الدول العربية تدشن مناطق الحوسبة السحابية

تواصل شركات الاتصالات أعمالها لتحسين مستويات الأداء التقني والفني في استخدامها الحوسبة السحابية مع وضع سياسات تنظيمية تساعد في تطوير بيئة سحابية ملائمة. تعزز الحوسبة السحابية حركة البيانات وتُفعّل دور الشبكات وترفع مستوى الخدمات. وسط توقعات بأن يشهد سوق الحوسبة السحابية نمواً كبيراً مستقبلياً، يؤكد الخبراء تأثير الحوسبة السحابية على كل القطاعات والمجالات. مواكبةً لهذه الثورة، أصبحت تطبيقات الحوسبة السحابية من الضروريات الأساسية للأعمال ولتحقيق الأرباح مما يُلزم الدول باستراتيجية التحول الرقمي وباعتماد التكنولوجيا الحديثة والاستفادة من كل مقوماتها.

سوق الدول العربية والأفريقية يجذب الحوسبة السحابية

تبني شركات الاتصالات في المنطقة العربية والأفريقية اهتمامها على بناء مراكز للبيانات بهدف تطبيق خدمات الحوسبة السحابية والاستثمار فيها. تُظهر الشركات الصغيرة والناشئة التي تعتمد على الحوسبة السحابية قدرتها على تطوير أعمالها على المستوى الاقليمي والدولي، إذ أن تطبيقات الحوسبة السحابية انتشرت بعد عام 2018 مما انعكس على المستخدمين وبياناتهم. على ضوء ذلك، يؤكد الخبراء أننا سنشهد خلال السنوات القادمة طفرة كبيرة في عالم الحوسبة مع تأمين الأنظمة السحابية وكل برامج الحماية المخصصة لتأمين المعاملات والحسابات على السحابة.

تخدم الحوسبة السحابية أكثر من 25 قطاعاً بين الصناعة والأعمال عبر توفير الحلول الذكية والمبتكرة. من المتوقع زيادة الانفاق على الحوسبة السحابية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الشرق الأوسط وأفريقيا. بدورها تعمل شركات التكنولوجيا على تطوير خدماتها في هذا المجال لخدمة كل الأفراد والمؤسسات في القطاعين العام والخاص نظراً للاقبال الكبير على الخدمات الذكية في عصر سريع التطوّر.

من جهة أخرى يتم العمل على تطوير المهارات والكفاءات اللازمة من مطوري برامج ومبرمجي خدمات لتمكين هذه التكنولوجيا. كما أن للأدوات المتوفرة والبنية التحتية الرقمية المتاحة دوراً أساسياً في تعزيز الخدمات السحابية المتطوّر على المستويات كافة.

ومؤخراً أعلن العملاق "غوغل كلاود" تدشين منطقته السحابية في قطر وذلك بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. تأتي هذه الخطوة تعزيزاً للبيئة الرقمية في الدوحة مما ينعكس ايجاباً على اقتصاد البلاد. هذا وتسعى دولة قطر إلى توفير كل الخدمات الرقمية استجابةً لطلب المواطنين وتسهيل حياتهم أيضاً.

تسهم منطقة "غوغل كلاود" في دفع الابتكار في قطر وتفتح الباب أمام المزيد من فرص العمل وامكانية تطوير المجتمع ودفع الاقتصاد الرقمي في آنٍ. توفر منطقة غوغل السحابية فرصاً لرفع الكفاءة وخفض التكلفة وسهولة في تخزين البيانات على مستوى الشركات أو الأفراد، كما ستساهم في ضخ 18.9 مليار دولار للاقتصاد القطري بين عامي 2023 و2030. هذا بالاضافة إلى فرص العمل الجديدة والاستثمارت التي سيتم افتتاحها في البلاد. يتكوّن مركز غوغل من 37 منطقة و112 دائرة لتقديم الخدمات السحابية إلى أكثر من 100 دولة ومنطقة حول العالم.

ففي عصر الرقمنة والخدمات السريعة، توفر غوغل من خلال هذا المركز منتجات عالية الأداء والجودة وهي تستهدف المؤسسات الصغيرة والكبيرة في قطر ومنطقة الشرق الأوسط أيضاً.

وعلى طريق الابتكار والابداع، تواصل المملكة العربية السعودية جهودها في مجال الرقمنة والتكنولوجيا حيث أصدرت الحكومة السعودية أول ترخيص لمنطقة اقتصادية خاصة للاستثمار في الحوسبة السحابية. وقد أطلقت المملكة في أبريل الماضي 4 مناطق اقتصادية خاصة تهدف إلى تطوير وتنوع الاقتصاد السعودي من جهة وتحسين البيئة الاستثمارية من جهة أخرى. تحضن المنطقة السحابية تقنيات رقمية متطوّرة وهي تتمتع بنظم تشريعية ولوائح خاصة للنشاطات الاقتصادية كما يبلغ حجم الاستثمار فيها أكثر من 27 مليار ريال سعودي.تعليقاً على هذا المشروع يقول المعنيون إن المنطقة السحابية هي من بين مشاريع عدّة تعمل السعودية على انجازها استجابةً لرؤية المملكة 2030 ولتمكين البلاد على مستوى الاقتصاد والتجارة والرقمنة والخدمات.

تحجز الكويت مكانتها في عالم السحابة حيث افتتحت شركة غوغل مكتبها في الكويت وتسعى للاستثمار في انشاء منطقة سحابية خاصة لها لدعم البنية التحتية الرقمية وادارة الأعمال السحابية بكفاءة وتمكين البيانات الضخمة في البلاد. وتعود اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الكويت وغوغل كلاود العالمية بالكثير من الفوائد على مستوى البيانات وتعزيز الأمن السيبراني وتفعيل اعتماد الذكاء الاصطناعي بهدف تحقيق التحول الرقمي الشامل.

تتألف المنطقة السحابية من 3 مراكز بيانات تتمتع بأعلى المعايير وهي تدعم القطاعين العام والخاص والأعمال والمؤسسات مما يحقق رؤية الكويت 2035 في مسيرة الانتقال إلى الاقتصاد الرقمي وتحقيق النمو في هذا المجال.

على الخط نفسه ووفقاً للدراسات، 94% من المدراء التنفيذيين في البحرين يعتقدون أن الحوسبة السحابية تتوافق مع الرؤية الاقتصادية 2030 للبحرين، فهي ترفع قيمة العلامة التجارية كما أنها تلبي مجموعة واسعة من حالات الاستخدام في إطار تمكين التطبيقات الجديدة والمتطوّرة. يذكر أن الخدمات السحابية تتمتع بمرونة عالية وقدرات أمنية ضدّ الهجمات السيبرانية المحتملة من مختلف المصادر.

السحابة وتأثيرها على المدى الطويل

تحت مظلّة التطوّر والنمو، تسعى الدول والشركات من كافة المجالات إلى الانتقال للسحابة على نطاق أوسع. توفر الحوسبة السحابية الكثير من الخدمات على أرض الواقع كما أن فوائدها الايجابية متعددة على مستوى الاقتصاد وحركة الأعمال في الشركات الصغيرة والكبيرة والمتوسطة إلى جانب المشاريع الناشئة أيضاً. في ظلّ هذا الواقع، تقدر قيمة المشاريع المتعلقة بالحوسبة السحابية في الامارات بنحو 17.1 مليار دولار خلال الفترة الممتدة من 2022 إلى 2030.

كما يمكن للحوسبة السحابية أن تحل مشكلة البطالة بالاضافة إلى توفيرها الحلول الرقمية للحدّ من الهجمات السيبرانية وحماية البيانات والمعلومات. تستمر المنطقة العربية والشرق الاوسط وأفريقيا في مبادراتها لتسريع عملية التحول الرقمي واعتماد البنية التحتية المناسبة مع تعزيز الوعي حول كافة أجزاء العالم الرقمي للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة على أنواعها.

في هذا الاطار، يشير الخبراء الى أنه من الضروري المضي بتقارير الأبحاث الاقتصادية ومراقبة الأسواق المحلية والعالمية لتحديد الاتجاهات المتخذة والعمل على توفير الحلول الذكية المطلوبة لأهداف تنموية واجتماعية واقتصادية وتحقيق الاستدامة. إن الامكانات الهائلة التي تتمتع بها السحابة ترفع قيمة الأعمال وتعزز عملية التحول الرقمي بمرونة وتحسّن تجربة العملاء.