طُوّرت تقنية الجيل الخامس لتحسين خدمات الاتصالات والشبكات اللاسلكية، ولزيادة سرعة الانترنت وتقليل زمن الإستجابة. وبعدما كانت تقنية الجيل الرابع وسابقاتها ترتكز على إمكانية الاتصال، تأتي شبكات الجيل الخامس الافتراضية المدعومة بالبرمجيات لتوفّر تجربة إتصال من السحابة الالكترونية إلى العملاء.
بعد البحث والدراسات يتبيّن الفرق الشاسع بين شبكة الجيل الرابع التي تبلغ سرعتها 1 جيغابت في الثانية فقط، وسرعة الجيل الخامس التي تبلغ 20 جيغابت في الثانية. إلى جانب هذه الميزة، يؤكّد مقدمو الخدمات الخليوية أن السيناريوات التي تتطلّب إعتماد الجيل الخامس ستتعدد مع السنوات القليلة المقبلة. في غضون ذلك، من المقرّر أن يتم إطلاق شبكة الجيل الخامس المستقلة بين الأشهر 12 إلى 18 القادمة، لتمكين مزودي الخدمة من البدء في رؤية عائد على استثمارات البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس واستثمارات الطيف أي ما سيعيد هيكلة قطاع الاتصالات من جديد.
تمكين الإبتكار والتطوّر في المجتمع عبر الشبكة اللاسلكية
لا تنحصر إيجابيات الجيل الخامس في تحسين الخدمات الخليوية والتقنية فحسب، بل إنها تنطوي على تأمين ركائز المجتمع الحديث وأساسيات الواقع الجديد. في هذا السياق، أشار الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة لشركة Verizon، هانز فيستبرغ خلال معرض الإلكترونيات الإستهلاكية 2021 إلى أهم النماذج التي تُمثّل كيفية الإستفادة من خدمات الجيل الخامس الفريدة وتطوير قطاع الاتصالات.
كما لا بدّ من الاشارة إلى أهمية الجيل الجديد في عملية بناء المدن الذكية والبنية التحتية الرقمية، بالاضافة إلى قدرة الشبكة على دعم الإندماج الرقمي لتعزيز التعلّم والعمل عن بُعد.
أما للمستخدمين فستتيح لهم شبكة الجيل الخامس إمكانية التنقل بين شبكات الواي- فاي والخليوية والبقاء على إتصال بالانترنت عند إنتقالهم من مكان إلى آخر. كذلك يمكن الاستفادة من الجيل الخامس واستخدام شبكة اللاسلكي واي- فاي 6 التي من شأنها أن تحسّن الأداء وأن توصل التغطية إلى الأماكن النائية والمواقع البعيدة عن المدينة التي تعاني نقصاً في الخدمات.
5G أبعد من مجرّد خدمات سريعة... بل عبور نحو اقتصاد مزدهر
قد يختصر الكثيرون دور الـ5G بسرعة الاتصال والوصول إلى الخدمات السحابية إلا أنها تُعتبر هذه واحدة من بين مجموعة الميزات التي توفّرها الشبكة. بحسب الخبراء، سيوفّر الجيل الخامس إتصالا فائق السرعة مما سيزيد الاعتماد على الخدمات السحابية والأجهزة الإلكترونية التي يمكن أن يتم تبادل البيانات من خلالها.
وبينما تتجه أغلبية شركات التكنولوجيا إلى صناعة السيارات الكهربائية، تُوظّف قدرات الجيل الخامس لتطوير قطاع ووسائل النقل البرية والجويّة منها المركبات والسيارات ذاتية القيادة من خلال تعزيز البرامج الذكية فيها والاستجابة إلى السائق في الوقت الآني. كذلك القطارات والطائرات بدون طيار التي تحتاج إلى شبكات فائقة السرعة.
وسيساهم إنتشار شبكات الجيل الخامس في ازدهار مجال إنترنت الأشياء بعد أن يتم العمل على تطوير إلكترونيات جديدة وأجهزة ذكية قابلة للإرتداء إلى جانب الملابس الذكية المتصلة بالانترنت. بحسب آخر الدراسات من المتوقع أن تضيف شبكات الجيل الخامس نحو 13 تريليون دولار على الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول منتصف العقد المقبل على أن تسهم بازدهار قطاعات عدّة منها الصناعة مثلاً بنسبة 4% أي ما يقارب 740 مليار دولار بحلول عام 2030.
إلى جانب ذلك، تُعدّ التقنية الجديدة صديقة للبيئة حيث بإمكانها أن تحدّ من إنبعاثات الكربون عالمياً من خلال تخفيف الآلات المستخدمة. في غضون ذلك، يشير البروفيسور دريك اكسن، أستاذ الاقتصاد الرقمي في جامعة شيفيلد، أنه ما بين عامي 2019 و 2025 سيزيد عدد اتصالات إنترنت الأشياء عالمياً إلى نحو 25 مليار دولار على أن تصل الايرادات في هذا المجال إلى 1.1 تريليون دولار. وأضاف أن الاتصالات تُعتبر من ركائز الاقتصاد مع تواصل الاستثمارات في الجيل الخامس. على الخط نفسه من المتوقع أن يتم تخصيص 80% من إنفاق شركات الاتصالات على شبكات الجيل الخامس.
آثار سلبية على صحّة الإنسان: ما الحقيقة وما صحة الشائعة؟
قد تُشكّل شبكات الجيل الخامس مصدراً للقلق بشأن تأثيرها السلبي على صحة الانسان والحيوانات والطبيعة حيث هناك بعض المزاعم التي تشير إلى تسبب هذه الشبكات بأمراض سرطانية نتيجة تركيب العديد من الهوائيات في المدن وبين الأماكن المكتظّة سكانياً.
في غضون ذلك، سبق أن توجّه أكثر من 180 طبيباً بعريضة إلى الاتحاد الأوروبي للمطالبة بوقف تشغيل شبكات الجيل الخامس فوراً مع إحتمالية التعرّض إلى موجات كهرومغناطيسية للترددات الراديوية.
على الرغم من الجدلية القائمة، توسّع إنتشار الجيل الخامس لا سيّما خلال العام الماضي ليصل إلى 24 دولة حول العالم حيث تتواجد الأجهزة الالكترونية المجهّزة لدعم الشبكة بالكامل، هذا إلى جانب الوعي الكافي لدى المستخدمين لكيفية الإستفادة من الخدمات المطروحة.
قائمة الدول الرائدة في استخدام الجيل الخامس
على الرغم من تصنيف شبكات الجيل الخامس كداعم أساسي لمستقبل الهواتف الذكية إلا أنه لم يتم بعد نشر الشبكة كلياً على المستوى العالمي. وبحسب بحث أجرته شركة الاحصائيات Omdia، تتصدّر كوريا الجنوبية قائمة الدول التي تدعم شبكات الجيل الخامس عالمياً، بينما في المرتبة الثانية حلّت سويسرا لتتصدّر الدول الأوروبية. أما في المرتبة الثالثة فكانت الكويت تليها تدريجياً الولايات المتحدة، قطر، الصين والمملكة المتحدة.
ومن بين الدول التي احتلت المراتب الأخيرة نذكر آخر خمس دول تراتبياً، فرنسا، سينغافورة، الهند، برازيل وإندونيسيا.
22 مليون وظيفة بحلول عام 2035
بعيداً عن تأثير جائحة كورونا على كافة القطاعات وفرض تدابير جديدة على ضوئها، تشير شركة "كوالكوم" الأميركية الى أن تقنية الجيل الخامس ستؤمّن نحو 22 مليون وظيفة حول العالم بحلول عام 2035 وتنقسم على الشكل التالي: 9.5 ملايين وظيفة في الصين، 3.4 ملايين وظيفة في الولايات المتحدة، 2.1 مليون وظيفة في اليابان، 605 ألف وظيفة في فرنسا أما باقي دول العالم فسيبلغ عدد الوظائف فيها 3.6 ملايين وظيفة.
مما لا شكّ فيه أن الوظائف عن بُعد غلبت الوظائف التقليدية التي تتطلّب حضور الموظّف شخصياً، هنا تكمن أهمية الجيل الخامس بتدفّق المعلومات ونقل البيانات بسرعة أكبر.
وإلى جانب الحديث عن سرعة الاستجابة، تحدثت بعض التقارير عن أهمية الجيل الخامس في تطوير الوظائف والمجالات المتعلّقة بالذكاء الاصطناعي وإنترنت الاشياء. كما يُقدَّر أن تصل قيمة السلع والخدمات المنتجة في مختلف القطاعات إلى 12.3 تريليون دولار بحلول عام 2035.
مرحلة إنتقالية بانتظار التقنية الجديدة
مع إرتفاع الطلب على شبكات الانترنت تُقدر الدراسات أن 84% من سكان الولايات المتحدة سيحصلون على اشتراك في خدمة الهاتف المحمول خلال هذا العام، بإجمالي 281.2 مليون اشتراك ويشمل 368.2 مليون اتصال لاسلكي (عدد الأجهزة النشطة). أما بالنسبة لشبكة الجيل الخامس، فستبدو الأرقام خجولة في البداية مع 41.3 مليون اشتراك، و 46.2 مليون جهاز يستفيد من تلك الاتصالات اللاسلكية، على أن ترتفع هذه النسب مع زوال الجيلين الرابع والثالث تدريجياً. ومع حلول نهاية عام 2024، سيتمكن مقدمو خدمات الهاتف المحمول في الولايات المتحدة من المطالبة بـ 167.9 مليون اشتراك يستخدمون شبكات الجيل الخامس بشكل منتظم أو كلي.
وفقًا لتقرير صدر مؤخراً عن GSMA، من المتوقع أن يصل عدد المشتركين في الجيل الخامس في الصين إلى 822 مليون مشترك بحلول عام 2025، على أن تمثّل اتصالات الجيل الخامس 47% من إجمالي اتصالات الهاتف المحمول بحلول عام 2025 مع إرتفاع 12% عن السنة الحالية.
لن يكون للتقنيات والشبكات الجديدة حدّ مع سعي الإنسان المستمر نحو التقدّم في الأبحاث والتطوّر في مجالات العالم الرقمي. ففي خضمّ الجدلية القائمة بين مؤيّد ومعارض لسيطرة التكنولوجيا ومن يربط إنتشار شبكات الجيل الخامس بمؤامرة على البشرية، تبقى المرحلة المستقبلية كفيلة بتحدد إيجابيّة التقنية الجديدة أم العكس.