أصبحت المحافظ الرقمية رائجة بين المتاجر والمواقع الالكترونية على الانترنت فهي تخدم حالياً أكثر من 57% من المستخدمين لاجراء معاملاتهم شهرياً. ويدفع التحول الرقمي السريع دور هذه المحافظ لتنافس أساليب الدفع التقليدية حيث تحولت إلى أداة مميّزة للتجارة الرقمية اليومية الأكثر استخداماً عالمياً.
وصلت التجارة الالكترونية إلى أبعد حدودها مع ميزات ناشئة يتمتع بها المستخدمون لتجربة عالية المستوى. وبهذا تستجيب المحفظة الرقمية إلى متطلبات الشركات والأفراد الراغبين في انجاز أعمالهم بكفاءة ودقة عالية. تخضع المحافظ الرقمية إلى تعديلات وتحسينات عدّة تشمل تسهيل عملية الاستخدام، تعزيز الأمن الرقمي، حفظ البيانات، دعم العملات المشفرة وتوفير كل أنواع الخدمات المالية على الهاتف المحمول. مع هذا التوسع، يتوقع الخبراء أن تكون خدمات المحافظ الرقمية مفتوحة دون حدود لتجذب عدداً أكبر من المستخدمين لغاية نهاية عام 2024. كما ترجّح الدراسات أن يصل عدد المحافظ الرقمية المستخدمة إلى 440 مليوناً بحلول عام 2025 وارتفاع قيمة المعاملات المنجزة عبرها إلى 16 تريليون دولار بحلول عام 2028.
المحافظ الرقمية تغيّر عمليات الدفع
تعتبر المحافظ الرقمية واحدة من أكثر الحلول الرقمية شيوعاً حول العالم فهي تخوّلك اتمام مدفوعاتك بكبسة زر واحدة. وكانت جائحة كورونا الدافع الأكبر لانتشار مفهوم الدفع الرقمي عبر الانترنت لتشكل اليوم نحو 70% من اجمالي قيمة المعاملات عبر الانترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحلول عام 2025. فإلى جانب الدفع السريع، تتيح المحافظ الرقمية امكانية حفظ الأموال وتخزيها والوصول إلى مختلف الخدمات المالية بمرونة تامة بواسطة الهاتف المحمول أو أي جهاز كمبيوتر. تنقسم المحافظ الرقمية إلى ثلاثة أنواع بين المحفظة الالكترونية المفتوحة (Open-loop) كمحظفة ApplePay، PayPal، Gpay وهي ترتبط ببطاقات الائتمان بشكل مباشر تصدرها البنوك أو المؤسسات الشريكة.
أما النوع الآخر فهو المحفظة المقيّدة (Closed-loop) يستخدمها من يريد انشاء حساب على تطبيق تجاري واضافة الأموال فيه عبر اعتماد بطاقة الائتمان أو الخصم الخاصة وهي يقدمها تجار منتج أو خدمة معيّنة.
والمحفظة شبه المقيّدة (Semi-closed loop) لا تتطلب وجود حساب مصرفي بل يمكن للمستخدمين شراء منتجاتهم من تجار محددين بعد الموافقة على قبول الدفع من قبل جهة اصدار المحفظة. عادة ما تقدّم شركات التكنولوجيا المالية أو مشغلو الخدمات المالية هذه المحفظة على الهاتف المحمول.
هذه المحافظ تسهّل عملية الدفع وفقاً لرغبة المستخدمين ومتطلباتهم فمن المرجح أن يكون هناك أكثر من 5.2 مليارات مستخدم للمحافظ الرقمية حول العالم بحلول عام 2026.
لكن من ينظّم عمليات الدفع الرقمي؟ تشرف هيئات تنظيمية خاصة على عمليات الدفع الالكتروني حيث تخضع إلى رقابة عالية المستوى لمكافحة عمليات الاختلاس المالي. ومن جهتها تلتزم البنوك بقوانين حماية الدفع الرقمي ومراقبة العملة للتعامل مع أكبر عدد من المستخدمين بأمان.
إقرا المزيد: الأردن يدعم الذكاء الاصطناعي لتعزيز الاقتصاد الرقمي ودفع النمو الشامل
سوق الخليج والتداولات الرقمية
تدعم المحافظ الرقمية الاقتصاد الرقمي الخليجي حيث تشهد دول هذه المنطقة طفرة نوعية في هذا المجال مع استخدام الحلول الذكية ومواكبة التحول الرقمي السريع. وتعكس رؤية المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة وقطر توجه الخليج نحو تسيير هذا النوع من المعاملات وتسهيل الدفع الالكتروني وتقليل تكاليف الدفع التقليدي ودعم الابتكار ونمو القطاع المالي الرقمي.
المحافظ الرقمية في السعودية: تطبّق المملكة العربية السعودية نموذج الدول المتطورة رقمياً مع تطوير نشاطها على الانترنت وتوفر الشركات في المملكة تسهيلات كبيرة للمستخدمين لاجراء كل المعاملات المالية بمرونة. تأتي المحفظة الالكترونية تماشياً مع رؤية المملكة 2030 للتوجه نحو مجتمع رقمي وتعزيز الخدمات الرقمية والمالية منها. تتحلى تطبيقات المحافظ الرقمية في المملكة بأعلى معايير الأمان والخصوصية لحماية البيانات عبر المنصات. وقد شهد السوق السعودي توسعاً كبيراً في مجال المحافظ الرقمية مؤخراً حيث وصل عدد عمليات الدفع عبر المحافظ الرقمية في المملكة إلى أكثر من 21 مليون عملية بقيمة تتجاوز 400 مليون دولار. وقد وصل عدد مستخدمي المحافظ الرقمية في الدولة إلى نحو 2.5 مليون بطاقة للمحافظ الرقمية.
المحافظ الرقمية في الامارات: تحتل الامارات العربية المتحدة المرتبة الثانية على مستوى العالم في تداول المحافظ الرقمية التي يعتمد عليها رجال الأعمال والمستخدمون الذين يملكون حسابات مصرفية. تستخدم الامارات التكنولوجيا لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين في وقت تضع فيه الحكومة الاماراتية التحول الرقمي أولوية لديها. هذا الأمر لا ينطبق فقط على المحافظ الرقمية في الدولة فسحب، بل تشكل مشاريع التحول الرقمي جزءاً كبيراً من مشاريع الشركات المحلية دعماً للاقتصاد الرقمي. وقد بلغ عدد الخدمات الرقمية المقدّمة 355 خدمة رقمية مع ارتفاع عدد مستخدمي المنصات الرقمية. وعلى ضوء مجموعة من المبادرات في هذا الاطار، تحقق الامارات تقدماً ملحوظاً في القطاع المالي الرقمي والمحافظ الرقمية بالتحديد وهذا ما يتوافق مع استراتيجية الامارات لتطوير الخدمات الرقمية الحكومية والمجتمعية.
نحو 22% من سكان منطقة الخليج يفتقرون إلى الخدمات المالية الرقمية بينما القسم الآخر يلجأ إلى المعاملات الرقمية ويستفيد من الخدمات المقدمة له.
تمكين الاقتصاد الرقمي والمعاملات المالية على الانترنت
تبرز المحفظة الرقمية كقوة تحويلية لتعزيز الاقتصاد الرقمي المحلي مما يسمح للأفراد بالوصول إلى خدمات مالية أساسية. ويشير الاتجاه الكبير لهذا النوع من التداولات إلى رغبة المستخدمين بالتعامل مع التنمية الاقتصادية وسدّ الفجوة وتعزيز الثقافة المالية بين المجموعات والمتاجر الالكترونية.
يسلّط أصحاب الشركات ورجال الأعمال الضوء على التحولات التي أحدثتها المحافظ الرقمية لتلعب اليوم دوراً محورياً في الاقتصاد الحديث. وتعمل الشركات على تحسين استراتيجية المحفظة الرقمية الخاصة بها لمواكبة مستقبل التسوق الالكتروني. ومع ذلك، فإن فوائد المحافظ الرقمية للشركات في عام 2024 أصبحت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى. فهي تؤمن للعملاء معاملات أسرع وآمنة أكثر لتجربة فائقة.
ففي ظلّ مشهد مالي سريع التطوّر تكشف الدراسات عن ايرادات المحافظ الرقمية التي شهدت نمواً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة ومن المتوقع أن يصل حجم السوق إلى 7 مليارات دولار بحلول عام 2027 على أن يتوسع بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 15%. تشير هذه الأرقام إلى نجاح العملات المشفرة والتداولات الرقمية التي يحقق من خلالها أصحاب الأعمال مزيداً من الأرباح. وبهذا الاطار، يتراوح متوسط الدخل السنوي لأصحاب أعمال المحفظة الرقمية بين 200 إلى 500 ألف دولار. قد تزيد هذه النسبة للشركات التي توسع مكانتها في السوق الرقمي وتزيد اعتمادها على الحلول الذكية.
يأتي جزء كبير من دخل هذه الشركات من رسوم معاملات المحفظة الرقمية، والشراكات مع المنصات المالية الأخرى، وخدمات الاشتراك. من جهتها تشير المحافظ الرقمية إلى تأثر الأرباح بقاعدة العملاء. فإن المشهد التنافسي، الذي أبرزته الحصة السوقية لأكبر شركات المحافظ الرقمية، مستمر في التطور، مما يتطلب التكيف السريع في الإستراتيجية من أصحاب الأعمال الحاليين والمحتملين.
إقرأ المزيد: الاقتصاد الرقمي يوسّع قاعدته ضمن الأسواق العربية والعالمية
هل المحافظ الرقمية خاضعة للأمن السيبراني؟
يرتبط نجاح الحلول التكنولوجية وانتشارها بمستوى أمنها وابتعادها عن مخاطر الاحتيال. لهذه الغاية ترفع شركات التكنولوجيا ومشغلو الخدمات معايير الحماية الخاصة بها وتعزز تدابير الأمن السيبراني لحفظ المعلومات والبيانات في وقت تتوسع فيه المحافظ الرقمية وغيرها من المعاملات إلكترونياً.
تطال الهجمات السيبرانية المحافظ الرقمية أيضاً مما يتطلّب تعزيز خطط الحماية كتحديث المصادقة البيومترية على تطبيقات الهاتف المحمول. ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل يُعد تفعيل دور الذكاء الاصطناعي من الأمور الحاسمة لحماية القطاع المالي الرقمي وزيادة كفاءة المحافظ الرقمية أيضاً. ترصد المحفظة الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي سلوك العملاء ويمكنها التعرّف على المواقع الالكترونية التي يتم انفاق المال عليها ورصد النشاط اليومي على الانترنت والتطبيقات الذكية. يمثل الذكاء الاصطناعي نقطة اضافية لزيادة مميّزات المحفظة الرقمية التي تدفعنا نحو مستقبل الاقتصاد الرقمي والتقدّم في القطاع المالي.
تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بفحص نسبة الانفاق الشرعي للمستخدم والدخل السابق ليقوم بعد ذلك باحتساب الميزانية المخصصة بما يناسب المستخدم. من خلال مراقبة كل معاملة، يساعد الذكاء الاصطناعي في تتبع النفقات ويوفر رؤية واضحة حول مصير أموالك، مما يحدّ من التكاليف غير الضرورية.
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعدنا بخيارات استثمارية بناءً على الوضع المالي للمستخدم والأهداف المالية، مما يضمن اتخاذ قرارات استثمارية أفضل.
أما من الناحية الأمنية، فتوفر المحافظ الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي إجراءات أمنية متقدمة. يمكن لخوارزميات التعلم الآلي اكتشاف الأنشطة الاحتيالية ومنعها من خلال تحليل سلوكك وأنماط معاملاتك، مما يوفر اكتشاف الاحتيال والحماية في الوقت الفعلي.
من المتوقع أن نشهد تقنيات ومميزات أكبر تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين الادارة المالية وتمكين الأفراد لتنظيم أموالهم.
فمع التطور المستمر لتقنيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والمالية وتقنية البلوكتشين، تبدو رحلتنا في القطاع المالي أكثر ذكاءً وكفاءة. أما اعتماد التكنولوجيا في هذه المجالات فهو واقع على دمج الحلول الذكية لتطوير الأعمال ودفعها إلى الأمام لاعادة تعريف المشهد الرقمي.
إقرأ المزيد: "الاتصال الرقمي يُحدد كيفية الوصول إلى الفرص الاقتصادية والاجتماعية"