يستخدم ملايين الأشخاص نظام تحديد المواقع GPS الذي حوّل العالم إلى قرية صغيرة على جهازنا المحمول لتحديد توجهّنا واستكشاف الخريطة والمواقع وحركة المرور وحال الطرقات واقتراح الطرق البديلة. يحمل نظام GPS بيانات المدن والقرى والبلدات لتسهيل ملاحة الطائرات والسفن وتنقّل الأفراد.
في الآونة الأخيرة تعرّضت أنظمة تحديد المواقع إلى عمليات تشويش متعدّدة لترسل اشارات زائفة تخدع المستخدمين بشأن المعلومات المتعلّقة بالمواقع الجغرافية. وقد تأثر بهذه الاشارات نحو 10 آلاف طائرة في أبريل 2023. لا يقتصر استخدام هذا النظام على تحديد المواقع والوجهات بل هو نظام أساسي لعمل الجيوش والقوات العسكرية للدفاع عن مواقعها الحساسة والتصدي إلى الهجمات عند شنّ المعارك. وعادةً ما تستهدف عمليات التشويش تحرّكاتٍ لشخصيات بارزة في المجتمع وعلى مستوى دولي. تنامى استخدام نظام GPS مع اعتماد الانترنت بشكل أكبر وانتشار مفهوم الخدمة الفورية وتوصيل المنتجات حول العالم. إلا أنه يعتبر تعطيل خدمة GPS من الأساليب التي تخلو من المخاطر وتحقق أهدافاً كثيرة في الوقت نفسه عبر التلاعب بالأنظمة التشغيلية لنظام المواقع العالمي. يساعد نظام GPS الطائرات المدنيّة على تحديد طرق التحليق وتسهيل عمليات الاقلاع والهبوط فالتشويش هنا يعرّض حركة هذه الطائرة للخطر.
آلية عمل نظام تحديد المواقع العالمي وتأثيره على حياتنا
هل الانترنت وحده مسؤول عن آلية عمل نظام GPS العالمي؟ وكيف يتم تحديد المواقع بهذه الدقّة والسرعة؟ تملك حكومة الولايات المتحدة الأميركية نظام GPS وتديره القوة الفضائية الأميركية عبر الأقمار الصناعية الذي يصل عددها إلى 24 قمراً صناعياً حول كوكب الأرض وعلى ارتفاع 19 كلم. وتستقبل هذه الأقمار ملايين من المعلومات والبيانات يومياً. على كل قمر صناعي يوجد نقطة إلتقاء لمجالات بث تحدد الموقع بدقة أكبر.
يدخل نظام تحديد المواقع العالمي GPS في أغلب نشاطاتنا اليومية حيث يستخدمه أكثر من 6 مليارات نسمة إن كان للتنقل بالسيارة أو السفر أو استخدامه لتحسين التطبيقات والارتقاء بتجربة العملاء. وقد يؤثر تشويش هذا النظام على الكثير من الأفراد وقدراتهم على الوصول إلى المناطق المحددة على الهواتف الذكية.
تحدث عمليات التشويش على GPS بشكل منتظم مع تأرجح الأوضاع السياسية حول العالم حيث تستخدم القوات العسكرية هذا النظام لتشكيل ضغط حقيقي على الخصم. رغم أن الطائرات المدنية بإمكانها تحديد طريقها بدون نظام GPS إلا ان انقطاع الاشارة يؤثر سلباً على حركة الملاحة.
أما على مستوى الأفراد، فلهذا النظام تأثيره على دماغ الانسان الذي سيخسر قدرات الذاكرة مع اعتماد هذا النظام بوتيرة أكبر على المدى الطويل. فبحسب الدراسات، ارتفعت نسبة أمراض الزهايمر مع ضعف الدماغ وعجزه عن تحديد الأماكن وحفظ التوجهات بسرعة وسهولة بشكل ادراكي. ويشير الباحثون إلى أمراض الاكتئاب والعزلة التي تصيب الأفراد عند شعورهم بالحاجة القصوى إلى نظام GPS لتحديد توجهاتهم وخوصاً الذين يتنقلون دائماً.
انعكاسات اقتصاية لنظام المواقع العالمي وحجم السوق
كما ذكرنا، تستخدم هذا النظام كل فئات المجتمع والشركات والمؤسسات والتطبيقات الذكية وعلى ضوء ذلك، يواصل سوق GPS النمو مع الاستفادة من مميّزاته المتعدّدة والطلب المتزايد عليه. ففي العام 2021، وصلت قيمة السوق العالمية لأنظمة GPS الى 75.75 مليار دولار على أن تصل إلى 302.57 مليار دولار بحلول عام 2029 مسجلةً بذلك معدل نمو سنوياً قدره 8.30% خلال الفترة المذكورة. لكن إلى جانب تحديد المواقع والاتجاهات ما هي الخدمات التي حوّلت نظام GPS إلى سوق ديناميكي لا يموت؟
الابتكارات الرقمية والتسوق الالكتروني: أدى ظهور الابتكارات الرقمية المتقدّمة وخصوصاً تلك المدعومة بالذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء والجيل الخامس والسحابة إلى ازدهار التسوق الالكتروني والتجارة الالكترونية حول العالم فأصبحت خدمة GPS من أساسيات مواقع التجزئة والتجارة حيث تقوم الشركات بجمع بيانات المستخدمين والعملاء لتحسين تجربة التسوّق وتوفير الخدمة إلى كل المناطق دون استثناء.
انتشار المركبات الذكية: تعتمد المركبات الذكية على التحّكم الذاتي عبر نظام تحديد المواقع العالمي وتعمل التطبيقات في هذه المركبات على مراقبة حركة المرور وحالة الطرقات عبر الأقماء الصناعية لتحدد توجّه السيارة.
تتبع الأشخاص: يُعد نظام GPS من أفضل المواقع لتتبع الأفراد بعيداً عن غاية التجسس. فخلال انتشار الوباء، لعبت خدمات GPS دورها في تتبع المصابين بالفيروس في المدن المكتظة ومراقبة الأشخاص خلال حجرهم الصحي. كما فرضت الحكومات على المواطنين تحميل التطبيقات الذكية وتشغيل GPS لتعقّب حركة الأفراد أثناء التجمعات.
الاستجابة إلى حالات الطوارئ: تلعب تطبيقات GPS كخرائط غوغل مثلاً دوراً بارزاً لجمع بيانات حول شخص في حال الطوارئ أو الكوارث. وتستخدم الحكومات هذا النظام في الحالات الحرجة (الزلازل، الفيضانات والحرائق) لتحديد موقع المتضررين ووضع خطة استراتيجية تتبعها فرق العمل للوصول إلى المتضررين وتوجيه المساعدات.
على ضوء هذه الاستخدامات، يرى الخبراء أن استخدامات نظام تحديد المواقع الجغرافي تخطى هدفه الأساسي وبات يشكّل مصدراً للأرباح والاتصال العالمي أيضاً.
بين أجهزة GPS وتطبيقات الهاتف المحمول الخاصة بنظام تحديد المواقع العالمي
تخدم أجهزة تتبع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) المثبتة على المركبات وتطبيقات الهاتف المحمول الهدف نفسه: تحديد الموقع بدقة. وبالتالي فهي مثالية للتتبع في الوقت الفعلي.
عادةّ ما تستخدم الشركات وخصوصاً تلك التي تدير عملياتها عن بُعد، أجهزة تتبع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على تطبيقات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) للهواتف المحمولة لأسباب مختلفة. توفر أجهزة التتبع بيانات الموقع في الوقت الآني وتراقب المعلومات الحيوية للمركبة مثل وقت التوقّف والسرعة.
ولكن مع التقدم التكنولوجي وتطوّر نظام (GPS)، أضافت تطبيقات الهاتف المحمول فوائد حصرية لأنظمة تحديد المواقع (GPS). تقدم الآن تطبيقات GPS للهاتف المحمول هذه الوظائف وغيرها العديد.
كيف تخدم شبكات الاتصالات نظام GPS؟
هل يرتبط مستقبل نظام GPS بشبكات الجيل الخامس؟ سؤال يُطرح في وقت يختبر فيه المستخدمون مزايا التكنولوجيا والخدمات التي تقدّمها للقطاعات كافة.
بالفعل، ينعكس تطوّر شبكات الجيل الخامس على جودة نظام تحديد المواقع العالمي ومميّزاته، فمع انتشار الجيل الخامس، برزت قدرات نظام GPS حيث تساهم هذه الشبكة بسرعة نقل البيانات والحفاظ على زمن وصول منخفض بدقة عالية على الأجهزة الالكترونية. كما تفتح شبكة الجيل الخامس فرصاً عدّة لزيادة الابتكار في هذا النظام وتمكين خدماته بمرونة وكفاءة.
على خط آخر، قد يحمل هذا النظام مجموعة من السلبيات تتمثّل ببطء الخدمة في الأماكن المغلقة أو التي تتوافر فيها خطوط الكهرباء. كما يشير الخبراء إلى ارتفاع عدد الحوادث وخصوصاً في السيارات ذاتية القيادة التي ترتكز على نظام تحديد المواقع العالمي والتي تأخذ الاتجاه الخطأ في حال حدوث أي خلل تقني.
إنما لا يمكن الاستغناء عن هذا النظام الذي أصبح من أساسيات العيش بل يكفي نشر المعلومات حول كيفية اعتماده بالطرق الصحيحة للاستفادة القصوى من خدماته مع ضمان حماية المستخدم والتحكّم الآني بالبيانات.