واجهات برمجة التطبيقات: قيمة اضافية للمشغلين

محفّز التكيّف الاستراتيجي

يتيح تحويل الشبكات إلى السحابة القدرة على توحيد المعايير وإصدار الشهادات ومواءمة سوق واجهة برمجة التطبيقات (API)، الذي لا يزال متراجعاً نسبياً. فبالنسبة للمشغل، تُعد واجهة برمجة التطبيقات (API) من السبل الأكثر فعالية لتزويد اللاعبين في السوق بالوظائف المناسبة، بخاصة تلك المتعلقة بالشبكات، والتي كانت في السابق مقتصرة على الاستخدام الداخلي أو حصرية لكبار العملاء.

ما هي واجهة برمجة التطبيقات؟

تسمح واجهة برمجة التطبيقات (API) بتفاعل تطبيقين برمجيين والتواصل بطريقة منظمة وآمنة باستخدام مجموعة من القواعد والبروتوكولات الخاصة. كما تسهل هذه التقنية كيفية تبادل البيانات والوظائف بين الأنظمة التي طورتها منظمات أو فرق مختلفة. تُعد جودة الخدمة عند الطلب ومنع الاحتيال مثالين على واجهات برمجة تطبيقات الشبكة التي يمكن أن تكون مهمّة لكل القطاعات على اختلافها، بما في ذلك الخدمات المالية والتجارة الإلكترونية والسيارات المتصلة والرعاية الصحية عن بُعد وغيرها.

يُعزز المشغلون تعاونهم مع شركاء خارجيين محددين، مثل المطورين ومزودي الخدمات وسائر المشغلين، من خلال إتاحة الوصول إلى أنظمتهم ومشاركة الموارد الحيوية. تمكنهم هذه الإستراتيجية التعاونية والمرنة من التكيّف بسرعة مع تحولات السوق، مما يعزز تطوير نظام ايكولوجي أكثر ديناميكية. وفي مثل هذه البيئة، يزدهر الابتكار من خلال الموارد المشتركة وتنشط أوجه التآزر الناشئة. ونتيجة لذلك، لا يخلق المشغلون قيمة اضافية فحسب، بل يعززون قدرتهم التنافسية أيضاً.

تعمل واجهة برمجة التطبيقات (API) كمنصة استراتيجية للإبداع المشترك والابتكار، مما يمكّن المشغلين من البقاء في طليعة القطاع والتعامل مع المتطلبات المتغيرة بشكل استباقي في ظلّ سوق سريع النمو والتطوّر.

نقلة نوعية للمشغلين

يُعد استخدام واجهات برمجة التطبيقات (APIs) مباشراً وفعالاً، مما يوفر إمكانية حقيقية للتوسع أكثر وتسريع العمليات التشغيلية وإنشاء خدمات جديدة يكون تأثيرها أكبر واستثمارها بسرعة بهدف تحقيق عائد سريع على الاستثمار (ROI). وقد اعترف كبار المشغلين بالأهمية الاستراتيجية لهذا التحول. يتم تنفيذ واجهات برمجة التطبيقات (APIs) بشكل استراتيجي في قلب شبكاتهم بهدف إنشاء بنية تحتية مرنة ومترابطة. يتيح هذا النهج التعامل بشكل استباقي مع المنطقة المحلية بأكملها وتوسيع نطاق وصول المشغلين إلى مختلف الدول على مستوى عالمي من خلال كثافة الشبكة.

يرى جميع المشغلين أهمية كبيرة في واجهات برمجة التطبيقات (APIs)، وذلك مع امتلاكهم ميزة تنافسية كبيرة داخل نظامهم الايكولوجي. كما يتمتّع هؤلاء بكيفية إدارة المعلومات الإستراتيجية المباشرة بشكل آمن ومتوافق (مع اللائحة العامة لحماية البيانات) مثل الهويات الرقمية للعملاء والمعاملات عبر الإنترنت وتعريب بطاقة SIM وغيرها العديد.

ومع ذلك، قبل الالتزام الكامل، يجب أن يدرك المشغلون أن هذا التحول النموذجي سيدفعهم إلى إعادة إنشاء خدماتهم وتحويل نماذجهم التشغيلية. لذلك:

• يمهد دمج واجهات برمجة التطبيقات (APIs) في النظام الايكولوجي للمشغلين الطريق أمام إنشاء المنصات. ومن خلال هذا النهج، يتطور المشغلون وصولاً إلى تقديم الخدمة بدلاً من مجرد خدمات الاتصال. توفر هذه التقنية للشركاء والعملاء، بغض النظر عن حجمهم أو صناعتهم، إمكانية الوصول إلى مجموعة من أدوات وميزات الاتصالات الجاهزة للاستخدام، مما يسهل تطوير حالات الاستخدام المبتكرة في مجالات مختلفة مثل إنترنت الأشياء، والاتصالات الموحدة، والواقع الافتراضي، وغيرها من المجالات الناشئة.

يتيح مفهوم Telco-as-a-Platform للمطورين إمكانية إنشاء برامج مخصصة بسرعة وتعزيز كفاءة التطبيقات. أما بالنسبة للشركات التي تستفيد من الاتصالات كمنصة معيارية، فهي توفر مرونة لا مثيل لها لتلبية الاحتياجات المحددة لعملائها. وبالتالي هذا ما يمكنها من تحسين العمليات التشغيلية وتعزيز الكفاءة وتقديم أفضل تجربة للمستخدم.

هذه القيمة المضافة التي يتيحها المشغلون تصبح فرصة ملموسة لجميع أصحاب القطاع للإبداع أكثر والتوسع في الابتكار والتعاون في تشكيل مستقبل خدمات الاتصالات.

• تمهد واجهات برمجة التطبيقات الطريق لعدم الوساطة، مما يدفع المشغلين إلى إعادة تنظيم استراتيجياتهم. وبينما يركز المشغلون على أنشطتهم التجارية الأساسية، أنشأ الوسطاء (مثل شركات التكامل ومنصة الاتصالات كمزودي الخدمة) أسواقاً لخدمات مربحة. ومن خلال إعادة إدماج بعض الوظائف التي تدعم واجهة برمجة التطبيقات (API)، يمكن للمشغلين استعادة سيطرتهم وقيمتهم بشكل استراتيجي على عروض خدماتهم، وتعزيز ولاء العملاء بشكل أكبر، والحفاظ على القدرة التنافسية في ظلّ مشهد متطور باستمرار.

التحديات المتملثة

رغم أنه لا يزال سوق واجهة برمجة التطبيقات (API) في مراحله الأولى، لا بدّ للمشغلين من توقع هذه الثورة على المستوى الفني والتنظيمي والتشغيلي والثقافي. فإن التغاضي عن هذا التحول يصعّب المنافسة في مجال الابتكار، وخصوصاً في مجال شبكات الجيل الخامس وخدمة تقطيع الشبكات مع توفير عدد كبير من الفرص الجديدة والمتميزة لعملائها. يُعد الاعتماد الحتمي لواجهات برمجة التطبيقات أمراً مهماً للاستفادة من الاستثمارات الكبيرة في تقنية الجيل الخامس وضمان القدرة التنافسية المستدامة على المدى الطويل. ولتحقيق هذا النجاح، يجب على المشغلين تنفيذ ما يلي:

• يُعد الاستثمار في البنية التحتية المتطورة ضرورياً للمشغلين الذين يهدفون إلى إنشاء واجهات برمجة التطبيقات (APIs) في قلب الشبكة، حيث يعزز هذا الموضع الاستراتيجي المرونة التشغيلية. يمثل دمج وظيفة التعرض للشبكة (NEF) في الشبكة تقدماً ملحوظاً وتحركاً محورياً نحو تحقيق رؤية الاتصال كمنصة Telco-as-a-Platform. كما تسهل هذه الوظيفة المشاركة المستهدفة لوظائف محددة مع شركاء خارجيين، كل ذلك مع الاحتفاظ بالتحكم في الأمن وإدارة الموارد. كما أن ذلك يدعم التعامل الوثيق مع ضمان استقرار الشبكة وموثوقيتها.
• سيدفع تكامل واجهة برمجة التطبيقات (API) المشغلين إلى تحديد الأدوار المناسبة والمهارات المطلوبة لإنشاء واجهة برمجة التطبيقات (API)، وإدارتها، وتسويقها. مما يؤدي إلى إعادة هيكلة نموذج أعمالهم. سيؤثر هذا التحول على مختلف الأدوار داخل مؤسستهم:
• ستلعب الفرق المسؤولة عن تطوير وصيانة واجهة برمجة التطبيقات (API) دوراً مهماً في إنشاء هذه الواجهات الأساسية وإدارتها.
• سيحتاج قادة الإستراتيجية إلى تكييف أساليبهم لتحقيق أعلى قدر من فوائد واجهات برمجة التطبيقات، بما يتماشى مع الرؤية الإستراتيجية للشركة ومع الفرص التي يوفرها التحول.
• ستتولى فرق التسويق مسؤولية إعادة تشكيل جزء من نموذج أعمال المشغلين. يتطلب تسويق واجهات برمجة التطبيقات (APIs) نهجاً إبداعياً حيث تعتبر هذه الخدمات منتجات فريدة مما يؤكد المميزات التي تقدمها للعملاء.
• ستخضع قنوات البيع المباشرة وغير المباشرة أيضاً لهذا التحول. سيروّج مزودو خدمة B2B لواجهات برمجة التطبيقات (APIs) مع الاستمرار في بيع الخدمات التقليدية. ستلعب القنوات غير المباشرة (الأسواق والمجمعات والتكاملات) دوراً رئيسياً في نشر واجهات برمجة التطبيقات للعملاء النهائيين. كما سيحتاج هؤلاء اللاعبون إلى تطوير حالات استخدام جديدة تستفيد من الإمكانيات التي توفرها واجهات برمجة التطبيقات.

يشير نهج برمجة التطبيقات بالدرجة الأولى إلى التحول التقني الذي يوفر للمشغلين فرصة استراتيجية حقيقية. أما بعيداً عن تحسينات الخدمة، فهو يمنحهم مميزات تشغيلية عدّة وفرصة لاستعادة السيطرة على قيمة الخدمة المضافة. بالإضافة إلى ذلك، يسمح نهج برمجة التطبيقات للمشغلين بتشكيل معايير جديدة والمشاركة بتصميمها، والعمل كمحفز محوري لتعزيز قدرتهم التنافسية وادراك أهميتهم المستدامة في وقت نشهد فيه على قطاع الاتصالات الديناميكي والمتطوّر.