لأن نشاطنا الالكتروني ازداد واتصالنا بالعالم الرقمي وشبكة الانترنت بات أمراً لا مفرّ منه، أصبح هدفنا اقتناء الأجهزة المتطوّرة ذات السعة الكبيرة لتخزين معلوماتنا. ولأن الشبكة اللاسلكية والتطبيقات الذكية لم تعد تُستخدم لمجرّد الاحتياجات الفردية بل بات يُستعان بها في شركات القطاع العام أو الخاص وفي مختلف المجالات، ارتفع الضغط عليها وساعات العمل عبرها.
مع تفشي الفيروس التاجي وتعدد وظائف الانترنت، اكتسب القطاع التكنولوجي ثقة المجتمع والدول حول العالم. ففي ظلّ هذه الأزمة، اعتمد الأفراد والمؤسسات والشركات على البنية التحتية السحابية بالدرجة الأولى لتأمين الاتصال عن بُعد عبر الندوات الافتراضية. على ضوء ذلك تٌرجّح "فورستر" نمو سوق البنية التحتية السحابية العامة العالمية بنسبة 35% ليبلغ 120 مليار دولار عام 2021. تبعاً لذلك، تكمن أهمية الحوسبة السحابية ودورها في تأمين السعة المطلوبة لتخزين بيانات المستخدم وحمايتها من أي إختراق فضلاً عن تعزيز طرق الوصول إليها بشكل سريع. ففي وقت يجهل الكثيرون الدور الفعلي للخدمات السحابية ولا يدركون كيفية الاستفادة من وجودها، هناك شركات تتنافس في هذا السوق وأبرزها 8 لعام 2019: أوراكل، أمازون، مايكروسوفت، غوغل، علي بابا، آي بي إم، سيلز فورس، ساب. وبحسب موقع "كلاود تك" المختص في التقنية السحابية فهو يرى استمراراً في نمو سوق الحوسبة السحابية ليبلغ تريليون دولار بحلول عام 2024. ما هو الدور الفعلي للحوسبة السحابية وكيف تساعد خدماتها على تحقيق التحول الرقمي؟
الحوسبة السحابية تحفظ معلوماتك وبياناتك
تتواجد الحوسبة السحابية في كل مكان، فهي ليست جديدة. وعلى الرغم من ذلك، ليس عند كل الدول القدرة لدعم نمو هذه التكنولوجيا وتحديثها. تم تطوير الخدمة السحابية لتحفظ كل معلوماتك على خوادم (سيرفرات) متصلة بالانترنت، وبدلًا من أن تتكّلف ثمن شراء أو تحديث وصيانة هذه الخوادم، ستكسب أولاً مساحات للتخزين - 2 جيغا، 5 جيغا، 8 وحتى 25 جيغا، بحسب كل شركة، وبإمكانك زيادة السعة التخزينية حتى 1 تيرا أو 2 تيرا- ثانياً، سرعة معالجة البيانات التي تريدها ومرونة التعديل. كما تتيح لك الخدمة السحابية الوصول إلى كل الملفات التي تحفظها ساعة تشاء ومن أي جهاز كان، بمجرّد أن تتصل بالانترنت وتُنشئ حساباً لك لدى إحدى الشركات التي تقدم هذه الخدمة. لكن ما لا تدركه هو أن الحوسبة السحابية تنقسم إلى أربعة أنواع:
الحوسبة السحابية العامة أو public cloud، حيث تتواجد كل البنية التحتية عند مقدّم خدمة الحوسبة السحابية (Cloud). الحوسبة السحابية الخاصة أو private cloud، هي بنية تحتية لمستخدم واحد وتكون كل البيانات وأمن المعلومات على حسابه، فلا يشاركه أي أحد بسعة الأجهزة إن كان بالمصادر أو بالاعدادات. أما النوع الثالث فهو الحوسبة السحابية المدمجة أو hybrid cloud، وهي من أفضل المعالجات العملية، تجمع عدّة نماذج سحابية عامة وخاصة فتوزّع السحابة الهجينة التطبيقات عليها. كما بإمكانك تشغيل جزء من أحد البرامج على السحابة العامة والجزء الآخر على الخاصة؛ بالاضافة إلى توسيع نطاق البنية التحتية وزيادة في القدرة الحاسوبية. النوع الأخير هو الحوسبة السحابية بالمشغل أو Computing Cloud Mobile التي تُستثمر من قبل شركات الهواتف التي تقدم خدمات الانترنت لهواتف العملاء.
تعرّف على أفضل وأضمن الخدمات السحابية!
فعلياً لا يمكننا حصر الخدمات السحابية ضمن فئة واحدة أو مقارنتها بين الأفضل منها والأسوأ، فكل خدمة سحابية مخصص استخدامها لجهاز معيّن. لذلك، ولأن القائمة كبيرة والشركات التي تقدم الخدمة السحابية متعددة، سنذكر الأكثر أماناً منها لحماية البيانات والمعلومات.
آي- كلاود من آبل: تتوفر هذه الخدمة مع أنظمة تشغيل آبل IOS وكافة أجهزتها من هواتف محمولة، أجهزة لوحية أو حواسب "ماك". تحفظ ملفاتك على أنواعها على خوادم عملاقة ويمكنك الوصول إليها من أي جهاز عبر تسجيل الدخول إلى حسابك الخاص من Apple ID . توفّر لك الشركة سعة تخزين حتى 5 جيغا، أما إذا احتجت المزيد فعليك شراء سعة تخزينية مقابل اشتراك شهري.
ون درايف – onedrive من مايكروسوفت: تتيح لك خدمة ون درايف سعة تخزينية 5 جيغا، مع إمكانية إضافتها لتصل إلى 50 جيغا مقابل 1.99 $ شهرياً. تتوفر على أجهزة ios حواسب "ماك" بالاضافة إلى حواسب وندوز windows وأجهزة أندرويد إلى جانب جهاز الألعاب xbox.
غوغل درايف من غوغل: تتيح لك غوغل من خلال هذه الخدمة السحابية 15 جيغا كسعة تخزينية لملفاتك وهي سارية على أجهزة آبل أو تلك التي تعمل بأنظمة أندرويد. تُعتبر غوغل درايف من أشهر الخدمات وأكثرها سهولة وأماناً.
دروب بوكس – dropbox: تتوفّر هذه الخدمة على أجهزة آبل ووندوز وأندرويد، تُستخدم من قبل الأفراد والشركات لتسجيل البيانات وتخزينها بأمان. أما السعة التخزينية، فتتيح خدمة dropbox سعة قدرها 2 جيغا، على أن تتم زيادتها من خلال مشاركة الأصدقاء في الخدمة.
Cloud في زمن كورونا... خدمة لا بدّ منها!
تزايد الاعتماد والانفاق على الحوسبة السحابية مع فترة انتشار كورونا، خصوصاً مع نمو الأعمال الرقمية واعتماد الموظفين على العمل عن بُعد. نتيجةً لذلك، شكلت تكنولوجيا الحوسبة السحابية 15% من إنفاق قدره 1.56 تريليون دولار على تكنولوجيا المعلومات في العام 2019 مقارنةً بنسبة 7% فقط لعام 2015.
بحسب الأرقام، ارتفعت القيمة السوقية لمايكروسوفت وأمازون، اللتين تعملان على أكبر منصتين للخدمة السحابية، حتى بلغت 1.5 تريليون دولار، سيّما وأن الاتجاه أصبح أسرع لتحقيق التحول الرقمي في كل الشركات. وفي هذا الاطار، كان للمدير التنفيذي لـ مايكروسوفت، ساتيا ناديلا، تصريحات عدّة خلال شهر أبريل الماضي أعلن خلالها أن أزمة كورونا سرّعت التقدم نحو التحول الرقمي، فالذي كان من المفترض أن يتم خلال فترة سنتين، تحقق خلال شهرين فقط.
ومع انتقال ملايين الأعمال إلى المنصات الالكترونية، استفاد العديد من الشركات من تكنولوجيا الحوسبة السحابية وتطبيقاتها حيث أن 40% منها أبلغت عن تسريع انتقالها إلى الحوسبة السحابية نتيجة انتشار الوباء.
أين الشركات من هذه الخدمة وما انعكاساتها عليها؟
ترى أغلبية الشركات خصوصاً تلك التي تتعاطى في مجال التكنولوجيا والاتصالات أن وجود الخدمة السحابية ضمن أسس عملها بات مهماً وضرورياً للتأقلم مع الظرف الحالي والخروج منه أقوى من أي وقت مضى. سمحت الحوسبة السحابية بتوسيع الأعمال وتنفيذ الابتكار المطلوب لتحقيق التحول الرقمي كما يجب، بينما كانت انعكاسات ذلك على الشركات إيجابية على كل الصعد.
ربح المال: من خلال الحوسبة السحابية لن تحتاج الشركة إلى شراء العديد من الأجهزة لتخزين البيانات، بل يكفي أن تؤمّن الخوادم المناسبة لحفظ المعلومات عليها.
أداء سريع: يستمر مزوّدو الخدمة السحابية بتطوير هذه التكنولوجيا لتوفير الأداء فائق السرعة لكل العملاء وفي نفس الوقت إمكانية الاستفادة من سعة التخزين.
تطبيقات جديدة وسريعة: سرّعت الحوسبة تشغيل التطبيقات الجديدة وهذا ما تستفيد منه الشركات خصوصاً مع تطبيقات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي.
حماية البيانات: يخضع مزوّدو خدمات الحوسبة إلى قوانين الأمن الالكتروني الصارمة لحماية أمن بيانات العملاء. تكشف الحوسبة السحابية التهديدات لتوقيفها قبل أن تصل إلى الخادم كما توفّر الحماية للشركة ضد أي اختراق أمني إلكتروني.
سهولة في العمل: تسهّل الخدمة السحابية طريقة العمل لا سيّما بالنسبة للموظفين الذين انتقل عملهم من المكتب إلى المنزل حيث بإمكانهم الوصول إلى بيانات الشركة وأجهزتها بسرعة عبر الويب.
منافسة بين الشركات على أحجامها: لم تعد المنافسة العملية تنحصر في الشركات الكبيرة فقط، بل إن الشركات الصغيرة التي تعتمد اليوم على الحوسبة السحابية تمكّنت من ان تحجز مكانها في حلبة المنافسة.
هل السحابة مهمة للتحوّل الرقمي؟
يعتمد عمل الحوسبة السحابية على استخدام الخوادم البعيدة عبر الشبكة اللاسلكية. وتوفر هذه الخوادم وظائف كالتخزين والمعالجة والأمان والتحليلات... إنما لتحقيق التحول الرقمي يتطلب من الشركات ان تطوّر آلية عملياتها التجارية وإدخال تقنيات مثل إنترنت الأشياء (IoT) ، وروبوتات الدردشة ، والواقع المعزز، والتعلم الآلي، وتحليلات البيانات الضخمة. إلا أن كلاً من هذه التقنيات يتطلب قوة حوسبة كبيرة، وسعة تخزين أكبر، وبنية تحتية مؤاتية لتكنولوجيا المعلومات، مما قد يعرض بيانات الشركة للإختراق ولثغرات أمنية خطيرة، لتكون الحوسبة السحابية هي الحل!
الاستثمار في الحوسبة السحابية إلى ازدياد عالمياً
رجّح خبراء دوليون في تقنية المعلومات ارتفاع نسبة الاستثمار بالخدمات السحابية بالتوازي مع تزايد استخدام المنشآت لهذه الخدمات لما تقدّمه من مميزات وتوفّر في النفقات، إلى جانب ارتفاع حجم إنفاقها على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات. كا سبق أن توقّع "مؤشر سيسكو العالمي للسحابة" أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نمواً بارزاً بإستخدام الحوسبة السحابية خلال العام 2019 وما بعده. وكذلك توقّع Global Industry Analysts، ارتفاع سوق خدمات الحوسبة السحابية العالمية إلى 336 مليار دولار خلال عام 2020 بالمقارنة مع 175 مليار دولار في عام 2015.
وفي التفاصيل، تشير الدراسات إلى أن الولايات المتحدة ستخصص بحلول العام 2022، 14% من إجمالي الانفاق على تكنولوجيا المعلومات والخدمات السحابية. بينما المملكة المتحدة، سيصل معدل الإنفاق السحابي لديها إلى 11.5%، وكذلك في هولندا. أما في اليابان، فمن المتوقع أن يرتفع معدل الإنفاق على السحابة من 3.0% في عام 2019 إلى 4.4% في عام 2022.
أما عربياً، فتأخذ الامارات مكانتها الخاصة بالتحول الرقمي والخدمات السحابية حيث من المتوقع أن تعتمد 80% من الشركات على الحلول السحابية إن كان بشكل جزئي أو كلّي بحلول العام 2022. كذلك في المملكة العربية السعودية، حيث خصصت نحو 29% من الشركات في المملكة إنفاقها على الحوسبة السحابية خلال العام الحالي كما تحرص على الاستفادة من هذه الخدمات في كافة القطاعات وتعزيز التحول الرقمي.
أهم تطبيقات الخدمة السحابية
سهّلت الحوسبة السحابية وصول الأفراد وكذلك المؤسسات إلى بياناتهم أو إلى شبكة الانترنت بأداء خارق وآمن. لكن لا يتوقف دور هذه الخدمة هنا فحسب، بل إنها تُقسم إلى أنواع ومجالات عدّة منها:
النسخ الاحتياطي - Back Up: بإمكانك اليوم إنشاء نسخ إحتياطية لبياناتك بسرعة ومن دون أي عرقلة، فبهذا النسخ ستضمن أمن بياناتك وسلامتها.
التخزين السحابي - File Storage: توفّر السحابة إمكانية تخزين ملفاتك والوصول إليها عبر الإنترنت، إما عبر مواقع الويب أو تطبيقات مدعومة من قبل مزودات التخزين السحابي. إلى جانب ذلك، يمكنك الاستفادة من سعة تخزينية أكبر مقابل رسوم شهرية لمزودي التخزين السحابي.
تحليلات البيانات الضخمة - Big Data Analytics: تسهّل تطبيقات الحوسبة معالجة البيانات عبر خوادم السحابة ذات الإمكانيات الضخمة. هذا ما استفاد منه خبراء التسويق لتحليل بيانات العملاء وتخطيط الحملات الإعلانية على أساسها.
الاختبار والتطوير - Test and Development: ستتمكن من تطوير البرمجيات لديك بكل سهولة من دون أن تتكلّف حتى مادياً.
التواصل الاجتماعي - Social Networking: تٌعتبر منصات التواصل الاجتماعي أكثر من يستخدم الحوسبة السحابية مثل فيسبوك، تويتر، إنستغرام... . ولأن هذه الأخيرة تعمل بالأساس على جمع بيانات المستخدمين والنشيطين الذين يقدّر عددهم بالملايين حول العالم، تأتي الحوسبة السحابية لتجمع كل هذه البيانات فتنظّمها وتخزّنها كما يجب.