غيّرت شبكة الجيل الخامس واقع قطاع الاتصالات إن على مستوى سرعة الاتصال ونقل البيانات أو من ناحية دعم الخدمات الرقمية وخفض زمن الاستجابة. ولا تزال التجارب قائمة في هذا المجال لتحسين أداء الشبكة وضمان انتشارها مما يؤكد قدوم الجيل الخامس إلى مرحلة متقدّمة من النمو والازدهار.
تواكب شركات الاتصالات العصر الرقمي وجديد الشبكات انطلاقاً من الامكانات التي توفرها من حيث الاستدامة والأمان والهدف الأول يبقى الارتقاء بتجربة العملاء. يُعد الجيل الخامس ركناً أساسياً من عملية التحول الرقمي فالمنافع التي توفّرها هذه الشبكة لا تقتصر على تحسين الاتصال فقط بل لها تأثيرها الايجابي على القطاع الاقتصادي والأعمال. تؤكّد الشركات هذه النظرية مع زيادة نسبة أرباحها بمجرّد الاستثمار في الجيل الخامس والتسلّح بالشبكة لمواجهة تحديات القطاع. فبين خطط الشركات واستراتيجية الحكومات، كيف غيّر الجيل الخامس عالمنا؟
شبكة واحدة بتأثيرات عدّة
مع قضاء معظم الوقت على التطبيقات الذكية واستهلاك البيانات بشكل أكبر تبدو الحاجة إلى الجيل الخامس متزايدة خصوصاً في الأماكن العامة الأكثر ازدحاماً مثل المطارات ومراكز التسوق والمكاتب والمصانع. توفر شبكة الجيل الخامس فرصة هائلة لتجربة الذكاء الاصطناعي وتقنية انترنت الأشياء دون التفكير بصعوبة الاتصال التي يمكن أن تواجهنا مع تغطية الواي-فاي. يساعد الجيل الخامس حاملي الهواتف الذكية على التحقق من رسائل البريد الالكتروني والاجابة بالوقت الآني، ومتابعة ترتيباتهم من دون عوائق بمرونة وسهولة تامة.
كما أثبتت الشبكة فعاليتها لاعتمادها بنماذج الأعمال الهجينة لتجربة أكثر أماناً حيث يدعم الجيل الخامس تطبيقات وأجهزة المؤسسات التي تتطلب سعة كبيرة من البيانات. إلى جانب برامج الحماية، تعتبر شبكات الجيل الخامس وسيلة اضافية للحدّ من الهجمات السيبرانية وتوفير تقنيات رقمية أوسع أكثر ابتكاراً للأعمال المستقبلية عن بُعد. وفقاً للخبراء، من الضروري اعتماد شبكات الجيل الخامس على مستوى عالمي لتحقيق صافٍ صفري من الانبعاثات الكربونية للحدّ من التغيّر المناخي. وفي اطار المساعي لخفض الانبعاثات الكربونية بحوالى 26 طناً سنوياً، أعلنت شركة اتصالات e& عن تحالفها الاستراتيجي مع هواوي لاطلاق أول موقع لشبكة 5G يعتمد على الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يستفيد مطورو البرامج من الجيل الخامس لتطوير التطبيقات الذكية وتجسيد الأفكار الناشئة للاستجابة إلى كل حالات الاستخدام بكفاءة عالية. وعلى رغم التحديات الاقتصادية والسياسية تتوقع الدراسات أن يصل عدد الاشتراكات بالجيل الخامس إلى 4.4 مليارات على مستوى العالم بحلول عام 2027 أي ما يمثل 48% من اجمالي اشتراكات الهاتف المحمول. نتيجة هذه الأرقام وتحول نمط حياة الانسان مع انتقاله إلى العالم الافتراضي، يأخذ مشروع التوسع بشبكة الجيل الخامس اهتمام الشركات التقنية حيث من المتوقع أن تُتاح تغطية 5G لأكثر من 85% من السكان عالمياً بنهاية عام 2029. وبدأت المشاريع في هذا المجال تظهر ثمارها في دول مجلس التعاون الخليجي التي تواكب العصر الرقمي لتحقق التحول الشامل (في الامارات العربية المتحدة، الكويت، قطر، المملكة العربية السعودية). فعلى ضوء النمو الذي شهده قطاع الاتصالات في هذه الدول رافق ذلك توسع أكبر للجيل الخامس، حيث من المتوقع خلال السنوات الست المقبلة أن يحمل الخليج أعلى معدل لانتشار الجيل الخامس بنسبة تبلغ 92%.
حالات استخدام الجيل الخامس يومياً
تنقلنا التكنولوجيا إلى مرحلة جديدة تسعى فيها الحكومات إلى توظيف خدمات الجيل الخامس اللامحدودة للاستفادة من سرعات الشبكة على المستويات كافة. وتمثّل المدن الذكية التقدّم التقني مع استخدام أجهزة الاستشعار فيها والمحركات ذاتية القيادة وترابط الأجهزة الالكترونية ببعضها بمجرّد الاتصال بالانترنت. فكيف يتم توظيف الجيل الخامس في حياتنا اليومية؟
يركّز المستخدمون على اعتماد الجيل الخامس لتحميل البيانات، تأمين الاتصال السريع والارتقاء بتجربة الألعاب الالكترونية إلى جانب توظيف تقنيات الجيل الخامس بالمصانع وأسواق البيع بالتجزئة. وتُعد التطبيقات الذكية المدعومة بالجيل الخامس من أهم التطبيقات التي تحاكي العصر الرقمي حالياً.
يُكمّل الجيل الخامس مهام الروبوتات لتنفيذ الأوامر بالوقت الآني ورفع الانتاجية والتفاعل مع الانسان بكفاءة. كما تدعم الشبكة السريعة قطاع الرعاية الصحية لابراز دور الآلات وتعزيز العمليات الجراحية عن بُعد ومراقبة التطورات الصحية والتدخل عند الحالات الضرورية والطارئة.
تحسين أداء الأجهزة: يُعد تحسين خدمة الهاتف المحمول أحد أهم العناصر نتيجة دمج شبكات الجيل الخامس بالحياة اليومية. تتوفر خدمات النطاق العريض، مثل بث الفيديو عالي الوضوح دون تخزين مؤقت، على شبكات الهاتف المحمول المدعومة بالجيل الخامس. تعمل تقنية الجيل الخامس على تحسين سعة الشبكة بشكل كبير، مما يسمح للمستخدمين ببث المحتوى دون انقطاع.
ثورة الجيل الخامس: تحتاج التطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى تحديث متواصل مع مرافقة التقنيات التي أصبحت أمراً لا غنى عنه كتقنية انترنت الأشياء والتعلم الآلي لتسهيل الأعمال على الشركات والمستخدم على حد سواء.
السيارات ذاتية القيادة: يجب أن تكون السيارات ذاتية القيادة قادرة على استيعاب البيانات وإجراء التعديلات في أسرع وقت ممكن لتفادي الحوادث المفاجئة على الطرقات. ستستفيد السيارات ذاتية القيادة من قدرة الشبكة المحسنة وتغطيتها وزمن الوصول المنخفض، فإن شبكة الجيل الخامس ستسهل القيادة على السائق للتحكم بالمركبة على الطرقات. كذلك ستساهم الشبكة بتقدم قطاع النقل والمواصلات الذي يتطلب اتصالاً مستمراً بالانترنت.
مشاهدة الفيديو بدقة عالية: تتيح شبكة الجيل الخامس مستوى عالياً من الترفيه مع إمكانية البث بدقة 4K و8K في مجال الترفيه بفضل سرعات التنزيل والتحميل الأسرع وتقليل زمن الوصول وتحسين سعة الشبكة. يتيح هذا الاتصال عالي السرعة ومنخفض الكمون للمستخدمين بث محتوى فائق الوضوح مع الحد الأدنى من التخزين المؤقت والتأخير، مما يوفر تجربة مشاهدة غامرة وعالية الجودة على أجهزة مختلفة. هذا إلى جانب البث التفاعلي الذي يجمع بين عناصر العالم الواقعي والافتراضي.
التعلم عن بُعد: يستفيد المستخدمون من المنصات التدريبية الافتراضية التي تقدم عبرها الجامعات والمعاهد حصصها التعليمية مع اعتماد الجيل الخامس لضمان حركة مرنة لنقل البيانات للطلاب. تضمن شبكة الجيل الخامس توفير خدمات البث بجودة عالية مع ازدهار مفهوم التعلم عن بُعد بعد انتشار الوباء.
الجيل الخامس يسيطر على العالم بحلول 2029
شهد قطاع الاتصالات تحولاً كبيراً على ضوء انتشار الجيل الخامس وتقدم الانترنت وتوسع حالات الاستخدام. بعيداً عن التحديات التي قد تواجه مزودي الخدمات والشركات المشغلة إلا أن المستقبل سيحمل الكثير من المميزات لهذه الشبكة الواعدة.
بحسب الدراسات من المتوقع أن يهيمن الجيل الخامس على العالم بحلول عام 2029 حيث سيغطي 85% من دول العالم مع زيادة عدد الاشتراكات. ففي العام 2023، كان للشبكة 63% من الاشتراكات الجديدة بالاضافة إلى 610 ملايين مشترك جديد. ومن المتوقع زيادة المتوسط العالمي لاستهلاك البيانات لكل هاتف محمول إلى 56 جيغابايت بحلول عام 2029 مقابل 21 جيغابايت في العام 2023.
يحقق العالم خطوات مهمّة في عملية نشر الجيل الخامس لتأمين التغطية الشاملة لأكبر عدد ممكن من المناطق في أوروبا وأميركا ودول مجلس التعاون الخليجي. وعلى رغم الصعوبات، يعد الجيل الخامس بإمكانات عدّة على مستوى التكنولوجيا والابتكارات الرقمية التي تتجاوز توقعاتنا.