Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

شهد العالم حالة من الفوضى نتيجة انقطاع خدمة الانترنت عن الأنظمة الالكترونية مما أدى إلى تعطيل الرحلات الجوية ومنع المستخدمين من انجاز أعمالهم. كما تأثرت القنوات التلفزيونية بهذا الحدث مما أجبر الشركات الاعلامية على قطع البث لحين ايجاد حلّ للعطل التقني.

خلال ثوانٍ قليلة كان انقطاع الانترنت كفيلاً بتحميل الشركات العالمية خسائر مالية فادحة ونشر الفوضى والتساؤلات. أكثر من 8 ملايين جهاز كمبيوتر تعمل بنظام ويندوز حول العالم كانت ضحية الخلل التقني في تحديث برمجيات CrowdStrike، كما أجبرت الأنظمة الالكترونية المتصلة بها التوقف عن العمل لساعات. وبينما تتوجه الدول والحكومات والشركات نحو اعتماد الحلول الرقمية تصبح التكنولوجيا المترابطة جوهراً أساسياً لاكتمال البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات. وعلى عكس ذلك، فإن تعطّل جزء واحد من الشبكة قد يؤدي إلى تعطّل أجزاء أخرى من السلسلة في وقت أصبحت غالبية الأجهزة مترابطة بشبكة واحدة أساسية.

إقرأ المزيد: انقطاع خدمات مايكروسوفت وفوضى في جميع أنحاء العالم

تتنوع الأعطال التقنية بين تعطل الحواسب والسحابة والشبكات وأجهزة تخزين البيانات وأعطال الأنظمة الذكية والبرمجيات وتكون هذه الأعطال ناتجة عن تحديثات خبيثة. هذا بالاضافة إلى المشاكل التي قد تتعرّض لها شبكات الاتصالات والبنية التحتية الرقمية ومراكز البيانات مما يؤثر على خدمة العملاء.

تقدم c ومزودو الاتصالات والشركات السحابية خدماتهم بناءً على اتصال دائم بالانترنت، لكن ماذا لو انقطعت الشبكة وتعذّر الاتصال بها؟ وهل هذه الشركات مستعدة لمثل هكذا احتمال؟

عطل CrowdStrike ومخاطر الأنظمة المتشابكة

أبلغت شركة مايكروسوفت منذ أيام عن عطل تقني ناجم عن تحديث خاطئ من مزود الأمن السيبراني CrowdStrike  مما أدى إلى توقف أنظمة شركات الطيران وتأخير في الرحلات الجوية وإلغاء أكثر من 3400 رحلة جوية وعدم قدرة القنوات التلفزيونية على البث أو وصول الشركات والمؤسسات إلى خدمات الانترنت وأنظمة الحوسبة بالاضافة إلى تعطل كل الأجهزة الالكترونية التي تعمل بنظام ويندوز. كما أن عدداً كبيراً من التطبيقات الذكية توقف عن العمل كلياً.

استغرقت عملية الاصلاح ساعات طويلة من العمل مما أظهر هشاشة الأنظمة الرقمية والبرمجيات التي يعتمد العالم عليها وضعف نظام تكنولوجيا المعلومات العالمي.

نتيجة هذه الحوادث، برزت مخاطر ترابط الأنظمة الالكترونية وأجهزة الكمبيوتر بشبكة واحدة فهذا يعزز المشاكل التقنية ويزيد تعقيدها. كما ترفع البرمجيات وتحديثات البرامج في أنظمة الشركات عدد الهجمات السيبرانية الذي زاد الى الضعف خلال ثلاث سنوات تقريباً وتعرّض بيانات الموظفين والمستخدمين إلى الخطر أيضاً. ويكون تأثير هذه البرامج كبيراً مادياً ومعنوياً نظراً لغياب برامج الحماية وعدم تبني الشركات استراتيجية اصلاحية لحلّ الثغرات التقنية ومعرفة طبيعتها بشكل فوري. ومن المتوقع أن نشهد عدداً أكبر من هذه الحوادث في السنوات المقبلة مما يلفت نظر الشركات إلى أهمية تحقيق الأمن السيبراني الذي قد تصل كلفة الانفاق عليه إلى نحو 23084 تريليون دولار بحلول عام 2028.

كما تحمل شركات التكنولوجيا مسؤولية بيانات العملاء على المنصات والتطبيقات الذكية وحمايتها وتركز على تحليلها والتصدي للاختراقات وسط عمليات هجوم متكررة.

 

آثار قطع الإنترنت وماذا عن الهجمات السيبرانية؟

يتعرّض العالم لنحو 2220 هجوماً سيبرانياً يومياً أي أكثر من 800 ألف هجوم سنوياً مما يزيد مخاوف المستثمرين والبحث عن كيفية ضمان البيانات وحمايتها وتوفير الأنظمة المطلوبة لحفظ سلامة النشاط على شبكة الانترنت.

وتؤثر الهجمات السيبرانية على المجتمعات ككل كما على الاقتصاد فهي تعطّل خدمات الشركات والحكومات وتهدد القطاعات (أبرزها المطارات وشركات الطيران والمصارف والبورصات) وتسبب خسائر مالية فادحة تقدّر كلفتها بمليارات الدولارات وتطال ملايين من العملاء.  

إقرأ المزيد: شركات التقنية تلتفت إلى خطط جديدة لمواجهة الهجمات السيبرانية

غالباً ما تتسبب الهجمات السيبرانية بإنقطاع خدمة الانترنت فيتحمل الاقتصاد العالمي التداعيات المالية حيث يُظهر مؤشر التكلفة الاجمالية لعمليات قطع الانترنت منذ 2019 لغاية اليوم كلفة العطل التقني التي تبلغ نحو 53 مليار دولار. مع زيادة مدّة التوقف عن الخدمة الالكترونية كلّما زادت الخسائر. فإن الانقطاع عن الانترنت لساعة واحدة فقط قد يتسبب بخسارة 1.5 مليار جينه استرليني على مستوى العالم. يكلّف انقطاع الانترنت لمدة 10 ساعات الاقتصاد العالمي 15 مليار جنيه استرليني وتزيد هذه الخسارة لتصل إلى 37 مليار جنيه استرليني بعد 24 ساعة من انقطاع الخدمة وانعدام الاتصال بالشبكة. على مستوى آخر، تُقدّر التقارير خسارة  شركة أمازون من انقطاع الانترنت لدقيقة واحدة بأكثر من مليون دولار وتصل إلى 106 مليارات دولار نتيجة الانقطاع عن الخدمات لمدة 24 ساعة.

تتكرر عمليات انقطاع الانترنت الناتجة عن عطل تقني وعمليات حجب الانترنت المتعمّد وقد شهد العام السابق أعلى معدل لساعات انقطاع الانترنت في السنوات الخمس الماضية حيث وصلت إلى 79 ألف ساعة حجباً.

تعتبر الشركات الأكثر اتصالاً بالانترنت الأكثر عرضة لخسائر مالية ناتجة عن توقف الخدمة كما يزيد احتمال تعرّضها لهجمات إلكترونية أيضاً. يؤكّد هذا الواقع خطورة الاعتماد على شبكة واحدة لكل الأعمال فكيف اذا كانت هذه الشبكة مترابطة تكنولوجياً على مستوى العالم.

إن تكرار الأعطال التقنية يزيد حالة الفوضى في ظلّ غياب استراتيجية للاستجابة إلى هكذا حوادث وعدم استعداد الشركات لتنفيذ خطط انقاذية فورية تضمن استمرارية الأعمال دون التقيّد بتعطّل نظام تكنولوجيا المعلومات أو توقف البرامج الذكية.

أما على المستوى الخدماتي، فيؤثر توقف الانترنت على خدمات العملاء وأداء الموظفين مع تأخر انتاجيتهم. كما تطال الخسائر التجارة الالكترونية التي ستُعطل بفعل انقطاع الانترنت والتعذّر على التجّار اجراء عمليات البيع والشراء.

 

تدابير الحماية هي الأساس

من المهم أن تأخذ الشركات والحكومات والمؤسسات مخاطر العالم الرقمي اللامتناهية بالاعتبار طالما لا تزال الأجهزة الالكترونية متصلة بشبكة واحدة. فقد يحدث انقطاع الانترنت في أي وقت دون معرفة المدة مسبقاً. في هذه الحالة، تكون تدابير الحماية مطلوبة لضمان تشغيل الانترنت بشكل حيوي.

سلّطت حادثة CrownStrike مؤخراً الضوء على أهمية الاستجابة إلى حالة توقف الانترنت المفاجئ إلى حين ايجاد حلّ لعطل نظام تكنولوجيا المعلومات. فما هي الخطط البديلة؟

مثل هذه الحوادث تتطلّب فريق عمل ذات معرفة عالية بكيفية التصرّف عند وقوع أي عطل تقني والتعامل مع المشاكل التقنية المحتملة. يمكن ذلك من خلال تكثيف دورات التدريب وتنفيذ حلول تقنية قائمة على السرعة والدقة والابتكار على المستويات كافة لضمان حقوق العملاء والشركة على حد سواء. ومن الحلول الممكنة أيضاً الاعتماد عى برامج احتياطية بديلة لاستخدامها في حال توقف الأنظمة الالكترونية الرئيسة لتأمين استمراية الأعمال بمرونة.

ومن الحلول المطروحة أيضاً تمكين التحديثات التلقائية واتباع نهج داخلي يضمن موثوقية أنظمة تكنولوجيا المعلومات.

يُعرب خبراء التكنولوجيا عن قلقهم من تأثّر القطاعات بانقطاع الانترنت إلى جانب تدمير الأنظمة المصممة لادارة الأعمال التشغيلية لمعظم أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الالكترونية الأخرى المتصلة.

بالنسبة للخبراء لم تنتهِ الأزمة هنا فحسب، بل إن هذه الحادثة ستدفع الشركات ومزودي الخدمات الى البحث عن حلول سريعة لاعتمادها.

يتوقف العالم مع صمت الانترنت. شبكة واحدة كفيلة بإنجاح الأعمال أو اسقاطها وهذا ما يظهر لنا مدى ارتباطنا بالعالم الرقمي. بعد هذا التحول لا عودة إلى الوراء. فهل وصلنا حقيقةً إلى المخاوف التي لطالما حذّر منها خبراء التكنولوجيا بشأن سيطرة الانترنت على حياتنا؟ إذ لا استمرارية من دون الانترنت.