تُقدر الخسائر السنوية الناتجة عن الجرائم الالكترونية بتريليونات الدولارات على المستوى المحلي والعالمي لتصبح الهجمات السيبرانية ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد اقتصاد الصين والولايات المتحدة. على المستوى التقني، تُعزز الشركات خططها للتصدي للهجمات الرقمية من خلال فرض قوانين الخصوصية وبصورة خاصة ضمن المواقع الالكترونية الأكثر رواجاً واستخداماً.
مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتنوّع التطبيقات والبرامج الذكية للاتصال والتواصل، ومع تبني شبكات الجيل الخامس وتقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء أصبحت استراتيجية الأمن السيبراني ضرورة. في هذا الوقت، يؤكد الخبراء أهمية احترام قوانين الخصوصية ومعاقبة الشركات التكنولوجية المخالفة لها وعدم تبرير استخدام البيانات من قبلها باعتبار هذا الأمر انتهاكاً للأمن السيبراني.
خلال العام 2021، شهد العالم موجة واسعة من الجرائم الالكترونية على شبكة الانترنت مما أدى إلى خسائر مالية كبيرة تحمّلتها شركات التكنولوجيا. فبحسب الدراسات من المتوقّع زيادة تكاليف الجرائم الالكترونية العالمية خلال السنوات الخمس المقبلة بنسبة 15% سنوياً لتبلغ 10.5 تريليونات دولار بحلول العام 2025. تُجسّد هذه النتائج التحولات التي يمرّ بها العالم الرقمي في ظلّ الثورة الصناعية الرابعة والتهديدات التي تأتي بها. وتتنوع الجرائم الالكترونية بين سرقة البيانات أو بيعها لجهات خارجية، تعطيل الأعمال الالكترونية وقرصنتها، تدمير الاستثمارات وتكثيف عمليات الاحتيال المالي عبر منصات الدفع أونلاين. في السياق، تتعرّض منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لعمليات احتيالية من كل الأنواع، حيث تعتبر الشركات الخليجية والاسواق العربية والأفريقية مصدر ربح للجهات المقرصنة.
مقابل ذلك، تحتم سياسة الخصوصية على المستخدم والشركات على حدّ سواء الالتزام بقوانين وارشادات معيّنة لسلامة الموقع، إلا أن شركات التكنولوجيا قد تعاني من خسائر مالية كبيرة لعدم وصولها إلى بيانات المستخدم.
استراتيجيات الأمن الرقمي والمواقع الالكترونية غير آمنة
في ظلّ القيود التي فرضتها الحكومات نتيجة انتشار الوباء، شهد العالم زيادة ملحوظة بنسبة الجرائم الالكترونية على شبكة الانترنت عالمياً. بين الاعوام 2015 و2021 تُظهر الأرقام فرقاً شاسعاً بحجم الخسائر الالكترونية العالمية؛ ففي العام 2015 قُدرت خسائر الجرائم الالكترونية بـ 1.1 مليار دولار لترتفع في العام 2019 إلى 3.5 مليارات دولار حتى وصلت إلى العام 2021 لغاية 6.9 مليارات دولار.
من المتوقع أن يبرز دور الأمن السيبراني في الشرق الأوسط ليصل حجم سوقه إلى 3 مليارات دولار في مؤسسات القطاعين العام والخاص. في السياق، تشير التقارير إلى أن الإمارات والمملكة العربية السعودية تملكان الأسواق الأكبر للأمن السيبراني في وقت تضمن فيه خطط الأمن السيبراني استمرارية أعمال الشركات باعتبارها العنصر الأساس الذي من خلاله تحقق الحكومات ومؤسساتها طموحاتها المستقبلية وترسم مسارها لتحقيق النمو على المدى البعيد.
تهتم هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية في الإمارات باتخاذ التدابيرالمطلوبة لتحقيق الأمن الالكتروني إنطلاقاً من عملية تبادل البيانات، إلى استخدام بنية تحتية رقمية قوية، بالاضافة إلى تعزيز منصات التواصل الآمنة عبر شبكة تضمن أعلى مستويات الأمن السيبراني. هذا وتبحث الشركات الاماراتية بالسبل المتاحة لرفع الانتاجية، تسريع الخدمة وتقديم أفضل تجربة للعميل مع الأخذ بالاعتبار كل التدابير للابتعاد عن الثغرات الأمنية والتحديات الالكترونية. لذلك، تحدد شركات القطاعين العام والخاص فريقاً متخصصاً لصيانة المواقع الالكترونية المستخدمة على محرّكات البحث الخاصة بها إلى جانب مراقبة شبكة الانترنت على مدار الوقت مما يقلل خطر الاختراق والقرصنة ويضمن حماية كل من العميل والشركة.
في ظلّ توسّع التقنيات الرقمية، أصبحت حماية الفضاء السيبراني من أولويات المملكة العربية السعودية. لذلك تم إنشاء الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني لتمكّن نمو الشركات وازدهارها إلى جانب توفير شبكة موثوقة. تساهم هذه الاستراتيجية في تطبيق رؤية المملكة 2030 التي تحتفظ بمكانة المملكة الاجتماعية، الرقمية، التنموية والاقتصادية. إلى جانب ذلك، تعزز الجهات المعنية جهودها دائماً لرفع مستوى الأمن السيبراني من خلال تحقيق التكامل عبر حوكمة الأمن السيبراني على المستوى الوطني، فرض الإدارة والتنظيم الالكتروني بالاضافة إلى التوكيد الذي من شأنه حماية الفضاء السيبراني، الدفاع الذي يعزز القدرات والمهارات الوطنية التي تحمي المواقع الالكترونية من التهديدات السيبرانية. هذا وتعزز المملكة السعودية التعاون بين مؤسساتها على مستوى الأمن السيبراني المحلي والدولي.
تسعى استراتيجية المملكة للتوصّل إلى ثلاث نتائج أساسية أولاً تعزيز ثقة المواطنين والمستثمرين بالفضاء الرقمي، ثانياً تقليل المخاطر السيبرانية والحدّ من تداعياتها وأخيراً تمكين النمو من خلال دعم الاستثمارات والنمو الاقتصادي الرقمي في المملكة بالتعاون مع القدرات البشرية المؤهلة لتفادي الخسائر المالية والحوادث الالكترونية. هذا وتشدد الحكومة السعودية إلى جانب القطاع الخاص على تحفيز الاستثمارات ودعم التخصصات في مجال الأمن السيبراني نظراً لحاجة المجتمع لهذا النوع من المقومات البشرية. يعتبر الأمن السيبراني المحور الأساس لعمل كل شركة في المنطقة وعالمياً نظراً لزيادة استخدام التكنولوجيا والتقنيات الذكية.
سياسة الخصوصية تتحكّم ببياناتك؟!
تفرض المواقع الالكترونية اعتماد سياسة خاصة لخصوصية البيانات ويعود ذلك لأهداف قانونية تحفظ حقوق المستخدم وأمنه إلى جانب حقوق الشركة. قبل دخولك إلى أي موقع إلكتروني، أنت توافق على عدد من الشروط والأحكام وعلى سياسة الخصوصية لحماية بياناتك. وفي حال لم توافق على هذه الأخيرة، عليك التنبّه من المواقع غير الخاضعة لهذه السياسات والتي يمكن أن تعرّضك للاختراق. كما لا يجب استخدام هذا الموقع بشكل يسبب خرقاً لمعلومات أو بيانات الآخرين.
تستفيد شركات التكنولوجيا من المعلومات والبيانات التي نشاركها بشكل مباشر على المواقع الالكترونية لجمع معلومات عن المستخدمين ومعرّف نمط تصفّحهم للصفحة بهدف تحسين التجربة وفهم سلوك العملاء حول العالم. أما قبول ملفات الكوكيز أو ملفات تعريف الارتباط فبذلك يتم جمع معلوماتك تلقائياً من خلال ملفات نصية تحفظ معلوماتك المستخدمة على الموقع الالكتروني وتستهدف هذه العملية الحملات التسويقية والاعلانات الرقمية لتكون أكثر فعالية وتطال شريحة أكبر من الأفراد وتستجيب لمتطلباهم.
قد تتبدّل شروط وسياسة الخصوصية بصورة دائمة على المواقع الالكترونية لذلك يجب على المستخدم تفقد الموقع من حين لآخر والتعرّف إلى التعديلات في حال تواجدت. أما إذا تم رفض الشروط الجديدة فلا يجب تصفّح الموقع الالكتروني أو استخدامه لتجنّب تحمّل مخاطر السياسة الجديدة وعدم خسارة المعلومات المتشاركة على الموقع.
يبدو أن شركات التكنولوجيا من أبرز المتنافسين في الأسواق المالية هي التي عاشت تقلبات كبيرة على أثر الوباء وتعديل سياسة الاستخدام. فبينما كان بعض عمالقة التكنولوجيا يتمتع بأرباح هائلة، قُدّرت خسارة البعض الآخر بالملايين خلال الربع الأول من العام 2022. وبحسب الدراسات، حققت أمازون حركة مالية كبيرة بلغت قيمتها 23 مليار دولار بينما تراجعت القيمة السوقية لفيسبوك المملوك من شركة ميتا لتقدّر بنحو 175 مليار دولار. مقابل ذلك، ارتفعت القيمة السوقية لشركتي غوغل ومايكروسوفت.
تواجه المنطقة تهديدات خطرة ومتنوعّة على شبكة الانترنت، على ضوء ذلك بدأت 80% من دول الشرق الأوسط تنفيذ تشريعات جديدة تكافح من خلالها الجرائم الالكترونية المحتملة. وفي هذا الإطار، تُعد كل من المملكة العربية السعودية، مصر والإمارات وقطر في طليعة الدول التي تستخدم قوانين مكافحة الجرائم المعلوماتية مع تحسين الكثير منها بما يتماشى مع الرؤية المسقبلية ومسيرة التحول الرقمي.
ومع ذلك، لا يكفي حماية شبكة الانترنت فقط بل يجب تحديد استراتيجية تتوافق مع المعايير الدولية للحماية الالكترونية مع مراقبة أكبر عدد ممكن من المواقع والمنصات الذكية. إلى جانب ذلك، تسعى الحكومات إلى تفعيل دور الهيئات المعنية في مكافحة الجرائم الرقمية وفرض الأمن السيبراني استجابةً إلى متطلبات العملاء.