ملايين من الأجهزة الالكترونية والهواتف الذكية تُصنّع سنوياً لتُوزّع في الأسواق حول العالم، إنما أين ينتهي بها الأمر مع مرور الوقت؟ هل يُعاد تدويرها أم يتم التخلص من هذه الأطنان بطريقة عشوائية؟
تهدد المخلّفات الالكترونية توازن النظام البيئي فهي تحتوي على أكثر من ألف مادة مضرّة بالبيئة. وصل الانتاج العالمي للنفايات الالكترونية عام 2022 إلى 62 مليون طناً ليرتفع بنسبة 82% مقارنةً بالعام 2010؛ تتنوع المخلّفات الالكترونية بين الأجهزة المهملة أو التي تحمل بطارية غير نافذة أو التي لم تعد تتوافق مع الأنظمة الحديثة وأصبحت قديمة الصنع. ومن المتوقع أن تستمر هذه الأرقام بالارتفاع لتصل نسبة النفايات الالكترونية إلى 82 مليون طن بحلول عام 2030. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تُعد المخلّفات الالكترونية من أسرع مصادر النفايات الصلبة نمواً على مستوى العالم وهذا ما يزيد اتساع الفجوة بين توليد هذه النفايات واعادة تدويرها كما يجب.
من هي أكثر الدول انتاجاً للنفايات الالكترونية؟
تعكس كمية النفايات الالكترونية المنتجة مدى استهلاك الدولة للأجهزة الحديثة ومعدل توليد الفرد الواحد لأجهزة تكنولوجيا المعلومات بشكل يومي. في سياق متصل يقدّر الخبراء أن تكون الدول الأوروبية أكثر الدول انتاجاً للنفايات الالكترونية للفرد مع بقاء نسبة كبيرة من هذه النفايات دون معالجة سليمة للبيئة وهذا ما يتطلّب معدات متينة وأنظمة ذكية ومراكز مخصصة لاتمام عملية اعادة التدوير.
عربياً، تعاني الدول العربية من فوضى النفايات الالكترونية التي تهدد التنمية المستدامة في المنطقة. وعلى رغم أهميتها، قليلة هي الدول التي تجمع احصاءات قابلة للمقارنة دولياً في ما يتعلّق بتحديد نسبة المخلّفات الالكترونية المحققة سنوياً. ففي عام 2022، وصل حجم المخلّفات الالكترونية في المملكة العربية السعودية إلى 595 ألف طن مع دعم المملكة لخطّة التحول الرقمي والاستثمارات الرقمية. بالتوازي مع رغبة المملكة العربية السعودية في النمو والتطوّر إلا أن الخطة المطروحة لادارة النفايات الالكترونية لا تزال ضعيفة بسبب تراجع مبادرات القطاع الخاص وسوء التنظيم الاقتصادي وضعف الادارة.
وتماشياً مع رؤية المملكة 2030، تتحرّك الحكومة نحو زيادة مرافق اعادة تدوير النفايات الالكترونية والأجهزة المحمولة واستخدامها لفوائد اجتماعية وبيئية.
في الجانب القطري، يهتم المستثمرون في البلاد بإنشاء مصانع لاعادة تدوير النفايات الالكترونية والتخلّص الآمن من المعادن والمواد السامة التي تحتويها حرصاً منها على تحقيق الاستدامة والالتزام بالحماية البيئية وتمكين قطر من التعامل مع التحولات السريعة خصوصاً في ما يتعلّق بمجال التطور التكنولوجي وتداعياته على المستويات كافة.
وايماناً منها بضرورة حماية البيئة وتطبيق الاستدامة أيضاً، تشجّع الكويت حملات اعادة تدوير النفايات الالكترونية والحد من الانبعاثات السامة بما يخدم المجتمع المحلي.
تحرص الحكومات الحالية على نشر التوعية حول أهمية تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز المبادرات الهادفة إلى حماية البيئة والأخذ بالاعتبار التغيرات المناخية ومحاولة الحدّ من مخاطر التغيير المناخي وتجنّب استخدام المواد السامة لخدمة المجتمع والأفراد على المدى الطويل.
إليكم مراحل إعادة تدوير الهواتف المحمولة
قد تجهل غالبيتنا كيفية التصرّف بالهواتف القديمة لدينا فيتم التخلّص منها دون التفكير بالتأثيرات السلبية لهذا الفعل على البيئة بشكل خاص. ومع تجاهل الشركات هذه المشكلة لسنوات طوال كان لا بدّ من رفع الصوت حول أهمية التخلّص السليم من الأجهزة الالكترونية على أنواعها والاستفادة من المواد التي تحتويها واعادة تدويرها في حال كان ذلك ممكناً. فإلى كم مرحلة تنقسم عملية اعادة تدوير النفايات الالكترونية وما هي الأجهزة غير الصالحة لاعادة التدوير؟
يتم فصل الهواتف الذكية التي ما زالت صالحة للاستخدام عن الهواتف التي يمكن اعادة تدويرها والتي تمرّ بمراحل عدّة: بدايةً مع فصل البطاريات لتُرسل إلى مصانع اعادة التدوير. وبعد تحطيم الهاتف يتم تسخينه على حرارة تتجاوز 1100 درجة مئوية.
أما في المرحلة الثانية فتتم معالجة المواد الناتجة عن تحطيم الهاتف واستخراج المعادن من ما تبقى ويتم تحويلها إلى مواد أخرى لتُشكّل من جديد.
أخيراً تُنقل هذه المواد إلى اعادة التدوير واعادة استخدامها لأجهزة أخرى مع الحرص على ازالة المواد السامة منها.
قد تقلّص عملية اعادة تدوير الهواتف المحمولة الأزمة لكن لن تمنع وحدها من تكدّس النفايات الالكترونية خصوصاً وأن الشركات في هذا المجال تستمر باستراتيجية "التقادم المخطط" أي صناعة الأجهزة الحديثة وطرح طرازات متعددة من الهواتف المحمولة بشكل سنوي فتتراكم بذلك الأجهزة القديمة وبشكل مستمر.
والسؤال الذي يطرح هنا، من المسؤول عن هذه الظاهرة؟ تتحمّل جهات عدّة هذه المسؤولية وأبرزها المستخدمون الذين لا يدركون كيفية التصرّف بالأجهزة القديمة فيتخلّصون منها دون وعي أما المسؤولية الأكبر فتقع على الشركات التي يجب عليها اعادة النظر بخطة الصناعة لديها والعمل على انتاج أجهزة الكترونية بكفاءة أكبر وبعمر أطول تخدم المستخدم لمدة طويلة دون أن يكون بحاجة إلى تبديلها أو التخلّص منها.
تحقق شركات التكنولوجيا أرباحاً سنوية من صناعة الأجهزة الذكية وطرحها في السوق للمنافسة المحلية والدولية بينما يدفع كوكبنا ثمن هذا التطوّر وقد تكون فاتورة النفايات الالكترونية وخيمة على المدى البعيد.
132.5 مليار دولار حجم سوق النفايات الالكترونية بحلول 2028
وصل حجم سوق ادارة النفايات الالكترونية العالمي في العام 2022 إلى 63.4 مليار دولار. وفي ظلّ التحول الرقمي والتوجّه نحو التكنولوجيا من المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 132.5 مليار دولار بحلول عام 2028. ويشير الخبراء الى أن الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية لاعادة تدوير النفايات الالكترونية وتوسيع هذا السوق على مستوى العالم أديا إلى اقبال أكبر نحو هذه الظاهرة وزيادة الشراكات المتخصصة باعادة تدوير المخلّفات الالكترونية مع زيادة الوعي حول طرق حماية البيئة وتسليط الضوء على الحلول المتاحة لتجنّب التخلّص العشوائي من الأجهزة الالكترونية وتداعيات ذلك على المجتمع ككل.
تطوير نماذج صديقة للبيئة
رغم التحديات، تحاول شركات التكنولوجيا الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية. ويرتبط مدى نجاح هذا الهدف بسياسة شركات التصنيع التي عليها الالتزام بصناعة الأجهزة الالكترونية الصديقة للبيئة بما يتوافق مع المعايير العالمية.
تجسّد نماذج الأجهزة الالكترونية والهواتف الذكية الصديقة للبيئة رؤية الدول النامية التي ترمي للانتقال إلى مستقبل أكثر استدامة وتطوراً. تدعم الهواتف الصديقة للبيئة أعلى مستوى من المعايير البيئية فليس من الضروري ألا تتوافق مع احتياجات ملايين من المستخدمين بل هي تأتي مدعومة بشبكة الجيل الخامس ومكوّنة من مواد يمكن تدويرها ومخصصة للاستخدام لفترة طويلة مقارنةً بالأجهزة التجارية.
في مشهد متطوّر تزيد المنافسة بين الشركات الرائدة في صناعة الهواتف والأجهزة الذكية إلا أن مع التقنيات المطروحة حالياً، تعمل هذه الشركات على تحفيز الابتكار والنمو لاستخدام الهواتف المحمولة والاستفادة من خدماتها مع الأخذ بالاعتبار السياسات البيئية (الحدّ من النفايات الالكترونية) والاجتماعية والاقتصادية ( توفير الهواتف الذكية بأسعار مدروسة).