في عالم تهيمن عليه التكنولوجيا والاتصال هو من الضروريات، يصبح الانقطاع عن الانترنت فكرة شبه مستحيلة. خلال هذا العام، وصل عدد المتصلين بالانترنت إلى أعلى مستوياته إلا ان الجهود متواصلة في هذا الاتجاه لتحقيق الاتصال الشامل بحلول عام 2030.
في ظلّ التحول الرقمي السريع، يتغيّر سلوك المستخدم على مواقع التواصل وكذلك على شبكة الانترنت فتجد الشركات نفسها أمام تحدٍّ أكبر لتوفير الخدمات المطلوبة ومواكبة السوق المتبدل باستمرار. بين الاستراتيجيات المعتمدة والخطط المطروحة للمرحلة المقبلة، تتفاوت نسبة المتصلين بالانترنت بين دولة وأخرى، فبحسب الاحصاءات الأخيرة لا يزال ثلث سكان العالم محروماً من الانترنت في العام 2023، في حين ان 67% متصلون بالشبكة. في هذا الاطار، أشارت الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات، دورين بوغدان- مارتن الى انه "لن نوقف جهودنا حتى نعيش في عالم يصبح فيه الاتصال الفعال حقيقة ملموسة لنا جميعاً، بغض النظر عن المكان الذي نعيش فيه".فإلى أي مدى يمكن تحقيق ذلك؟
نسبة الوصول إلى الانترنت تتفاوت بين دولة وأخرى فما السبب؟
تشتد الحاجة إلى شبكة انترنت أسرع تستجيب إلى حركة مرور البيانات لإنجاز المهام بكفاءة عالية. ومن هذا المنطلق تخطط الدول العربية والأوروبية لتحسين بنيتها التحتية وتعزيز شروط الاتصالات لديها لتقديم تجربة فائقة مع أعلى سرعات تحميل وتنزيل.
وفقاً للخبراء، بلغت نسبة المتصلين بالانترنت أعلى مستوياتها خلال انتشار الوباء إلا أن هذه النتائج بدأت تتفاوت بين دولة وأخرى استناداً إلى القدرات المالية واللوجستية التي تمكّنت من الحفاظ عليها بعد عودة الحياة إلى طبيعتها. بحسب الاتحاد الدولي للاتصالات، بلغت نسبة الاتصال بالشبكة أعلى مستوياتها في الدول المنخفضة الدخل بعد زيادة عدد مستخدمي الانترنت 17% تقريباً في العام 2022. وتمكّن نحو 100 مليون شخص اضافي من الوصول إلى الانترنت لكن لا يزال نحو 2.6 مليار شخص محرومين من النفاذ إليها.
ثمّة معلومات تشير إلى الأسباب التي تحول دون الوصول إلى الانترنت في بعض الدول ويتمحور بعضها حول صعوبة تأمين الاتصال المنتظم أو الاتصال الدائم بالشبكة. ومن بين المشاكل الأخرى التي تواجهها الدول في هذا الاطار، بطء حركة البيانات، ارتفاع أسعار الاتصالات، عدم توفر المعدات لصيانة الشبكة أو انقطاع الطاقة الكهربائية.
إذا نظرنا إلى عدد مستخدمي الانترنت في الدول العربية فالنسبة تتفاوت بحسب تفاوت عدد السكان. تعتبر الامارات الأكثر استخداماً للانترنت على مستوى العالم نظراً لحجم السكان كذلك الكويت وقطر والبحرين(99% من اجمالي السكان)، تليها المملكة العربية السعودية (97.5% من اجمالي السكان)، عمان (95% من اجمالي السكان)، المغرب (84% من اجمالي السكان)، لبنان (80% من اجمالي السكان)، ومصر (72% من اجمالي السكان).
هذه الأرقام لا تؤكد إلا استعداد هذه الدول إلى التحولات التكنولوجية المتتالية في وقت تتمتع فيه ببنية تحتية رقمية مناسبة لشبكات الاتصالات والانترنت.
توفير الانترنت من الأولويات
نحو 5.4 مليارات شخص يتصلون بالانترنت حالياً أي ما يقارب 67%. تبعاً لهذا الواقع تقول دورين بوغدان- مارتن، الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات: "إن هذا التحسن في التوصيلية هو خطوة أخرى في الاتجاه الصحيح، وخطوة أخرى نحو عدم ترك أحد يتخلف عن الركب دعماً لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة". "لن يهدأ لنا بال حتى نعيش في عالم يصبح فيه الاتصال الهادف حقيقة معيشية للجميع، في كل مكان.
تركّز شركات التقنية والتكنولوجيا الكبرى على ربط الجميع من المناطق كافة بشبكة الانترنت مع ارتفاع عدد البيانات المتنقلة. كما تعتبر المهارات الرقمية من العناصر الأساسية لتزويد خدمات الانترنت بكفاءة عالية والتي قد تساعد في الحصول على تجربة فائقة وآمنة على شبكة الانترنت وتحقيق التنمية والاستدامة.
أما الاتجاهات الحالية فتصب في هدف تحقيق التوصيلية الشاملة بحلول عام 2030 مما يتطلّب نهجاً متكاملاً لتحمّل التكاليف المطلوبة، تعزيز المهارات، وتحسين البنية التحتية. يعمل الاتحاد الدولي للاتصالات بشكل وثيق مع الشركاء للتأكد من أن الأشخاص المتصلين لديهم المهارات والمعارف اللازمة لاستخدامها.
وتشمل مشاريع الاتحاد الرامية إلى توسيع نطاق الاتصال بالانترنت، شبكة مراكز تدريب أكاديمية الاتحاد (ATC) و"تعزيز وقياس التوصيلية الرقمية الشاملة والهادفة"، من تمويل الاتحاد الأوروبي. تُعد مبادرة Partner2Connect الرقمية التابعة للاتحاد الدولي للاتصالات بمثابة تعهد منصة وإطار عمل لتعزيز الاتصال العالمي والتحول الرقمي على مستوى العالم.
الشبكة العنكبوتية تشهد مرحلة جديدة
يدخل الانترنت مرحلة أخرى من التطبيق مع ظهور الذكاء الاصطناعي وتشات جي بي تي وانترنت الأشياء. لا يمكن الجزم بأن مستقبل الانترنت سيكون قائماً على الذكاء الاصطناعي فقط بما أن نماذج هذه الشبكة قابلة للتغيير بصورة مستمرة. فإلى جانب قدرات الانترنت، يُعد الذكاء الاصطناعي من العوامل الأساسية المساهمة في تطوّر حياة الانسان ودعمه للابتكار والنمو.
لولا الانترنت لما تمكّن الذكاء الاصطناعي من البروز بهذه الطريقة ولا حتى الانتشار على هذا القدر. فكل الأجهزة الالكترونية والنماذج المستخدمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي هي بحاجة إلى الاتصال بالانترنت للعمل مما يُبعد فكرة استقلالية الذكاء الاصطناعي عن الانترنت.
تحتاج الحلول الذكية والبرامج المُعدّة والروبوتات إلى الانترنت لتخزين المعلومات ونقل البيانات الضخمة وتلقي البرمجيات والعمل على أساسها. إذاً، الانترنت هو الجهاز الذي يتم التحكّم من خلاله بكل أنواع التكنولوجيا والمواقع الالكترونية ومحركات البحث.
مستقبل فائق من الذكاء، هذا ما تستعد له البشرية مع التطور الرقمي وما تتيحه شبكة الانترنت من معلومات وقدرات بعيداً عن المخاطر التي تشكّلها والتي يمكن الحدّ منها مع تطوير الوعي لدى كل فئات المجتمع. فلا فائدة للآلات ولا للخدمات عن بُعد من دون تغذية الانترنت والعالم سيحتاج إلى هذه التغذية ما دام الاتجاه نحو العالم الافتراضي مستمراً للمراحل المقبلة.