تُستخدم البيانات الاصطناعية على نطاق واسع في مجالات مختلفة، بما في ذلك التعلم الآلي، والتعلم العميق، والذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)، ونماذج اللغات، وتحليلات البيانات. وبحسب دراسات صادرة عن شركة غارتنر، سيتفوق استخدام البيانات الاصطناعية على البيانات الحقيقية في نماذج الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.
قد تبقى البيانات الاصطناعية مفهوماً بعيداً بالنسبة لبعض قادة الأعمال والمديرين التنفيذيين، بسبب اختلافها عن البيانات الحقيقية نسبةً للتحديات التي تواجهها والمميزات التي تقدّمها. أما الواقع اليوم فيفرض علينا التعامل مع كل من هذه البيانات مع ما يترتب عليها من تأثير مباشر على الأعمال والمجتمع ككل. واستناداً لما وصلنا إليه، ستأخذ البيانات مساحة كبيرة من مشاريعنا وخصوصاً تلك المدعومة من الذكاء الاصطناعي ليتم انشاء 60% منها وتطويرها. يُعد الحصول على بيانات وجمعها من أهم الأجزاء لنجاح الأعمال. فببساطة تُمكّن البيانات الشركات والمؤسسات من أن تفهم سلوك العملاء لتصميم المحتوى وفقاً لمواصفاتهم المطلوبة. لكن ما الفرق بين البيانات الحقيقية والبيانات الاصطناعية؟
البيانات الاصطناعية بالتفاصيل
تحاكي البيانات الاصطناعية أو Synthetic data البيانات الحقيقية ويتم انشاؤها من خلال خوارزميات الحوسبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق غير محدود. تعتمد الشركات والمؤسسات على البيانات الاصطناعية في عمليات البحث والتطوير حيث تُشبه مجموعة البيانات الاصطناعية البيانات الحقيقية من حيث توزيعها وتنوعها. أما إحدى أهم الفوائد التي تتمتع بها البيانات الاصطناعية فهي قدرتها على تجنّب القيود التنظيمية كما يمكنها تكرار كل الخصائص الاحصائية المهمة للبيانات الحقيقية دون الكشف عن هذه الأخيرة مما يزيل القلق بشأن الخصوصية الرقمية ويعزز أمن المستخدم. تتيح البيانات الاصطناعية الابتكار ورفع الايرادات؛ فمع عدم وجود مخاوف تتعلق بشأن الخصوصية والبيانات الاصطناعية من الممكن إذاً مشاركة مجموعات من البيانات مع أطراف ثالثة للبحث والتطوير وتحقيق الدخل. كما تتيح البيانات الاصطناعية تبسيط المحاكاة الآلية مع انشاء بيانات استعداداً للظروف التي لم تتم مواجهتها بعد. وفي حال عدم وجود بيانات حقيقية، تكون البيانات الاصطناعية هي البديل الوحيد. تأتي البيانات الاصطناعية محصنة ضد بعض المشاكل الإحصائية الشائعة. يمكن أن تتضمن هذه عدم الاستجابة للقيود أو الأنماط المطروحة. على سبيل المثال، يمكن تصميم برنامج توليد البيانات الاصطناعية لضمان الإجابة على جميع العناصر في الاستطلاع وعدم وجود أنماط تخطٍ في الردود. ويمكن القيام بذلك عن طريق تحديد قواعد توليد البيانات، مثل خيارات الاستجابة المحتملة لكل عنصر والتبعيات بين العناصر. ومن خلال تصميم هذه القواعد، يمكن إنشاء البيانات الاصطناعية لتجنب المخاطر الإحصائية الشائعة.
تسمح البيانات الاصطناعية بتحقيق تكامل أعلى في العمل فهي أكثر اتساقاً من البيانات الحقيقية وأكثر ملاءمة لتحليل النتائج بدقة على مجموعة واسعة من البيانات.
من ناحية أخرى، تضمن البيانات الاصطناعية سبل التحكم لمراقبة نماذج التعلم الآلي مما يعتبر لصالح عمل الخوارزميات لتحسين أدائها في سلسلة متنوعة من التطبيقات الذكية. كما تسهل البيانات الاصطناعية التعامل مع آلات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي حيث تُعد من النماذج الأمثل للتعامل مع هذه التقنيات مع قدرتها على استيعاب كمية أكبر من البيانات. يستخدم الباحثون البيانات الاصطناعية للحدّ من التحيّز في نماذج تدريب الذكاء الاصطناعي والنصوص المكتوبة.
حالات استخدام عدّة يمكن اعتماد البيانات الاصطناعية فيها ومن المستحيل استخدام البيانات الحقيقية أو العكس. تكون البيانات الحقيقية هي الخيار الأمثل بدلاً من البيانات الاصطناعية في الحالات التي يكون فيها الهدف هو اعادة انتاج البيانات أو توزيعها أو لدراسة العلاقة بين المتغيرات التي تحملها البيانات. أما في حالات الاستخدام التي تكون فيها السرعة والدقة أكثر أهمية، ففيُفضل في حينها الاعتماد على البيانات الاصطناعية. وتنقسم البيانات الاصطناعية إلى أنواع عدّة سنتعرّف عليها الآن:
أنواع البيانات الاصطناعية: الكاملة والجزئية
تنقسم البيانات بين نوعين أساسيين أولهما البيانات الاصطناعية الكاملة وهي المكان التي يمكن انشاء بيانات جديدة فيه بشكل كامل ولا تحتوي على أسس بيانات حقيقية. تُستخدم البيانات الاصطناعية بالكامل عند اختبار نماذج تعلم الآلة أو نماذج جديدة أخرى بينما لا تتوفر هذه الدقة مع البيانات الحقيقية للتعامل مع الآلة.
في المقابل، تعمل البيانات الاصطناعية الجزئية على استبدال مجموعة واسعة من البيانات الحقيقية ببيانات اصطناعية أخرى. تحمي البيانات الاصطناعية الجزئية البيانات الحساسة فمن خلالها يمكن جمع معلومات خاصة عن العملاء.
هل اعتماد البيانات الاصطناعية يشكلّ تحدّياً؟
هناك تحديات عدّة تكمن خلف توليد البيانات الاصطناعية يتمثل أبرزها بامكانية مراقبة جودة البيانات والتحقق من دقتها وموثوقيتها. فقبل استخدام البيانات يمكن الاطلاع عليها ولو أن هذه الخطوة قد تستغرق وقتاً أطول. أما قلة المهارات والكفاءات فتشكّل تحدياً آخر لانشاء البيانات الاصطناعية فهذا يتطلب خبرة واسعة في المجال. وفقدان الوعي حول أهمية البيانات الاصطناعية على أنواعها يشكّل تحدياً جديداً في وقت يجب فيه الاستفادة من فوائد البيانات التركيبية الاصطناعية إلى جانب البيانات الحقيقية.
على المقلب الآخر، سلسلة من التحديات تتمثل مع اعتماج البيانات الاصطناعية وهي:
النتائج المتحيزة أو الخادعة: يمكن أن تكون البيانات الاصطناعية مضللة أو محدودة أو تمييزية بسبب افتقارها إلى التباين والارتباط الفعلي.
الافتقار إلى الدقة: قد لا تكون البيانات الاصطناعية عالية الدقة ونتيجة لذلك، قد تؤدي هذه البيانات في بعض الأحيان إلى نتائج غير دقيقة.
خطوات تستغرق وقتًا طويلاً: تتطلب البيانات الاصطناعية خطوات تحقق إضافية، مثل مقارنة نتائج النموذج بمعلومات العالم الحقيقي وذلك عبر التدخّل البشري. وتتطلب هذه الخطوة وقتاً وجهداً كبيراً.
الاعتماد على البيانات الحقيقية: تعتمد جودة البيانات الاصطناعية غالباً على النموذج الحقيقي ومجموعة البيانات التي تم تطويرها لإنشاء بيانات تركيبية. بدون مجموعة بيانات حقيقية مرغوبة ونوعية، فإن مجموعات البيانات الاصطناعية المختلفة التي يتم إنشاؤها بكميات هائلة باستخدام مجموعة البيانات الأصلية سوف ينتهي بها الأمر إلى العمل بشكل غير فعال وأحياناً بشكل غير صحيح.
شكوك المستهلك: مع زيادة استخدام البيانات الاصطناعية، يمكن للشركات أن تواجه شكوك المستهلكين، مثل التشكيك في مصداقية البيانات للتوصل إلى استنتاجات وصنع المنتجات. قد يطالب المستهلكون بضمان شفافية تقنيات توليد البيانات وخصوصية معلوماتهم.
رغم التحديات الممكنة، تبقى البيانات الاصطناعية أداة مهمة لتحليل البيانات، فهي توفر رؤية اضافية حول سلوك العملاء من خلال مراقبة العملاء وبياناتهم في العالم الحقيقي.
فجوة البيانات الاصطناعية وحالات الاستخدام في قطاع الاتصالات
في عالم يعتمد أغلبه على البيانات وفي وقت بتنا نولّد فيه كمية أكبر من البيانات لاستخدامات عدّة، ما زلنا نفتقر بطريقة أو بأخرى إلى المعرفة المطلوبة لتدريب البيانات مع نماذج الذكاء الاصطناعي؛ وخصوصاً البيانات الاصطناعية. لكن ما علاقة البيانات الاصطناعية بقطاع الاتصالات والشبكات؟
يعد التخصيص الفعال لعرض النطاق الترددي أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على أداء الشبكة، خاصة مع الطلب المتزايد على الإنترنت عالي السرعة وانتشار الأجهزة المتصلة. يمكن أن تلعب البيانات الاصطناعية دورًا مهمًا في هذا المجال من خلال توفير مجموعات بيانات مفصلة ومتنوعة لحركة مرور الشبكة التي تساعد مشغلي الاتصالات على تحسين استراتيجيات تخصيص النطاق الترددي الخاصة بهم.
يعد اختبار واقع شبكة الاتصالات أمراً ضرورياً لضمان الموثوقية. ولكن غالباً ما تفتقر طرق الاختبار التقليدية إلى المرونة اللازمة لتغطية كافة سلوكيات المستخدم المحتملة وظروف الشبكة. في هذا الوقت، تعالج البيانات الاصطناعية هذه الفجوة من خلال محاكاة مجموعة واسعة من أنشطة المستخدم وتفاعلاته على الشبكة.
تحوّل البيانات الاصطناعية قطاع الاتصالات من خلال توفير حلول محسّنة للارتقاء بجودة الشبكة ومنع عمليات الاحتيال أو سرقة البيانات عليها. ومن خلال إنشاء مجموعات بيانات واقعية ومتنوعة، تمكن البيانات الاصطناعية مشغلي الاتصالات من تحسين تخصيص عرض النطاق الترددي، وإجراء اختبارات التحمل الشاملة، وتعزيز أنظمة الكشف عن الاحتيال. ومع استمرار تطور القطاع، ستمتلك البيانات الاصطناعية أهمية أكبر لمواجهة التحديات المعقدة ودفع الابتكار تأقلماً مع الواقع الجديد.