Advertisement

منتهي الصلاحية
تقارير وتغطيات
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

فرض الذكاء الاصطناعي نفسه وسط تطوّر سريع لم يكن في الحسبان، محولاً أنظمة العمل ومسهلاً النماذج المبنية على التكنولوجيا لتجربة مرنة. يشدد الخبراء على أهمية تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومعالجتها للمشاكل الأكثر تعقيداً بدقة عالية. وبالفعل، حقق الذكاء الاصطناعي أرقاماً تاريخية في عام 2024 علّ هذا السيناريو يتكرر في عام 2025.

يسرّع عمالقة التكنولوجيا توسعهم بمجال الذكاء الاصطناعي بينما يشهد السوق طلباً قوياً على هذه التقنية. وبحسب التقديرات قد يسهم الذكاء الاصطناعي بما يصل إلى 15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030 ويأتي بزيادة 6.6 تريليون دولار في الانتاجية. في ظلّ الثورة الصناعية الرابعة، بدأت الحكومات والشركات في الشرق الأوسط التوجه نحو تحقيق التحول الرقمي واعتماد التقنيات المتقدّمة  فإما تكون جزءاً من النمو التكنولوجي الحاصل وإما يسبقها قطار النمو وهذا ليس الخيار الأفضل للاستمرار في الأعمال والمنافسة. في أعقاب هذا التطوّر، من المتوقع أن تعود المكاسب الكبرى من اعتماد الذكاء الاصطناعي وسائر التقنيات إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد يكون التأثير الأكبر على الحكومات في تلك المنطقة التي تدفعها التكنولوجيا الى حدود الابتكار وتنفيذ مشاريع اضافية مدعومة من الذكاء الاصطناعي لدعم الشبكات في مختلف القطاعات.

 

منطقة بفرص لامتناهية

ان حجم التأثير المتوقع من دمج التكنولوجيا في الأعمال ليس مفاجئاً نظراً للاستثمارات الكبيرة التي نشهدها مؤخراً لتبني التقنيات. وبرهنت دول الشرق الأوسط والخليج بالأخص قدرتها على الابتكار مقارنةً بسائر دول العالم، فخلال مدّة زمنية قصيرة رسّخت شركات المنطقة مكانتها وهي اليوم تعتبر ضمن أفضل دول حول العالم في التقدّم والابتكار. وفقاً للدراسات، من المتوقع أن يتراوح النمو السنوي في مساهمة الذكاء الاصطناعي بين 20% و 30% سنوياً في جميع أنحاء المنطقة، مع أسرع نمو في دولة الامارات بما يقارب 14% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2030، تليها المملكة العربية السعودية مع ما يعادل 12% من الناتج المحلي الاجمالي بحلول عام 2030.

في السيناريو الحالي لرقمنة الأعمال، يأخذ الشرق الأوسط حصّته من ظاهرة الذكاء الاصطناعي ويضخ نحو 320 مليار دولار في المنطقة. أما اذا قامت الحكومات والشركات برعاية الذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية أكثر والاستفادة منها إلى أقصى حد، فستكون هناك الكثير من الفرص المتاحة للعملاء والمستثمرين على حد سواء.

تستغل المنطقة مراحلها الأولى في التطور لتصبح لاعباً أساسياً ضمن الأجندة الرقمية العالمية. وبالفعل دخلت دول عدّة في العصر الرقمي الجديد وفي سباق الذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص، مثل الامارات التي أطلقت عام 2017 استراتيجيتها الخاصة للذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف مئوية الامارات 2071. وتقوم هذه الاستراتيجية على اعتماد التقنيات الذكية والذكاء الاصطناعي في كل الخدمات بنسبة 100% بحلول عام 2031 للارتقاء بالأداء الحكومي ودعم الامكانات وتنمية القدرات والمهارات. وتستهدف استراتيجية الامارات للذكاء الاصطناعي قطاعات عدّة ومنها قطاع النقل والصحة والطاقة والتكنولوجيا والتعليم والبيئة.

كذلك تستثمر المملكة العربية السعودية في الذكاء الاصطناعي لتنويع اقتصادها حيث أعلنت الحكومة عن تخصيص أكثر من 20 مليار ريال سعودي لمبادرات الذكاء الاصطناعي والابتكار الرقمي ضمن ميزانية 2025. وفي غضون ذلك، منحت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" شهادة اعتماد لمقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي في المملكة لتعزيز جودة منتجات الذكاء الاصطناعي وخدماته بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030. كما تم تصنيف المملكة العربية السعودية ضمن أوائل الدول في تطوير استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي على مستوى عالمي. في الاطار نفسه، من المتوقع ان يسهم الذكاء الاصطناعي بتحقيق أرباح ومكاسب كبيرة في الدولة قد تتجاوز 135 مليار دولار في الناتج المحلي للمملكة بحلول 2030.

 بدورها، تركز استراتيجية قطر على اعتماد الذكاء الاصطناعي لزيادة كفاءة القطاعات، والكويت والأردن ومصر التي تولي اهتماماً واسعاً بالتكنولوجيا وبتوسيع نطاق الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة. بحسب الدراسات ارتفع الانفاق العام على الذكاء الاصطناعي وأنظمته في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 37 مليون دولار في عام 2017 ليتجاوز 100 مليون دولار في عام 2021، ما يمثل نمواً بنسبة 32% سنوياً. من المؤكد أن قدرات الذكاء الاصطناعي لن تترجم بهذه الأرقام فحسب، بل تستثمر الشركات في التكنولوجيا الحديثة بدعم من الحكومات باعتبارها ملتفتة إلى اهتمامات المستهلكين ومتطلباتهم المتغيّرة باستمرار. ولتبنّي هذه التكنولوجيا، يُطلب من الدول أمور عدّة أبرزها تطوير البنية التحتية الرقمية، الوصول إلى اليد العاملة الماهرة وتمكين العوامل الرئيسية لاعتماد التكنولوجيا على أنواعها.

تتبنى البحرين أيضاً التكنولوجيا لتعزيز الابتكار ودعم المهارات المحلية. ففي عام 2019، أطلقت البحرين أكاديمية الذكاء الاصطناعي التي توفر منهجاً كاملاً من المسارات التقنية لتحليل البيانات واعتماد الحلول الذكية.

 

تغييرات ملموسة على مستوى القطاعات

تختلف طريقة اعتماد الذكاء الاصطناعي بحسب القطاع فقد وجدت أبحاث أن أهم فرصة لابراز قدرات الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تكمن في القطاع المالي. وفي هذا الصدد، تشير التقديرات إلى أن أغلب الاستثمارات في المنطقة خلال السنوات المقبلة سيتم انفاقها على تطوير حلول الذكاء الاصطناعي تليها الخدمات العامة.

الرعاية الصحية: سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية لتأمين علاجات متقدّمة للأمراض التي لم تتمكّن الحلول الطبية وحدها من معالجتها. سيكون للذكاء الاصطناعي قدرة على تحليل البيانات الطبية وتشخيص الحالات الدقيقة في مراحل مبكرة. كما سيقلل الذكاء الاصطناعي التكاليف المالية المطلوبة مع ضمان خدمة موثوقة. فمن المتوقع نمو سوق الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية إلى 490 مليار دولار بحلول عام 2030. كما من المتوقع أن تصل قيمة سوق العلاجات الرقمية إلى 14.5 مليار دولار خلال العام الجاري. في هذا الاطار، تفيد الادارات الصحية في الدول الخليجية توظيف الذكاء الاصطناعي وقدرات البيانات للارتقاء بتجربة العلاجات عن بُعد. يُمكّن الذكاء الاصطناعي التحليل بدقة واتخاذ القرارات بكفاءة أكبر. هذا بالاضافة إلى الأكاديميات التي توفر دورات تدريبية لاعتماد التقنيات الحديثة بأنسب طريقة. فمثلاً تقدّم الأكاديمية العالمية للذكاء الاصطناعي في أبوظبي تجربة فائقة لتوضيح كيفية التعامل مع هذه التقنية في الرعاية الصحية. هذا وتعتبر المملكة العربية السعودية أيضاً في طليعة الدول التي تبنت الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي. ويؤكد قادة القطاع دور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تحسين خدمات الرعاية الصحية في ظلّ الظروف الصعبة كتلك التي مرّت بها البلاد عند انتشار فيروس كورونا عام 2019. الأمر نفسه ينطبق على قطاع الصحة في قطر التي تستخدم كوادرها الطبية الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المرضى وتوفير كل العلاجات المطلوبة بسرعة ودقة وموثوقية.

السيارات الذكية: سيكون للذكاء الاصطناعي دور بارز في تشكيل مستقبل القيادة الذاتية وتطوير السيارات الذكية التي لا ترفع مستوى القيادة فقط بل توفر للسائق تجربة فريدة من نوعها. سيتم الاعتماد أكثر على الكاميرات الرقمية لمراقبة محيط السيارة كما سيتم تزويد السيارات الجديدة بأنظمة ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل أساس. إلى جانب ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي معالجة البيانات في أجهزة التحكم المركزية ومستشعرات السيارة، فلا يمكن التعامل مع عدد كبير من البيانات دون تدخل التقنيات الذكية. تُقدر قيمة سوق الذكاء الاصطناعي في السيارات بنمو 2.3 مليار دولار على أن تصل إلى 16 مليار دولار عام 2026.

تؤكد المملكة العربية السعودية دورها البارز في تبني الذكاء الاصطناعي في صناعة السيارات الذكية حيث سبق أن كشفت وزارة الداخلية السعودية النقاب عن أول سيارة كهربائية أمنية مدعومة من الذكاء الاصطناعي مما يمثل نقلة نوعية في تصميم السيارات في البلاد.

وعن تحولات السوق، يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة فعلية  مع اعادة تشكيل صناعة السيارات الذكية في الامارات، فقد أصبح جزءاً لا يتجزأ منها. على ضوء ذلك، تخطط هيئة الطرق والمواصلات للارتقاء بوسائل النقل في البلاد من خلال تطوير سيارات الأجرة وتوفير البنية التحتية المطلوبة للسيارات ذاتية القيادة المدعومة من الذكاء الاصطناعي.

التعليم: ينقل الذكاء الاصطناعي تجربة التعليم إلى مستوى آخر من النمو والتطوّر حيث يمكّن الطلاب والمدرسين من تتبع الدراسة والمناقشات عبر الانترنت دون الحاجة إلى التواجد الشخصي. وقد برز مفهوم التعلم عن بُعد بعد الأزمة الصحية مع تفشي وباء كورونا عام 2019 حيث انتقل نحو 90% من المدارس والجامعات في المنطقة إلى التعليم عن بُعد. في ظلّ هذه التغييرات، تشير الدراسات إلى توسع سوق الذكاء الاصطناعي في القطاع ليبلغ 30 مليار دولار بحلول عام 2032 مع أتمتة المهام التعليمية والادراية والاستفادة من الروبوتات للتعليم الافتراضي وتنظيم البرامج المدرسية لتحسين الخدمة التعليمية.

الاقتصاد: بينما يستخدم عدد متزايد من الشركات الذكاء الاصطناعي لأتمتة العمليات التشغيلية، تتوقع الدراسات أن تسهم هذه التقنية بنحو 320 مليار دولار في اقتصاد المنطقة بحلول 2030. ينقل الذكاء الاصطناعي المنطقة إلى مستوى آخر من التحول الرقمي. ومن المتوقع أن يحقق الشرق الأوسط 2% من اجمالي الفوائد العالمية للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030. يسلّط هذا التحول الضوء على الفرص الهائلة التي قد تضيفها التكنولوجيا إلى المنطقة ككل لحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية وابتكارية.

في هذا الاطار، تركز دبي على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي باعتباره لاعباً أساسيً في اقتصاد الامارة. بحسب التوقعات، قد يصل سوق الذكاء الاصطناعي في الدولة إلى 50 مليار دولار بحلول 2031. ويعود هذا النمو إلى مكانة الامارات الاستراتيجية للابتكار والتقدم التكنولوجي وجذبها للاستثمارات العالمية.

إلتزاماً منها ببناء مستقبل ذكي، تسعى المملكة العربية السعودية إلى دعم الذكاء الاصطناعي في ناتجها المحلي الاجمالي من 8% في عام 2022 إلى 15% بحلول عام 2030.

أضف إلى القائمة هذه سائر دول الخليج كقطر والبحرين والكويت التي تعمل بكل ما أتيح لها من امكانات مادية وبشرية لتصبح رائدة في هذا المجال ودخول المنافسة العالمية.

 

دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الاستدامة

من الاقتصاد إلى التعليم فالرعاية الصحية وصولاً إلى الطاقة المتجددة لتحقيق الاستدامة. تمكّن الذكاء الاصطناعي من فرض وجوده في السوق العالمي وامكاناته الهائلة لا تُخفى على أحد. فما الدور الذي تلعبه هذه التقنية بالتنمية المستدامة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ في وقت يختبر العالم حلول الرقمنة، يشهد الشرق الأوسط أيضاً تحولاً ملحوظاً في تبني مشاريع التنمية المستدامة على نطاق واسع. وتستفيد الشركات في المنطقة من التحول الرقمي لتحسين الكفاءة وجودة الحياة من جهة وضمان استخدام الذكاء الاصطناعي لانتاج الطاقة المتجددةمن جهة أخرى. تُعد حلول الطاقة المتجددة ضرورية لاستمرارية العمل بما يتوافق مع المعايير العالمية التي تحترم البيئة وتشجع استخدام التكنولوجيا الخضراء في وقت وضعت فيه الشركات كامل تركيزها على تطبيق عمليات الاستدامة الطموحة.

هذا الأمر لا ينفي التحديات التي تواجهها المنطقة بكل أجزائها في القطاعات العامة والخاصة من أجل اعتماد الذكاء الاصطناعي والحفاظ على حسنات هذه التقنية بعيداً من المخاطر المحدقة. فبات تطبيق الاستدامة أمراً ضرورياً اليوم أكثر من أي وقت مضى لدفع الابتكار البيئي ودعم المنظومة الايكولوجية.

يسرّع الذكاء الاصطناعي الاتجاه نحو الطاقة المتجددة فهو يعزز استخدام المياه ويحدّ من الهدر كما يساهم في خفض الهدر في الطاقة بنسبة كبيرة. من ناحية أخرى، هو داعم أساسي لاعتماد الشبكات الذكية التي تستخدم الطاقة النظيفة بدلاً من الكهرباء إلى جانب البرمجيات والأجهزة المتطورة لتنسيق حركة مرور البيانات وتحليلها ومعالجتها مما يمكّن من تحسين توزيع الطاقة وخفض التلوث.

هذا الواقع يسلّط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في قيادة الابتكار في المنطقة مع زيادة الشركات بمكابس اقتصادية واجتماعية جمّة لتعزيز الابتكار في الشرق الأوسط.

 

معالجة الأمن السيبراني والاستجابة للتهديدات

تستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي لتعزيز أمنها السيبراني حيث تدمج هذه التقنية ضمن منصاتها وتطبيقاتها لتحديد الهجمات والتصدي لها في الوقت الفعلي. يحدد الذكاء الاصطناعي التهديدات المحتملة ونوع الهجمات الالكترونية بسرعة ودقة عالية على عكس الأنظمة التقليدية.

ويبقى التعاون بين الحكومات والقطاعات الخاصة أمراً ضرورياً لتعزيز الأمن السيبراني ودفعه قدماً بواسطة الذكاء الاصطناعي لمواكبة كل التهديدات. وقد أثبتت التجارب نجاح تدخل الذكاء الاصطناعي في الأعمال للحفاظ على أمنها الرقمي على أعلى مستوى. كما توضح المؤسسات أهمية ترقية اليد العاملة البشرية لديها لتكون قادرة على التكيّف مع الواقع الجديد والاستجابة إلى الحوادث الالكترونية على شبكة الانترنت. لن تتوقف التطورات عند هذا الحدّ، فمن المتوقع أن يكشف الذكاء الاصطناعي الثغرات الأمنية بشكل مستقل بحلول عام 2030 مما يضمن حماية البيانات والحسابات على الانترنت من دون تدخل بشري. وفقاً للخبراء، تركّز الشركات الكبرى اليوم على تقديم خدمات متطورة تواكب العصر الرقمي مع ضمان دمج التكنولوجيا في الأعمال ومواجهة التهديدات الممكنة خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. في هذا السياق، تتوقع التقارير نمو سوق الأمن السيبراني في الشرق الأوسط إلى 35 مليار دولار العام المقبل.

يدفع المشهد العام الذي تتزايد فيه الهجمات الالكترونية، إلى البحث عن الحلول التي تسمح للشركات والمؤسسات بإدارة أعمالها وزيادة انفاقها على تدابير الحماية الرقمية والذكاء الاصطناعي على قائمة هذه التدابير. ففي عام 2024، سجل الانفاق العام على خصوصية البيانات في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا ارتفاعاً ملحوظاً بين مختلف القطاعات بزيادة 24% على أساس سنوي. 

 

البيانات ودورها في الشرق الأوسط

تطوّرت البيانات على مدى السنوات الأخيرة حيث تعمل الشركات على جمع أكبر عدد من البيانات للتنافس مع السوق. وكذلك تسعى الشركات في الشرق الأوسط إلى تحقيق الريادة في مجال البيانات ومعالجتها واعتماد الذكاء الاصطناعي لتعزيز الانتاجية. وبينما تركز الشركات على العملاء، تساعد البيانات في فهم سلوكهم مما يعزز الثقة وشفافية والابتكار. ويبرز اليوم دور البيانات في المنطقة لتصبح قاعدة أساسية لعمل الشركات لتفرض سيطرتها في السوق المحلي والدولي. وتستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي للاستثمار في البيانات على نطاق واسع مما يعكس أهمية هذه التقنية لتحسين الاستراتيجية المعتمدة وخلق قيمة مضافة.

تعتبر مراكز البيانات ضرورية للمناطق التي تهدف الى تطوير الذكاء الاصطناعي والهيمنة في السوق، حيث  تعتبربمثابة العمود الفقري لتطورات الذكاء الاصطناعي من خلال توفير الموارد الأساسية لدعم احتياجات المعالجة والتخزين. وتشكل البنية التحتية عنصراً أساسياً لهذه الغاية ولتعزيز العمليات التشغيلية ودفع النمو الاقتصادي والتكنولوجي والاجتماعي. على المقلب الآخر، تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي على المعلومات الهائلة التي توفرها مراكز البيانات. وتوفر هذه الأخيرة حلول تخزين مهمة لهذه المعلومات، مما يضمن توفر قوة المعالجة المطلوبة التي يحتاجها الذكاء الاصطناعي للعمل بكفاءة وفعالية.

تعد مراكز البيانات ضرورية لتطوير الذكاء الاصطناعي، حيث توفر مراكز البيانات  القوة الحسابية اللازمة لدعم الذكاء الاصطناعي وتسهيل عملياته المعقدة. كما تعتمد شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل، وأمازون، وفيسبوك، وآي بي إم على مراكز البيانات الخاصة بها لتشغيل الخدمات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي مثل التعرف على الصوت، وتوصية المحتوى، والتشخيص الطبي، وإظهار دورها الحاسم في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وتمكين الحلول المبتكرة عبر مختلف القطاعات.

يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانات هائلة لإحداث ثورة في الصناعات في منطقة الخليج والشرق الأوسط، مما يمهد الطريق للابتكارات الرائدة ونماذج الأعمال الجديدة. لقد أدى تأثيرها الكبير وتحولها السريع إلى زيادة قيمتها في جميع أنحاء العالم. وتُعد اليوم منطقة الشرق الاوسط في طليعة الحركة الاقتصادية الرقمية والتفوّق التقني والاستفادة من التقنيات المتقدّمة لعالم أكثر ذكاءً. 

 

شركات الاتصالات ترسم مستقبل القطاع مع الذكاء الاصطناعي

تستجيب شركات الاتصالات لطلب السوق الكبير على التقنيات وخصوصاً الذكاء الاصطناعي وتوفر الاتصال الفائق في كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع دعم نماذج الخدمات المتقدمة.

ويُعد انخراط هذه الشركات بالتقنيات التحولية ادراكاً مسبقاً لما ستأتي به التكنولوجيا المستقبلية وانعكاسها على الحياة التجارية وحياتنا اليومية أيضاً.

ولأن الانخراط بهذه التحولات ضرورة، تعلن شركات الاتصالات في المنطقة عن تعاونات ومبادرات هادفة لدفع عجلة التحول الرقمي وتعزيز الابتكار التقني لديها. في هذا الاطار، أعلنت دو، التابعة لشركة الامارات  للاتصالات المتكاملة، عن تقديم خدمات الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدرات الجهات الحكومية والقطاع العام في الامارات. كما تهدف الشركة إلى بناء اقتصاد قوي قائم على الذكاء الاصطناعي مما يرسّخ مكانة الامارات ومستقبلها الرقمي. وتؤكد دو دور الذكاء الاصطناعي في تقديم أعلى مستوى  من الخدمات لمستقبل أكثر ذكاءً واستدامة. 

كذلك تؤمن شركة فوادافون عُمان بقدرات الذكاء الاصطناعي في صياغة مستقبل الاتصالات وعلى ضوء ذلك، بدأت الشركة بدمج هذه التقنية في العمليات التشغيلية لرفع كفاءة الخدمات وتعزيز مستوى الأمان وتقديم تجربة استثنائية للعملاء كما تحرص الشركة على الاستفادة من كل ايجابيات التحول الرقمي لترسيخ مكانة فودافون عُمان في السوق. لا يقتصر اعتماد الذكاء الاصطناعي على الخدمات اليومية فقط بل يندرج في حماية بيانات المشتركين والحفاظ على خصوصيتهم ومراقبة التهديدات قبل حدوثها وتعزيز مكانة فودافون عمان كعلامة تجارية رائدة في المجال.

تستعرض Ooredoo عُمان ابتكارات الاتصالات توازياً مع رؤية عُمان 2040 التي ترتكز على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتعزيز وجوده في مختلف القطاعات بالاضافة إلى تحقيق النمو والاستدامة. ويؤكد توجه Ooredoo عُمان هذا الزام الشركة بدفع التحول الرقمي العام ليكون أكثر اتصالاً وذكاءً.

كما أعلنت مجموعة Ooredoo عن سلسلة من المبادرات التي ترسّخ مكانتها الرقمية وتدفع استخدام الذكاء الاصطناعي استجابةً إلى الطلب المتنامي على البنية التحتية للحوسبة. وتخطط الشركة لتمكين العملاء من الاستفادة من خدمات الذكاء الاصطناعي بشكل كامل وتحسين العمليات والكفاءة التشغيلية في مختلف القطاعات.

بدورها أعلنت شركة زين السعودية عن تعاونها مع الشركة الصينية هواوي لتأسيس مركز لتميّز الذكاء الاصطناعي لدفع الخدمات المبكرة وأتمتة العمليات التشغيلية والبنية التحتية ودعم شبكات الجيل الخامس. تمهّد هذه الخطوة الطريق لفرص جديدة في البلاد وتوسيع نطاق استخدامات الذكاء الاصطناعي لتجربة أفضل.

وبرهنت مجموعة stc مكانتها في هذا المجال حيث حصلت على جائزة أفضل تطبيق للذكاء الاصطناعي على متسوى الشرق الأوسط ضمن فعاليات قمّة تيليكوم ريفيو لقادة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 2024. وكانت هذه الجائزة نتيجة نجاح مجموعة stc في توظيف الذكاء الاصطناعي لضمان سرعة الشبكات واستقرارها وتقديم اتصالات آمنة ومرنة.

تعتزم هواوي انتاج أحدث شرائحها الخاصة للذكاء الاصطناعي في الربع الأول من 2025 لمنافسة كبرى الشركات المصنعة لشرائح الذكاء الاصطناعي. كما تركز هواوي على 4 ركائز أساسية لمستقبل ذكي تحويلي، والتي تُختصر بـ "SITE". يركز المحور الأول، "الخدمات"، على الخدمات الرقمية التي تعزز مختلف جوانب الحياة اليومية والأعمال. بينما تتضمن "البنية التحتية"، الركيزة الثانية، وهي تتمحور حول تطوير أسس رقمية قوية لدعم التقنيات المتقدمة. أما الركيزة الثالثة فهي "المواهب"، يتم التركيز على رعاية المختصين في مجال التقنيات الرقمية وتطوير قدراتهم. وتهدف الركيزة الأخيرة، وهي "البيئة" (النظام الايكولوجي)، إلى إنشاء نظام ايكولوجي ملائم للابتكار والنمو الرقمي.

تحديات تبنّي الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط

رغم الفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي للمنطقة، تبقى التحديات قائمة والتي تعيق توسع هذه التقنية أو اعتمادها. تشمل هذه التحديات غياب اليد العاملة الماهرة لاعتماد الحلول الذكية بالطريقة الأنسب اذ يتطلب هذا المجال:

  • وجود قوة ماهرة ذات خبرة عالية في التقنية والتكنولوجيا.
  • بنية تحتية متطورة لتشغيل الجيل القادم من الخدمات مدعمة بالذكاء الاصطناعي.
  • استثمارات وافرة في مجال التكنولوجيا لتطوير الحلول الرقمية.
  • العمل على تطوير العمليات التشغيلية والأنظمة المعتمدة لحل المشاكل المعقدة التي تتجاوز العالم الواقعي.

من الشركات الناشئة إلى التحولات السريعة وصولاً إلى الابتكار الرقمي والتقدّم التكنولوجي، يواجه الشرق الأوسط البوصلة نحو الذكاء الاصطناعي ليكون في طليعة المشاريع للسنوات القادمة. وبحسب الرؤساء التنفيذيين، التركيز اليوم على الاستثمار بأكثر من 90% في مشاريع الذكاء الاصطناعي لأداء المهام بمرونة ودقة.  فمع الثورة التكنولوجية، تلتزم دول الشرق الأوسط من دون شك بتطوير مقومات العيش ومواكبة مشهد التحول العالمي. فهل تثابر المنطقة في المنافسة إلى أبعد حدود؟