استضافت العاصمة الأوزبكية طشقند مؤخراً برنامج "بذور من أجل المستقبل 2024"، وهو تجمّع ملهم للعقول الشابة التي يربطها الشغف بالتكنولوجيا والرؤية الطموحة لمستقبلٍ مزدهر. ويعتبر البرنامج، الذي أطلقته شركة هواوي وشهد مشاركة 150 طالباً من جامعاتٍ رائدة تمثل 14 دولة في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، مبادرة رائدة تهدف إلى رعاية الجيل القادم من روّاد قطاع تقنية المعلومات والاتصالات وتقليص الفجوة المتزايدة في مجال المهارات الرقمية.
وفي حفل افتتاح البرنامج، قال شونلي وانغ، نائب رئيس هواوي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى: "في ضوء التطور السريع للمشهد التكنولوجي، تتعاظم الحاجة اليوم إلى تنمية المواهب في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، حيث تؤثر فجوة المهارات الرقمية سلباً على الشركات والاقتصادات الوطنية مما يعرقل النمو الاقتصادي والتطور التكنولوجي للدول. وتستند مهمّة برنامج "بذور من أجل المستقبل" على أربع ركائز أساسية؛ وهي الابتكار، والرقمنة، والاستدامة، وريادة الأعمال. علاوةً على ذلك، تتبنى مبادرة Tech4Good نهجاً شاملاً يجمع بين المعرفة التقنية والمسؤولية المجتمعية، حيث نسعى جاهدين من خلال ذلك إلى تأهيل كوادر متخصصة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات قادرة على قيادة التحول الرقمي ومعالجة التحديات العالمية".
وأضاف وانغ: "يعد التعاون بين القطاعين العام والخاص أمراً بالغ الأهمية لبناء النظام الإيكولوجي لقطاع تقنية المعلومات والاتصالات في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ورعاية المواهب في هذا المجال. وعليهِ فإنّ تأسيس جيلٍ جديد من روّاد القطاع ودعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية يُعد بمثابة مسؤوليةٍ مشتركة".
من شأن الشراكات المثمرة بين القطاعين العام والخاص أن تمكن الحكومات في المنطقة من استثمار طاقات الشباب وتنمية مواهبهم في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، مما يسهم بدوره في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ترسم التقارير الصادرة عن منظمات دولية كبرى صورة قاتمة عن واقع المهارات الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ فقد وجّه تقرير صدر عام 2023 عن منظمة العمل الدولية (ILO)، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، ومؤسسة التدريب الأوروبية (ETF) نداءً عاجلاً إلى دول المنطقة يؤكد ضرورة الاستثمار في التعليم وتحديث أنظمة التدريب للشباب. وبالإضافة إلى تأثيرها السلبي على الشركات لناحية صعوبة العثور على كفاءاتٍ مؤهلة، تساهم هذه الفجوة أيضاً في زيادة التفاوت الاجتماعي القائم وتقويض فرص الشباب في الحصول على عمل لائق.
وإيماناً منها بأهمية سد الفجوة الرقمية، وضعت هواوي هذه القضية في صميم استراتيجيتها للمسؤولية الاجتماعية للشركات. ويعبّر برنامج "بذور من أجل المستقبل"، الذي تم إطلاقه عام 2008، عن عمق التزام الشركة بهذه القضية؛ حيث يهدف إلى تزويد الشباب بفرص تعليمية عملية تتجاوز حدود الفصول الدراسية التقليدية، وذلك بغية صقل مهاراتهم التقنية والشخصية الأساسية على حد سواء.
وتضمن برنامج هذا العام، الذي أقيم بالشراكة مع وزارة التكنولوجيا الرقمية في جمهورية أوزبكستان والأطراف المعنية الأخرى، مجموعة متنوعة من ورش العمل والمحاضرات والمشاريع العملية؛ حيث استكشف الطلاب أحدث التقنيات مثل تقنية الجيل الخامس 5G، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، واكتسبوا معرفة عميقة من خبراء القطاع، كما تعاونوا في إيجاد حلول مبتكرة للمشكلات العملية التي تواجه مجتمعاتهم.
لم يقتصر التعاون في البرنامج على حدود المساقات التعليمية فحسب، بل وفّر كذلك بيئةً غنية بالتنوع الثقافي مكّنت الطلاب من التواصل والتفاعل مع أقرانهم من دولٍ مختلفة، مما ساهم في بناء علاقات قوية ودائمة تساهم في إثراء الخبرات المهنية المستقبلية. وأشاد وانغ بروح التعاون التي اتّسم بها البرنامج، مؤكداً على أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص في دعم النظام الإيكولوجي لتقنية المعلومات والاتصالات.
وخلال النهائيات الإقليمية لبرنامج "بذور من أجل المستقبل 2024"، اجتمعت نخبة من كبار قادة تقنية المعلومات والاتصالات من القطاعين الحكومي والخاص وممثلين عن وسائل إعلام مرموقة في جلسةٍ حوارية حول مستقبل المواهب في القطّاع ودورها المحوري في بلورة مستقبل الاقتصادات الرقمية.
وانعقدت هذه الجلسة تحت عنوان "مواهب تقنية المعلومات والاتصالات ودور الشباب في حفز الابتكار الرقمي وتشكيل مستقبل مستدام لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى: الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتعاون المفتوح لتحقيق النجاح المشترك". وضمت قائمة الشخصيات التي شاركت في الجلسة: كريمجونوف رستم، نائب وزير التكنولوجيا الرقمية في جمهورية أوزبكستان؛ والبروفسور واثق منصور، عميد كلية الهندسة وتقنية المعلومات في جامعة دبي؛ ونور الدين ساماتوف، مساعد باحث في معهد بحوث البيئة وتقنيات الحفاظ على الطبيعة في أوزبكستان؛ وبونيود أفليوكولوف، محلل برامج الحوكمة الفعالة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أوزبكستان؛ وديوك زانغ، نائب رئيس الشؤون العامة في هواوي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
أثمرت جهود الحاضرين عن إطلاق حوارٍ مثمر حول مستقبل التعليم في ضوء التحول الرقمي الراهن، حيث ركزت الجلسة على أهمية التعاون المفتوح لدعم المواهب المحلية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، ودفع عجلة الابتكار التكنولوجي، وبناء اقتصادات رقمية مستدامة قائمة على المعرفة في المنطقة.
لم يقتصر دور برنامج "بذور من أجل المستقبل" على تزويد الطلاب بالمعرفة والمهارات، بل أصبح مصدر إلهام للكثيرين، حيث أصبح خريجوه رواد أعمال ومبتكرين يساهمون في دفع عجلة التنمية الرقمية في مجتمعاتهم.
وجاء في كلمة شونلي وانغ التي ألقاها لتحفيز الطلاب: "إلى جميع المشاركين الموهوبين من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أنتم العماد الأساسي لمستقبل قطاعنا؛ فالمهارات التي تكتسبونها، والتواصل الفعال الذي تنخرطون فيه، والأفكار التي تتبادلونها خلال هذا البرنامج لن ترسم فقط مساراتكم المهنية، بل ستعيد تعريف المشهد التكنولوجي لمنطقتنا بأكملها. أدعوكم إلى اغتنام هذه الفرصة لتحدي أنفسكم وإطلاق العنان لإبداعاتكم".
إنّ برنامج "بذور من أجل المستقبل" هو أكثر من مجرد برنامج تدريبي لتبادل المعرفة؛ حيث يهدف إلى غرس ثقافة الأمل والابتكار والتعاون التي تُرسي أسساً متينة لمستقبلٍ مزدهر في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.