Advertisement

منتهي الصلاحية
تقارير وتغطيات
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

تأخذ خطط حماية البيئة ومسألة التخفيف من الانبعاثات الكربونية والحدّ من النفايات الالكترونية اهتمام الشركات الكبرى لتحقيق الاستدامة. مع اتخاذ هذا الاتجاه، فرض الاتحاد الاوروبي قيوده على شركات الهواتف المحمولة والأجهزة الالكترونية الحديثة لاعتماد الشاحن الموحّد ولكل ما يحمله هذا الأمر من فوائد اقتصادية ومالية وصناعية.

بموجب القواعد الجديدة، ستحتوي مجموعة واسعة من الأجهزة المحمولة، بما في ذلك الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والكاميرات وسماعات الرأس وأجهزة الألعاب المحمولة، على منفذ موحد USB-C للشحن السلكي. سيعمل هذا المعيار العالمي على إلغاء الحاجة إلى أجهزة شحن متعددة لمختلف أنواع الالكترونيات.  ستوفر الأجهزة التي تدعم الشحن السريع الآن سرعات شحن متسقة عبر جميع أجهزة الشحن المتوافقة، مما يضمن تجربة سلسة بغض النظر عن العلامة التجارية. تمت الموافقة على قانون توحيد منافذ الشحن في عام 2022 لتبسيط حياة المستهلكين والتخفيف من التكاليف في آن معاً. يضع هذا القرار الاتحاد الاوروبي كقائد لسياسات التكنولوجيا المستدامة وعلى مستوى عالمي. لكن ما قد يجهله البعض المميزات التي تحملها هذه المنافذ وتأثيرها على كل مستويات الحياة اليومية حيث تسعى اليوم دول عدّة حول العالم إلى اتخاذ تدابير مماثلة.

 

كيف ينعكس استخدام منافذ الشحن الموحدة إيجاباً؟

تهدف مبادرة توحيد منافذ الشحن بالدرجة الأولى إلى معالجة مشكلة النفايات الإلكترونية ومحاولة الحدّ منها، حيث تنتج أجهزة الشحن غير المستخدمة حالياً نحو 11000 طن من النفايات سنوياً في الاتحاد الأوروبي. ومن خلال تمكين المستهلكين من إعادة استخدام أجهزة الشحن الحالية، يمكن للقانون أن يوفر للأوروبيين مثلاً ما يقدر بنحو 250 مليون يورو سنوياً على مشتريات أجهزة الشحن غير الضرورية.

الأمر نفسه ينطبق على المنطقة العربية التي بدورها بدأت تطبيق قرار توحيد منافذ الشحن مثل المملكة العربية السعودية التي دخلت المرحلة الأولى الالزامية في الأول من يناير 2025 لتوحيد منافذ الشحن بما يشمل الهواتف المحمولة والأجهزة الالكترونية، الكاميرات الرقمية وأجهزة القراءة الالكترونية وألعاب الفيديو ولوحات المفاتيح وسماعات الرأس ومكبرات الصوت بالاضافة إلى أنظمة الملاحة الجوية والموجات اللاسلكية  لتصبح من نوع "USB Type-C". تهدف هذه المبادرة إلى تحسين تجربة المستخدمين داخل المملكة العربية السعودية وتخفيض تكاليف تغيير الشاحن مع شراء جهاز أو هاتف جديد. كما تحفّز هذه الخطوة جودة المنتجات المطروحة في السوق وتعزز الزام الشركات بتحقيق الاستدامة والحفاظ على البيئة مع التخفيف من حجم النفايات الالكترونية.

وتدخل الممكلة العربية السعودية المرحلة الثانية من تنفيذ هذا القرار في الأول من أبريل 2026 لتشمل أجهزة الحاسب الآلي المحمول. وكانت قد ألزمت هيئتا "الاتصالات والفضاء والتقنية"، و"المواصفات والمقاييس والجودة"، الشركات والموردين في 8 يونيو 2023 باستخدام منافذ الشحن الموحدة للهواتف المحمولة والأجهزة الالكترونية ضمن نطاق المملكة العربية السعودية وذلك وفقاً للمعايير الدولية.

 

تعزيز الابتكار ومواكبة التطوّر

USB Type-C (المعروف أيضاً باسم USB-C) هو معيار واجهة للأجهزة الإلكترونية. يتميّز بمزايا الإدراج الأمامي والخلفي، والنقل ثنائي الاتجاه، والسرعة العالية، والحجم الصغير. يتم استخدامه بشكل أساسي في المحطات الطرفية المتنقلة مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة. يحتاج إلى كابل واحد فقط، يمكنه تحقيق نقل الطاقة ونقل البيانات ونقل الصوت والفيديو والوظائف الأخرى.

لدعم التحول نحو الشحن اللاسلكي، قامت المفوضية الأوروبية بمواءمة متطلبات التشغيل البيني نهاية عام 2024. ويهدف هذا الإجراء إلى منع المستهلكين من الانغلاق على التقنيات الخاصة وتعزيز التوافق عبر مختلف العلامات التجارية.

يترافق مع شاحن الأجهزة ملف يشير إلى كل المواصفات التي تسمح للمستخدم بالتحقق من توافق جهاز الشحن مع الأجهزة الالكترونية الموجودة لديه. ومع توحيد منافذ الشحن، سيكون لدى المستخدمين أيضاً خيار شراء الأجهزة بدون أجهزة شحن إضافية، مما يزيد من تشجيع إعادة الاستخدام والحدّ من النفايات الالكترونية.

في هذا الاطار، تُحذّر الهيئات العالمية من مخاطر تفاقم أزمة النفايات الالكترونية خصوصاً وان شركات التكنولوجيا تنفق مزيداً من الاستثمارات لتطوير مشاريعها. تُعد النفايات الالكترونية أزمة عالمية متنامية فغالباً ما ينتهي المطاف بالأجهزة الالكترونية في المكبّات الكبرى دون اعادة تدويرها. وبينما تواجه دول العالم هذه المشكلة، يرفع الخبراء الصوت بشأن هدر الالكترونيات مع توقعات بزيادة نسبة النفايات الالكترونية بين 3% إلى 12% بحلول عام 2030 أي بزيادة 2.5 مليون طن من النفايات الالكترونية سنوياً.

 

شركات التكنولوجيا والتكيّف مع الواقع الجديد

يفرض اعتماد منافذ الشحن الموحدة قواعد جديدة على الحكومات التي بدورها تكثّف جهودها لاتخاذ خطوات استباقية تحدّ فيها من النفايات الالكترونية وتعزز التحول إلى الطاقة المتجددة. في عام 2022، تم انتاج نحو 62 مليار كلغ من النفايات الالكترونية مما دفع الهيئات الدولية إلى التعاون للبحث بكيفية تطبيق الحلول الأنسب والتأكيد على أهمية التعاون من أجل تحقيق الابتكار بالاعتماد على الحلول الخضراء.

هنا أيضاً تؤكد المملكة العربية السعودية رغبتها بممارسة الاستدامة والتكنولوجيا الخضراء حيث أشاد الاتحاد الدولي للاتصالات بهذه الجهود ومساعي المملكة للتحول إلى الطاقة المتجددة الصديقة للبيئة. على الخط نفسه، أطلقت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية مبادرة "دور جهازك" التي تهدف إلى تشجيع حركة اعادة تدوير الأجهزة الالكترونية. تم جمع أكثر من 100 ألف جهاز نتيجة هذه المبادرة وتدوير أكثر من 240 طناً من الأجهزة الالكترونية، الأمر الذي أدى إلى التخفيف من النفايات الكربونية إلى حدّ كبير.

كذلك تلزم الامارات العربية المتحدة شركاتها بقياس كمية النفايات الالكترونية الناتجة عن تزايد عدد الأجهزة غير المستخدمة مما يعكس رغبة الدولة بمواجهة التحديات البيئية التي توازي النمو التكنولوجي بشكل خاص وتطبيق القواعد المفروضة من قبل الاتحاد الاوروبي.

وحول اجراءات الكويت حيال أزمة النفايات الالكترونية، تدعم الدولة المبادرات التي تهدف الى الحدّ من الازمة العالمية في اطار المسؤولية المجتمعية للحفاظ على البيئة من جهة وتحقيق الاستدامة من جهة أخرى. وفي هذا الاطار، تم توقيع مبادرات واتفاقيات عدّة لنشر الوعي حول أهمية اعادة تدوير الأجهزة الالكترونية مقابل الزيادة الملحوظة في الطلب على الأجهزة الالكترونية واستهلاك الهواتف المحمولة.

 

تدوير النفايات الالكترونية وتعزيز الاقتصاد

تُعد اعادة تدوير النفايات الالكترونية وسيلة مهمة لتعزيز الاقتصاد إلا أن هذه العملية تبدأ مع فرز الأجهزة غير الصالحة وتحديد المواد المكوّنة منها وتحويلها إلى المصانع المختصة للمعالجة؛ ويأتي توحيد منافذ الشحن ليسهم بتحقيق التنمية المستدامة وتقليل التلوث الرقمي ومنع تراكم الأجهزة الالكترونية من سنة إلى أخرى. يرتبط مستقبل النفايات الالكترونية بالقيود الجديدة المحددة. فبعيداً عن التجارة الناجحة تُثبت الشركات الكبرى أهمية توحيد منافذ الشحن واعادة تدوير النفايات الالكترونية والحدّ من شراء الأجهزة الالكترونية لملاحقة السوق فقط مع الاشارة إلى أن هذا التحول سيعود بمنافعه على الجميع.