تجسّد المملكة العربية السعودية نموذج الدولة الساعية إلى النمو والتطوّر مواكبة لعصر التكنولوجيا السريع. وقد ارتفعت في السنوات الأخيرة أسهمها في قطاع الذكاء الاصطناعي والحلول الذكية بشكل عام مما جعل من شركاتها نقطة جاذبة للاستثمارات المحلية والخارجية أيضاً.
أطلقت المملكة العربية السعودية مبادرات عدّة بهدف دعم الذكاء الاصطناعي ودمجه في القطاعات حيث تم اطلاق الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي بنهاية العام 2020. ونتيجة لذلك، احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى على مؤشر الاستراتيجية الحكومية ضمن التصنيف العالمي للذكاء الاصطناعي.
إلا أن رغم الخطوات الكبيرة المحققة في الفترة الأخيرة، تواجه المملكة اليوم تحديات في مجال الذكاء الاصطناعي وتدرس كيفية التعامل مع هذه التقنية المتغيّرة باستمرار دون حدود مع العلم بأهميتها واعتبارها عنصراً أساسياً لنمو الاقتصادات حول العالم؛ مع مساهمتها بما لا بقل عن 15.7 تريليون دولار بحلول عام 2030. وكذلك يساهم الذكاء الاصطناعي بنمو الاقتصاد السعودي بأكثر من 135 مليار دولار بنهاية العقد.
تحديات شائكة
ندرة المواهب والكفاءة المطلوبة إلى جانب البنية التحتية الرقمية التي يجب تطويرها هي ضمن أولى التحديات التي تواجهها المملكة في عالم الذكاء الاصطناعي. ولا يزال الانفاق على هذه التقنية قليلاً بعض الشيء إلى جانب ضعف عمليات البحث والتطوير مقارنةً بالدول المتقدّمة تكنولوجياً.
وبحسب الخبراء، تدرس المملكة العربية السعودية اليوم سبل تمكين حكومتها وشركاتها لتحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي. هذا الواقع يفرض على المملكة ايجاد الحلول الفورية لتحقيق التوازن بين احتياجات المملكة الحالية والمتوفر لديها من قدرات. ولهذه الغاية تسعى الحكومة السعودية إلى جذب المواهب والمهارات الرقمية المحلية لتعزيز مكانة الذكاء الاصطناعي وغيره من الحلول الرقمية ضمن الأعمال في المملكة. وبالتزامن مع تطور التطبيقات الذكية وتعددها تعمل المملكة العربية السعودية على تحديث أنظمتها لتثبيت مكانتها التنافسية على مستوى الدول والأسواق حول العالم.
تخصص المملكة العربية السعودية رأسمالاً للاستثمار بأبحاث الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحاسوبية حيث أنشأت هذا العام صندوقاً بقيمة 100 مليار دولار للاستثمار في التكنولوجيا. كذلك أعلنت المملكة في الفترة الأخيرة عن مبادرات عدّة للتحول إلى لاعب أساسي في مجال الذكاء الاصطناعي. كما تجري الدولة الخليجية محادثاتها للاستثمار بأكثر من 40 مليار دولار بشركات الذكاء الاصطناعي لجذب رواد الأعمال إلى المملكة بعد تركيز المملكة توجهها نحو التكنولوجيا إلى جانب الاستثمارات النفطية.
تتقدم منطقة الخليج بمجال التقنية والتكنولوجيا لتأخذ مكانة ريادية. ويعتبر الذكاء الاصطناعي بنداً مهماً من رؤية المملكة 2030 حيث أن 70% من الأهداف الاستراتيجية المحددة تضم استخدامات للبيانات والذكاء الاصطناعي وهذا ما يجذب الاستثمارات إلى البلاد التي تصل قيمتها إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2030.
من ناحية أخرى، تشدد المملكة العربية السعودية على ضرورة تعزيز الوعي حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي واستخدامه مع حفاظ الأمن والخصوصية والسلامة. من هذا المنطلق، تدعو الجهات المعنية والخبراء في الدولة إلى اعتماد نهج مناسب للاستفادة من الذكاء الاصطناعي بشكل فعال بما يخدم المجتمع والأعمال على حد سواء.