمكن الشركات من خلال دمج واتخاذ هذه الخطوات من إنشاء بيئة تقنية آمنة تتوافق مع أهداف الاستدامة بدلاً من أن تتعارض معها. ويضمن هذا النهج استمرارية أعمال الشركات على المدى الطويل واتباعها لممارسات العمل المسؤولة والمساهمة في بناء مستقبل أكثر استدامة للشركة والمجتمع والبيئة.
برأيك، كيف تستعد سيسكو للمرحلة المقبلة وكيف تواكب الواقع الجديد على مختلف الأصعدة.. تقنيًا وأمنيًا؟
نظراً لأن دول الشرق الأوسط وأفريقيا تركز على التنويع الاقتصادي والانتقال إلى اقتصادات أكثر اهتماماً بالتقنيات الرقمية، أصبح من الضروري أن تتم إعادة تصميم بيئات العمل من خلال التحول الرقمي وتعزيز المرونة الإلكترونية لدى مختلف الشركات. وتركز سيسكو لتلبية احتياجات الواقع الجديد على تمكين التجارب السلسة من خلال توفير الابتكارات البسيطة والخاصة بكل قطاع مع الحفاظ على المرونة والأمان.
وفقاً لتقرير سيسكو لحالة الابتكار العالمي، أشار 85% من خبراء تقنية المعلومات إلى تفضيلهم البساطة في أنظمة تقنية المعلومات لديهم. وتقدم سيسكو مراعاةً لأهمية البساطة الحلول الجديدة التي تمكن عملاءنا وشركاءنا من تحقيق المزيد من المرونة والأمان عند مواجهة المستقبل الحيوي سريع التطور. ويتضمن ذلك تقديم مجموعة واسعة من الخدمات المتعددة عبر منصة واحدة فقط، كما هو واضح عبر ابتكاراتنا الأخيرة التي تم إطلاقها خلالCisco Live.
وتتضمن تلك الابتكارات سحابة سيسكوCisco Networking Cloud وتطبيق الاتصال الآمنCisco Secure Access، مما يمكّن إدارة الشبكات والمتاجر الشاملة مع الوصول الآمن عبر منصة واحدة.
ولا يزال الأمن في مقدم الأولويات في عالمنا المتصل اليوم، حيث تعتبر المرونة الأمنية أمراً بالغ الأهمية على الدوام. ومع ازدياد عمل الموظفين من مناطق مختلفة، أصبح يتعيّن على الشركات منح الأولوية لاتخاذ التدابير الأمنية القوية في بنيتها التحتية بدلاً من تأجيلها لوقت لاحق. وعلى الرغم من عدم قدرتنا على القضاء على الخطأ البشري بشكل كامل، تستطيع الشركات تخفيف المخاطر عن طريق تخزين البيانات بأمان في السحابة وتنفيذ ممارسات الوصول الآمن القائم على مبادئ عدم الثقة. وتساعد سيسكو الشركات على التحول من المنهجيات الأمنية القائمة على التعامل مع المشكلات عند حدوثها إلى التفكير الاستباقي عبر توقّع التهديدات والتعلم من التجارب السابقة والتطور لتعزيز بيئتها الأمنية.
وستتمكن الشركات من خلال إعطاء الأولوية للتقدم التقني والمرونة الأمنية من مواكبة مشهد العمل المتطور وتمكين القوى العاملة لديها وضمان بيئة آمنة وإنتاجية للجميع. وتستمر سيسكو بالتزامها بتمكين هذه التحولات ودفع عجلة الابتكار لصالح الشركات والمجتمعات في الشرق الأوسط وأفريقيا وخارجها.