Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي، هكذا انتقلت صناعة الألعاب بسرعة من سوق بسيط إلى مصدر لتوليد ايرادات طائلة تساهم في نهوض الناتج المحلي الاجمالي للبلاد. وبينما تتوسع التكنولوجيا بسرعة فائقة، تُعد المنطقة العربية اليوم لاعباً أساسياً في سوق الألعاب الالكترونية العالمي. فكيف سيؤثر توسع قطاع الألعاب الالكترونية على اقتصاد المنطقة؟

 تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا طفرة غير مسبوقة في سوق الألعاب الالكترونية، أبرزها في الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وقد خصصت الإمارات العربية المتحدة مليار دولار لتطوير الرياضات الإلكترونية، بما في ذلك إنشاء جزيرة للرياضات الإلكترونية في أبو ظبي، في حين تضخ المملكة العربية السعودية 38 مليار دولار في صناعة الألعاب. وتتخذ المملكة هذا الاتجاه حيث تعقد شراكات عدّة مع لجان أولمبية دولية لاستضافة دورات ألعاب أولمبية للرياضات الالكترونية مع الأعوام المقبلة. كما يشير الخبراء إلى ارتفاع ايرادات سوق الألعاب الاكترونية عالمياً لتصل إلى أكثر من 205 مليارات دولار بحلول عام 2026 بعدما كانت 187 مليار دولار في العام 2023.

يوجد حالياً أكثر من 150 مليون لاعب، وهو رقم ارتفع بنسبة 10% في عام 2023. ومن المتوقع  أن يزيد هذا العدد إلى 88 مليون لاعب بحلول عام 2026. وتقدر قيمة السوق بـ 500 مليون دولار ومن المتوقع أن تتضاعف إلى مليار دولار بحلول عام 2029، مما يحفز الحكومة على الاستثمار في قطاع الألعاب الالكترونية. يشير الخبراء إلى زيادة النمو الاقتصادي نتيجة تطور البنية التحتية والتكنولوجيا باعتبار الألعاب الالكترونية جزءاً من الاستراتيجية الوطنية لنمو الدول.

 

الألعاب الالكترونية تثبت مكانتها أمام سائر القطاعات

يتجاوز حجم الألعاب الالكترونية اليوم توقعات الخبراء حيث يشارك في هذه الألعاب الملايين حول العالم وما زال هذا القطاع يستمر في نموه السريع رغم كل التشكيك. فإلى جانب المرح والترفيه، خلقت الألعاب الالكترونية وظائف جديدة مختلفة مثل تطوير الألعاب الالكترونية والتسويق، كما فتحت الفرصة أمام الشركات لدعم رياضات تنافسية جديدة كبرى. تجذب الألعاب الالكترونية السياح من كافة أنحاء العالم خصوصاً أثناء تنظيم البطولات مما ينعش السياحة والضيافة ويعزز التجارة أيضاً.

يُعد الاستثمار في البنية التحتية وتكنولوجيا الألعاب الالكترونية، وخاصة في مجال الاتصالات ومزودي خدمات الإنترنت، أمراً بالغ الأهمية لتلبية الطلب المتزايد على الألعاب عبر الإنترنت. تعتمد الألعاب الالكترونية على تقنيات عدّة قائمة على الواقع الافتراضي والواقع المعزز وتقنية البلوك تشين لتمكين تجارب الألعاب الرائدة. ومن المتوقع أن نشهد مزيداً من التطورات المثيرة مع نضوج هذه التقنيات وتسهيل الوصول إليها. تطلق الشركات استراتيجيتها الخاصة لنشر الألعاب الالكترونية توازياً مع تصميم برامج لتطوير المواهب الجديدة المرتبطة بهذا القطاع.

يعتبر سوق الخليج ومنطقة شرق الأوسط وشمال أفريقيا سوقاً مهماً للألعاب الالكترونية مع استعداد الشركات للانفاق أكثر في هذا المجال على المدى الطويل. وسبق أن تصدرت المملكة العربية السعودية في الانفاق على الألعاب الالكترونية في العام 2020 مع 1090 مليون دولار تلتها الامارات مع انفاق 340 مليون دولار ثم الكويت مع انفاقها 145 مليون دولار.

 

تحديات الشركات العربية وتطويرها للألعاب الالكترونية

رغم دعمها الكبير لمجال الألعاب الرقمي، تواجه بعض الدول تحديات كبيرة في آلية تطوير الألعاب الالكترونية ونشرها واعتمادها على نطاق أوسع. فمثلاً يعاني لبنان ومصر والعراق من تقلبات العملة وقيمتها مقابل العملات الأجنبية ومحدودية طرق الدفع الرقمي لتطوير الألعاب الالكترونية في السوق.

أما عدم المعرفة الكافية في تطوير الألعاب الالكترونية فيحدّ الدولة والمستثمرين في هذا القطاع كما يخفّض  تفاعل العملاء والمستخدمين مع محتوى الألعاب الالكترونية المطروح في السوق والذي يعتبر من المحركات الأساسية لنمو القطاع واستمراريته في المراحل المقبلة.

تواجه الألعاب الالكترونية الجديدة تحديات بأنظمة التشغيل القديمة غير الملائمة بالاضافة إلى تفاوت الأسعار بين الألعاب القديمة والألعاب الجديدة. وتتطلب الألعاب الجديدة هواتف ذكية وحواسيب ذات قدرة عالية.

ويؤكد الخبراء وجود قاعدة كبيرة للاعبي الألعاب القديمة قد يكون أغلبها غير قادر على التأقلم مع العالم الجديد. تتمثل بعض الصعوبات الأخرى في ميزانية الدولة المنخفضة وضعف الإنترنت لديها.  تتطلب الألعاب الالكترونية التنافسية متعددة اللاعبين إنترنت عالية السرعة، والدول غير المتطورة لم تصل إلى هذه المرحلة بعد. هذا ويعاني العديد من مزودي خدمة الإنترنت في الدول النامية من سوء التنظيم والتوجيه مما يجعل الاتصال بالخوادم للألعاب الالكترونية تجربة سيئة. كما ان غياب البنية التحتية الرقمية المطلوبة والأجهزة المحمولة الحديثة ونقص المستثمرين يُضعف مشهد الألعاب الالكترونية بشكل كبير.

 

شركات الاتصالات تلبّي احتياجات السوق

تهتم شركات الاتصالات ومزودو الخدمات أيضاً بقطاع الألعاب الالكترونية حيث تقدم مجموعة واسعة من التسهيلات والباقات لتجربة فائقة. وفي هذا المجال، تقدم شركة هواوي خيارات عدّة من الهواتف المحمولة للاعبين المحترفين لتجربة أكثر سلاسة ومرونة عبر هواتفها. كما تعمل على تحسين جودة الشاشات ووحدات المعالجة والتجربة الصوتية والمرئية مما يوفر تفاعلاً أكبر وردود فعل حقيقية بين المتنافسين. كما تعالج التقنيات التي تقدمها هواوي الرسوميات للهواتف الذكية مع تشغيل التطبيقات دون التأثير على عمر البطارية.  بالاضافة إلى ذلك، أطلق العملاق الصيني مؤخراً "HUAWEI GameCenter" في أكثر من 33 دولة، بما في ذلك الشرق الأوسط وأفريقيا. ويوفر مركز الألعاب منصة شاملة لخدمات الألعاب وتجربة فريدة وأكثر ثراءً للمستخدمين من خلال خدمتين أساسيتين: خدمة المحتوى ورفاهية المستخدم.

هذا وتوفر سائر شركات الاتصالات مثل Ooredoo عمان باقات انترنت أسرع تسمح لعملائها بالاستمتاع بألعابهم الالكترونية وتمكينهم من تحميل وتشغيل ألعابهم بسهولة من منازلهم.

بدورها، تواصل زين السعودية جهودها أيضاً في هذا القطاع مع تدشينها أكبر المنافسات الاقليمية في الألعاب الالكترونية والتي تُعد فريدة من نوعها في المنطقة. بهذه الخطوات تواكب زين السعودية التطور الرقمي على مستوى المنطقة في وقت تحتضن فيه المملكة عدداً كبيراً من اللاعبين في عالم الرياضات الالكترونية. ولهذه الغاية توفر الشركة تجربة إنترنت فائقة السرعة، وزمن وصول سريعاً للغاية، وسعة فائقة، والتي ستوفر تجربة جديدة للرياضة الإلكترونية مع الجيل الخامس.

 

مستقبل الألعاب الحديثة في الدول النامية

يحمل مستقبل الرياضات الإلكترونية إمكانات هائلة في الدول النامية وخصوصاً في الدول التي بدأت تدرك أهمية الرياضات والالعاب الإلكترونية لتحقيق الازدهار الاقتصادي. بدورها تلعب منصات يوتيوب وتيك توك دوراً أساسياً في نشر ثقافة الألعاب الالكترونية.

رغم بطئها في بعض الأحيان، إلا أن الألعاب الالكترونية ستستمر في النمو وفي المنافسات العالمية. وستُفتح أمام اللاعبين الالكترونيين فرصاً أوسع للتباري على مستوى أعلى مع رياضيين من مختلف أنحاء العالم.

تظهر الأبحاث الحديثة تأثير الألعاب الالكترونية الايجابي على اللاعبين ان كان على الصحة العقلية أو النفسية فهي تطوّر روح المنافسة والتركيز مع القدرة على ادارة الوقت. لكن استخدام الألعاب المفرط قد يؤدي إلى نتائج سلبية بطبيعة الحال، فخير الأشياء أوسطها.

من البطولات الدولية إلى الدورات والمنافسات المحلية، تحتضن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الألعاب الالكترونية وتجذب ملايين اللاعبين حول العالم. من المرجح أن يؤدي نمو الألعاب الالكترونية إلى إنشاء شركات جديدة ذات صلة بالرياضات الإلكترونية، مثل الشركات المصنعة لمعدات الألعاب وتجار التجزئة، بالإضافة إلى الشركات التي تقدم خدمات لصناعة الرياضات الإلكترونية، مثل التسويق وإدارة الأحداث للتنافس على الانترنت.

مع استثمار دول عدّة في الألعاب الإلكترونية تزيد فرص الشرق الأوسط بأن يصبح مركزاً رئيسياً للألعاب التنافسية. كما تستفيد المنطقة ككل من هذا الازدهار لتنمية سائر القطاعات وتفعيل الخدمات لاحداث التغيير الكبير في الصناعة والاقتصاد والمجتمع.