يؤدي قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات دوراً أساسياً في بناء مستقبل مستدام تتوفر فيه جميع متطلبات الازدهار. ولا يقتصر دور الابتكار على مواكبة التحديات التي تواجهها المجتمعات على المستويين المحلي والعالمي فحسب، بل يسهم في بناء مستقبل مزدهر كذلك. وبموازاة العمل للسيطرة على الجائحة، يجب علينا السعي نحو تعزيز الابتكار لتحقيق التعافي الاقتصادي وتحسين جودة الحياة وإنجاز الأعمال بطرق أكثر ذكاءً وبناء عالم شامل يضع التكنولوجيا في متناول الجميع، مما يسهم بدوره في تحقيق الازدهار. لتحقيق قيمة أكبر للمجتمعات المتصلة، يجب أن نركز على الابتكار ليس لدفع عجلة التنمية الاقتصادية فحسب، بل لجَسْرِ الفجوة بين من يملكون التقنيات الحديثة ومن لا يملكونها من خلال توفير التقنيات الرقمية للجميع على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
لا شك أن الآثار السلبية لتفشي الجائحة شملت الأفراد والشركات والبلدان في جميع أنحاء العالم إلا أن هناك جانباً إيجابياً، حيث برز الدور الحيوي للتكنولوجيا في تحفيز الاقتصادات واستمرار تطور الأعمال وتوفير الخدمات العامة بالشكل المعتاد من خلال مبادرات التحول الرقمي التي شهدت تسارعاً كبيراً ومكافحة الجائحة من خلال الابتكارات التي ساهمت في تعزيز الرعاية الصحية وأعمال البحث العلمي والتطوير. كما برزت في العام الماضي أهمية توفير أساس قوي لتقنية المعلومات والاتصالات، مما فرض متطلبات جديدة لتعزيز البنية التحتية الرقمية. وفقاً لدراسة أجرتها شركة IDC للاستشارات وأبحاث السوق مؤخراً، أكد العديد من المسؤولين على أن تفشي الجائحة أدى إلى اعتماد ما يصل إلى 76% من شركات التصنيع في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا برنامج DX للتحول الرقمي بشكل رسمي وأن ما يصل إلى 65% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيعتمد على التقنيات الرقمية بحلول عام 2022، مما سيوفر أكثر من 6.8 تريليون دولار إلى استثمارات التحول الرقمي المباشرة في الفترة بين عامي 2020 و2023.
في هذا السياق، تعاونت هواوي مع شركات الاتصالات على ضمان تشغيل أكثر من 300 شبكة من شبكات الاتصالات بشكل ثابت في 170 بلداً، فيما تمكنت من نشر 140 شبكة تجارية من شبكات الجيل الخامس في 59 بلداً حيث قامت ببناء أكثر من 50% من هذه الشبكات. كما وفرت هواوي الدعم إلى العديد من المؤسسات في القطاعين العام والخاص لنشر الحلول الرقمية التي تتيح مواصلة الأعمال أثناء الأزمة التي فرضها تفشي الجائحة. وجاءت الشركة الصينية في المرتبة الأولى بين شركات الجيل الخامس في جميع أنحاء العالم في تصنيف براءات الاختراع الأساسية (SEPs). كذلك وصلت نسبة براءات الاختراع الأساسية التي سجلتها شركة التكنولوجيا الصينية الرائدة إلى 15.05% من إجمالي براءات الاختراع على المستوى العالمي، مما ساهم في تعزيز مكانتها المميزة في سوق الجيل الخامس وأسواق التكنولوجيا.
على الخط نفسه، تزايد الطلب على التقنيات الحديثة مثل الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية أكثر من أي وقت مضى، إذ تؤدي هذه التقنيات دوراً أساسياً في تعزيز الاقتصاد الرقمي من خلال تشغيل العمليات بطرق ذكية وتتمتع بالمرونة. وعند الجمع بين شبكات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية يمكن تحقيق العديد من المكاسب الإنتاجية الكبيرة، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي فرضها تفشي الجائحة.
كما تسهم التقنيات الرقمية في توفير العديد من الفرص. وتتوقع هواوي أنه بحلول عام ٢٠٢٥ سيعتمد ما يصل إلى 97% من الشركات الكبيرة على الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي لتحقيق الازدهار وأن تصل نسبة الإيرادات التي تحققها شركات الاتصالات العالمية من خلال العملاء إلى 60%. يجب على الشركات التقنية أن تركز على تحسين قدراتها في مختلف القطاعات وبناء نظام إيكولوجي ملائم لتقنية المعلومات والاتصالات وابتكار قيمة أكبر بالاعتماد على التقنيات الرقمية لإنجاز التحول الرقمي والمساهمة في تعزيز الاقتصاد الرقمي ودفع عجلة التنمية المستدامة في المستقبل.
وتسهم ابتكارات الجيل الخامس في تحقيق التحول الرقمي في مختلف القطاعات. وتركز هواوي على الابتكار في ثلاثة مجالات رئيسية وهي التكنولوجيا والمنتجات والتطبيقات، مما سيسهم في التغلب على التحديات التقنية على مستوى الشركة والقطاع التقني بأكمله. ومن خلال الابتكار المشترك والشراكات الاستراتيجية مع عملائنا، تهدف هواوي إلى نشر الجيل الخامس في قطاع الأعمال على نطاق واسع وتطوير أجهزة تلبي وتواكب الاحتياجات الخاصة بكل قطاع بكفاءة أكبر.
كما يساعد الجيل الخامس في تعزيز المجتمع بأكمله، إذ يمكن للشبكات والأجهزة والتقنيات مثل الواقع المعزز أن توفر تجربة افتراضية مميزة تسهم في تعزيز تفاعلنا مع العالم من حولنا. ويمكن الاعتماد على هذه الابتكارات في العديد من القطاعات، لا سيما في التعليم إلا أن إسهاماتها تتجاوز ذلك بكثير - إذ يوفر التكامل الدقيق بين الواقع الافتراضي والفعلي العديد من فرص النمو. ويمكن الاعتماد على هذه الابتكارات في العديد من القطاعات مثل الترفيه والسياحة والنقل والملاحة إلى جانب إسهاماتها الكبيرة في التعليم.
بدورها البلدان التي تمتلك أنظمة إيكولوجية متماسكة لتقنية المعلومات والاتصالات، يمكنها أن تعتمد على التكنولوجيا للتغلب على آثار الجائحة وتحقيق التعافي الاقتصادي، فيما ستتراجع المجتمعات التي لا تمتلك قدرات تقنية متطورة. وستؤدي الآثار التي سببتها الجائحة إلى زيادة الفجوة الرقمية، مما يُبرز الحاجة إلى جَسْرِ الفجوة لتحقيق قيمة اجتماعية أكبر وتعزيز قدرات المجتمع بالاعتماد على التقنيات الحديثة. وسيسهم التعاون مع المؤسسات على نشر التقنيات الحديثة مثل تقنيات الهاتف المحمول وتوفير المعرفة الرقمية في البلدان التي لا تتمتع ببنية تحتية تقنية متطورة في توفير الإنترنت إلى المجتمعات وحلول الاتصال إلى الأفراد، مما سيسهم في تحسين جودة الحياة وتحقيق الازدهار. ويمكن الاعتماد على الجيل الخامس لتوفير التعليم وتعزيز الأعمال وتحسين الرعاية الطبية من خلال توفير الاتصال بالأطباء عن بعد.
يتم نشر الجيل الخامس على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، إذ أصبحت التوقعات عن نشر شبكات الجيل الخامس والتي تم وضعها قبل عام أمراً واقعاً. ووصل عدد مستخدمي الجيل الخامس إلى 200 مليون مستخدم كما تم إنشاء 800.000 محطة للجيل الخامس في جميع أنحاء العالم. وأصبحت هذه التقنية جزءاً من عمليات الإنتاج الأساسية في مختلف القطاعات. وتم الاعتماد على الجيل الخامس في أكثر من 20 قطاعاً بما فيها التصنيع والرعاية الصحية والتعليم وتوفير الخدمات اللوجستية.
كذلك برزت أهمية التعاون في ظل تفشي الجائحة للتغلب على واحد من أكبر التحديات التي شهدها العالم في الفترة الأخيرة. ويجب علينا أن نتعلم من الدروس المستفادة في المستقبل، إذ أنه على الرغم من أن الجائحة أغلقت أبواباً كثيرة إلا أنها ساهمت في فتح نوافذ جديدة للأمل. ويمكن أن يسهم التعاون في تعزيز التنمية الاجتماعية على المستوى العالمي من خلال توفير فرص جديدة للتنمية الاقتصادية والاستدامة والازدهار. هذا ما نتوقع أن تحققه تقنية المعلومات والاتصالات في المستقبل - وتلتزم هواوي بمواصلة التعاون مع العملاء والشركاء على دفع عجلة التحول الرقمي للمساهمة في تحسين جودة الحياة وإنجاز الأعمال بطرق أكثر ذكاءً وبناء عالم شامل يضع التكنولوجيا في متناول الجميع.
يُعتبر التوصل إلى اتفاق بشأن دور التكنولوجيا في دفع عجلة التقدم البشري واحداً من التحديات التي تواجهنا. أما التحدي الآخر فهو ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة لتعزيز دور التكنولوجيا وابتكار قيمة أكبر للجميع. أما إذا اتفقنا على أن التكنولوجيا مهمة جداً ولكنها تتطور بشكل خاطئ فسيؤدي ذلك إلى مزيد من الاختلاف والارتباك والتراجع.
يجب أن نتوصل إلى توافق عالمي بشأن أهمية التكنولوجيا وأن نثق بدورها في تعزيز المجتمع.
بقلم: تشارلز يانغ، رئيس هواوي في الشرق الأوسط