يُعد تقييم "نضج البيانات" أو data maturity أمراً مهماً لكل شركة ويتمحور ذلك حول مقياس جودة إدارة المؤسسة لبياناتها وقدرتها على تخزينها وتحليلها والاستفادة منها لدراسة سلوك العملاء. ففي الواقع الذي وصلنا إليه اليوم، تحدد الشركات المجالات التي تريد التركيز عليها لتحسين أدائها على هذا الأساس.
يختلف مشروع تقييم البيانات وفقاً لأهداف الشركة مع تحديد النطاق الذي سيتم على أساسه العمل. وتختلف الأهداف بين الكشف عن الأخطاء في التقارير أو اصلاح البيانات وحوكمتها. تُحدد نسبة المعلومات التي يتم تقييمها ودراستها بالاضافة إلى تفاصيل إدارة المؤسسة على هذا المستوى. قد يتوسّع نطاق البيانات على نطاق أكبر ليشمل كل أقسام الشركة وجمع كل البيانات الخاصة. كلما توسّعت مصادر المؤسسة كلّما كان تقييم البيانات متاحاً بشكل شمولي وأكثر تفصيلاً، فإذا كانت المصادر محدودة يتم تقييم البيانات على مستوى معيّن مع دراسة محددة. لكن هناك عدّة خطوات يجب أن تمرّ بها المؤسسة لتحديد الأهداف والخطط المؤاتية لتحليل البيانات، فضلاً عن التحديات التي قد تترتّب في هذا المجال ولا بدّ من التعرّف إليها.
التحديات أمام تحديد نطاق البيانات ونضجها
ترتفع نسبة تداول البيانات بشكل كبير في الآونة الأخيرة مع استخدام الانترنت والتطبيقات الذكية بصورة دائمة، مما يشكل ضغطاً كبيراً بالنسبة للشركات التي تريد ملاحقة هذه البيانات وتحليلها لتحسين أدائها على مستوى الخدمات. بحسب المعلومات تبرز التحديات في تحديد نطاق مشروع تقييم نضج البيانات مع عدم مراعاة كيفية ادارة البيانات والحفاظ عليها، عدم تحديد الهدف من قبل المؤسسة ذاتها، عدم مراعاة العوامل الخارجية التي تتمثّل بمتطلبات متنوعة منها على الصعيد التنظيمي أو التطبيقي. ومن بين التحديات أيضاً، عدم تطوير خطة معيّنة بجدول زمني معيّن وتحديد المسؤوليات على فريق العمل فضلاً عن غياب الرؤية المستقبلية والتي من أجلها يجب أن تعمل الشركة لتفعيل عملية نضج البيانات.
مؤشر نضج البيانات لتمكين التحول الرقمي في القطاع الحكومي
كما أن للمؤسسات الخاصة خطتها لادارة البيانات وتحليلها على المدى المنظور، تسعى الادارات العامة أيضاً للدخول في العالم الرقمي عبر تحديث إطار العمل بين رقمنة المؤشرات الحكومية والممكنات على أرض الواقع. على ضوء ذلك، وكما جرت العادة أن تكون السباقة والرائدة في الرقمنة والتكنولوجيا، وضعت الامارات مؤشر نضج البيانات ضمن مؤشرات الممكنات الحكومية لعام 2020 بهدف تعزيز قدرة الجهات الحكومية الاتحادية في ادارة البيانات وتحديد معاييرها وتقييمها تلبيةً لطلب المواطنين والتنافس على المستوى العالمي. وانقسمت محاور هذا المؤشر إلى ثلاثة أقسام، منها الاطار التنظيمي، جودة البيانات الحكومية والقدرة على اتاحة البيانات وتسهيل تدفقها. يدعم المؤشر القيادات الحكومية ويعزز تدفق البيانات بجودة عالية مع تسليط الضوء على احتياجات كل المواطنين دون استثناء.
وفي الاطار، نفسه، حقق مكتب إدارة البيانات في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني المستوى الرابع بنسبة 85 % في تقرير قياس نضج البيانات لعام 2022، حيث يعتبر المستوى الخامس هو المستوى الأعلى لتقييم نضج مكاتب البيانات الحكومية. ويشير المعنيون إلى اهتمام المملكة بتعزيز مؤشر نضج البيانات في ظلّ رؤية المملكة 2030 والحرص على مواكبة التطورات المرتبطة بالرقمنة والمؤسسات والحوكمة والبيانات. كذلك يتم التخطيط لادراة البيانات وحمايتها في المملكة والاستمرار بنشر ثقافة البيانات وأهميتها على مستوى الأفراد والجماعات والمؤسسات. إلى جانب ذلك، تصدرت السعودية دول غرب آسيا في مؤشر نضج الخدمات الحكوميّة الإلكترونية والنقّالة لعام 2022، الذي يقيس مدى نضج الخدمات الحكومية المقدمة عبر البوابات الإلكترونية والتطبيقات الذكية.
وفي وقت أصبحت فيه البيانات ركناً أساس من أعمالنا والمفتاح لتطوير هذه الأعمال، تشدد الشركات على أهمية وضع استراتيجية خاصة بالبيانات تهدف إلى مواصلة الابتكار وجمع البيانات وتنظيمها انطلاقاً من الكفاءة وتحسين العمليات التشغيلية واتخاذ القرارت بشكل مناسب وبسرعة وزيادة الأرباح والمنافسة.
استراتيجية البيانات بين الفوائد والانعكاسات الايجابية
تتيح استراتيجية البيانات فرصة للمؤسسات وشركات القطاع العام والخاص لحلّ المشاكل بطريقة آمنة والاستعداد للمرحلة المقبلة مع كل الصعوبات التي قد تحملها.
تعتمد الشركات على استراتيجية البيانات لتحسين تجربة العملاء على الانترنت ومعالجة المشاكل بشكل استباقي. يمكن للشركة أن تطوّر منتجاتها من خلال البيانات وتعزز خدماتها بناءً على ما يطلبه العملاء أولاً. نظراً لما توفر استراتيجية البيانات ونضج البيانات على حد سواء، تنشر المؤسسات ثقافة البيانات لتدريب فرق العمل على كيفية التعامل معها والانتقال من المرحلة الابتدائية إلى مرحلة أكثر تطوراً في هذا المجال خصوصاً وأن عالمنا بات متصلاً بالبيانات بشكل شبه كلي.
يشرف مهندسو البيانات على عملية التحليل والتخزين مع الالتزام بكل متطلبات وشروط العمل الآمن للحفاظ على هذه المعلومات. ويعتقد الخبراء أن البيانات يمكن الاستناد إليها اليوم لانشاء نماذج جديدة أكثر تطوراً في قطاع العمل وسائر القطاعات.
من المتوقع أن يسجّل سوق البيانات بحلول عام 2027 معدل نمو سنوياً مركباً بنسبة 7.4%. تُنفق الحكومات الرقمية مليارات الدولارات على أساس تطوير الأعمال الرقمية والاستثمارات المستقبلية.هذا وتهدف الدول الاعتماد على الحلول التقنية أكثر من أي وقت مضى بدءاً من التصنيع والانتاج والتوزيع.
استناداً إلى ما يمثله الذكاء الاصطناعي من ناحية والحلول الذكية من ناحية أخرى، تسلّط الحكومات الضوء على أهمية الاقتصاد الرقمي والبيانات والعالم السيبراني والتعاون بين القطاعات لتحفيز رواد التكنولوجيا وتعزيز دورهم في المجتمع مما يضمن تطبيق الخدمات الرقمية ونضجها بالاضافة إلى نضج البيانات بشكل خاص.
