عادت معركة البيانات بين الحكومات وشركات التكنولوجيا إلى الواجهة مرة أخرى مع تفاقم الأزمة الروسية – الأوكرانية. ضمن سلسلة الاجراءات التصعيدية، تم حظر استخدام العديد من منصات التواصل الاجتماعي أهمها فيسبوك، إنستغرام وواتساب في روسيا. تُشكّل اليوم منصات التواصل الاجتماعي وسيلة ضغط بين الدول، فانقطاع شبكتها يعني انقطاع الدولة عن العالم.
في ظلّ الحرب الروسية – الأوكرانية، كشفت شركة فيسبوك عن حذفها لمحتوى من وسائل الإعلام الروسية التابعة للدولة حيث يواصل التحقق من صحة الادعاءات التي قدمتها تلك المنظمات. مقابل ذلك، حظرت روسيا تطبيق فيسبوك في البلاد فيما استمرت كل من ميتا وانستغرام وواتساب على قيد العمل. على الخط نفسه، أعلنت الهيئة الروسية للرقابة على الاتصالات في وقت سابق من هذا الشهر عن قرار النيابة العامة الروسية باعتبار موقع فيسبوك منصة تنتهك حرية التعبير في روسيا خصوصاً بعد تقييد حسابات أربع وسائل إعلام روسية.
رداً على ذلك، تم تنشيط شبكة VK الروسية للتواصل الاجتماعي ليتم اعتمادها من قبل المستخدمين الروس بدلاً من التطبيقات الممنوعة في البلاد. وفقاً للقائمين على الشبكة، شهدت VK زيادة ملحوظة بعدد المستخدمين اليوميين الذي وصل عددهم إلى 200 ألف شخص. يزور شبكة VK نحو 47% إلى 53% من مستخدمي الانترنت الروس.
من ناحية أخرى، لجأ المستخدمون الروس VPN (الشبكات الافتراضية الخاصة) لتجنّب الحظر القائم. على ضوء ذلك، أبلغ مزودو VPN عن زيادة كبيرة في التنزيلات، مع اضطرار أصحاب الأعمال الروس الذين يعتمدون على إعلانات فيسبوك الوصول بهذه الطريقة إلى المزيد من العملاء.
في وقت تواجه في روسيا الحصار الاقتصادي والتجاري، تُنفّذ شركات التكنولوجيا عقوباتها في الداخل الروسي من خلال قطع العلاقات التجارية الالكترونية مع روسيا، حظر دخول منتجات آبل، غوغل، إلى جانب قطع العديد من الخدمات منها الدفع اللاتلامسي عبر جميع الأجهزة الالكترونية.
على هذا النحو، تعتمد الشركات الروسية على شبكات التواصل الاجتماعي غير الرسمية للتواصل مع العملاء في الدولة وخارجها من جهة وباعتبار أن شركات التكنولوجيا تمتلك هذه المنصات فبالتالي ستفرض قيودها للتعبير عبرها. في الحقيقة تعتمد كل حكومة على شروط معيّنة لحرية الرأي والتعبير على الانترنت نتيجة لذلك، تحاول شركات التكنولوجيا السيطرة على المحتوى المنشور وتحديد المعلومات التي تحترم السلامة والأمن الرقمي.
إن معركة شركات التكنولوجيا والمنصات الرقمية ليست بجديد، فقد شهدت الولايات المتحدة حملة ممثالة في السنوات الأخيرة ليُطلق الرئيس السابق دونالد ترامب شركته الخاصة لوسائل التواصل الاجتماعي في ما بعد.
بسبب هذا التوتّر، أعلن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا عن تفكيره بإنشاء منصة تواصل اجتماعي جديدة بعد فشل تطبيق تويتر باحترام حرية التعبير على حد قوله. وأعلن ماسك في تغريدة له: "بالنظر إلى أن تويتر بحكم الأمر الواقع يمثل ساحةً عامة، فإن الفشل في الالتزام بمبادئ حرية التعبير يقوض الديمقراطية بشكل أساسي".
مع انتقال العالم إلى عصر ميتافيرس، أصبح وجودنا ومحتوى صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي من أولويات العمل الرقمي خصوصاً وأن النشاط على الانترنت يزداد أكثر من أي وقت مضى.