هل تطأ الروبوتات سطح الكواكب أم أن الفضاء سيبقى ملعباً لرواد الفضاء؟ منافسة شرسة وقدرات خارقة تعيد الصراع بين الانسان و"الانسان الآلي" إلى الواجهة. فعلى رغم الاحتدام الكبير حول هذا الموضوع وفي ظلّ المخاوف من سيطرة الروبوتات الكلية على الأرض تصل الروبوتات البشرية إلى الفضاء.
تُجسّد الروبوتات البشرية امكانات الخيال العلمي وأفكاراً كانت غير قابلة للتطبيق لولا تطوّر التكنولوجيا. تؤدي الروبوتات مهام عدّة لتنقل القطاعات إلى مستوى أعلى من حيث مراحل تطبيق العمليات التشغيلية والصناعية. تُقدّر الأرقام أن يصل حجم قطاع الروبوتات إلى 260 مليار دولار بحلول عام 2030 إضافة إلى توسّع نطاق استخدام الآلات وتطوير الأداء المهني وتحسين جودة الخدمة. وبعدما اجتاح الروبوت الوظائف والمؤسسات هل سيتمكّن من العمل في الفضاء الخارجي أيضاً وغزوه؟
الروبوتات بين المصانع وسطح الكواكب
تؤدي الروبوتات نحو 90% من الأعمال حالياً دون تدخل الانسان واعترف الخبراء أنها لن تحل محل اليد العاملة البشرية كلياً بل ستكون أداة لمساندة العمّال تحت الظروف الحرجة. بعد الثورة الصناعية الرابعة، وتقدّم التكنولوجيا وتطوّر حلول الذكاء الاصطناعي، انتقلت الروبوتات إلى مستوى آخر شكلاً ومضموناً كما زاد عددها ليصل إلى 3 ملايين في عام 2022. لا تزال الأنظمة الروبوتية للرحلات الفضائية قيد التنفيذ؛ حيث تم تصميم روبوت شبيه للبشر ليكون نموذجاً جيداً عن الروبوتات المصممة لاكتشاف الفضاء. يبلغ طول الروبوت 188 سنتم ووزنه 136 غراماً، يعمل في بيئات عمل صعبة ويتم اختباره الآن لأداء المهام في الفضاء لخدمات عالية المستوى. تتعامل الروبوتات البشرية في الفضاء في أكثر المواقع خطورة مما سيمكّن رواد الفضاء من اكتشاف المزيد عن العالم الخارجي دون التعرّض للخطر. كما تدرس الشركات امكانية الاعتماد على الروبوتات لصيانة البنية التحتية والمحطات الفضائية واجراء التجارب على سطح الكواكب.
تستغل الشركات مزايا الروبوتات لتطوير قدراتها في المصانع فتتولى مهام عدّة كنقل البضائع وغيرها. سيتمكّن القيّمون من التحكم بهذه الروبوتات على مدار الساعة بمجرّد الاتصال بالانترنت، كما تأتي هذه الروبوتات مزوّدة ببطارية قابلة للتبديل تسمح لها بالعمل لساعات طويلة تصل إلى أربع ساعات. من المتوقع أن تتوفر هذه الروبوتات في المستودعات والمصانع والورش مع مطلع عام 2025 على أن تنتشر بشكل أوسع لتدخل في كل أنواع الأعمال والقطاعات.
حياة جديدة بعد الثورة الصناعية الرابعة
بين اعتماد الذكاء الاصطناعي أو الابتعاد عن حلول التكنولوجيا، تختار الشركات والأفراد التركيز على الآلات المدعومة من هذه التقنيات بما يتماشى مع رؤية المستقبل والحياة الذكية.
وفي اطار التحولات التي بدأنا نشهدها بعد دمج التقنية بالحياة اليومية، يؤكد الخبراء الانعكاسات الايجابية للروبوتات على النمو الاقتصادي والانتاجي. فبفضل الدقة العالية والقدرة على التركيز المتواصل يستند الانسان الى الروبوتات اليوم أكثر من أي وقت مضى لتحسين كفاءة الخدمات وجودتها وتوفير الجهد والوقت بطبيعة الحال. فأصبح بامكان الروبوتات التعامل مع المرضى في المستشفيات، توفير العلاجات عن بُعد، انجاز العمليات الجراحية، خدمة العملاء في محلات التجزئة، مساعدة العمال في المصانع – حيث من المتوقع أن تصل قيمة الروبوتات الصناعية إلى 35.68 مليار دولار بحلول عام 2029، التفاعل مع المستخدمين للترفيه وانجاز الطلبات الآنية.
تميّز النسخة الجديدة من الروبوتات أشكال الأشخاص الذين تقابلهم والأشياء التي تحيط بها كما يساعدها الذكاء الاصطناعي على اتخاذ القرارات الصائبة في الأزمات. ليس من الضروري وجود الانسان لضمان عمل الروبوتات فبامكانها أن تتولى الأمور بدقة لاتمام العمليات التشغيلية. وعلى عكس ما يُشاع، يعتقد نحو 60% من الشركات التكنولوجية في أن تساهم الروبوتات بخلق وظائف جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة خصوصاً في كل ما يتعلق بالرقمنة والبرمجة.
تحديات رغم الإنجازات
لا حدود في عالم التقنية، فالصورة التي رسمتها أفلام الخيال العلمي في الماضي لم تعد مجرّد رؤية فقط بل أصبحت حقيقة ملموسة مع اختراع روبوتات شبيهة بالانسان. إلا أن عالم الابداع لا يخلو من التحديات فقد تحمل الروبوتات ثغرات خطيرة في أحيان وترتكب الأخطاء أحياناً أخرى.
ثغرات أمنية: تتعرض الروبوتات لبرامج خبيثة ترفع احتمالية حدوث ثغرات أمنية. في هذه الحالة، قد يقوم الروبوت بتصرفات غريبة، ينشر معلومات كاذبة، يتغيّر سلوكه ولا يستجيب إلى طلبات الأفراد.
الصيانة المتواصلة والتكلفة المتزايدة: يحتاج الروبوت إلى صيانة بشكل منتظم على مدار السنة لبرنامجه وهي تعتبر مكلفة، فلتشغيل الروبوت يتطلب ذلك تحديث برنامجه لضمان التفاعل البشري والفعل الآني.
الفجوة الرقمية ونقص المهارات: تواجه بعض الدول نقصاً كبيراً في المهارات الرقمية لديها مما يمنعها من تبني التقنيات الحديثة أو التفكير بتطوير أنظمة القطاعات العامة والخاصة ودمج الروبوت في العمليات التشغيلية. لهذا السبب، تعمل دول المنطقة والعالم على دعم الشباب للتعمق أكثر بالتكنولوجيا ودور الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاجتماعي.
عصر الروبوت في أوجّه
تخرج الابتكارات التقنية عن أطر الزمان والمكان فهي من يهيمن في الحاضر وستستمر بوتيرة تصاعدية في المستقبل. لا مكان للشركات التقليدية ولا مساحة للمهارات الرقمية ولا استمرارية للدول البعيدة عن الوسط التكنولوجي أو لا تعتمد استراتيجية التحول الرقمي ليس فقط على صعيد التحول إلى الأنظمة الحديثة ولكن أيضاً باعتبار الروبوت ركيزة أساسية في بناء مجتمع أفضل للأجيال القادمة. فمع المدن الذكية والمنازل المتصلة بالانترنت ونشاط الأعمال الافتراضية وتنوع التطبيقات الذكية والتركيز على العالم الرقمي، يبدو أن الروبوت سيحمل كل أنواع التطور المستقبلي بالتوازي مع آلات الذكاء الاصطناعي.
بين المخاوف والانتقادات، ستبرهن لنا السنوات القادمة أن لا حياة من دون التكنولوجيا ولا بيئات عمل ناجحة من دون الروبوت لأنشطة مرنة وأكثر فعالية تدفع الصناعات ومختلف القطاعات نحو تحول هائل على المستويات كافة.