نظّمت الإسكوا ورشة عمل حول بناء الثقة في الخدمات الحكومية الرقمية بالتعاون مع المنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات وجمعية الانترنت والاتحاد الدولي للاتصالات. وقد أقيمت الورشة على مدى يومين 11 و12 سبتمبر 2023.
شارك في الجلسة الافتتاحية في اليوم الأول كل من رولا دشتي، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا، المهندس محمد بن عمر، المدير العام، المنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات والدكتورة نجلا الرياشي، وزيرة التنمية الادارية في لبنان.
في كلمتها الافتتاحية، أشارت رولا دشتي إلى أهمية الأمن السيبراني في عصرنا والتركيز على أمن البيانات الشخصية وضرورة ايصال الخدمات بطريقة آمنة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما لفتت إلى أنه يجب تحديد الاستراتيجيات والتدابير العملية والحلول المبتكرة لتحسين المشهد الرقمي وتعزيز الثقة بين الحكومة والمستخدمين والوصول إلى مستقبل أفضل للجميع وذلك يُترجم من خلال التغيير الايجابي. كما شددت على ان استثمار التكنولوجيا الناشئة مهم لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتقدم في مسار التحول الرقمي.
بدوره، اعتبر المهندس محمد بن عمر أن التطور التكنولوجي الذي شهدناه في السنوات الأخيرة وما نتج عن الثورة الصناعية الرابعة ساهم في بناء أسس المجتمعات وهنا تكمن أهمية الثقة لتمكين الانتقال من العمل التقليدي إلى المعاملات الرقمية. أما مع زيادة حجم الهجمات السيبرانية، فقد تتلاشى الثقة بين الأفراد والخدمات الحكومية فيزداد التحدي لكيفية تعزيز المناخ الآمن والثقة في الفضاء السيبراني في مختلف القطاعات. كما لفت بن عمر الى دور التقنيات الحديثة ومنها انترنت الأشياء، السلاسل والبيانات الضخمة التي تهدف إلى رفع مستوى الرفاهية لدى المواطن على الرغم من سرعة انتشار العمليات السيبرانية والتي أصبحت من أهم التحديات التي تهدد كل الحكومات إلى جانب التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى.
وفي ظلّ هذه التحولات الكبيرة، قال بن عمر إنه لا بدّ من الاستفادة من الخدمات التكنولوجية والعمل على تطوير الأمن السيبراني ودمجه في المجتمع. كما اعتبر أن مسألة الأمن السيبراني يجب أن تكون من أولويات خطة العمل، فسلامة وأمن المعلومات هما ركيزة في مسيرة التحول الرقمي كما يجب الموازنة بين خصوصية البيانات الشخصية والخدمات التي يمكن للحكومات طرحها.
وأضاف بن عمر أنه يجب تكريس ثلاث قواعد أساسية في هذا الاطار: العمل على الثقة الطوعية، تفعيل تبادل المعلومات وبناء تعاون متين بين مختلف أصحاب القطاع. كما شدّد على أهمية استغلال التطور التكنولوجي وضمان السلامة والأمن الرقمي في الخدمات المقدمة من قبل الحكومة للمواطن العربي.
من جهتها، لفتت الدكتورة نجلا الرياشي، إلى أهمية ورشة العمل هذه التي تتمحور حول العالم الرقمي الممكّن وعالم رقمي محصّن وجدير بالثقة. ولأننا قادمون نحو هذا العالم علينا اختصار الوقت لتوفير كل المقومات المطلوبة. بدأ لبنان استعادة النهوض من خلال رحلة التحول الرقمي وذلك عبر التعاونات والمبادرات. والخطوة الأولى لاستعادة الثقة هي بقطع الطريق على الفساد وتقديم خدمة عامة متطورة وسريعة تحفظ كرامة المواطن وبأسعار مدروسة. إن مسيرة التحول الرقمي لا تقتصر على التحول من العمل التقليدي إلى العمل التكنولوجي فقط بل أيضاً تتجسّد عبر تحسين الأداء تلبيةً لاحتياجات المواطنين، فإن الاستراتيجية الشاملة ستعيد ثقة المستثمرين وتمكّن حركة النمو كخطوة أساسية في استراتيجية وخطة التعافي. لذا نعمل على ربط التطبيقات والمنصات الرقمية لتعزيز ادارة الحوكمة في ادراة الاتصالات وبذلك نقدم كل الخدمات للمواطن.
ناقش المتحدثون في وزشة العمل هذه الفرص والتحديات التي تقدمها التقنيات الجديدة ودورها في تطوير الخدمات الحكومية الرقمية ومن بينها انترنت الاشياء والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة. أما مسألة الأمن السيبراني فتعتبر مهمة جداً لمكافحة جرائم المعلومات وحماية البنية التحتية الرقمية من الهجمات الرقمية والحروب الالكترونية. هذا وتعمل الحكومات المعنية على تطوير اطار قانوني يسهم في تسهيل المعاملات الالكترونية لوضع أفضل الضوابط القانونية لحماية المستخدم من الخروقات الالكترونية ومن سوء الاستخدام وذلك لتشجيع الاستثمار أيضاً في هذا المجال والوصول إلى النتيجة المرجوة.
بدأت الجلسة الأولى في اليوم الأول تحت عنوان الأمن السيبراني في المنطقة العربية وبتنسيق من الدكتورة نبال إدلبي، مديرة قطاع الاحصاء ومجتمع المعلومات والتكنولوجيا بالانابة، الإسكوا. ولفت المتحدثون في هذه الجلسة إلى دور الأمن السيبراني واعتباره محوراً أساسياً لتوفير الخدمات الرقمية ومنع الخروقات على الشبكات وتأمين الحماية على البيانات. كما يعتبر الأمن السيبراني هاماً في الامتثال القانوني والتنظيمي والتشريعات لتعزيز الثقة بالخدمات الحكومية. كما تهتم دول المنطقة بالأمن السيبراني حيث أطلقت مبادرات عدّة في هذا الاطار ولكن مؤخراً شهدت المنطقة العربية نشاطاً كبيراً في تنظيم الفضاء السيبراني والذي سيكون له صداه الايجابي على مسيرة التحول الرقمي.
كما تطرّقت الجلسة إلى المنظور الاقليمي وفق المؤشر العالمي للأمن السيبراني، الاتحاد الدولي للاتصالات مع المتحدّث السيّد أحمد الراجي، مستشار أول، الاتحاد الدولي للاتصالات الذي طرح مسألة الأمن السيبراني في المنطقة العربية والفجوة الحاصلة بين الدول التي ما زال بعض منها يمنع تطبيق الأمن السيبراني على نطاق واسع.
من جهته، لفت السيد جيمس شايرز بمداخلته كبير الباحثين، إلى تاريخ استراتيجيات الأمن السيبراني في المنطقة العربية وأوجه التشابه والاختلافات في المنطقة.
أما الجلسة الثانية والتي كانت بعنوان: تعزيز الأمن السيبراني للنظم التمكينية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات كانت من تنسيق السيد شربل سبير، محامٍ وعضو في نقابة محامي بيروت، جمعية الانترنت. من أبرز المواضيع التي تم طرحها، الذكاء الاصطناعي في مجال الأمن السيبراني بين الايجابيات والسلبيات مع الدكتور عماد الحاج، الجامعة الأميركية في بيروت، إلى جانب المبادئ التوجيهية لأمن البنية الأساسية للانترنت مع السيد أولاف كولكامان، المستشار التنفيذي والناطق الرسمي لجمعية الانترنت. وأخيراً الأمن السيبراني كأولوية في السياسة العامة مع الدكتورة روكسانا رادو، أستاذة مشاركة، التكنولوجيا الرقمية والسياسة العامة، جامعة أكسفورد (عن بُعد).
أما الجلسة الحوارية التالية فكانت بعنوان: الجوانب القانونية والتنظيمية لتعزيز الثقة في الخدمات العامة الرقمية: الخصوصية وحماية البيانات الشخصية مع المنسقة السيدة ندى العبيدي، رئيسة قسم التخطيط والمشاريع، المنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات.
وقد شملت هذه الجلسة موضوع حماية البيانات الشخصية والخصوصية في سياق التكنولوجيا الناشئة مع الدكتورة جنان الخوري، الجامعة اللبنانية، بيروت. الاطار الاقليمي العربي لنقل البيانات الشخصية وحوكمتها مع الدكتور محمد حمدي، رئيس فريق اعداد الاستراتيجية العربية للأمن السيبراني، AICTO وأفضل الممارسات لحماية البيانات الشخصية: من منظور الحوكمة وادارة المخاطر والامتثال مع الدكتور عادل عبدالمنعم، خبير الأمن السيبراني والحوكمة وادارة المخاطر والامتثال مصر.
بينما الجلسة الأخيرة تحت عنوان تعزيز تدابير الأمن السيبراني مع المنسق السيد أولاف كولكمان، المستشار التنفيذي والناطق الرسمي لجمعية الانترنت حيث تم تسليط الضوء على الاعتراف المتبادل بخدمات الثقة في الاتحاد الاوروبي مع السيد نيك بوب، رئيس لجنة ETSI للتواقيع الالكترونية والبنية الأساسية للثقة. كما تطرقت الجلسة إلى تطوير وتنفيذ استراتيجية وطنية للأمن السيبراني: تحديات وفرص استراتيجيات الأمن السيبراني مع السيد أحمد الراجي، مستشار أول، الاتحاد الدولي للاتصالات.