مع تزايد حركة البيانات والحاجة لاستخدام الانترنت، تجاوزت شركات الاتصالات تداعيات الوباء. فيما عانى بعض القطاعات من أزمة حادّة، وسجّل مزودو الخدمات الرقمية قفزة نوعية مع ارتفاع قيمة العائدات المالية بدءاً من العام 2020 حتى عامنا هذا.
تزوّد هيئات الاتصالات العربية لا سيّما في المملكة العربية السعودية، الإمارات وقطر، المجتمعات والقطاعات العامة والخاصة بحلول رقمية متكاملة مما يمكّن من الاستمرار بالتباعد الإجتماعي والعمل عن بُعد. مع ازدياد حركة مرور البيانات، كما تحرص شركات الاتصالات على توفير باقات من الحزم والخدمات للأفراد والشركات لضمان استمرارية الأعمال. فمع ظهور اللقاحات هل اقتربت مرحلة جديدة ما بعد الوباء؟ وما هي فاتورة تعافي شركات التقنية والاتصالات؟
أداء إيجابي لقطاع الاتصالات السعودي على الرغم من التحديات
تميّز قطاع الاتصالات عموماً عن غيره من القطاعات باحتضانه أزمة الوباء لا سيّما مع التزام الناس منازلهم والتصويب أكثر على استخدام الشبكات اللاسلكية وارتفاع الطلب على المكالمات الهاتفية عن بُعد. في هذا الإطار، تحدّثت مصادر مطلعة عن الأرباح التي حققها القطاع على مستوى دول المنطقة والشركات في السعودية بصورة خاصة.
فمقارنةّ مع العام السابق، إرتفعت قيمة الأرباح المجمّعة خلال الربع الأول من العام 2020 من 3.1 مليارات ريال سعودي إلى 3.2 للفترة نفسها من العام 2021. كما ركّزت شركات الاتصالات السعودية على التنوّع من حيث الخدمات لأداء أفضل.
وعن خدمات الشركات، يعتبر العاملون في قطاع الاتصالات أن سوق شراء خدمات البيانات شهد نمواً متصاعداً خلال فترة إنتشار الوباء إلى جانب الباقات وبرامج خاصة بالانترنت.
توجّه نحو زيادة الإيرادات والإنفاق الاستثماراي خلال العام 2021
تراجعت نسبة الأرباح الإجمالية لشركات الاتصالات المدرجة في بورصة قطر 361 مليون دولار في العام الماضي متأثرة بتداعيات الوباء السلبية. كما أدى تراجع أعداد السياح في الدولة إلى انخفاض إيرادات الخطوط الخارجية والمكالمات الدولية. وعلى الرغم من ذلك، تواصل ارتفاع معدّل إيرادات البيانات مع ارتفاع الطلب على الخدمات الرقمية واستخدام تطبيقات أونلاين خلال فترة الإقفال والحجر الصحي.
أما شركات الاتصالات المدرجة في بورصة قطر فرفعت الإنفاق الاستثماري لديها إلى 6.08 مليارات ريال ترافقها مشاريع بتطوير الجيل الخامس، توسيع الشبكات الذكية، وتعزيز خدمات إنترنت الأشياء والبيانات الضخمة.
على ضوء ذلك، يُرجّح المعنيون أن تتحسّن إيرادات القطاع للعام 2021 مع ارتفاع نسبة العائدات المالية واستمرار الشركات بزيادة الإنفاق الاستثماري لديها لتقديم أفضل الخدمات الذكية.
تسجيل أرباح عند أعلى مستوياتها في الإمارات
نجح المشغلون في الإستفادة من تغييرات سلوك العملاء لرفع كفاءة خدماتهم والتعويض عن خسائر المرحلة الأولى من إنتشار الوباء. في غضون ذلك، حققت شركات الاتصالات المدرجة في بورصة أبوظبي وسوق دبي المالي أرباحاً مالية كبيرة خلال العام 2020؛ وبالأرقام، وصل عدد المشتركين إلى 161 مليون مشترك العام الماضي مقارنةً مع العام 2019.
بدورها واصلت الشركات أعمالها للتوسع بنشر شبكة الجيل الخامس في مختلف مناطق الإمارات إلى جانب تعزيز الإبتكار والتطور في قطاع التكنولوجيا والمعلومات في الدولة. على ضوء ذلك، اتخذت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات والحكومة الرقمية قرارات تنظيمية تؤمن خدمات الاتصالات لمواكبة تطورات القطاع في ما يتعلق بمجال التحول الرقمي وتعزيز البنية التحتية الرقمية في الدولة.
معدلات الإتصال بالانترنت والجيل الخامس ترتفع عربياً
سجّلت الدول العربية لا سيّما المنطقة الخليجية قفزة نوعية في معدلات مستخدمي الانترنت فيها والذي ارتفع في ظلّ انتشار الوباء. وبحسب المعلومات، حققت الإمارات تقدماً ملحوظاً في هذا الإطار حيث احتلت المركز الخامس على مستوى العالم، كما أنها تحتل المركز الأول عربياً في مؤشر أسماء نطاقات الإنترنت المحلية، بالإضافة إلى تقدّمها من المركز الـ68 عالمياً إلى المركز 29 ضمن مؤشر اشتراكات النطاق العريض الثابت.
وبحسب مؤشر الاتصال العالمي، احتلت الإمارات المركز الأول عربياً والرابع عالمياً، كما احتلت المركز الأول في التحول إلى الإصدار السادس من بروتوكول الانترنت - IPv6 أوسطياً. ووفقاً لتقرير "مخزون البيانات المفتوحة" الذي يشمل 187 دولة، احتلت الإمارات المركز 16 عالمياً لتتفوق بذلك على كوريا، الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا، اليابان والمملكة المتحدة.
تعمد الحكومات والهيئات المختصة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات إلى زيادة عرض النطاق العريض الترددي للمدى البعيد، ومحاولة إدارة حركة البيانات الكبيرة على شبكة الانترنت. لكن إلى جانب القدرات التقنية من المهم جذب القدرات البشرية والمهارات التي تساهم باستخدام أجهزة الانترنت والوسائل الالكترونية الأخرى على نحو أفضل.
تحقيق التحوّل الرقمي للتصدي للوباء وارتفاع الطلب على الخدمات الالكترونية
إزداد الطلب في الآونة الأخيرة على المنصات الرقمية لإدارة الأعمال عن بُعد عبر الانترنت. هذا الضغط شجّع الشركات على أنواعها لا سيّما في قطاع الاتصالات على تحسين بنيتها التحتية الرقمية نتيجة توجّه مئات العملاء إلى خدمات النطاق العريض.
كما فرض عدد الأشخاص الذين باتوا يعملون من منازلهم تحديات كبيرة على حركة مرور البيانات الضخمة وقدرة شركات التثنية على تلبية إحتياجات الجميع وحجم النمو المرجّح خلال المرحلة المستقبلية.
في هذا الصدد، يعتبر بعض رواد القطاع أن شركات المشغلين والمزودين الذين اعتمدوا التحول الرقمي ضمن خططهم للتصدي لكورونا كانوا الأقل ضرراً من الشركات التي بقيت بعيدة عن هذه الحلول. ويعتبرهؤلاء أن مرحلة ما بعد الوباء تتطلب جهوزية تامة من قبل الشركات لكيفية التعامل بالشكل الصحيح مع التقنيات الالكترونية والتكيّف مع الأنظمة والخدمات الجديدة مثل الحوسبة السحابية، إنترنت الأشياء، الجيل الخامس.
أما الجهود المبذولة لتطوير البنية التحتية الرقمية في العالم العربي فجعلت من أسواق المنطقة عناصر منافسة للأسواق العالمية.
تحديات أمام القطاع...وشركات الاتصالات أمام اختبار الكفاءة
تواجه شركات الاتصالات مرحلة حساسة في المنطقة والعالم حيث يختبر العملاء مدى كفاءتها وجودة خدماتها إلى جانب قدرتها على استيعاب الطلب الهائل لتطبيقاتها.
ووفقاً للتقارير، إن عدم السماح باستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية في بعض الدول العربية يشكّل عائقاً أمام الشركات لمواصلة أعمالها ونشاطها على الانترنت. كما ان عدم توفّر البنية التحتية الرقمية المطلوبة سيمنع الدول من تحقيق رؤيتها برقمنة معاملاتها الداخلية والخارجية.
إلى جانب ذلك، يبقى التحدي الأكبر من الناحية المالية حيث أن ارتفاع التكاليف لتحسين الخدمات قد يهدد الشركة ويخفّض طلب العملاء.
ما بعد الجائحة... مرحلة جديدة أمام شركات الاتصالات
تستعد شركات الاتصالات في المنطقة إلى مرحلة جديدة ما بعد الجائحة على ضوء التوجهات العالمية لاستخدام التكنولوجيا والاتصال بالانترنت. أما القطاعات الحيوية فلن تكون بعيدة عن هذا التحول بل ستكون جزءاً منه لمواجهة الأزمة بأقل خسائر ممكنة.
أما قطاع الاتصالات فسيوفّر فرصاً جديدة لتطوير الأعمال ومواكبة متطلبات السوق إلا أن التحديات لن تكون قليلة مع مواصلة الطلب على الانترنت والتقنيات الرقمية.