من خلال التعاون المشترك بين المنظمة الأوروبية للبحوث النووية (CERN) في سويسرا من جهة وكل من وزارة الإتصالات وأوجيرو والمجلس الوطني للبحوث العلمية مع حفنة من كبرى الجامعات في لبنان من جهة أخرى، جرى توقيع اتفاقية هبة مقدمة من CERN الى الدولة اللبنانية وهي عبارة عن أول منشأة للحوسبة عالية الأداء High Performance Computing (HPC) في الشرق الأوسط.
هذا الكمبيوتر ذو القدرة العالية بالغ الأهمية لتطوير البحث العلمي في الجامعات وفي الشركات الصناعية ومراكز الأبحاث وهو يفضي الى تعزيز البنية التحتية السيبرانية في لبنان والى بناء القدرات البحثية لطلاب الجامعات اللبنانية عبر توسيع قدرات تحليل البيانات والحوسبة ونقل أحدث التكنولوجيات إلى لبنان.
أكثرالمستخدمون إفادةً من نظام HPC هم المؤسسات الأكاديمية والباحثون العلميون والمهندسون الذين يواجهون تحديات معينة عند استخدامهم للتكنولوجيا، إذ ان هؤلاء سيتمكنون من تشغيل أنواع مختلفة من المحاكاة بسرعات فائقة، مما يزيد فرص الاكتشافات العلمية بمعدل أسرع وبالتالي تقريب لبنان من البلدان المتقدمة الأخرى فيما يتعلق بالفجوة التكنولوجية. كما سيتم توفير فرص فريدة للطلاب للحصول على الخبرة العملية والتقنية من خلال تشغيل واستخدام هذاالسوبر كمبيوتر.
في هذا الإطار نظمت CERN احتفالاً افتراضياً في 14 كانون الثاني 2022، شارك فيه من جنيف مسؤولون من المنظمة بحضور السفير اللبناني (سليم بدورة) ومن بيروت معالي وزير الإتصالات جوني قرم ومدير عام أوجيرو عماد كريدية والمدراء العامون في وزارة الاتصالات اضافة الى ممثلين عن الجامعات المشاركة يالمشروع وهي الجامعة اللبنانية والجامعة الأميركية في بيروت والجامعة اليسوعية و جامعة بيروت العربية والجامعة اللبنانية الاميركية وجامعة الروح القدس-الكسليك.شكر الوزير قرم خلال الاحتفال المنظمة الأوروبية للبحوث النووية وكافة المنظمات التي ساهمت في تنفيذ مشروع الحوسبة عالية الأداء للبنان، مثل يودوكسيا ومؤسسة تماري ومؤسسة تبادل المعرفة والسفارة الفرنسية في لبنان. كما شكر أوجيرو والمؤسسات والجامعات اللبنانية التي آمنت بهذا المشروع وعملت بجهد على نجاحه. على الرغم من الوضع الحالي في لبنان، فإن مشروع الحوسبة عالي الأداء هذا سيكون قيد الخدمة خلال الربع الأول من عام 2022. هذا المشروع الفريد هو أساس شراكة ناجحة بين القطاعين العام والخاص في لبنان بهدف تعزيز البحث والتطوير وتوفير الوسائل للجامعات والمؤسسات اللبنانية لإدارة أبحاثها على 4000 نواة من الحوسبة.كما أكد الوزير قرم أن هذا المشروع يحظى بدعم كامل من الحكومة اللبنانية التي أصدرت مرسوماً لاستكمال التدابير اللازمة لوضعه موضع التنفيذ. وقال "تلتزم الوزارة بهذا المشروع وبتحقيق التنمية المستدامة. ونحن ندرك الدور الهام لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإنترنت باعتبارها عوامل تمكينية للتنمية والإدماج الرقمي ومجتمع المعلومات. وبالتعاون مع OGERO، قمنا بتأمين الموقع المناسب في بئر حسن، وتأمين اتصال إنترنت عالي السرعة وطاقة لتركيب وتشغيل هذا النظام". وأضاف "يثبت هذا المشروع أن التعاون بين جميع أصحاب المصلحة من الكيانات الحكومية والخاصة والدولية يمكن أن يؤدي إلى تطوير القدرات البحثية الوطنية". يذكر أنه وحتى قبل تنفيذه، فاز هذا المشروع بالمسابقة المنظمة من قبل القمة العالمية لمجتمع المعلومات ضمن المشاريع المهمة بسبب دوره في تعزيز جهود لبنان في العلوم الإلكترونية.
بعدها قام الجميع بزيارة لمركز المعلومات الذي جرى تجهيزه في أوجيرو بهدف تركيب السوبر كمبيوتر. تلى ذلك عقد طاولة مستديرة ضمت المشاركين من جنيف الى المشاركين من لبنان وقد شكر فيها مدير عام اوجيرو جميع المتبرعين فهذا المشروع هو نتيجة التعاون الحثيث بين العديد من الكيانات، ولم يكن من الممكن القيام به بدون التبرع السخي من قبل CERN والدعم المالي من مؤسسات تبادل المعرفة، ومؤسسة تاماري، وأدوكسيا، والسفارة الفرنسية في لبنان ومساهمين آخرين.
كما تم عرض مراحل تنفيذ المشروع بدءا باستحداث المساحة المطلوبة لمركز المعلومات في أوجيرو وتجهيزها وفق المواصفات العالمية المحددة الى تركيب المعدات وتشغيلها الى تجهيز موقع آخر للتوسعة عند الحاجة.
ثم تم عرض آلية ادارة المشروع الذي يشكل كونسورتيوم يضم عدد من المؤسسات العامة والخاصة في لبنان و تديره لجنة توجيهية تضم ممثلين عن كل الأعضاء بما فيهم وزارة الاتصالات، والمجلس الوطني للبحوث العلمية، وأوجيرو، والجامعة اللبنانية، والجامعة الاميركية في بيروت، والجامعة اللبنانية الاميركية، وجامعة بيروت العربية وجامعة القديس يوسف، وجامعة الروح القدس. يتولى القطاع العام عبر أوجيرو مسؤولية استضافة المعدات وتأمين الوصل مع جنيف عبر الانترنت، أما القطاع الخاص فهو مسؤول عن إدارة النظام ودعم المستخدمين.
كما تم عرض بعض مجالات استخدام هذا السوبر كمبيوتر بدءاً من تحليل بيانات فيزياء الجسيمات، ومحاكاة الكاشف إلى محاكاة الطاقة الحضرية. كما يمكن استخدامه في المعلوماتية الحيوية، والرعاية الصحية (الأوبئة...) وأخيراً العلوم الاجتماعية.