يُدرك رواد الأعمال والشركات فوائد السحابة العامة لإدارة عملياتهم وتحقيق أعلى قدر من الكفاءة وزيادة الإيرادات. تبحث 68% من شركات الشرق الأوسط في امكانية نقل عملياتها إلى السحابة بحلول العام 2025 إلى جانب نسبة كبيرة أيضاً باشرت بزيادة ميزانيتها السحابية خلال العام الجاري.
يشهد سوق السحابة العامة نمواً كبيراً في الشرق الأوسط وأفريقيا تزامناً مع رغبة شركات المنطقة في الانتقال من الأعمال التقليدية إلى الحلول الرقمية. ويتمثّل هدف رجال الأعمال اليوم بتعزيز الاقتصاد الرقمي والتركيز على التقنية والتكنولوجيا واعتمادها لتحسين تجربة العملاء ورفع مستوى الأعمال وتوظيف التقنيات المطلوبة لأتمتة العمليات التشغيلية. تأخذ السحابة العامة حصّة كبيرة في الشرق الأوسط وأفريقيا وهي تُعد الآن من العناصر الأولى لتحقيق النمو المتسارع مع وصول نسبة كبيرة من الشركات إلى نتيجة ملموسة في هذا المجال حيث توفر السحابة فرصاً ذهبية للشركات ومزودي الخدمات في المنطقة.
كم يبلغ إنفاق الشرق الأوسط على السحابة؟
بحسب شركة غارتنر، من المتوقع نمو انفاق المستخدم النهائي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا على خدمات السحابة 19.8% ليصل إلى 7.3 مليارات دولار في عام 2024. ويلحق هذه النتائج نمو الانفاق على خدمات البنية التحتية للتطبيقات السحابية من 1.805 مليون دولار في عام 2024 إلى 2.275 مليون دولار عام 2025. أما خدمات التطبيقات السحابية فتواصل نموها من 2.505 مليون دولار عام 2024 إلى 3.004 ملايين دولار بحلول عام 2025. كذلك بالنسبة لمعدلات نمو خدمات عمليات الأعمال السحابية التي يصل الانفاق عليها في عام 2024 إلى 1.195 مليون دولار ليرتفع إلى 1.404 مليون دولار عام 2025. كما من المتوقع أن ينمو إنفاق المستخدم النهائي حول العالم على خدمات السحابة العامة بنسبة 20.4% ليصل إلى 675.4 مليار دولار أميركي في عام 2024 وسيكون هذا النمو مدفوعاً بالذكاء الاصطناعي التوليدي وتحديث التطبيقات.
نظراً إلى هذه الأرقام، قد يتجاوز انفاق المستخدم النهائي العام على السحابة التريليون دولار بحلول نهاية العقد الحالي. قسم كبير من نمو السحابة المتواصل يعود إلى ازدهار الذكاء الاصطناعي التوليدي والتطبيقات الذكية.
أتاحت السحابة العامة أكثر من 700 حالة استخدام واستفادت منها شركات عدّة وجهات من القطاع العام التي قد تحقق قيمة أرباح تصل إلى 183 مليار دولار بحلول عام 2030.
دفعت هذه السياسات إلى جذب مزودي خدمات السحابة إلى المنطقة لتأسيس مراكزها: أسست خدمات أمازون ويب عام 2019 أول مركز سحابي لها في مملكة البحرين لتتوسّع خدماتها وتمتد للامارات عام 2022. كما دخلت شركة مايكروسوفت سوق السحابة أيضاً إلى الامارات كما أنشأت مراكز بيانات في قطر. ويتم التخطيط لتشغيل نحو 5 مراكز بيانات لخدمات السحابة في المملكة العربية السعودية بحلول عام 2030.
تزيد السحابة العامة مرونة الأعمال لادارة الأزمات وحلّ المشاكل وتخفّض تكاليف البرامج لتحسين الانتاجية. كما توفر الحلول السحابية أفضل الأنظمة للشركات لتواكب البيئة الرقمية على المستويات كافة.
كما تدفع السحابة العامة الشركات نحو الابتكار لتزويد العملاء بتجربة فائقة وبأحدث الحلول التكنولوجية تلبيةً لمتطلباتهم. على مستوى آخر، تقدم السحابة الكثير لقطاعات مختلفة ومنها التجارة الالكترونية والبنوك الرقمية القائمة على أتمتة التداولات المالية والمعاملات دون التقيّد بالزمان والمكان، بالاضافة إلى قطاع النفط والغاز والاتصالات والتأمين والتجزئة والبنية التحتية والرعاية الصحية والطيران والترفيه. نتيجة هذه التحولات، قد تحقق الخدمات السحابية قيمة تصل إلى 183 مليار دولار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بحلول عام 2030. لكن كيف تخدم أدوات الذكاء الاصطناعي السحابة؟
يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تسارع نمو خدمات السحابة فهو يزيد من 75 إلى 110 نقاط مئوية من عائد الاستثمار المتنامي إلى البرامج السحابية من خلال توفير خدمات جديدة للشركات، خفض الكلفة وتوفير الوقت وتطوير البنية التحتية الرقمية على السحابة.
استراتيجية ناجحة للانتقال إلى السحابة
تركز الشركات في استراتيجياتها لنقل الأعمال إلى السحابة على التطبيقات التي تساهم بتحقيق الكفاءة وتزيد من الايرادات والانتاجية في آن. ولتعزيز السحابة أيضاً تعزز الشركات شراكاتها مع مزودي خدمات الاتصالات لدعم الخدمات الجديدة واعادة هيكلتها.
الاستعانة بمهارات مختصة بالسحابة: تستعين الشركات بمهارات تقنية ومهندسين مختصين بالسحابة لضمان انتقال البيانات كما هي بأقل خطر ممكن.
نقل البيانات ونسخها احتياطياً: ضمان أمن البيانات ونقلها إلى السحابة مع صيانة الشبكة المستخدمة.
تنقسم نماذج نقل البيانات إلى السحابة إلى أربعة يشمل أوّلها النموذج التقليدي وهو السحابة العامة التي تدفع الشركات للحصول على مساحة خوادم في مراكز البيانات التي توفر الخدمة السحابية.
أما النموذج الثاني فهو السحابة الخاصة وهو الذي يُخصص فيه الخادم بأكمله المحدد في مراكز البيانات بحسب طلب المستخدم. النموذج الثالث هو السحابة المختلطة، حيث تعمل الشركة على نقل البيانات والتطبيقات المستخدمة إلى مراكز بيانات وفقاً لسياسة الشركة.
السحابة المتعددة هي النموذج الرابع والأخير وهي تنقل البيانات والتطبيقات إلى مزودي السحابة على اختلافهم.
تنعكس هذه النماذج ايجاباً على الشركات حيث تتيح السحابة فرصاً أكبر لتطوير الأعمال وتوسيع البنية التحتية المستندة إلى السحابة لتلبية احتياجات الشركة. كما تدفع هذه النماذج الحكومات إلى رقمنة أعمالها واعتماد السياسة التنظيمية الخاصة بالسحابة لتخزين البيانات والمعلومات وجذب الاسثمارات السحابية أيضاً إلى البلاد.
تحديات السحابة في الشرق الأوسط
تواجه الحوسبة السحابية تحديات كبرى تفرض على الشركات وضع خطة واضحة لمواجهتها. إليكم التحديات الاكثر انتشاراً في المنطقة:
سوء استخدام خدمات الحوسبة: قد يتم استخدام خدمات الحوسبة السحابية بطريقة سيئة واستغلالها لأهداف ضارة. وغالباً ما تكون قلّة المعرفة التقنية سبباً في عدم معرفة استخدام السحابة والاستفادة من امكاناتها العالية.
الهجمات السيبرانية: تتعرّض أنظمة الشركات وبرامجها إلى هجمات سيبرانية متفاوتة الحجم وقد تطال برامج الحوسبة السحابية أيضاً. وقد تمنع هذه الهجمات الوصول إلى البيانات والمعلومات وتعذّر نقلها إلى السحابة.
عدم استخدام برامج الأمان: تتعرَض البيانات إلى اختراقات يومياً فيما يهدف القراصنة الوصول إليها لسرقتها. وغياب برامج الأمان يرفع احتمال التجسس والتلاعب بالمعلومات ويُنمّي الثغرات التقنية. فقبل الانتقال إلى الحوسبة السحابية يجب على المستخدمين التكيّف مع هذه الخدمات وتفعيل حماية السحابة للحدّ من الاختراقات.
تغيير الاستراتيجية المعتمدة: للانتقال إلى السحابة يجب على الشركات تحديد استراتيجية جديدة لادارة البيانات وهذا يتطلّب الكثير من الجهد والوقت للاستجابة إلى متطلبات التشغيل السحابي.
ويكمن الحلّ الأهم ببناء بنية تحتية رقمية لمواجهة هذه التحديات بالاضافة إلى تطوير المنصات الرقمية التي تضمن نمو خدمات السحابة إلى جانب تدريب المهارات اللازمة في التكنولوجيا والاتصالات لرفع مستوى أداء خدمات السحابة.
على خط المبادرات لتعزيز وجود السحابة، تقدم حكومات الشرق الأوسط سياساتها لدعم نماذج الأعمال الجديدة ما يمكنها من البقاء والاستمرار رغم التحديات والصعوبات.