تهدد الهجمات السيبرانية مختلف القطاعات دون استثناء بما يؤكد ضرورة خطط الحماية لرصد عمليات القرصنة الرقمية.
ففي السنوات الأخيرة ارتفع عدد الهجمات السيبرانية في الموانئ البحرية وأنظمة التكنولوجيا فيها على ضوء التحول الرقمي السريع والاتجاه نحو تكنولوجيا المعلومات. عام 2023، تم استهداف أكثر من ألف سفينة اثر هجمات فدية.
تُسبّب هذه الهجمات خسائر مالية فادحة تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات، فضلاً عن تعطيل الأعمال والعمليات التشغيلية. كما تؤثر هذه الهجمات على حركة التجارة العالمية والشحن والتفريغ لذا تحرص الحكومات على بقاء أنظمة الموانئ بعيدة من الهجمات والتهديدات الممكنة.
عام 2024، تم الاعلان عن قواعد جديدة للحفاظ على الأمن السيبراني حول العالم مما أثر بشكل مباشر على البيئة التنظيمية العالمية. وتركز هذه القواعد على تعزيز حوافز الحماية الرقمية لتحقيق الأمن السيبراني واحباط التهديدات السيبرانية الناشئة. في الواقع، وجد أحدث تقرير لآفاق الأمن العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن 60% من الرؤساء التنفيذيين يعتقدون أن الضوابط التنظيمية السيبرانية والخصوصية المناسبة تحدّ من المخاطر بشكل فعال.
إقرأ المزيد: شركات التقنية تلتفت إلى خطط جديدة لمواجهة الهجمات السيبرانية
وفي ظلّ الثورة الرقمية، أعلنت حكومات دول المنطقة تطوير العديد من جوانب سياسة الحماية السيبرانية لتدخل حيّز التنفيذ. وتتضمن مراحل التطوّر هذه وضع سيناريوات عدّة للاستعداد لمختلف أنواع الهجمات الخبيثة. كما تحرص هذه الدول على ان تكون في طليعة الدول التي تعمل على تطوير معايير الأمن السيبراني وانشاء شراكات تعزز هذا الهدف مع الجهات الفاعلة.
تأتي التدابير التنظيمية للأمن السيبراني في الوقت الذي يدرك فيه القادة في الحكومات وقطاع الأعمال التهديد السيبراني المتزايد ومشهد المخاطر المتغير بسرعة لا سيّما في قطاع الأمن البحري.
السفن الحديثة ودورها المحوري
تُنقل نحو 90% من البضائع عبر السفن والبحر حيث يمثل القطاع البحري جزءاً أساسياً من الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية. تشكّل السفن الحديثة عالية التقنية نقلة نوعية في القطاع البحري، حيث أن العديد من وظائفها متصلة بالإنترنت. بفضل خيارات الاتصال الحديثة (القمر الصناعي، وما إلى ذلك)، أصبح الانترنت متاحاً. كما أصبح استخدام التكنولوجيا المتقدمة لتحسين نوعية الحياة والعمل في الملاحة البحرية ضرورة. فبمجرّد الاتصال بالانترنت يُعرّض ذلك السفن إلى الهجمات السيبرانية إلا أن التدابير التي يمكن اتخاذها تحدّ من المخاطر.
لن تكون خطط الحماية الرقمية فعالة إذا لم يتم اعتمادها بالشكل الصحيح من قبل المختصين. هنا يتطلّب من الشركات الالتزام بتأهيل فريق عملها وتدريبه لمعرفة استخدام التقنيات الناشئة واعتماد الحلول الذكية وفقاً للمشكلة التي يواجهونها.
والأكيد أن الآليات المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي هي من أكثر الحلول المعتمدة لاكتشاف التهديدات قبل وقوعها والقضاء عليها بسرعة ودقة وفعالية. كما يُعد الذكاء الاصطناعي من أكثر السياسات المطلوب تطبيقها خصوصاً خلال وقوع أي من السيناريوات الخطرة.
تحتاج السفن إلى أنظمة الاستجابة الآلية لاستخدامها عند وقوع التهديد، كما أنها تساهم بخفض حوادث الانتهاك وتكون داعمة لليد العاملة البشرية من جهة أخرى. فلا يستهدف القراصنة السفن الذكية فحسب، بل يستغلون الثغرات في أنظمتها لسرقة البيانات المتعلقة ببضائع الشحن أو المعلومات المالية مما قد يؤدي إلى كوارث ملاحية كبيرة ويهدد السلامة البحرية.
تطلق الدول العربية والخليج برامجها لدعم قدراتها الرقمية في القطاع البحري وتمكين تجارتها عبر الموانئ الذكية. كما تركز الأخيرة على المتعاملين معها من حول العالم بهدف توسيع نطاق الأعمال وبناء قدرات جديدة تتماشى مع الاستراتيجية الرقمية منن جهة وحاجة السوق من جهة أخرى.
رقمنة الموانئ والقطاع البحري
تبتعد الموانئ الرقمية في بنيتها وتكوينها على الأساليب التقليدية اذ تساعد الرقمنة في استكمال المعاملات وضمان سلامة السفن وأمن حركتها. ويدخل انترنت الأشياء في البنية التحتية للموانئ الذكية تسمح بالعمل في ظروف طبيعية صعبة أو لوجستية معقدة للتعامل مع ملايين من الحاويات يومياً. كما تتميّز الموانئ الرقمية بقدرتها العالية على تحسين العمليات التشغيلية وتنظيم حركة السفن وفقاً لموقعها.
في المحصلة، من المتوقع أن يشهد سوق الموانئ الذكية تقدماً عالمياً مع ظهور لاعبين أساسيين في هذا المجال. ففي ظلّ احتدام المنافسة، تتصدّر الموانئ في المنطقة المشهد الرقمي مع ما تمثّله الرقمنة من أهمية. وتوظّف الموانئ الحالية التقنيات الحديثة وتستخدم الحلول الذكية لتوظيف البيانات الضخمة وتحسين سلاسل التوريد أيضاً.