تتحرّك ثورة محركات البحث على الانترنت من جديد لتشتعل هذه المرّة بوجه خدمات "شات جي بي تي" الذي يغزو العالم. على مدار السنوات الماضية، تغيّرت طريقة البحث على الانترنت وآلية تصفّح المواقع الالكترونية لم تعد نفسها.
تثير تقنية "شات جي بي تي" فضول الخبراء وشركات التكنولوجيا بشأن استخدامها وفوائدها وتأثيرها السلبي والايجابي على القطاعات وتعديلها للأعمال الروتينية. لا تقتصر خدمات التكنولوجيا الحديثة على تسهيل حياة الانسان فقط، بل توفّر له آفاقاً بعيدة لبناء استراتيجيات مستقبلية ناجحة ومضمونة. يستمر الذكاء الاصطناعي بمفاجأة الناس لقيامه بمهام أكبر وأوسع كما أنه يحسّن أداء التطبيقات الذكية على أنواعها. في ظلّ هذه التغيّرات، تشتد المنافسة بين قدرات "شات جي بي تي" ومحاولة سيطرته على محركات البحث العملاقة مثل غوغل وبينغ من مايكروسوفت.
بعد الذكاء الاصطناعي... هل ستتغيّر طريقة تصفّحنا محرّكات البحث؟
يعتبر محرّك بحث غوغل من أكثر المحركات المستخدمة عالمياً للحصول على معلومات دقيقة وموثوقة، فهو يتفوّق بنسبة 92% على سائر محركات البحث. وتعلن شركات التكنولوجيا قلقها من ناحية كيفية إتمام المهام بالوقت الآني وبالسرعة نفسها التي توفرها تقنية "شات جي بي تي" والاجابة على كل أسئلة المستخدم المتوقعة وغير المتوقعة. نذكر أنه وصل عدد مستخدمي هذه التقنية إلى أكثر من مليون بوقت قليل، فهي تسمح لأي شخص بتجربة الذكاء الاصطناعي والدردشة معه بسهولة. وفقاً للخبراء، يشكّل "شات جي بي تي" تهديداً حقيقياً للكثير من المهن بينما القسم الآخر من العلماء ينفي كل ما يُتداول من مخاوف مؤكدين على قدرات العقل البشري التي لا يمكن أن تُقارن بأي من التقنيات التكنولوجية مهما تطوّرت.
تشكّل محركات البحث جزءاً من الثورة الصناعية الرابعة بعدما أصبحت قادرة على مشاركة معلومات مختلفة، وطرح الكثير من المواضيع لتزويد المستخدم بخدمة سريعة إما عبر البحث الصوتي أو كتابةً بدلاً من اعتماد مواقع الويب. ومن المتوقع أن تشهد محركات البحث تطورات كبيرة في المستقبل مع تفاعل الناس بشكل أكبر حيث ستشمل هذه التغيرات البحث من خلال الايماءات لتصفّح المواقع الالكترونية. كما سيسمح الذكاء الاصطناعي بالبحث عن المعلومات من خلال الأفكار فقط أو من خلال البحث الصوتي، وهي الطريقة الأكثر تفاعلية المعتمدة حالياً.
كما ستكون البيانات الضخمة من الوسائل التي تعتمدها الشركات لتوقع عمليات البحث قبل حدوثها. هذا وستتوفر لنا أجهزة الكترونية جديدة لمحركات البحث. إلى جانب غوغل، يعود اليوم محرك بينغ من مايكروسوفت المتوفر للشركات الناشئة التي تطمح الدخول لمجال محركات البحث حيث من المتوقع أن يقدّم بينغ نتائج عمليات بحث واجابات واستفسارات دقيقة لمواضيع معقدة لاعادة إنشاءجيل جديد من محركات البحث المتطوّرة.
وقد أعلنت مايكروسوفت عن إطلاق تحديث جديد يشمل متصفح "بينغ" و"إيدج" مؤكدة على أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي التي ستمنح المستخدمين ميزات جديدة، وتسهّل عليهم عمليات البحث والتواصل عبر الإنترنت. يمنح"بينغ" للمستخدمين إجابات دقيقة حول أي من المواضيع، وأصبح يوفر لهم معلومات مفصلة عن الأشياء التي يبحثون عنها كالمواقع أو الوجهات السياحية.
بدوره، يشير الرئيس التنفيذي لشركة ألفابت، سوندار بيتشاي الى أن برامج الدردشة ستكون قادرة على تلبية المستخدم والاجابة على كل المسائل المعقدة.
يتابع الخبراء عملية تطوّر الذكاء الاصطناعي وكيفية استخدام الآلات الذكية مع وضع بعض القواعد لحماية الانسان والحفاظ عل القيم المجتمعية.
إنجازات كبيرة تُقابَل بالتهديدات الإلكترونية
تسرّع محركات البحث اعمالها للصمود بوجه "شات جي بي تي" فبحسب المعلومات تعمل الأخيرة على تطوير خططها ومنتجاتها وخدماتها التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
بدورها تستثمر مايكروسوفت مليارات الدولارات لتطوير منتجاتها ومواجهة خطر الزوال. تُعلن بعض المصادر عن مخاطر اعتماد محركات البحث أو حتى "شات جي بي تي" في المستقبل فهي لا تعرف كل المعلومات كما يمكن لمحركات البحث أن تتبنى تحيّزات وذلك بسبب البيانات التي تتبناها.
من دون أن ننسى خطر الاختراق الرقمي الذي يرتفع من سنة إلى أخرى مع توسع نطاق التكنولوجيا لتشمل كل الأدوات من حولنا. تُخزّن محركات البحث والتقنيات الذكية نسبة كبيرة من معلوماتنا الشخصية التي تستخدمها الشركات لتحسين إعلاناتها ومراقبة اهتمام المستخدم والعمل على أساسه.
هذا وتستخدم بعض الجهات الحكومية بالأخص محرّكات البحث لحظر بعض المعلومات أو لفرض رقابة، إلى جانب ارتفاع عمليات القرصنة الالكتروينة والهجمات السيبرانية وعمليات انتهاك البيانات وتعرّض المواقع الالكترونية إلى أعطال تقنية أو للاحتكار.
لكن رغم كل التهديدات يعتقد خبراء التكنولوجيا أن محركات البحث ستبقى برفقتنا وسيلجأ الانسان إليها مهما تعددت التقنيات الذكية والأنظمة والبرامج الرقمية، فالذكاء الاصطناعي هو الحاضر والمستقبل.