لقد فرض التطور الرقمي المتسارع تحديات هائلة على كافة المؤسسات والشركات من مختلف الأحجام لدفع استراتيجياتها إلى آفاق جديدة والحفاظ على قدرتاها التنافسية. وفي هذا السياق، بات على قادة الأعمال اليوم اتباع نهج متطور يتجاوز الاعتماد على الخبرة والتخمين والاستراتيجيات التقليدية.
لقد أتاح التقدم الهائل في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي الفرصة أمام قادة الأعمال للاستفادة من قدرات تحليلية غير مسبوقة، ما أدى إلى إحداث ثورة في عملية صنع القرار. وتوفر هذه التقنيات والمنهجيات المتطورة رؤى تتجاوز التحليلات التقليدية، وتصل إلى حدود فتح آفاقٍ جديدة للتخطيط الاستراتيجي والتنفيذ.
قوة البيانات والذكاء الاصطناعي
ويقول راجي مجدي، الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية في "إي آند إنتربرايز" أنه في عالم تقوده البيانات بشكل رئيسي، تعد القدرة على فرز المعلومات وتحويلها إلى رؤى قيّمة أمراً أساسياً لنجاح الأعمال. ومن هنا لجأت بعض المؤسسات إلى الحلول والتقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد، وذلك بهدف سد الفجوة بين البيانات والرؤى. هذه الأنظمة المتطورة لا تكتفي بمعالجة كميات هائلة من المعلومات فحسب، بل إنها توفر أيضاً معلومات وأفكاراً قابلة للتنفيذ، ما يعزز قدرات صنع القرار في المواقف الحرجة التي تتطلب سرعة واتخاذ قرارات حاسمة.
وأضاف مجدي، لقد اعتمدت أساليب صنع القرار التقليدية على حدس القادة وخبراتهم المهنية. وعلى الرغم من فعالية هذه الطريقة في بعض الأحيان، إلا أنها تفتقر إلى السرعة والدقة المطلوبتين في بيئة الأعمال سريعة التغير التي نعيشها الآن. ويحول الذكاء الاصطناعي هذا النمط من خلال معالجة كميات هائلة من البيانات في الوقت الفعلي، وتقديم رؤى قابلة للتنفيذ تتميز بالدقة والسرعة. وقد أجرت "إي آند إنتربرايز" دراسة على هامش مؤتمر عقدته حول الذكاء الاصطناعي والبيانات، وقد كشف 86% من المشاركين فيها أنهم يعتقدون أن اتخاذ قرار موحد مبني على عدة مصادر متباينة للبيانات يعد خطوة أولى ومهمة في تسخير رؤى البيانات، فضلاً عن كونه يضمن اتساق البيانات ودقتها، الأمر الذي يعد ضرورياً لاتخاذ قرارات مستنيرة.
تحويل البيانات إلى أفكار
تكمن قوة الذكاء الاصطناعي في قدرته على تحويل البيانات إلى أفكارٍ قابلة للتنفيذ. فعلى سبيل المثال، يمكن للمتاجر التي تستخدم التحليلات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي التنبؤ باحتياجاتها من البضائع بدقة أكبر، ما يحد من الهدر ويضمن توفر المنتجات المطلوبة دائماً، كما يمكن لخوارزميات الصيانة التنبؤية أيضا جدولة الإصلاحات والصيانة الدورية للآلات قبل حدوث الأعطال، الأمر الذي يقلل من وقت توقف العمل ويوفر التكاليف. وبالمثل، يمكن للمؤسسات المالية الاستفادة من التحليلات التنبؤية للبيانات للكشف عن الأنشطة الاحتيالية في الوقت الفعلي، وحماية أصولها والحفاظ على ثقة العملاء. ولكن على الرغم من هذه المزايا، هناك عقبات كبيرة أمام تبني هذا التحول على نطاق واسع. وتتجلى هذه التحديات في الحاجة إلى الاستثمار الاستراتيجي ووجود خارطة طريق واضحة لاعتماد الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي التوليدي: آفاق جديدة
أبرز قادة الأعمال أيضاً الإمكانات الهائلة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي في قيادة القيمة، حيث يمكن لهذه التطبيقات إنشاء نصوص وصور وموسيقى ورموز جديدة من خلال الاطلاع والتعلم من البيانات الحالية، ما يفتح آفاقاً جديدة أمام الأتمتة والابتكار. ووفقاً للدراسة السابقة التي أجرتها شركة "إي آند إنتربرايز"، فقد ذكر 40% من المشاركين أنهم مستعدون إلى حد ما لتبني الذكاء الاصطناعي التوليدي، في حين يشعر 33% بأنهم أقل استعداداً.
ويبشر إدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي بالعديد من الفوائد، بما في ذلك تعزيز خدمة العملاء (73%) وتحسين التسويق وإنشاء المحتوى (62%) وتحليل البيانات المتقدم (60%). ومع ذلك، لا تزال الرقابة البشرية تحظى بأهمية قصوى في هذا المجال، حيث أكد 68% من المشاركين ضرورة وجودها، لا سيما في المهام التي تتطلب الإبداع والتفكير النقدي والذكاء العاطفي، والهدف من ذلك هو تسخير الذكاء الاصطناعي لتعزيز القدرات البشرية وليس الحلول محلها.
ويتطلب تنفيذ تطبيقات الذكاء الاصطناعي وعمليات صنع القرار القائمة على البيانات أكثر من مجرد تبني التكنولوجيا، إذ يتطلب هذا الأمر أن تتبنى المؤسسة تحولاً جوهرياً في ثقافتها وطريقتها في العمل، فالتغيير يعد أمراً بالغ الأهمية لنجاح دمج هذه الإمكانات التكنولوجية المتقدمة في نماذج عمل هذه المؤسسات. إذ يجب على قادة الأعمال التركيز على تثقيف القوى العاملة حول فوائد الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات، ومعالجة مخاوفهم بشأن التخلي عن دورهم في المؤسسة، وتعزيز نشر ثقافة عمل قائمة على البيانات. ولينجح القادة في تحقيق ذلك، عليهم التواصل مع جميع الموظفين بشكل واضح وتقديم برامج التدريب الشاملة، إلى جانب إعادة تنظيم المهام والمسؤوليات.
إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات يساهمان في تشكيل مشهد الأعمال، حيث سيصبح بإمكان الشركات اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً وتعزيز الكفاءة التشغيلية ودفع ودعم الابتكار، بالإضافة إلى فتح آفاق جديدة للنمو. وفي "إي آند إنتربرايز"، ندرك التأثير التحولي لتقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الذكية على عمليات الأعمال، ومن خلال الشراكات التي عقدناها مع العديد من الشركات، فإننا نهدف إلى إطلاق العنان للإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي، وتقديم الخبرة والدعم لقيادة النمو الاستراتيجي وتحسين العمليات والارتقاء بتجارب العملاء.