يرتبط نجاح الثورة الذكية بتطوير المهارات الرقمية فتحتاج الشركات الناشئة والصناعية الكبيرة إلى العمالة البشرية المحصّنة رقمياً لتولي المهام المطلوبة. وتشمل المهارات الأساسية كيفية ادارة البيانات، التعلم الآلي، هندسة الكمبيوتر معالجة المشاكل والثغرات الرقمية. وفي ظلّ هذا الوضع، لم يعد ممكناً دخول سوق العمل من دون هذه المهارات توازياً مع تحول المجتمع إلى مجتمع رقمي على المستويات كافة.
تستثمر اليوم دول المنطقة بالمهارات الرقمية حيث جاءت الامارات العربية المتحدة بالمرتبة الثالثة في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا. كما احتل لبنان المرتبة الثامنة من ناحية تطوير المهارات الرقمية وبعده المملكة العربية السعودية في المركز 17.
على ضوء هذا التحول سجّلت دورات الذكاء الاصطناعي ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة على مستوى العالم بنسبة 1060% كما انضم إلى المنصات الرقمية لتعليم المهارات التقنية عدد كبير من المتعلمين. وترسم هذه الأرقام صورة عن توجه العالم نحو المهارات الرقمية في مختلف القطاعات تأكيداً لدور الذكاء الاصطناعي وأهميته وحاجة المجتمع والأعمال إلى اعتماد استراتيجية واضحة قائمة على الابتكار والتطور لمنافسة السوقين المحلي والدولي.
بدورها تبدي الحكومات والشركات استعدادها الكامل لتبني التقنيات الأحدث مع دعم اليد العاملة ووضع الاستثمارات الرقمية بالدرجة الاولى في سلّم الاولويات.
الشرق الأوسط وأفريقيا في طليعة الداعمين للمهارات التقنية
وفقاً للدراسات فإن كل 9 من أصل 10 وظائف حديثة تتطلّب مهارات رقمية مع تسجّل أكثر من 50% من الطلاب باختصاصات ذات صلة بالتقنية والتكنولوجيا. وتمثل دول الشرق الأوسط وأفريقيا نموذجاً عن الدول العربية التي تسعى إلى التقدم في هذا المجال. ومن أبرز الدول في تحقيق التطور هذا: مصر التي تعزز التعلم الرقمي لتحسين مهارات اليد العاملة لديها وتكيّفها مع التقنيات الجديدة. بجانب المملكة العربية السعودية التي تركز أيضاً على تطوير المهارات الرقمية لدعم الاقتصاد كما تخطط المملكة لتدريب أكثر من 40% من الطلاب على ادارة البيانات واستخدام الذكاء الاصطناعي وفقاً للمعايير العالمية بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030. وبحسب الأرقام، بلغ عدد الأشخاص الملتحقين بدورات تعليم على المنصات الرقمية في المملكة مليون متعلم، 28% منهم من النساء استجابة إلى متطلبات سوق العمل.
وتحتل الامارات العربية المتحدة مكانة متقدمة من حيث الاستثمارات الرقمية إن كان في التعلم الرقمي أو الذكاء الاصطناعي أو التعلم الآلي.
في هذا الاطار، يشير رواد القطاع إلى المسؤوليات التي تقع على عاتق كل جهة رسمية في البلاد انطلاقاً من الحكومات أو الشركات الخاصة والعامة وصولاً إلى الأفراد والمستخدمين من المنازل حتى. فمن ناحية الشركات عليها الاستثمار المتواصل بتحسين المهارات التقنية والرقمية لديها لمواكبة التحول الرقمي في أي مجال كان. أما على مستوى الحكومات فعليها الاعتماد على البيانات وتحليلها لتحسين أداء عملها والارتقاء بالخدمات وتصميم البرامج التدريبية لتعزيز المهارات الشابة بمجال الرقمنة والتكنولوجيا.
من جهتها، تتولى المؤسسات التعليمية مسؤولية دمج الرقمنة بالمنهج التعليمي لضمان استعداد الطلاب لسوق العمل. وكذلك على الطلاب أنفسهم السعي نحو تطوير ذواتهم وبناء المهارات الرقمية المطلوبة منهم للمنافسة.
بينما تواجه الشركات صعوبة بسدّ الوظائف الشاغرة لديها والتي تتطلب مستوى عالياً من الخبرة والمعرفة بالآلات الالكترونية والبرامج الرقمية، يسلّط الخبراء الضوء على مكانة التقنية بحياتنا والتي تحتم علينا اتخاذ هذا الاتجاه للنجاح والاستمرارية. بالمقابل، ينتج عن نقص المهارات الرقمية خسائر مالية كبيرة بالنظر إلى مدى دخول التكنولوجيا في الأعمال وفي العمليات التشغيلية. فيمكننا القول هنا ان المهارات الرقمية تحولت من شيء ثانوي إلى ثقافة عمل جديدة تواكب العصر السريع مهما اشتدت الظروف.
تتيح المهارات الرقمية فرصة لنجاح الاستثمارات والمشاريع الجديدة مع توفير المرونة المطلوبة. وقد يكون من الأفضل تركيز الجهود على توظيف المهارات الخاصة بمنصات الذكاء الاصطناعي... تكنولوجيا الحاضر والمستقبل دون منازع.