Advertisement

منتهي الصلاحية
تقارير وتغطيات
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

تشتد المنافسة بين الشركات الكبرى والدول العظمى لتطوير الجيل القادم من الرقائق الالكترونية أو أشباه الموصلات. فوفقاً للمعلومات، يُعد الاستثمار بهذا الجزء من التقنيات أمراً بالغ الأهمية لتعزيز القدرات الإنتاجية لدى الشركات التكنولوجية.

شهد قطاع الرقائق الالكترونية تقدماً كبيراً في الفترة الأخيرة مع توسع نطاقه في كافة أنحاء العالم حيث تعتبر هذه  التقنية السلعة الرابعة عالمياً على أن يتجاوز حجم سوقها تريليون دولار بحلول عام 2030. كما تعيد شركات التكنولوجيا تشكيل هذا القطاع واعادة هيكلته مع ترقّب تضاعف حجم سوق أشباه الموصلات الذي لا يتعدى حجمها 5 نانومتر. وتحرص الدول على تحقيق استقلاليتها الصناعية لتجنّب الاعتماد على مصادر خارجية قد تمنعها من استكمال مشاريعها أو الاستجابة إلى طلب العملاء. تُعد الرقائق الالكترونية من التقنيات الأكثر طلباً اليوم مع تقدّم الثورة التكنولوجية. فبعد الصراع المحتدم بين الولايات المتحدة الأميركية والصين على امتلاك التكنولوجيا المصنّعة لأشباه الموصلات، انقسمت التحالفات بين تلك التي تقودها الأولى أو الثانية على حدة بهدف الانفراد بسيطرتها على هذه التكنولوجيا مستغلةً الطلب المتزايد على الرقائق الالكترونية.

كما يدخل الاتحاد الأوروبي وآسيا أيضاً في سباق السيطرة على الرقائق، بعدما أطلق الاتحاد الاوروبي مبادرته التي تهدف إلى توسيع قدرته في صناعة أشباه الموصلات والتي تبلغ قيمتها 46 مليار دولار.

تُعد الرقائق الالكترونية أو أشباه الموصلات عصب التكنولوجيا الحديثة التي تشغّل الأجهزة الالكترونية كما انها تعتبر أساسية لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

 

تمويل الرقائق الالكترونية وضوابط العمل

تعزز الدول قدراتها في تصنيع أشباه الموصلات حيث تخصص الولايات المتحدة الأميركية  وحدها مضاعفة انتاجها ثلاث مرات للاستحواذ على العمليات الانتاجية بنسبة 28% بحلول عام 2032. وفي خطوة منها لمواجهة الولايات المتحدة، خططت الصين لبناء نحو 31 منشأة جديدة في أواخر عام 2024 مع جمع أكثر من 27 مليار دولار لانشاء أكبر صندوق للرقائق الالكترونية. ولم تكن الصين والولايات المتحدة وحدهما اللتين تطمحان إلى تثبيت مكانتهما بهذا المجال، فكوريا الجنوبية تُعِد بدورها برنامجاً خاصاً لتوفير أكثر من 7.3 مليارات دولار لتعزيز صناعة الرقائق الالكترونية وهي تعتبر اليوم أيضاً من أكبر الدول المصنعة لهذه التقنية. نُضيف اليابان أيضاً إلى اللائحة فهي خصصت نحو 33 مليار دولار لصناعة الرقائق الالكترونية.

من جهتها، تحاول الدول العربية أيضاً اللحاق بالسباق التنافسي حيث حققت خطوات بارزة بصناعة الرقائق الالكترونية. ولا بدّ أن نذكر المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة على رأس القائمة إلى جانب مصر التي تواكب التطور التكنولوجي من مختلف جوانبه لرفع مستوى جودة الخدمة محلياً والاستجابة إلى طلب العملاء والشركات.

تستجيب المنطقة العربية والدول المذكورة هنا إلى التحولات الرقمية في السنوات الأخيرة في ظلّ النمو السريع للحلول الذكية. فقد بلغ اجمالي مبيعات الرقائق الالكترونية 137 مليار دولار خلال الربع الاول من العام 2024 وفقاً لبيانات جمعية أشباه الموصلات.

 

استقرار الامارات في سوق الرقائق

تُنافس الامارات العربية المتحدة سوق الشرق الأوسط في صناعة أشباه الموصلات حيث عززت استثماراتها فيها خلال السنوات الأخيرة. تزوّد الامارات شركات التكنولوجيا بالرقائق اللازمة لتشغيل الخدمات والحلول الذكية المدعومة من الذكاء الاصطناعي. هذا وتهدف الدولة إلى تركيز تمويلها على الرقائق الالكترونية على ضوء تعاونها مع شركة أوبن اي آي لتلبية حاجة العملاء من هذه الرقائق. هذا وتدعم الامارات الابتكارات والمهارات الشابة التي تُفيد صناعة الرقائق الالكترونية وتجعل من الدولة مركزاً أساسياً لهذه الصناعة في الشرق الأوسط في وقت يتم التركيز فيه على الحلول الذكية، البنية التحتية الرقمية والرقائق الالكترونية.

على خط موازٍ تُعد الامارات مركزاً للتكنولوجيا المستقبلية مع تمكينها صناعة الرقائق الالكترونية ودعمها للتقنيات الحديثة أهمها الذكاء الاصطناعي. بهذا الاطار، تم تأسيس مجلس الذكاء الاصطناعي في أبوظبي الذي يهدف إلى تعزيز دور التكنولوجيا في البلاد ورفع مستوى جودة الحياة وتحقيق التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات الاجنبية إلى البلاد. تخطط الامارات لأن تصبح من عمالقة الرقائق الالكترونية وتحويل الصناعة خلال السنوات المقبلة لتصبح ركيزة أساسية للحلول المتقدمة في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن تم الحديث عن خطط أكبر شركات التكنولوجيا على مستوى عالمي لبناء مصانع لصناعة الرقائق الالكترونية في الامارات بقيمة قد تتجاوز 100 مليار دولار.  

مع تقدم الامارات بمجال الرقائق الالكترونية ستشكّل بذلك نقلة نوعية بتطور الذكاء الاصطناعي في الدولة حيث ستتمكّن من تأمين احتياجاتها من الرقائق إلى جانب جذبها للشركات العالمية بالاضافة إلى دخول سلسلة التوريد العالمية الخاصة بالرقائق الالكترونية. وبحسب الخبراء، تسعى الامارات إلى وضع خطط واستراتيجيات تُبرز مكانة الامارات على مستوى عالمي. ترتكز الدولة على الذكاء الاصطناعي والرقائق الالكترونية لتشكيل حلول المستقبل وتنمية القدرات بمجال العلوم وانعكاس ذلك على جميع القطاعات دون استثناء.

كما وقعت الامارات العربية المتحدة تعاوناً مع الولايات المتحدة الاميركية بمجال الذكاء الاصطناعي لتعميق الشراكة بهذا المجال والاستفادة من الخبرات العالمية لتعزيز مكانة الدولة وخبراتها بحلول الذكاء الاصطناعي الذي سيشكل جزءاً أساسياً من أعمالنا وحياتنا دون حدود.

 

تقدّم المملكة العربية السعودية بمجال الرقائق

تُطوّر المملكة العربية السعودية صناعة الرقائق الالكترونية لديها حيث أطلقت البرنامج السعودي الخاص بهذه التقنية والذي يُعد الأول من نوعه في المنطقة لتصميم الرقائق الالكترونية ودعم البحث والتطوير في البلاد. ويعمل هذا البرنامج على تأهيل الشباب والكفاءات لدعم صناعة أشباه الموصلات محلياً. وفي اطار أعمالها لتطوير هذه الصناعة، أطلقت المملكة العربية السعودية مركز القدرات الوطنية لأشباه الموصلات الذي يتيح للخبراء اجراء ابحاثهم واختباراتهم المتعلقة بمجال صناعة الرقائق الالكترونية والتوسع بالابتكارات. بدورها، أطلقت هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار السعودية "التجمع الوطني لأشباه الموصلات"، والذي يهدف إلى توطين 50 شركة متخصصة بمجال الرقائق الالكترونية.

اجتازت المملكة العربية السعودية شوطاً كبيراً بمجال الرقائق الالكترونية وفقاً للمعنيين بالمجال ولا يزال العمل جارياً على تخصيص مساحة واسعة لمعامل أشباه الموصلات في البلاد. هذا ويتم التخطيط لاستقطاب 25 خبيراً عالمياً بمجال أشباه الموصلات للعمل داخل المملكة وتعزيز العمليات التشغيلية للشركات الناشئة في البلاد أيضاً.

 

خطة مصر لدعم الرقائق الالكترونية

تضع مصر استراتيجيتها الخاصة لتطوير صناعة الرقائق الالكترونية داخلياً والتنافس مع دول المنطقة والعالم من خلال المبادرات والتعاونات مع أهم الشركات للتوسع بالمجال. تخطط الحكومة المصرية لتوطين صناعة الرقائق الالكترونية بما يتوافق مع الكوادر الموجودة مما يعزز منافستها السوق العالمي.

تُشكّل صناعة الرقائق الالكترونية جزءاً أساسياً من الاقتصاد في مصر التي تسعى إلى اقامة صناعة تعتمد بشكل رئيسي على الثروات المعدنية التي تملكها لتنويع اقتصادها الوطني.

أما في ظلّ المنافسة العالمية، تواجه الرقائق الالكترونية تحديات عدّة تتمثل بالحاجة إلى رأس مال كبير لدعم الصناعة في وقت تصل فيه كلفة انشاء مصنع واحد لصناعة أشباه الموصلات إلى نحو 10 ملايين دولار. وتخصص شركات التكنولوجيا العالمية ايرادات سنوية لهذه الصناعة  بالاضافة إلى توفير الموارد المطلوبة لبناء البنية التحتية الرقمية الداعمة للتكنولوجيا المتقدمة والتي تحتاج إلى تحسينات كبيرة.

تحدٍ آخر أمام تقدم الرقائق الالكترونية يكمن بنقص المهارات في المجال. من هنا تحتاج الدول الطامحة نحو التقدم بهذه الصناعة إلى تطوير المهارات التي تملكها والتركيز على التعاونات والمبادرات التي تخدم هذه الغاية للبقاء في المنافسة.

تجدر الإشارة الى ان عدم الاستقرار الجيوسياسي والمالي في البلاد يُعد أيضاً من الصعوبات التي تواجه قطاع الرقائق الالكترونية، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة التضخم المالي ويعيق التقدم في السوق المحلي.

بناءً على كل ذلك، يعتبر خبراء التكنولوجيا أنه للوصول إلى مراحل متطورة من صناعة أشباه الموصلات، يجب ضمان تكامل كل هذه العوامل لتحفيز الشركات على الاستثمار بهذا المجال وتمكينها من مواكبة النمو والتطور ومواجهة التحديات الممكنة وفتح آفاق جديدة للتفوق والنجاح.