كمّ هائل من الأخبار والمعلومات ما زالت تدور حول روبوت الدردشة "شات جي بي تي"؛ هذه التكنولوجيا الجديدة التي قسمت العالم بين مؤيد ومعارض لها. يُمثّل "شات جي بي تي" وسيلة سهلة لافتعال الهجمات الالكترونية والوصول إلى المستخدم بمرونة.
مع بداية انتشار التكنولوجيا الجديدة بدأت تصل الى المستخدمين رسائل تزعم كسب نحو ألف دولار بيوم واحد من شات جي بي تي. خلال وقت قصير تمكّن قراصنة الانترنت من استغلال القدرات الخارقة لدى تطبيق شات جي بي تي الذي طوّرته شركة "أوبن أي إي" للإجابة على كل الاسئلة وصناعة المحتوى من النصوص إلى الصور. يقول خبراء التكنولوجيا إننا بدأنا نشهد أولى العمليات السيبرانية المتعلقة بتطبيق شات جي بي تي حيث يساعد الذكاء الاصطناعي القراصنة على كتابة الرسائل النصية القصيرة التي تدفع بالمستخدم الى الضغط على روابط مزيّفة أو تحميل مستندات تحتوي على فيروس. يخشى خبراء التكنولوجيا أن تتطوّر أساليب القرصنة الالكترونية مع تطوّر تطبيق شات جي بي تي باللجوء الى مزيد من الخدمات الخبيثة ليشكّل بذلك الذكاء الاصطناعي الخطر الأكبر على البشرية.
أنظمة الروبوت الرقمي بيد مجرمي الإنترنت
حذّرت شركات التكنولوجيا من استغلال الروبوتات الرقمية لتمرير البرمجيات الخبيثة وارتكاب المزيد من الجرائم السيبرانية المحتملة. فبينما يبحث المستخدم عن المحتوى السريع والاجابات الآنية، يمكن أن يحمل تطبيق شات جي بي تي ثغرة خفية هدفها التضليل والنيل من بيانات المستخدم. فبحسب المعلومات، يمكن التحايل على أنظمة شات جي بي تي مع العلم أن التطبيق يخضع لضوابط عدّة لحماية المحتوى المشارك قدر الامكان.
يعتبر الخبراء أنه من الضروري نشر المعلومات وتعزيز الوعي حول التقنيات التكنولوجية المطروحة مؤخراً لإدراك كيفية استخدامها بهدف الحماية وعدم التعرّض لأي خطر في المقابل. كما يجب العمل على اكتشاف الثغرات الجديدة ومعرفة معالجتها بوقت سريع لضمان سلامة المستخدم على التطبيقات الجديدة خصوصاً الأكثر رواجاً منها.
يسيء قراصنة الانترنت استخدام نصوص محتوى شات جي بي تي والذكاء الاصطناعي لتوجيه الرسائل الضارة والترويج للتصيّد الاحتيالي. هذا وتظهر في الآونة الأخيرة مجموعات متخصصة تعمل على كسر برامج الحماية والأمان والاستفادة من هذه المنصات لنشر ملفات غير قانونية. ومن أشكال التصيّد التي يقوم به روبوت الدردشة، استخدام شات جي بي تي لتطوير مساعدين افتراضيين بإمكانهم اتخاذ القرارات عن الانسان. على ضوء ذلك، تعمل شركة OpenAI على اضافة كل نماذج الانتهاكات التي يتعرّض لها المستخدمون على تطبيق شات جي بي تي والتي تمكّن الأشخاص من كسر برامج الحماية وتدريب الذكاء الاصطناعي على الاستجابة إلى هذه الحوادث بكل أشكالها.
أما المساعدون الافتراضيون المدعومون بالذكاء الاصطناعي فهم معرّضون أيضاً إلى التلقين الضار غير المباشر مما يسمح لطرف ثالث بتعديل الموقع الالكتروني وتغيير سلوك الذكاء الاصطناعي. كما يقوم القراصنة بتوجيه المستخدمين لهذه المواقع الالكترونية التي تحتوي على محتوى سرّي وبالتالي انتهاك البيانات والمعلومات الشخصية.
يوضح خبراء الذكاء الاصطناعي سهولة التلاعب بالأنظمة الذكية على الرغم من كل التطمينات التي تنشرها الشركات الأم. أصبح للقراصنة اليوم القدرة على تنفيذ عمليات ضارة على الأجهزة الالكترونية بشكل أكبر وبحرفية أكثرللحصول على المعلومات.
الذكاء الإصطناعي والمخاوف التي تلاحقه
في ظلّ هذه المخاوف، شدد الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، على ضرورة تنظيم الذكاء الاصطناعي والحدّ من انتشاره كونه يشكل خطراً كبيراً على البشرية. إن تطوير الأنظمة الذكية، يحمل معه الكثير من المناشدات للحماية من هذه البرامج والتأكد من سلامتها. يُعد الذكاء الاصطناعي اليوم أكثر من مجرّد برنامج ذكي فحسب، بل هو يُعد من التقنيات التي مكّنت تجسيد العالم الافتراضي في العالم الحقيقي. وبهذا الاطار، يعتقد ألتمان أن التدخل التنظيمي من قبل الحكومات سيكون ضروريًا للتخفيف من مخاطر النماذج التي تزداد قوة.
تم تطوير الذكاء الاصطناعي وتدشين شات جي بي تي على اساس أن هذه التقنيات ستساعد الانسان إلى حدٍّ كبير لكن الواقع تجاوز ذلك حيث باتت بعض الانظمة الذكية أقوى من القدرات البشرية نفسها وها هي تسبب للعالم اضطرابات وتساؤلات عدّة.
في ظلّ هذا الواقع، تأخذ شركات التكنولوجيا احتياطها لادراك هذه المشاكل والتحديات المرتقبة في المستقبل لكن الحلول لا تزال بعيدة عن التطبيق في الوقت الحالي.
من جهتها تراقب شركة مايكروسوفت كيفية الحدّ من الاساءة إلى استخدام منتجاتها وأدواتها وتخفيف المخاطر في هذه المرحلة الصعبة إلى جانب الحماية من الثغرات الأمنية.
فقبل اعتماد التكنولوجيا على أنواعها يجب فهم كل مناحيها لتصبح الأنظمة المستقبلية أكثر وضوحًا بالنسبة للانسان خصوصاً وأنه من المتوقع أن يكون الذكاء الاصطناعي قادراً على تطوير سلوكيات جديدة بالاعتماد على كمية هائلة من البيانات.
يخيف الذكاء الاصطناعي مطوّريه أنفسهم ولأجل ذلك، وقّعت مجموعة من قادة التكنولوجيا ومنها إيلون ماسك وستيف زنياك على عريضة عامة طلبت من شركة OpenAI المطوّرة لبرنامج روبوت الدردشة شات جي بي تي تعليق عملية التطور هذه لمدّة ستة أشهر محذرة من الخدمات التي يوفّرها الذكاء الاصطناعي وأهمها استنساخ الصور والأصوات التي تسهّل عمليات السرقة والاحتيال المالي، ففي العام 2022 تمت سرقت نحو 11 مليون دولار من أفراد بعد استنساخ أصواتهم.
على ضوء ذلك، تشدد الجهات المعنية على ضرورة التأكد من المكالمات والتحاويل المالية قبل الموافقة عليها نهائيًا.
بين الذكاء الاصطناعي وشات جي بي تي، تُرجّح الدراسات أن تصبح هذه التقنيات بديلة لنحو 80% من الوظائف خلال السنوات المقبلة. وفيما يجد البعض أن هذا الأمر يشكل خطراً كبيراً على اليد العاملة البشرية، تنتشر آراء أخرى تعتقد بأن ذلك سيكون دافعاً للانسان لتطوير نفسه أكثر على المستوى الشخصي وعدم التركيز فقط على المهام الادارية. إن المرحلة الانتقالية التي ترسمها التكنولوجيا تُعد مرحلة حساسة وعلينا التأقلم والتكيّف معها بالشكل المطلوب للتعامل مع الظروف والواقع الجديد.