ها نحن ندخل العام الجديد 2023 مع مجموعة من التساؤلات حول توجهات عالم الرقمنة والتقنية والتكنولوجيا للأشهر القادمة. أما المسألة الأهم فتتعلّق بكيفية تطوير أنظمة الشركات الداخلية للحماية من الهجمات السيبرانية والحفاظ على أمن بياناتها.
كثُرت الهجمات على شبكة الانترنت وتعددت الثغرات التي تطال الخوادم مع ارتفاع نماذج العمل الهجين في أغلب الدول. بحسب التقارير، ستأخذ برامج القرصنة والفدية طابعاً جديداً مع العام الحالي كما يُحذّر خبراء التكنولوجيا من عمليات استغلال الشبكات الخاصة والأجهزة الالكترونية المرتبطة لسهولة اختراقها. ومع التهديدات السيبرانية المتزايدة، تستثمر الشركات في برامج الأمن السيبراني والبنية التحتية الرقمية اليوم أكثر من أي وقت مضى مع التوقعات بنمو التطبيقات الذكية واعتمادها بشكل يومي.
ما الضمانات التي يوفّرها الأمن السيبراني في العام 2023 على مستوى التقنيات والاستدامة وكيف يؤثر ذلك على قطاع الأعمال والاقتصاد والمجتمع ككل؟
تنامي الحلول ومعها الهجمات الالكترونية
تلعب الحلول الذكية دوراً بارزاً في حياة الانسان بالإضافة إلى التطبيقات على الهواتف المحمولة. ورغم التحديات التي حملها العام 2022، يؤكد الخبراء ازدهار التقنيات وتطوّرها على المدى المنظور أبرزها التوأمة الرقمية، الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء والبلوك تشين. يزداد الاعتماد على البلوك تشين في مجالات عدّة نظراً لمميّزاتها حيث ترتكز على مفهوم اللامركزية مما يضمن تواصل الأعمال وتسهيل العمليات التشغيلية مما يرفع الانتاجية ومستوى الأداء. لم يعد عمل تقنية البلوك تشين يقتصر على القطاعات المالية الرقمية والعملات المشفرة بل أصبحت تشكل جزءاً مهماً في سائر القطاعات، حيث تساعد رجال الأعمال في تتبع البيانات ومعالجتها وتحليلها وتجنّب الهجمات الالكترونية أو توقّع حدوثها. وتشير الدراسات الى أنه بحلول العام 2025 سينمو سوق هذه التقنية لتتجاوز قيمتها التجارية عتبة الـ 176 مليار دولار.
بين السلبيات والايجابيات، يثير العالم الافتراضي اهتمام الشركات الخاصة ومؤسسات القطاع العام والمنظمات الحكومية. فخلال العام 2023، يواصل العالم الافتراضي نموه بنسبة 15% سنوياً وفي بعض الأحيان قد تكون الافضلية للاستثمارات الافتراضية بدلاً من استثمارات العالم الواقعي.
لن يخلو العام الجديد من الانتهاكات السيبرانية مع ارتفاع عدد الأجهزة الذكية وظهور شبكة ضخمة من البيانات لمساعدة الشركات على تحديد توجهات منتجاتها وخططها التسويقية المناسبة لمتطلبات المستخدمين. فمن هنا، تواصل تقنية البلوك تشين وغيرها من الحلول دعمها للعالم الرقمي وتطوّره في العام 2023 مع حاجة الشركات إلى تحقيق التحول الرقمي.
الأمن السيبراني ضرورة
يتناول عمالقة التكنولوجيا أهمية الأمن التكنولوجي في العالم العربي والعالم مع التأكيد على أهم الخطوات التي يمكن اتخاذها على مستوى الأفراد والجماعات للتصدي للهجمات الالكترونية.
في هذا الإطار تشدد الحكومات على ضرورة تشريع القوانين التي تحافظ على أمن المستخدم ونشاطه على الانترنت في وقت تتطور فيه أساليب القرصنة المتغيّرة باستمرار. تشير الجهات المعنية إلى أنواع الجرائم الالكترونية الأكثر انتشاراً مؤخراً وهي: جرائم الفدية، الابتزاز وسرقة البيانات والاحتيال الرقمي ونشر الثغرات والبرامج الضارة عبر البريد الالكتروني.
كان لجائحة كورونا تأثير كبير على مسار الهجمات عالمياً ومن المتوقع أن نشهد المزيد من الانتهاكات السيبرانية، استخدام حسابات مزيّفة، استغلال التقنيات لزيادة الثغرات تعقيداً وتوسع أضرار برامج الفدية لسرقة المعلومات عن الانترنت. بحسب الخبراء، قد تتعرّض التطبيقات الذكية والأجهزة الالكترونية غير المتصلة ببرامج الحماية إلى أضرار أكبر. أما على مستوى الشركات، فسيركّز رجال الأعمال هذه السنة على توسيع شروط الأمن السيبراني ومتطلباته لتبادل المعاملات بأمان مع ظهور عالم ميتافيرس وتوسّع التكنولوجيا والتوقعات بالمزيد من التحولات السريعة خلال السنوات المقبلة.
استعداداً للهجمات المتوقعة، تُعزز الجهات المعنية ورش العمل لنشر ثقافة الأمن السيبراني الذي من المتوقع أن تتخطى ايراداته قيمة 262.3 مليار دولار بحلول العام 2027. أما الدول فستستفيد من هذا السوق وعائداته خلال هذا العام مع إلتزام الحكومات بالأعمال التي تحترم البيئة الرقمية الآمنة لتعزيز الابتكارات التقنية. تُخصص استثمارات كبيرة في الأمن السيبراني والحلول الرقمية الحديثة حالياً، لحماية الأفراد من الجرائم الالكترونية التي انتشرت عالمياً في الفترة الأخيرة.
جدير بالذكر ان خسائر الجرائم الالكتروينة وصلت في العام 2021 إلى 6 تريليون دولار، كما ارتفعت وتيرة برامج الفدية في العام 2020 بنسبة 150% إلى جانب البرامج الضارة التي طالت حسابات البريد الالكتروني والشبكات اللاسلكية والثابتة. هذا ويستهدف القراصنة الأجهزة الالكترونية، أنظمة الشبكات والاتصالات وأمن البيانات.
دور الكفاءات في حفظ الأمن الالكتروني
تشدد المجموعات على ضرورة تطوير المهارات والكفاءات في فضاء الانترنت وتعزيز مستوى المواهب لتعاطيها مع الآلات الذكية والبرامج.
أما بالنسبة للشركات، فتواكب فرق العمل فيها التطورات المتسارعة مع تحقيق التحول الرقمي في الأقسام كافة. ومن هنا تتمثل تحديات الأمن السيبراني مع تعرّض الشبكات السلكية، المتنقلة والمتحرّكة إلى هجمات متتالية تضع قطاعات عدّة وأهمها قطاع المال والاقتصاد في ظروف حرجة.
في هذا الاطار، تطلق هيئات الاتصالات رؤيتها وبرامجها الوطنية الداعمة لاستراتيجية الأمن السيبراني وتوزيع الارشادات الضرورية والفعالة.
فإلى جانب الخدمات التي تقدمها الأجهزة الالكترونية، تأخذ الجهات المعنية المخاطر بالحسبان، لذا نحن بحاجة إلى كوادر بشرية تتحمّل هذه المسؤولية.
وتؤكد الدراسات أن الشباب هم الفئة الاكثر اهتماماً بمجال التكنولوجيا والرقمنة على مدى السنوات المقبلة، لذا تحتاج الدول إلى تطوير بنيتها التحتية استجابةً للتوجهات المستقبلية على مستوى الاعمال ونمط الحياة والأنظمة العامة بالاضافة إلى وجود التقنيات اللامتناهية النابعة من الثورة الصناعية الرابعة!