Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

تحقق الحوسبة الكمية أهداف التنمية المستدامة مع تعزيز قدرات الأجهزة الالكترونية والصناعية والبنية التحتية الرقمية والنمو الاقتصادي والطاقة المتجددة. ومع ظهور تقنيات جديدة، تركز الثورة التكنولوجية القادمة على الحوسبة الكمية وما تسخّره من خدمات على كافة المستويات.

 تعتبر الحوسبة الكمية قفزة إلى الأمام نحو المستقبل الرقمي حيث تساهم بتسريع عمل التقنيات الحالية ومنها الذكاء الاصطناعي. من جهتها، تعترف الامم المتحدة بأهمية الحوسبة الكمية وامكاناتها بعدما تم الاعلان عن 2025، العام الدولي لعلوم وتكنولوجيا الكم. تتمتع الحوسبة الكمية بقدرة على حلّ مشاكل أجهزة الكمبيوتر وأكثرها تعقيداً لتجعلها أسرع بكثير من الأجهزة التقليدية. وتطورت هذه التقنية بشكل كبير في الفترة الأخيرة لتحدث نقلة نوعية في مجالات مختلفة. لكن كيف تتعامل شركات التكنولوجيا مع هذه التقنية؟

 

مسار القطاعات بعد الحوسبة الكمية

تتحرك الكمبيوترات الكمية في كثير من القطاعات لتوفير بيئة عمل أكثر سهولة ومرونة. ويقول خبراء في المجال "يكفي اعتماد الحوسبة الكمية لتحويل أنظمة القطاعات مقارنةً بالأنظمة التقليدية". أما القطاعات المستفيدة من هذه التقنية فهي عديدة ومنها قطاع الطب والرعاية الصحية الذي يمرّ بمرحلة تحولية. فوفقاً للخبراء، يستغل أصحاب المجال الحوسبة الكمية لتسريع الاطار الزمني لانجاز المهام أو لتشخيص الحالات وتحسين جودة العلاجات في مختلف مراحلها. توفر الحوسبة الكمية فرصة أكبر لتوثيق أنظمة الكمبيوتر مع خفض الوقت وبسرعات أكبر.

كما تخدم الحوسبة الكمية القطاع المالي في وقت تساعد فيه المؤسسات المالية في حلّ المشاكل المعقدة بسرعة وكفاءة للتجاوب مع العملاء وتحديد المعاملات بدقة أكبر. وتعتمد الخدمات اللوجستية وتطبيقات التجارة الالكترونية على الحوسبة الكمية لنقل البضائع وتنظيمها في المصانع بأمان وكفاءة عالية. تستخدم كمبيوترات الحوسبة الكمية البيانات لتحليلها ومعالجتها ولتسريع العمليات التشغيلية في قطاعات مثل الطاقة والتعليم والاتصالات. وعلى الخط نفسه، يمكن استخدام الحوسبة الكمية لمواجهة التغير البيئي عبر مساعدة وتطوير النماذج المناخية وبالتالي الحدّ من الانبعاثات الكربونية.

ورغم التحديات التي تواجهها يبدو مستقبل الحوسبة الكمية واعداً مع استثمار أكثر من شركة تكنولوجيا مثل غوغل ومايكروسوفت إلى جانب شركات أخرى مبالغ طائلة في هذا القطاع. وفقاً للخبراء ستصبح هذه التكنولوجيا أساسية في البحوث والعلوم وستخفّض معدل الأخطاء التقنية.

مع نضوج التكنولوجيا، سيكون من الضروري مواكبة التطورات في الحوسبة الكمية. ومن المهم جداً تحديد حالات الاستخدام هذه في وقت مبكر، بالإضافة إلى توضيح التحديات التي تنطوي عليها.

تستغل الدول الكبرى هذا النمو مع تطوير أجهزة كمية خاصة بها وتُعد الولايات المتحدة والصين الأكثر ريادة في هذا القطاع. استغلت الصين هذا النمو حيث نجحت بتطوير جهاز خاص بها باسم Original Walking وهو يتمتع بقدرات هائلة وقد نراه في دول عدّة في المستقبل. بينما تبرز استثمارات الولايات المتحدة لدعم قدراتها في صناعة الحوسبة الكمية.

 

تحديات الحوسبة الكمية

تقترب الحوسبة الكمية من أن تصبح تقنية أساسية في الشركات التكنولوجية التي تستخدم الخوارزميات الجديدة بشكل مكثف. لكن إلى أي مدى نحن مستعدون لاعتماد هذه التقنية بكل تحدياتها؟

لا تزال أجهزة الكمبيوتر الكمية تواجه ثغرات عدّة تعيق عملية التوسع في بعض الحالات. فبالمقارنة مع أجهزة الكمبيوتر التقليدية، تعتبر أجهزة الكمبيوتر الكمية معرضة للضوضاء أكثر.

هذا ويشكّل عنصر التماسك تحدياً كبيراً في مجال الحوسبة الكمية لتجنب الثغرات فيجب اكتمال الحسابات قبل فقدان التماسك كلياً. وتُعد أجهزة الحوسبة الكمية باهظة الثمن وهي تتطلب بيئة معيّنة لضمان عملها الصحيح. اذ يكمن التحدي الأكبر بالقدرة على توسيع نطاق هذه التقنية واستخدامها كما يجب.

لا تقتصر التحديات على ذلك فحسب، بل يتطلب هذا المجال مهارات مختصة بعلوم هندسة الكمبيوتر بينما يعاني السوق من نقص اليد العاملة الماهرة.

ويتطلب هذا النوع من التقنيات كمية كبيرة من الطاقة لحلّ الثغرات والعمل بكفاءة مما يفرض على الشركات توفير الطاقة المتجددة لاتمام المهام المطلوبة وحماية أنظمة البرمجيات.

 

التكنولوجيا الكمية بوابة نحو المستقبل

تتنافس الدول على تطوير الاتصالات الكمية لديها حيث يحقق عمالقة التكنولوجيا حالياً تقدماً علمياً بارزاً بهذا المجال أيضاً. ويشير الخبراء إلى التحولات التي أتت بها الحوسبة الكمية مواكبةً العصر الرقمي من جهة وتوسع استخدام الذكاء الاصطناعي من جهة أخرى.

وفقاً لتقارير عالمية حول الحوسبة الكمية، من المتوقع أن يصل حجم سوق هذه التكنولوجيا إلى 2.17 مليار دولار بحلول عام 2028. كما تدعم الحوسبة الكمية القرارات الآنية بناءً على تدفق البيانات. ويعتبر المتخصصون ان التكنولوجيا الكمية قادرة على احداث ثورة فعلية في المستقبل القريب حيث ستستفيد الشركات من محاكاة أكثر دقة. وكما تعزز الحوسبة الكمية قدرات الذكاء الاصطناعي تفتح هذه التقنية آفاقاً جديدة لمستقبل رقمي مبهر على المستويات كافة.

من جهتها تستثمر دول المنطقة بهذه التكنولوجيا لتمكين الابتكار وتحقيق الاستدامة. اذ تكثّف مثلاً الامارات جهودها في هذا المجال لاعتماد استراتيجيات وسياسات تحفّز برامج الحوسبة ودمجها في عمليات الانتاج على اختلافها. ففي عام 2018، نظمت هيئة كهرباء ومياه دبي أول برنامج تدريبي مكثف للحوسبة الكمية بالتعاون مع شركة مايكروسوفت العالمية. وتستفيد الامارات من الحوسبة الكمية وفوائدها لجذب الاستثمارات القائمة على  هذه التكنولوجيا. بدورها تولي المملكة العربية السعودية اهتماماً بالحوسبة الكمية في وقت تشهد فيه البلاد حقبة جديدة من الابتكار والنمو. فانتقلت الآلات الكمية من النظري إلى التطبيقي لتستخدم اليوم في السوق السعودي بما تتيحه هذه التقنية من فرص لتمكين الاقتصاد الرقمي وتطوير سائر القطاعات.

كما ان منصات الحوسبة الكمية منتشرة في قطر حيث طوّر مركز قطر للحوسبة الكمية منصة الاتصال الكمي الآمن التي تعتمد على التشفير لتوفير حماية تامة. وتتفوق أنظمة الحوسبة الكمية على البرمجيات التقليدية في قطر وتعتبر الشبكات الكمية من الأساسيات. وتؤكد الجهات المعنية في قطر حرص الدولة على مواكبة التطور الرقمي وبناء الجيل القادم من الانترنت أي "الانترنت الكمي".

كما تدعم شركات الاتصالات القطرية في سائر المنطقة تكنولوجيا الكم من أجل تطوير قطاع الاتصالات الكمية وسائر المجالات أيضاً.

وسبق أن أطلقت جامعات في كل من الامارات والمملكة العربية السعودية وقطر جامعات بحثية متخصصة بالحوسبة الكمية لتمكين المهارات الجديدة. ورغم أن هذه التقنية لا تزال في مراحلها الأولى الا أن المبادرات الخاصة بها متواصلة لتحسين كيفية استخدامها ومعرفة فوارقها مقارنةً مع الكمبيوترات التقليدية.

وبالتوازي مع رغبتها في تعزيز الأمن السيبراني لديها، تشدد الدول العربية والمنطقة على أهمية الحوسبة الكمية لتحقيق هذه الغاية. فتتيح الحوسبة الكمية شروطاً أفضل لتحقيق الأمن الرقمي ولتشفير أكثر أماناً مما يتيح للشركات قدرة أكبر على مواجهة الهجمات السيبرانية وحماية أنظمتها  ومعلوماتها الحساسة. هذا وتحسن الحوسبة الكمية الاتصال الآمن عبر التشفير المتقدّم.

على ضوء الثورة الرقمية، يقدّر الخبراء أنهم سيحتاجون إلى أساليب منوعة لتعزيز أمنهم الالكتروني وشبكاتهم في حين ستتمتع الحواسيب المقبلة بقدرات هائلة تعزز تجربة العملاء وتعرّضهم لتهديدات بحجم أكبر. إذاً الاحتياط والحماية الرقمية واجب.