من ساعات اليد إلى سماعات الرأس، كلّها صناعات جديدة تتمحور حول الأجهزة القابلة للارتداء والمخصصة لتتبع حالة الجسم والتقلّبات الصحيّة. في تحليل شامل لآفاق التكنولوجيا، تبرز صناعة الملابس الذكية المدفوعة بزيادة استثمارت الحلول الرقمية.
يزداد الاهتمام بصناعة الملابس الذكية ومعها يزداد حجم الابتكارات في مجال البحث والتطوير. يمكن للملابس الذكية ذات المستشعرات والمنسوجات من الجيل التالي أن تحوّل خزانات الملابس لدينا. لم يكن هذا التحول نتيجة لمشاريع ناشئة فحسب بل ساهمت شركات الملابس والعلامات التجارية المعروفة بتقديم تصاميم جديدة تتبع حركة الانسان ونشاطه اليومي بكل خطوة. وعلى الرغم من الدوائر الكهربائية في الملابس الذكية إلا أنها لا تزال محدودة في بعض الحالات للعمل فقط عند ملامسة بشرة الانسان. يميل البعض إلى ارتداء الساعات الذكية لتحصيل جميع أنواع البيانات الصحية والشخصية وتتبع إحصائيات ساعات النوم وممارسة التمارين، ومراقبة معدل ضربات القلب بحثًاً عن عدم انتظام ضربات القلب المحتملة. فمع ازدياد شعبية الأجهزة الذكية القابلة للارتداء بات أمام المستخدم إما اختيار ارتداء الملابس الذكية أو الاكتفاء بساعة اليد. كما تطرح شركات التكنولوجيا مجموعة من الملابس الذكية في الأسواق وجميعها يقدم حلولاً للتحديات الراهنة أبرزها التغير المناخي وارتفاع معدل الحرارة عالمياً.
إرتباط الملابس بالتطبيقات الذكية
تجمع الملابس الذكية بياناتنا من خلال اتصال المستشعرات ببشرتك وهذا منطقي لضمان التفاعل المستمر. أما للمرحلة المقبلة، فمن المتوقع أن تعالج الملابس الذكية مشاكل صحية محددة بنفسها ولفترة محددة أيضاً. ترتبط مسألة انتشار الملابس الذكية بتحديد تطبيقات ذكية مناسبة تسهّل الاتصال أولاً وتحدد المشاكل ثانياً، فكل هذه الخدمات لن تلقى حيّزاً إن لم تكن مدعومة بسلسلة من البرامج التتبعية. تنقسم الملابس الذكية بين تلك المصنوعة من القطن أو النايلون المخصصة لتحمّل الاشارات والمستشعرات. أما النوع الثاني فهو الملابس التي تستجيب للمنبهات عن طريق التوصيل الكهربائي والحرارة لارسال تلك الاشارات إلى المستخدم. تتفاعل هذه الملابس مع شروط المناخ والطقس المتقلّب، فقد بدأت عشرات المصانع تطوير تقنياتها لسدّ هذه الفجوة. ومع ذلك، لا يزال الباحثون يستكشفون إمكانية الملابس التفاعلية، ويتخيلون المشاكل التي لا يمكن أن تحلها أجهزة المعصم القابلة للارتداء. وتسرد بعض التقارير الميزات المحتملة التي قد تحتويها الملابس الذكية والمنسوجات التي يمكن أن تجعلها حقيقية. وهي تشمل التمزقات الصغيرة ذاتية الإصلاح، وتنظيم الحرارة وتدفق الهواء، ومراقبة الجروح وعلاجها، وحتى الروبوتات اللينة لمساعدة مرتديها في التحرك. كما يوضح الخبراء التحديات المتمثلة بارتداء الملابس الذكية وخلفيات هذا الابتكار مع كيفية ايجاد طرق جديدة لاستخدامها على المدى الطويل.
تدخل شركات التكنولوجيا بخطوة جديدة لتحسين مفهوم تقني مرتبط بالملابس الذكية والاشارات التي ترسلها والشراكات التي يجب ان تُقام بين خبراء الالكترونيات لتعزيز دور المستشعرات. فمع طرح أدوات حديثة، يسهم ذلك بترقية نوع الملابس الذكية وخدماتها. لكن يخشى الخبراء من أن تتكاثر الاستشعارات في الملابس الذكية لتتلاءم مع كافة أنواع الأجسام فتصبح شبيهة بجهاز لوحي يحول الانسان إلى رجل آلي.
توازياً، يتزايد الطلب على أجهزة متابعة اللياقة البدنية والرياضة اللاسلكية مما يرفع مستوى سوق الملابس الذكية؛ وترجّح الدراسات أن يصل معدل النمو لهذا السوق إلى نسبة 15.05%، فيما تشير المعلومات إلى حجم السوق الذي قد يبلغ 24.5 مليار دولار بحلول العام 2023.
تقنية النانو وميزات التكنولوجيا تحارب الحرارة وتُطيح بالأدوات التقليدية
وداعاً للأدوات التقليدية؛ تُظهر الملابس الذكية آفاق التكنولوجيا الحديثة في وقت يكتشف فيه العالم الملابس التي لا تتّسخ ولا تعلق بها الروائح أو السوائل، فهي مؤهلة لتنظيف نفسها ذاتياً. ترتكز هذه الطبقة العازلة على الملابس على تقنية النانو التي باتت مُدمجة بمختلف المجالات منها الرعاية الصحية والهندسة والصناعة. تتحّكم هذه التقنية بالجزيئات الظاهرة وهي قادرة على معالجة كافة أنواع الأقمشة لتجنّب إلتصاق السوائل عليها مع تشكيل طبقة بين السائل والقماش. تقول الشركات المصنّعة للألبسة إن الهدف اليوم يكمن في تحسين جودة الملابس الذكية وتكثيف المبادرات في هذا المجال للحصول على ملابس خارقة للبكتيريا تحاكي الحلول الرقمية والتكنولوجية. تسير التكنولوجيا في كل الاتجاهات لتطال كافة القطاعات، وبينما تزدهر الملابس ذاتية التنظيف، تواجه شركات خاصة بصناعة أجهزة الغسيل مشكلة في كيفية التطور لكسب استحسان المستخدم على الرغم من البدائل التي باتت متوفرة.
تغلّباً على التغيّر المناخي وارتفاع حرارة الأرض، نجحت الشركات الناشئة في تطوير أنسجة ذكية للملابس "التكيفية" للاحتفاظ بحرارة الجسم وتحويل الملابس التقليدية إلى ملابس تدفئة أو تبريد. فهل سنلجأ للملابس المكيّفة بعد اليوم؟ بدأت الشركات بوضع مكيفات ومراوح ذكية في الملابس على أنواعها، وهي متوفرة على مختلف المواقع الالكترونية. كما تنصح الحكومات كل العمال الذين يتعرضون لأشعة الشمس الحارة بارتدائها للوقاية من الحرارة المرتفعة خلال النهار، مما يحسن إنتاجيتهم ويعزز جودة العمل. يُسجّل سوق الملابس المبرّدة عالمياً 120 مليون دولار على أن تُصمم أِشكال مختلفة للسنوات المقبلة.
تعزز الملابس الذكية التواصل مع الأجهزة الذكية وذلك من خلال موجات لاسلكية وتقنية البلوتوث وشبكة الواي فاي. كما ان المستشعرات المتواجدة على سطح الملابس الذكبة تتيح نقل البيانات بسرعة كبيرة لتختلف تماماُ عن الاجهزة التقليدية. لا تؤثر المستشعرات على جسم الانسان فهي تتجه نحو الجهة الخارجية. وبما ان الملابس الذكية ستكون دائمة العمل والاتصال، عمل فريق من الباحثين على تطوير ملابس مصنوعة من شرائط خارجية لتقديم طاقة أكبر وبمستويات أعلى. أما عن المخاطر فهي محدودة مقارنةً بالترددات الصادرة عن الهاتف المحمول بالقرب من رأس الانسان.
تُمثل الملابس الذكية آفاق التكنولوجيا الحديثة واتجاهاتها المستقبلية. فبعد انتشار الوباء كان من الطبيعي ازدهار هذا السوق مع تطور الأعمال وتحول نمط العيش مدفوعاً بشكل أساسي بالتقنيات الرقمية والبرمجيات.
ترسم التكنولوجيا مساراً جديداً للعمال والموظفين في كافة القطاعات والمجالات، فارتداء الملابس الذكية بات محتماً للاتصال بالاجهزة بشكل متواصل. ومن المتوقع أن تكون الملابس الجديدة في متناول اليد لملء خزانة الملابس خلال السنوات القليلة القادمة. لكن حالياً، ما زال المطورون في صدد الأبحاث لدراسة أفضل استخدامات الملابس الذكية بعيداً عن أي تهديد للصحة أو للجسم.