تستجيب الشركات والمؤسسات لمتطلبات عصر الرقمنة والاتصالات لضمان الإستمرارية والتنافس في الوسط العملي. ومع بداية عام 2020 وظهور الفيروس التاجي كوفيد-19، توسّع نطاق الأعمال الرقمية مما سرّع الإتجاه نحو التحوّل الرقمي عالمياً على الصعيد الإجتماعي والاقتصادي والصحي.
تطوّرت البرامج الإلكترونية مع إزدياد الطلب على شبكة الإنترنت والأجهزة الذكية، هذا إلى جانب توفير رؤية مستقبلية قادرة على تحقيق التقدّم في الفضاء الرقمي وتوفير القدرات اللازمة في هذا المجال. جاء ذلك كردّ فعل على التغيّرات التي أحدثها كوفيد-19 في محاولة لتخفيف تداعيات الإقفال على القطاعات العملية والأسواق العالمية كافة. هذا الواقع أجبر الشركات على تسريع إتجاهها نحو التحوّل الرقمي وإعتماد الحلول والتقنيات الرقمية لتطوير الخدمات من جهة وتحقيق التنمية المطلوبة من جهة أخرى إستعداداً للمرحلة المقبلة.
"نمو مشاريع التحوّل الرقمي ثلاثة أضعاف بعد الجائحة"
حمل العام 2020 تحوّلات عديدة قد ترافقنا لمرحلة ما بعد الجائحة. في هذا الإطار، أصدرت AppDynamics التابعة لشركة سيسكو نتائج بحث عوامل التحول 2021 التي تُظهر إزدياد الطلب على الحلول الإلكترونية ونمو مشاريع التحول الرقمي ثلاثة أضعاف خلال فترة كوفيد-19، بالاضافة إلى تأثير ذلك على قطاع التكنولوجيا.
ساعد التحوّل الرقمي الشركات في التغلّب على تحديات الوباء، أما التركيز الأكبر فكان على العاملين في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات؛ ووفقاً لنتائج البحث، 89% منهم كانوا يشعرون بضغط في العمل و84% منهم أشاروا إلى صعوبة التوقف عن العمل. إلى جانب ذلك، سلّط البحث الضوء على المعاناة والمشاكل التقنية التي شهدتها أقسام الاتصالات وتقنية المعلومات الناجمة عن التحول الرقمي السريع ولأسباب عدّة منها، تسريع الحوسبة السحابية 77%، ظهور أولويات جديدة في المجال 80% بالاضافة إلى التوسع التقني ومزج التقنيات القديمة والحديثة 78%.
في غضون ذلك، أشار 95% من خبراء المجال الى ضرورة مراقبة التغيرات في العالم الرقمي ومواكبتها، و92% منهم ربطوا بين القدرة على تأمين تجربة رقمية مميزة للعملاء وتحقيق الأرباح ورفع إيرادات الشركة.
شركات الإمارات والسعودية تتفوق في تسريع التحول الرقمي
تفوّقت الشركات الاماراتية والسعودية على سائر الشركات العالمية في تسريع التحوّل الرقمي خلال عام 2020، بحسب نتائج مؤشر التحول الرقمي 2020 التي أصدرتها "Dell Technologies". فمنذ 2018 إلى 2020، إرتفع عدد المؤسسات التي تتجه نحو تحقيق التحول الرقمي في الامارات والسعودية 6%، بينما إرتفعت نسبة الشركات التي تتبنّى التحول الرقمي من 27% إلى 31%.
وفي التفاصيل، 90% من مؤسسات الامارات والسعودية تمكّنت من تسريع البعض في برامج التحول الرقمي خلال عام 2020 لتكون بذلك قد وضعت هذه المشاريع ضمن أولويتها مقارنةً بالمعيار العالمي البالغة نسبته 80%، حيث إستراتيجية هذه الأخيرة إرتكزت على إعتماد التقنيات المتطوّرة من الذكاء الاصطناعي إلى إنترنت الأشياء وغيرها. وسعياً منها لتطوير شبكات الاتصالات تتفوّق الامارات والسعودية بنسبة 6% على الدول المنافسة العالمية في مجال الاستثمار في البنية التحتية للجيل الخامس.
أما من ناحية الحوسبة الطرفية، فمن المتوقع أن تصل إستثمارات الدولتين في تطبيقات الحوسبة الطرفية إلى 51% مقابل 28% عالمياً ذلك إلى جانب الاستثمارات الأخرى في إدارة البيانات، الذكاء الاصطناعي، البنية التحتية الرقمية، الحوسبة السحابية والأمن الالكتروني.
لتحقيق التحول الرقمي الناجح خلال عام 2021
ليس من السهل أن تُحقق المؤسسة أو الشركة التحول الرقمي الكامل من ناحية إستثماراتها أو أعمالها. في هذا الصدد، ويشير بحث صادرعن "ماكينزي" الى أنه لا يمكن تأكيد نجاح الجهود المبذولة لتحقيق التحول الرقمي في كل الحالات. مقابل ذلك، هناك بعض الخطوات التي يمكن أن تعتمدها الشركات لتحقيق التحوّل الرقمي الناجح.
الخطوة الأولى تتمثّل بتأمين القيادة الضرورية لتنفيذ المشاريع وتطبيق الاستراتيجية التي تُحفّز على التحول الرقمي، بالاضافة إلى الاعتياد على السلوكيات الجديدة والتأقلم مع نوع المشاكل التي ستظهر.
الخطوة الثانية تكمن بالتواصل الجيّد بين الفريق العامل من خلال إنشاء وتنظيم ورش العمل لكيفية فهم والتعامل مع التقنيات الجديدة. ثالثاً، أهمية الأفكار ووضع الهيكلية الصحيحة الضرورية للتحوّل الرقمي إلى جانب تحديد الأهداف المستقبلية للاستجابة إلى مستجدات العالم الالكتروني على المدى البعيد.
والأهم من ذلك تبقى هناك ضرورة لوجود الأدوات المطلوبة من شبكات، بنية تحتية، خوادم أجهزة كمبيوتر وأجهزة ذكية.
بقدر ما تُمثّل التكنولوجيا وسيلة للدول المتطوّرة لتحقيق ذاتها عملياً على المستوى المحلي والعالمي بقدر ما هي حل لتخفيف الأعباء على الحكومات والمنظمات وتجنّب التكاليف الماديّة الكبيرة.
ولا بدّ من الاشارة إلى أن الأدوات والأساليب المعتمدة تختلف بحسب نوعيّة المنظّمة أو المؤسسة وبحسب قاعدتها في العالم الرقمي والالكتروني.
يبدو أن العام 2021 هو عام الاستثمارات في مجال التقنية والتكنولوجيا بامتياز لتتصدّر بذلك مشاريع التحوّل الرقمي جدول أعمال المشغلين والشركات العامة والخاصة وسائر القطاعات. أما التجربة الأفضل فهي التي يبحث عنها أي مستخدم في عالم التكنولوجيا، على أن يتمّ الاعتياد على الواقع الجديد وإعادة هيكلة الأولويات في طريقة العمل لا سيّما في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.