تحولات كبيرة تشهدها صناعة الكمبيوتر والأجهزة الالكترونية مع توسّع الشرائح والبيانات التي تشكّل جزءاً كبيراً من الثورة الرقمية. مع اجتياز النصف الأول من العام 2023، تبقى التساؤلات حول ما ستحمله مستجدات الصناعة بحلول العام 2024 وما بعده.
نحن في عصر أصبحت فيه الأجهزة الالكترونية والكمبيوتر والمركبات والهواتف الذكية تتملّكنا لتكون في بعض الأحيان أذكى من الانسان نفسه. تقدّم الحلول الرقمية صورة جديدة عن سبل التواصل والاتصال والتكيّف مع الأجهزة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي وانترنت الأشياء بات أمراً محسوماً. وسط تركيز الخبراء والشركات الجديدة على المشاريع الناشئة واستخدام روبوتات الدردشة والأنظمة الذكية يستغلّ صناع الأجهزة الواقع الجديد لطرح الطرازات الأحدث في الأسواق وتلبية متطلبات المستخدم.
الكمبيوتر والأجهزة الالكترونية تُترجم أفكار الانسان
يُعد الاستخدام واسع النطاق للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وإنشاء معالجات أسرع وأكثر فاعلية، ودمج تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز في الحوسبة الشخصية، كلها تنبؤات لمستقبل أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الالكترونية التي ستتفوّق بقدراتها خلال السنوات الخمس المقبلة. وبحسب خبراء التقنية ستسمح التكنولوجيا للكمبيوتر وللأجهزة الذكية بقراءة أفكار الانسان وترجمتها في الوقت الآني. وبعد سلسلة من التجارب، تم ابتكار جهاز جديد يمكنه قراءة عقل الانسان بنسبة صوابية تصل إلى 90%. يمكن لجهاز AlterEgo– الذي يُعلّق على الأذن - قراءة الأفكار من خلال مجموعة من المستشعرات التي تلتقط الاشارات العصبية وحركة الوجه والفكّ فيقوم بترجمتها إلى كلمات تسمح للعلماء بمعرفة ما يدور في عقل الانسان وذلك من خلال الذكاء الاصطناعي الذي يربط الكلمات وفقاً للاشارت العصبية التي يتلقاها. لن تقتصر خدمات جهاز AlterEgo على ترجمة الأفكار فحسب، بل يسعى الخبراء إلى تطويره ليتمكّن من اجراء المحادثات عبر اعتماد شبكة الانترنت والتطبيقات الذكية.
بدورها، عملت شركة ميتا على تطوير تقنية مدعومة بالذكاء الاصطناعي مستغلّة أن المنطقة المخصصة لتكوين الكلمات لدى الانسان وفهم اللغة منفصلة عن المنطقة المخصصة لادارة عضلات الوجه والفم.
يغيّر هذا الجهاز مستقبل التواصل، فهو يظهر قدرة التكنولوجيا على ترجمة أفكار الانسان بشكل فوري وتحويل النشاط الدماغي إلى كلمات واضحة تسعف خصوصاً من يعانون من صعوبة في التعبير أو المصابين بأمراض عصبية مزمنة. يسعى الباحثون والخبراء إلى اشراك القوة التي تحملها حلول التكنولوجيا مع الأجهزة الالكترونية على أن تحمل المرحلة المقبلة المزيد من الخدمات والتقدّم على مستوى ترجمة الأفكار والدخول إلى النشاط الدماغي بمرونة وسهولة أكبر. فمن المنتظر أن يتم الاعلان عن أنظمة جديدة لقراءة الأفكار في الدماغ وترجمتها على شكل نص أو صور أو جمل صوتية.
وفي هذا الاطار، أعلن الأميركي ايلون ماسك عن ابتكار Neuralink وهي شريحة تعمل على ربط اشارات الدماغ بالأجهزة الذكية لقراءة الأفكار والتحكم فيها. وإلى جانب ذلك، ستساهم هذه الشريحة في معالجة أمراض مثل الألزهايمر وفقدان السمع والأرق. وتعليقاً على ذلك، اعتبر ماسك أن زمن الشرائح البشرية اقترب فسنتمكّن من تخزين المعلومات وحفظ الذكريات لنقوم في تحميلها في ما بعد في جسم انسان جديد أو بجسم روبوت مما سيسهّل التواصل والتفاعل، والأكيد أن هذه الابتكارات ستكون لخدمة البشرية وخيرها على الرغم من كل المخاوف التي ستنتشر.
من المتوقع أن يكون للتقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء تأثير كبير على الأجهزة الالكترونية المستخدمة خصوصاً وأن الأخيرة ستكون وسيلة للتعبير عن المشاعر والأفكار بصورة أوضح.
أجهزة كمبيوتر بشكل جديد في العام 2024
دخل العالم في مرحلة انتقالية شهدت فيها القطاعات كافة تحولات كبيرة حتّمت على الشركات تعديل استراتيجيتها لمواكبة السوق واحتياجاته. وسط هذه التغيرات، يدخل الذكاء الاصطناعي في صناعة الالكترونيات وتصميمها لينقل إلى القطاع كمّاً كبيراً من الابتكار. في الواقع، ستصبح أجهزة الكمبيوتر الشخصية أكثر ترسخاً في حياتنا اليومية، حيث تعمل كمراكز لإدارة البيانات والمعلومات والتحكم في مختلف الأجهزة والخدمات في وقت أصبحت فيه جميع الأجهزة مرتبطة بالانترنت ومتصلة ببعضها.
تعمل شركات التكنولوجيا على صناعة الكمبيوترات المدعومة بالذكاء الاصطناعي على أن تُطرح بشكل أوسع بحلول عام 2024. ويعتبر الخبراء أن هذا التحول لن يقتصر على الكمبيوتر بل سيدخل الذكاء الاصطناعي في صناعة الأدوات المتصلة بالمنازل الذكية والمركبات ذاتية القيادة والأدوات الكهربائية على أنواعها.
لن تتأثر كمبيوترات المستقبل بالشكل فقط بل ستكون أسرع وستقدم أداء أفضل لتتفاعل مع المستخدم بالصوت والصورة وفي الوقت الآني. فبعد طرازات عدّة تم طرحها في الأسواق/ يأتي الذكاء الاصطناعي والابتكارات الجديدة لتُخرج هذه الصناعة من الرتابة والاعادة. فبحسب الخبراء، ستكون شركات التكنولوجيا وصناعة السلع التكنولوجية أمام خيار واحد وهو الالحاق بالتقدّم الحاصل ومواكبة السوق وإلا ستكون خارج المنافسة.
أما عن التفاعل مع الالكترونيات، فستكون حركة جسم الانسان مصدراً للطاقة لتغذية الأجهزة الذكية. وكذلك البيانات البيومترية ستكون لها الحصة الأكبر في مختلف المجالات فنقول وداعاً لكلمات المرور ونستبدلها ببصمة العين أو الصوت حيث ستتمكّن الأجهزة المستقبلية من التعرّف على المستخدم مباشرةً دون ادخال الاسم أو رقم الحساب الشخصي.
بالنظر إلى المرحلة المقبلة، يبدو أن أجهزة الكمبيوتر الشخصية لها مستقبل واعد. من المتوقع أن يخضع القطاع لعملية تحول نتيجة للتقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والحوسبة الكمومية، والتي ستسمح بظهور عدد أكبر من الأجهزة الذكية والأكثر فعالية على الاطلاق. كما من الواصح أن الواقع الافتراضي سينتشر على نطاق أوسع فلا بدّ من لأجهزة المستخدم الا أن تستجيب إلى هذه النقلة النوعية.
بينما يبقى العامل المالي هو المسألة الأهم بالنسبة للمستخدم الذي يبحث عن أفضل جهاز وبأفضل سعر يمكننا توقع رؤية المزيد من الحلول الاقتصادية في المستقبل مع سعي الشركات الكبيرة إلى انتاج أجهزة بكلفة مدروسة لكل فئات المجتمع.
مع تنوع الأجهزة وتعدد الحلول المبتكرة، سيبقى الكمبيوتر الوسيلة الأفضل لحفظ المعلومات والصور ولانجاز الأعمال بمرونة وسرعة على أن تشهد هذه الأجهزة في السنوات المقبلة المزيد من التطورات والتحسينات، فالمستقبل للتقنيات الذكية ولذلك سيكون من المثير للاهتمام مراقبة مسيرة التطوّر بكل مراحلها.