أكثر من 207 مليارات جهاز إلكتروني ستكون متصلة بشبكة الانترنت العالمية بدءاً من المنازل والمدن الذكية وكل ما تحتويه من آلات وصولاً إلى أجهزة الكمبيوتر المتطورة والأجهزة الالكترونية ذاتية التحكّم. وستكون الشركات مستعدة لهذه الظاهرة التي ستتزايد مع السنوات المقبلة مع تعزيز الذكاء الاصطناعي.
ما علاقة انترنت الأشياء بهذا التطوّر؟ تختبر الشركات حول العالم أهمية انترنت الأشياء مع اعتماده بشكل أكبر يوماً بعد يوم. ومن المؤكد أن نمو هذه التقنية لن يكون محدوداً بفترة معيّنة ولن يغيب عن التقنيات الأبرز لعام 2024. ومع ارتفاع عدد الأجهزة الالكترونية المتصلة بالانترنت تضاعف دور تقنية انترنت الأشياء وأهمية وجودها. وعلى رغم التهديدات السيبرانية المتزايدة، تضع الشركات ثقتها بقدرات انترنت الأشياء لدعم القوى العاملة رقمياً وتسهيل الأعمال المتصلة أيضاً.
ما علاقة الجيل الخامس بتعزيز إنترنت الأشياء؟
الانتقال إلى الشبكات اللاسلكية، انتشار الجيل الخامس، تكامل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، جميعها عوامل مؤثرة على توجهات انترنت الأشياء الذي من المتوقع نمو الأجهزة المتصلة به إلى 27 ملياراً بحلول عام 2025. وقد يصل توليد البيانات إلى 73.1 زيتا بايت مما يدفع إلى اعتماد الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بشكل اضافي لا سيّما في الشركات والمصانع الذكية؛ فيرى الخبراء أنه قد تتم معالجة 75% من البيانات الناتجة عن الشركات بواسطة انترنت الأشياء.
تلعب هذه التقنية دوراً أساسياً في تسهيل العمليات التشغيلية وحفظ المعلومات ونقل البيانات في الوقت الآني. إنما الدور الأكبر يعود لشبكات الجيل الخامس التي ساهمت بتحوّل أجهزة انترنت الأشياء المدعومة بسرعات فائقة وزمن استجابة منخفض وأداء عالي الكفاءة. ويتيح الاتصال بالجيل الخامس الاستفادة من التطبيقات الذكية إن كان على مستوى الأفراد في تسهيل أعمالهم أو في قدرتهم على التحكم عن بُعد بالأجهزة الالكترونية.
ولا تقتصر امكانات انترنت الأشياء على ذلك فحسب، بل يشكّل جزءاً أساسياً من القطاعات التي تدمج التكنولوجيا في أعمالها والتي أصبح عددها كبيراً مقارنةً بالسنوات الماضية. ومن هذه القطاعات نذكر قطاع النقل حيث المركبات الذكية متصلة بالانترنت وبشبكة الجيل الخامس بشكل خاص لتوفير القيادة الذاتية والاتصال بالشبكة أثناء القيادة أيضاً.
بينما يستفيد الأطباء في القطاع الطبي من انترنت الأشياء لتحليل المعلومات الطبية وتبادلها مع المرضى عن بُعد بالاضافة إلى تأمين العلاجات السريعة عبر التشخيص الافتراضي بدقة وموثوقية. ومن المتوقع نمو قيمة سوق الرعاية الصحية عبر انترنت الأشياء إلى ما يقارب 289 مليار دولار بحلول عام 2028.
أما في قطاع الزراعة فالأمر لا يختلف كثيراً، حيث سهّل انترنت الأشياء الأعمال الزراعية على المزارعين لمراقبة المحاصيل والتحكم بالمساحات الواسعة عبر الأجهزة المتصلة بالشبكة والمدعومة بانترنت الأشياء لدقة أكثر.
بدورها، تسلّط شركات الاتصالات تركيزها على تعزيز تكنولوجيا انترنت الأشياء لعالم أكثر ذكاءً. كما تقدم خدمات انترنت الأشياء حلولاً آمنة وقوية لبرامج المراقبة، امكانية تطوير الأعمال، تنظيم الادارة الداخلية وتحسين جودة الخدمات المقدّمة.
تحديات زيادة الأجهزة المتصلة
تُحتم مليارات من الأجهزة الذكية المتصلة بانترنت الأشياء ضرورة تطوير بروتوكولات الأعمال لدى المؤسسات والشركات لتمكين هذه الأجهزة والاستجابة إلى متطلبات العملاء أيضاً.
في ظلّ التحول السريع، تصبح حماية البيانات التي يتم نقلها مسألة أساسية؛ فكلما زاد عدد الأجهزة المتصلة كلما زاد خطر الهجمات السيبرانية. تضع شركات التكنولوجيا مسألة الخصوصية وأمن المعلومات ضمن أولوياتها مع الحفاظ على ثقة العملاء ومواصلة دعم الأجهزة المتصلة بانترنت الأشياء. على ضوء توسع المجتمع الرقمي، يتم تفعيل بروتوكولات التشفير والمصادقة الثنائية على التطبيقات الذكية للحدّ من الهجمات المحتملة.
وبحسب الدراسات، تشمل تحديات أمن انترنت الأشياء عدم تحديث برامج الأمان على الأجهزة المتصلة مما يجعلها أكثر عرضة للقرصنة ولعمليات طلب الفدية. أما الافتقار إلى الخبرة الكافية وعدم يقين أهمية انترنت الأشياء وعدم الاستفادة من دوره بالشكل المطلوب فقد يزيد من المخاطر المحتملة. يستخدم القراصنة أجهزة انترنت الأشياء المُخترقة للوصول إلى سائر الأجهزة الذكية المتصلة وغالباً ما تتم هذه العمليات في المؤسسات التي تملك أكثر من جهاز متصل.
مع اعتماد استراتيجية العمل عن بُعد، باتت شبكات الانترنت المنزلي معرّضة للخروقات السيبرانية أكثر، مع استخدام أكثر من جهاز للعمل من المنزل. هذا بالاضافة إلى كلمات المرور الضعيفة التي تعتبر أحد الأسباب الأساسية لاختراق الأجهزة الالكترونية حول العالم. أما شبكات الواي-فاي العامة فتشكّل خطراً كبيراً على الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة أيضاً وخصوصاً الشبكات المتاحة في الأماكن العامة التي قد تتضمّن ثغرات أمنية أكبر.
يؤكد الخبراء ضرورة تحديث التطبيقات الذكية بشكل مستمر والتخلّص من التطبيقات دون فائدة فهي تضاعف الثغرات الأمنية فيكون عندها من السهل على الجهات المقرصنة أن تشن هجماتها السيبرانية.
أمن وأمان أنظمة انترنت الأشياء
تعزز الشركات والمصانع المتطوّرة استراتيجية الأمن الرقمي لديها وبنيتها التحتية لتوفير بيئة آمنة مع تناقل عدد أكبر من البيانات. ولهذا الهدف يمكن تطبيق مجموعة من الممارسات الادارية والرقابية لتحديث الأنظمة التكنولوجية وتنظيمها وفرض خطة أمنية قوية خاصة لحماية الأجهزة المدعومة بالذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء.
عادةّ ما تقع الشركات فريسة الاهمال وعدم معرفة مستجدات تطبيقات الحماية للأجهزة المتصلة بالانترنت. كما يُعد السلوك الفردي مهماً جداً لحماية البيانات ومنع الهجمات الالكترونية.
تماشياً مع أحدث معايير التكنولوجيا والتقنية على مستوى العالم، تستخدم الشركات اليوم علامات تحديد الترددات الراديوية للحدّ من الهجمات السيبرانية على أجهزة انترنت الأشياء وذلك من خلال ربط التردد اللاسلكي ببطاقات التعريف للأجهزة المحددة. كما تتجه الشركات نحو ترقية استراتيجيتها لأمن انترنت الأشياء.
لن يكون الأفراد وحدهم من يستخدمون انترنت الأشياء فحسب بل تتبنى المدن الذكية والشركات المتطورة والسيارات الذكية هذه التقنية بشكل متزايد لتوفير الجهد والوقت والكلفة. فكما تسهّل هذه التقنية انجاز الأعمال فهي قادرة أيضاً على أتمتة البيانات وادارتها عن بُعد.
ومن الأجهزة القابلة للارتداء إلى الصناعات على أنواعها، هناك حاجة إلى تحليل البيانات بسرعة ودقة ويظهر الجيل الخامس كشبكة عالية السرعة للاستجابة إلى كل حالات الاستخدام إلى جانب شبكة
SD-WAN لتميكن قوة المعالجة.
كيف يساهم إنترنت الأشياء في تحقيق الاستدامة؟
بالنسبة للاستدامة والحلول الخضراء التي أصبحت أولوية للسوق، من المتوقع أن يُستخدم انترنت الأشياء لهذا الهدف عبر أجهزة الاستشعار لمراقبة الحرارة وكمية الطاقة المستخدمة خصوصاً في المصانع. كما يُستخدم انترنت الأشياء للحدّ من الانبعاثات الكربونية وتوفير الطاقة النظيفة. من جهتها، تستعين المصانع بهذه التقنية لتحديد المنتجات الصالحة وغير القابلة للاستخدام أو غير مفيدة للبنية التحتية لادارة حركة مرور البيانات وتحسينها.
أما عن تأثير انترنت الأشياء اقتصادياً، فتشير الدراسات إلى أن اعتماد هذه التقنية بشكل كامل خلال السنوات القليلة المقبلة سيكون له وقعه الايجابي مع اضافة 11 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2025.
تتعدد الأسباب خلف اعتماد انترنت الأشياء وربط الأجهزة الالكترونية به والسبب واحد مع حاجتنا إلى شبكة سريعة وحلول ذكية وأجهزة رقمية تلبي تطلعاتنا لتطوير خدمات الانترنت والاستفادة من الابتكارات وقدرة الانسان على التحكم عن بُعد بكل ما يحيطه في الوقت الآني. بينما سيكون لانترنت الأشياء مستقبل مبهر، فكيف سيستفيد السوق والشركات من هذه التقنية على المديين القريب والبعيد؟