تلعب المرأة دوراً بارزاً في المجال التقني والتكنولوجي وهي تشغل اليوم مناصب متقدّمة أيضاً. فبين ادارة الحلول الذكية وتقدّم القطاعات، تحدّثت خبيرة التقنية والمختصة بالبرمجيات كخدمة، SAAS، وعضو مجلس الإدارة والرئيسة السابقة لرابطة النساء في مجال التكنولوجيا وعلوم الحاسب (CWIT) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لميس عمّار في مقابلة مع تيليكوم ريفيو عن التحولات التي يشهدها مجتمعنا في ظلّ التطوّر السريع.
أكثر من 17 عاماً خبرة في مجال المبيعات والتحول الرقمي. كيف دعمت الحلول الرقمية أعمال الأفراد والشركات وعززت نمو المجتمعات؟
أدت الحلول الرقمية إلى تحويل العمليات التجارية لكل من الأفراد والشركات من خلال تعزيز الكفاءة، وتبسيط العمليات، وتسهيل اتخاذ القرارات القائمة على البيانات. استناداً إلى خبرتي في مجال التحول الرقمي لنحو عقدين من الزمن، شهدت على الثورة التي تحدثها التقنيات في الأعمال التجارية. من حلول الوسائط الرقمية التي تعمل على تبسيط الإعلانات وتعزيز مشاركة الجمهور، إلى منصات البرمجيات كخدمة SaaS التي تعمل على تبسيط إدارة البيانات، وتعزيز الكفاءة التشغيلية، وتحسين العلاقات مع العملاء، فإن تأثير هذه الحلول كبير جداً. اليوم، تتيح الحلول الرقمية إمكانية الوصول إلى البيانات واعتبارها كـ"النفط الجديد"، مما يوفر رؤية واضحة تساعدنا على تحسين الاستراتيجيات وتصميم الخدمات لتلبية احتياجات العملاء بفعالية. أما على مستوى المجتمع، فتعمل هذه الابتكارات على تحفيز النمو الاقتصادي من خلال خلق فرص عمل جديدة وتحسين الوصول إلى الخدمات، بالإضافة إلى تعزيز الاتصالات على مستوى عالمي. كوني امرأة تعمل بمجال التكنولوجيا، فإنني أدافع عن المبادرات التي تهدف إلى تمكين المزيد من النساء من الدخول بالاقتصاد الرقمي وتحقيق النجاح بهذا المجال.
ما التحديات التي تواجه الشركات اليوم لمواكبتها التطوّر السريع؟
تواجه الشركات اليوم تحديات عدّة بمواكبتها التقدم التكنولوجي السريع. برأيي، يكمن التحدي الأكبر في ايجاد المواهب التقنية المطلوبة وتطوير مهارات الموظفين الحاليين بشكل مستمر لتمكينهم من التعامل مع التقنيات الجديدة. أما التحديات الأخرى فتشمل مخاطر الأمن السيبراني المرتبطة بالتحول الرقمي والآثار المالية لامكانية تحديث البنية التحتية التكنولوجية بشكل متواصل.
هل صحيح أن الشركات التي لا تزال تعتمد استراتيجية عمل تقليدية لا يمكنها منافسة السوق المحلي والعالمي؟
بالتأكيد! في ظلّ تطوّر مشهد الأعمال اليوم بوتيرة سريعة، فإن الالتزام بالاستراتيجيات التقليدية دون دمج الابتكارات الرقمية يعيق تقدم الشركة ويحدّ من قدراتها التنافسية بشكل كبير. يعتبر تحقيق التحول الرقمي من العناصر الضرورية للاستمرار والنمو. أعتقد أن الشركات التي تعتمد على الاستراتيجيات التقليدية فقط تخاطر بعدم قدرتها على التحول ومواكبة العصر الحالي، لأن هذه الأساليب غالباً ما تفشل في الاستجابة بسرعة لظروف السوق الديناميكية وتوقعات المستهلكين المتطورة. عادةً ما تفتقر الأساليب التقليدية إلى المرونة والابتكار الذي توفره الأدوات الرقمية، فيكون من الصعب الاستفادة من رؤية البيانات في الوقت الآني، وأتمتة العمليات، والتكيّف مع التغيّرات السريعة التي نشهدها اليوم بشكل استثنائي. أما فترة انتشار الوباء فقد أثبتت للشركات الحاجة إلى التحول الرقمي كعامل حاسم لتحقيق المرونة، مما يتيح العمليات عن بُعد، والحفاظ على استمرارية خدمة العملاء، والتكيّف مع متطلبات السوق الجديدة بين ليلة وضحاها تقريباً.
برأيك هل استفاد المجتمع فعلاً من الذكاء الاصطناعي أم أنه بات يهدد اليد العاملة؟
مما لا شك فيه أن الذكاء الاصطناعي يحمل الكثير من الفوائد التي تنعكس ايجاباً على الاقتصاد، لا سيّما من خلال أتمتة المهام اليومية، وتبسيط العمليات وزيادة الكفاءة وهذا ما شهدناه في قطاعات عدّة ومنها الرعاية الصحية والتمويل والتعليم – والآتي أكثر. لكن هل بدأت هذه الحلول تهدد اليد العاملة البشرية؟ أعتقد أنه تم تصميم الذكاء الاصطناعي لتعزيز القدرات البشرية بدلاً من استبدالها. والسؤال الذي يُطرح الآن هو: هل سأفقد وظيفتي لصالح الذكاء الاصطناعي؟ وفقاً لتقرير مستقبل الوظائف لعام 2020 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، في حين قد يتم استبدال 85 مليون وظيفة بسبب الأتمتة بحلول عام 2025، من المتوقع ظهور 97 مليون وظيفة جديدة. ويؤكد هذا التحول أهمية تحسين المهارات للبقاء على صلة بالاقتصاد التكنولوجي الجديد الذي يشكله الذكاء الاصطناعي حالياً. لذلك، أعتقد أنه يجب التركيز على كيفية تطوير مهاراتنا واعتبار الذكاء الاصطناعي أداة تسهّل المهام التي نقوم بها وتسرّعها، وتكنولوجيا تفتح فرصاً جديدة للابتكار والتوظيف. أصبح العمل لتحسين المهارات الآن ضرورة قصوى. ومن أهم الأمور التي يجب التركيز عليها هي استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي، وهو أمر بالغ الأهمية لتجنب سوء الاستخدام والتأكد من مساهمة هذه التكنولوجيا بشكل إيجابي في خيرذ المجتمع.
ما هي رؤيتك لمستقبل التكنولوجيا وتأثيرها على القطاعات كافة؟
بناءً على دراستي الحالية في مجال الذكاء الاصطناعي التطبيقي وخبراتي السابقة، أتصوّر أننا قادمون على مستقبل ستؤثر فيه التكنولوجيا على كل القطاعات بشكل كبير، مما يوفر حلولًا مبتكرة ورؤية تحويلية. أعتقد أن إمكانات الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية تمتد إلى ما هو أبعد من الطرق التي يتم تطبيقه فيها حالياً، حيث من المتوقع أن يؤدي التقدم في الأبحاث الجينية ومراقبة الصحة في الوقت الآني إلى إحداث ثورة في رعاية المرضى والوقاية من الأمراض. أما في مجال التمويل، فيعزز الذكاء الاصطناعي التداول الخوارزمي وتعميق التحليلات التنبوئية للتنبؤ بحركة الاقتصاد. ومن المرجح أن يشهد قطاع التعليم طفرة في منصات التعلم المخصصة التي تتكيّف مع احتياجات الطلاب آنياً، مما قد يؤدي إلى سد الفجوات التعليمية على مستوى العالم. بالإضافة إلى ذلك، اعتقد أن مسألة المناخ تشكل جدلاً واسعاً حالياً، لذا فإن دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق الاستدامة والتنظيم البيئي أمر بالغ الأهمية، مما يؤدي إلى تحسين استخدام الطاقة،
الحد من النفايات، والمساهمة في الممارسات المستدامة عبر مختلف القطاعات. ومع ذلك، فإن اعتماد الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع يتطلب إطاراً أخلاقياً قوياً لضمان استخدام هذه التقنية بشكل المسؤول. لا تقتصر رؤيتي على التقدم التكنولوجي فحسب، بل تركز أيضاً على تعزيز مستقبل أخلاقي وشامل ومستدام حيث تخدم التكنولوجيا الأهداف الإنسانية على نطاقها الواسع. وكوني أدافع عن دور المرأة وتمكينها، أتمنى أن أشهد على مرحلة يكون فيها الذكاء الاصطناعي قادراً على سدّ الفجوات بين الجنسين في التكنولوجيا والأطر القيادية، وضمان فرص عادلة وتمكين المرأة والفئات الممثلة تمثيلاً ناقصاً في عالم تهيمن فيه التكنولوجيا.