غيّرت الروبوتات مسار الأعمال ونقلت عالم التكنولوجيا إلى مستوى آخر من الحداثة. مع بداية العام 2020 وتفشي الوباء أصبح تأمين الاتصال ضرورة في ظلّ التباعد الاجتماعي فتحوّل الروبوت إلى آلة ذكية تشارك في المهام وتسهّلها إنطلاقاً من أعمال الشركات، المصانع، المدارس، المراكز الخاصة أو العامة.
يطرح رواد التقنية قاعدة لمستقبل الأعمال على المدى القريب تعتمد على الحلول الرقمية أهمها الذكاء الاصطناعي الذي غيّر أبعاد الحياة اليومية سامحاً بمواجهة التحديات وتعلّم كيفية التأقلم مع الظروف المستجدة. شكّل تفشي الوباء نقطة تحوّل في استراتيجية الشركات والحكومات التي زادت رغبتها في التعامل مع الآلات الذكية منها الروبوتات، السيارات ذاتية القيادة، المنازل الذكية والأجهزة الالكترونية. وفي محاولة منها لمتابعة سير الأعمال بشكل طبيعي، اعتمدت المؤسسات الحكومية على الروبوت لمزيد من الأمان والسرعة في تنفيذ الخدمات. لم يعد عمل الروبوت محصوراً في الصناعة فقط بل بات بإمكانه أن يحلّ مكان اليد العاملة في كل الظروف وهذا ما يتخوّف منه البعض؛ فكيف تطوّرت ثورة الروبوتات وما الاتجاه الذي ستسلكه للسنوات القادمة؟
مستقبل الوظائف في الشركات: 85 مليون وظيفة مهدّدة خلال السنوات الخمس المقبلة
تتزايد المخاوف بشأن الوظائف في الشركات الكبيرة والمتوسطة وعملية إلغائها مع دخول التكنولوجيا والتقنيات الرقمية بشكل متزايد. بحسب الدراسات الأخيرة من المتوقع أن تلغي الروبوتات 85 مليون وظيفة من مختلف القطاعات خلال السنوات الخمس المقبلة خصوصاً بعد الجائحة التي سرّعت في الانتقال من اليد العاملة إلى الآلات الذكية. على هذا الخط، يعتبر الخبراء أنه مع تطوّر الأبحاث في مجال التكنولوجيا سيتمكّن الانسان من اختراع رجل آلي شبيه بالانسان قلباً وقالباً فيصبح من الضروري اكتساب مهارات جديدة تستجيب إلى هذا التغيير الكبير.
وفي الحديث عن تغلّب الروبوت على مختلف الوظائف، افتتحت الصين في 7 مارس الماضي مستشفى في مدينة ووهان يعتمد على 6 أنواع مختلفة من الروبوتات "الأطباء" الذين بإمكانهم متابعة المريض، مراقبة حرارته، تقديم وجبات الطعام والقيام بجولات متكررة على كافة أقسام المستشفى. تأتي هذه الروبوتات لتخفيف الضغط عن الطاقم الطبي والحد من نقل العدوى في صفوف العاملين.
ونظراً لتغيّر الظروف، أصبح من الضروري توفير المهارات والكفاءات للحفاظ على الوظيفة ومتابعة سوق العمل المتطوّر. لذلك، يتطلّب من الموظفين تطوير معرفتهم الذاتية خصوصاً للعاملين في شركة داعمة للتقنيات الرقمية وتشجيع دخول الروبوت إلى العمل. ووفقاً لاستطلاع تم على نحو300 شركة عالمية، 4 من 5 مدراء يتجهون نحو رقمنة أعمالهم من خلال دمج التكنولوجيا بشركاتهم وتطبيق برامج جديدة.
الانتقال إلى الآلات الذكية وسوق الروبوتات يسجّل زيادة ملحوظة
بدءًا من التواجد في المعامل الصناعية، إلى المطارات فالمطاعم والأماكن العامة أو حتى المستشفيات والمختبرات الطبية، يتولى الروبوت اليوم المهام الصعبة التي قد يتعذّر على الانسان القيام بها. تعتبر الشركات أن الروبوت سهّل العمل إلى حد كبير فلم يعد من الضرورة التواجد 24 ساعة في مكان العمل في وقت يمكن التحكم بالروبوت عن بُعد. وفقاً للدراسات، سيرتفع حجم سوق الروبوتات مع الوقت ليصل إلى 73 مليار دولار بحلول العام 2025.
وفي وقت تتطوّر فيه الآلات الذكية بفضل الذكاء الاصطناعي وغيرها من البرامج، يُكثّف فيه رواد الأعمال وأصحاب الشركات استخدامهم الأجهزة المتطوّرة التي تغنيهم عن اليد العاملة البشرية وتسمح لهم بالاكتفاء بالأتمة – الذي سيرتفع معدّله إلى 52% بحلول العام 2025 - كذلك المنظمات والحكومات لجأت إلى الروبوتات مؤخراً لفرض سيطرتها على نطاق أوسع في المدن. في سينغافورة، تراقب الروبوتات "كزافيي" السكان وترصد سلوكهم الاجتماعي، وهي مجهزة بسبع كاميرات لتراقب كل ما يحيط بها. وبحسب مدير مشروع روبوتات المراقبة هذه، تحافظ هذه الآلات على الأمن الاجتماعي وتحد من المشاكل الأمنية لتجبر المواطنين على احترام القوانين السلوكية.
بدورها، أعلنت شركة أمازون أن رؤيتها المستقبلية سترتكز بالأساس على الروبوتات لضمان الأمن المنزلي الافتراضي من خلال الطائرات المسيّرة والكاميرات الخارجية والروبوتات التي تقوم بدوريات مكثّفة.
بعدما عانت الصناعة والزراعة وغيرها من القطاعات، كالسياحة، السفر، البنوك، النقل والمواصلات، من نقص في اليد العاملة في ظلّ أزمة كورونا، تحول العديد من الشركات إلى الروبوتات للقيام بالأعمال وعلى ضوء ذلك، تسعى الشركات حول العالم للانتقال التام إلى الرقمنة والأجهزة الذكية لتحسين أداء العمل.
نمو المهارات والابتكارات استجابةً للتحولات السريعة
شهد العام 2021 تحسناً كبيراً في تجارب المستخدمين وتقدماً مبهراً في الخدمات الحكومية والخاصة التي خففت من حدّة الأزمة وطرحت الرؤية المستقبلية للسنوات القادمة. أما دور الروبوتات وغيرها من الأجهزة الذكية فبرز مع تحوّل تجربة العملاء إلى أولوية قصوى تسعى الشركات التكنولوجية الى الارتقاء بها. على ضوء ذلك، يشدد العملاء على اندماج الذكاء الاصطناعي والمهارات المعلوماتية بالخدمات العامة التي ستقود الإنسان إلى قدرات خارقة تتخطى الحدود البشرية. أمام هذا التحدي تكون القدرات البشرية أمام سباق مع التكنولوجيا وخدماتها ليبقى الانسان هو من يتحكم بكافة الأجهزة الذكية.
بالتزامن مع ذلك، تزيد الاستثمارات في تطوير المهارات التقنية تجاوباً مع ارتفاع الطلب على الخدمات الرقمية محلياً وعالمياً مما يتيح فرصاً جديدة أمام اليد العاملة الشابة والمهارات المستقبلية التي ستحتاج إليها القطاعات.
يعتقد الخبراء أن الروبوتات تتميّز بقوتها على التركيز والتحكّم بذاكرتها فيصبح من الصعب على الانسان السيطرة كلياً عليها. وفي الوقت الذي يكون فيه من الضروري للبشرية أن تتبنى التكنولوجيا بكل أشكالها، تعمل العديد من الشركات الروبوتية على صناعة مجموعة متنوعة من الآلات المبتكرة بما في ذلك المركبات ذاتية القيادة والروبوتات المتنقلة وروبوتات الألعاب وروبوتات تغذية البرامج بطريقة سهلة الاستخدام.
يقود الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتطورة العالم إلى هيكلية جديدة أبعد من المتوقع فهي تتجاوز بقدراتها كل الآلات التقليدية من صنع الانسان. وعلى ضوء المخاطر التي تتمثل في هذا الإطار، سيُطلب من الانسان التحكّم بما يتقدّم أمامه وخلق التوازن بين الآلات الذكية والتقنيات الرقمية ومجال العمل التقليدي.