في وقت تستمر فيه معركة الدول ضدّ متحورات كورونا المتجددة، يدق الأطباء ناقوس الخطر محذّرين من موجات عدوى أسرع قد تُجبر الحكومات التشدّد أكثر لاتخاذ المزيد من الاجراءات الوقائية أو معاودة فرض الاقفال التام والحجر المنزلي. فبعد أكثر من عامين على الأزمة الصحية، لا يزال خطر كورونا حول العالم ليعيدنا إلى استخدام التطبيقات الذكية واعتماد الاجتماعات الافتراضية أكثر من أي وقت مضى.
كان لجميع القطاعات تجربة خاصة مع تطبيقات الفيديو مما خلق بيئة جديدة للاتصال. أما اليوم وبينما تتطلع الشركات والحكومات إلى ما بعد كوفيد-19، ترى أغلبيتها أنها ستستمر باعتماد هذه الطريقة للتواصل لما توفّره من المال، والوقت، والجهد للتأقلم مع الواقع الجديد. فبحسب أحد استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخراً 74% من المشاركين وجدوا أنه يجب اعتماد الاجتماعات الافتراضية حتى بعد انتهاء الجائحة، بينما 26% فقط يفضلون الاجتماعات الحضورية. ويرى 49% أن الاجتماعات الافتراضية متوفّرة للجميع فيكفي الاتصال بالانترنت لحضور أي مؤتمر من كافة أنحاء العالم.
كسائر قطاعات التعليم والتسويق والمصارف، استفاد القطاع الصحي من تطبيقات الفيديو مع مشاركة الاستشارات الطبية والبيانات الخاصة على منصة واحدة بين المريض والطبيب فيتابع تطوّر العلاج إلكترونياً أي عن بُعد. أما التحدي الأكبر يكمن بقدرة العيادات والمستشفيات على توفير هذه الخدمات باستمرار حتى خلال مرحلة ما بعد كوفيد-19 لتكون بالفعالية نفسها.
توفّر التقنيات الرقمية استراتيجيات أفضل لمشاركة البيانات والمعلومات والتواصل السريع، فخلال فترة الحجر، سارعت العديد من المؤسسات إلى نقل الداتا لشبكة الإنترنت استعداداً للمرحلة المقبلة. يسعى منظمو حلقات الحوار الافتراضية إلى جمع أصحاب الاختصاص ورواد أي قطاع ضمن جلسة واحدة يتشاركون من خلالها الآراء ووجهات النظر أمام ملايين من المشاهدين الافتراضيين وكسر التباعد الاجتماعي عبر الانترنت. كانت تيليكوم ريفيو المنصة الأمثل لتنظيم حلقات حوار على مدار السنة، تناولت فيها مختلف المواضيع وفتحت المجال أمام مشاهدين للمشاركة عبر طرح الاسئلة والاجابة عن أسئلة استطلاع الرأي في نهاية الحوار. كما واجهت تيليكوم ريفيو قيود التباعد الاجتماعي مستغلّة خدمات تطبيقات الفيديو مع تنظيم الحدث الهجين، قمة تيليكوم ريفيو لقادة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بنسختها الخامسة عشر جامعةً الحضور من مختلف أنحاء العالم عبر البث المباشر من دبي.
الاتصال الافتراضي بين العوائق والتحديات
قد تكون جدولة أعمال الاجتماعات الافتراضية صعبة بالنسبة لبعض الشركات خصوصاً غير الملمّة بالتطورات التقنية والتكنولوجيا الحديثة. أما الصعوبة الأكبر فهي في التعامل مع مجموعة أكبر من المتحدثين وكيفية إدارة الحوار افتراضياً. بالنسبة للبعض، يهدر المشاهد الكثير من الوقت أمام شاشة الكمبيوتر أو الهاتف المحمول ما له تداعياته الصحية والجسدية.
وحول طريقة التواصل، قد يفضّل البعض التواصل المباشر والحضوري باعتباره أسهل ويؤمّن المزيد من التفاعل الآني. من المشاكل التي تعيق التواصل الافتراضي هي عدم الاتصال بشبكة الانترنت، أو بطء الخدمة. إضافة إلى ذلك، تكلفة عقد الاجتماعات الافتاضية، وكذلك ضرورة وجود التجهيزات التقنية والفنية وعدم توفرها في أغلب الأحيان. تشتت الأفكار أو عدم التركيز أثناء انعقاد حلقة النقاش أو عدم رغبة المتحدّث بالمشاركة لنهاية الحوار.
خلقت الاجتماعات الافتراضية توازناً بين الحياة العملية والحياة اليومية مع ربط أصحاب الشركات والحكومات والأفراد ببعضهم عبر شبكة واحدة ومنصة واحدة. فمرحلة ما بعد كورونا لن تكون سوى لاستمرار هذ النوع من الاجتماعات تنقل العالم من روتين الاجتماع الحضوري إلى تطوّرات الاجتماعات الرقمية المستحدثة.