تُمارس الشركات سياساتها الدفاعية للحفاظ على أمن أجهزتها الالكترونية والخوادم والشبكات اللاسلكية وخصوصية البيانات إنطلاقاً من أعمال الحوسبة السحابية، تفعيل البلوك تشين وتقسيم الوظائف الأمنية إلى عدّة فئات. ,تُشدد الدول دفاعاتها السيبرانية نظراً لتكاثر وتعدد الهجمات الالكترونية التي تطال الشركات والأفراد في الفترة الأخيرة.
تزداد حدّة الحرب السيبرانية في الدول العربية والغربية لا سيّما في مجال الأعمال وتجارة التجزئة والاقتصاد الرقمي، فتجد الشركات نفسها بحاجة إلى تطوير استراتيجياتها الداخلية للحدّ من المخاطر الرقمية وتعزيز قواتها التقنية ودعم الكفاءات في مجال الأمن السيبراني. مقابل ذلك، يعاني العالم من نقص المهارات وقلّة الخبراء في هذا القطاع مما يُصّعب عملية تطبيق الحماية الالكترونية.
يعمل في الولايات المتحدة نحو مليون شخص في مجال الأمن السيبراني بينما يبلغ عدد الوظائف الشاغرة 600 ألف وظيفة تقريباً، 560 ألفاً في القطاع الخاص، وفقاً للدراسات الأخيرة. في هذا الإطار، تشير مديرة أبحاث الموارد البشرية في شركة "غارتنر"، جيمي كون، إلى ازدياد نقص المواهب في مجال الأمن السيبراني حيث تبحث الشركات بشدّة عن المهنيين الذي يملكون المهارات التقنية المطلوبة للحد من الهجمات الالكترونية ومعالجة ثغراتها. يكثر الطلب اليوم على مطوري البرامج، مهندسي الشبكات إلى جانب البحث عن خبراء ومحللي الأمن السيبراني بعد اعتماد العمل عن بُعد وارتفاع نسبة استخدام الأجهزة الذاتية والشبكات المنزلية فباتت الحاجة ملحة لتطوير البنية التحتية لحماية الموظفين من المخاطر الالكترونية وعمليات الاختراق المحتملة.
تحسين الشروط ورفع الأجور في مجال الأمن السيبراني
إرتفعت محاولات الاحتيال الالكتروني وكذلك طلب الفدية عبر الحسابات الافتراضية مما يدعو إلى تحقيق أمن المعلومات على صعيد الأفراد والشركات لتجنّب الثغرات أو البرامج الضارة. تتفرّع وظائف الأمن السيبراني الى عدّة مستويات إنطلاقاً من حماية التطبيقات الذكية، تعزيز أمن الشبكات، كيفية أخذ القرارات والتدابير لمواجهة المشاكل التقنية وقدرة التعافي من التهديدات المستمرة.
فقبل نشر البرامج الالكترونية على المستخدمين والأجهزة، يحدد فريق العمل المعايير المناسبة للوصول إلى البيانات بطريقة سليمة بعيدة عن البرامج الضارة. فريق آخر يقوم بحماية البيانات الشخصية لكل المستخدمين النهائيين والتأكد من سلامة الحسابات عند نقل وتخزين البيانات.
تستجيب فرق مختصة لمتطلبات السوق المتغيّرة لمعالجة كل ما له علاقة بالثغرات الأمنية المستجدة وتفاديها قبل حدوثها بالاضافة إلى تحديث القدرات التشغيلية لضمان استمرارية الأعمال على مدار السنة. إلى جانب ذلك، تأخذ بعض المنظمات على عاتقها تدريب المستخدمين من كافة الفئات الاجتماعية على كيفية التعامل مع الأمن الشيبراني والعوامل الأخرى فيمكن لأي شخص أن يقع في فخ الروابط المزيّفة أو أن يستجيب إلى رسائل نصية غايتها انتهاك المعلومات الشخصية.
تظهر مشاكل نقص المؤهلين للعمل في مجال التقنية والاتصالات والتكنولوجيا في الشركات والمنظمات والمؤسسات الناشئة أو الصغيرة التي ما زالت في مراحلها الابتدائية. وتكمن المشكلة الأساسية في عدم قدرة هذه المنظمات على دفع الأجور الجاذبة للعاملين التقنيين وهذا ما خلق فجوة كبيرة بين القطاعين العام والخاص.
تتأثر هذه الشركات بالثغرات والهجمات السيبرانية بشكل متواصل مع تعرّض البنية التحتية الرقمية إلى الانتهاكات التي تهدد نشاط المستخدم على الانترنت. وتُرجّح مديرة وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية الأساسية في الولايات المتحدة، جين إسترلي، أن نشهد على 3.5 مليون وظيقة شاغرة في قطاع الأمن السيبراني بحلول العام 2025.
تضع الحكومات نظاماً جديداً لجذب اليد العاملة الى مجال الأمن السيبراني مع تعديل الأجور وساعات العمل لرفع فرص توظيف الكفاءات. ووفقاً لبيانات أصدرها مكتب إحصاءات العمل، بلغ وسط الأجر السنوي لمحللي أمن المعلومات 107,580 دولاراً في العام 2020 أي ضعف متوسّط الأجور السنوية للوظائف في الولايات المتحدة مجتمعة.
تنقسم تخصصات الأمن السيبراني بين تجزئة الشبكة، تشغيل الأجهزة الالكترونية بشكل آمن، حماية البيانات والحسابات والبريد الالكتروني، توفير الأمن اللاسلكي، صيانة ومراقبة حركة البيانات، التحليل السلوكي، التصدي للتهديدات المحتملة، تطوير البنية التحتية الرقمية.
آلية حماية المستخدمين وكيفية التصدي للهجمات الالكترونية
يأخذ الأمن السيبراني مكانة واسعة في حياتنا اليومية، لكن هل تساءلت عن آلية العمل والتدابير التي تتخذ لتطبيق هذه الحماية؟
يعمل الأمن السيبراني على تشفير الرسائل الالكترونية والبيانات الخاصة لحماية حسابات المستخدمين وأجهزتهم الالكترونية. هذا وتعتمد فرق العمل على طرح بروتوكولات لمواجهة مختلف أنواع الهجمات والفيروسات إلى جانب مراقبة سلوك المستخدم ورموزها.
يحصر الأمن السيبراني الثغرات الأمنية ضمن شبكة افتراصية بعيدة عن الشبكة اللاسلكية المستخدمة إلى أن يتم اكتشاف المشكلة التقنية وايجاد الطريقة الأنسب لمكافحتها.
أما من ناحية الحماية والتدابير الذاتية لتجنّب المخاطر الالكترونية فينصح المتخصصون التقنيون بتحديث البرامج على الهواتف الذكية والأجهزة، واستخدام برامج مضادة لمكافحة الفيروسات وإزالتها. أما للحصول على أعلى درجة من الأمان، فعلى المستخدم استخدام كلمات مرور قوية مؤلفة من أرقام وأحرف كبيرة وصغيرة تجنّب الرسائل النصية والروابط المشبوهة التي يهدف المقرصن من خلالها الوصول إلى البيانات والمعلومات الخاصة. والأهم من ذلك يُنصح بعدم استخدام شبكات الواي فاي العامة التي تعتبر من المخاطر الالكترونية الأكثر شيوعاً.
إليكم تكلفة الأمن السيبراني والدول العربية تستحوذ على 5% من حجم الانفاق العالمي
تُنفق الدول العربية والعالمية الكثير لحماية البيانات لديها، ففي العام 2019 بلغت خسائر الولايات المتحدة من الهجمات السيبرانية 3.5 مليار دولار مما أدى إلى رفع الاستثمارات في هذا المجال. أما الشركات من مختلف القطاعات فهي تُنفق نحو 5% من استثماراتها على الأمن السيبراني.
على ضوء الهجمات المتكررة في الأعوام الماصية من المرتقب ارتفاع تكلفة الأمن السيبراني خصوصاً مع تدفق البيانات بشكل أكبر من السابق بالاضافة إلى دخول الدول مجال الاتصالات والتكنولوجيا والتقنية كالمملكة العربية السعودية التي تتعدد فيها اليوم المواقع الالكترونية والتطبيقات.
في ظل الواقع الجديد، يبحث العديد من الحكومات طرح تطبيقاتها الخاصة لا سيّما مع التوجه الكبير نحو التحول الرقمي: فالصين تحصر النشاط الالكتروني في الدولة عبر برنامج "وي تشات" الذي يتيح للمستخدمين الصينيين شراء وبيع والدردشة إلكترونياً.
خلال السنوات المقبلة قد تصبح تكلفة الأمن السيبراني من مسؤولية الفرد أو المستخدم نفسه من دون اللجوء إلى الشركات الخاصة أو التطبيقات مع رفع أجهزة التحقق من البصمة والوجه وغيرها من البرامج الخاصة لحماية الأفراد على الانترنت. وتنقسم أساليب التحقق من المعلومات في عالم التقنية إلى نوعين: النوع المحسوس (عبر البصمة، التعرف على الوجه أو الصوت) والنوع الثاني مع المعلومات الشخصية التي يتم ادخالها.
مع العمل عن بُعد وزيادة الاعتماد على التطبيقات الذكية ارتفع الانفاق العالمي على الأمن السيبراني وتستحوذ الدول العربية 5% من إجمالي الانفاق. وقد أصبح الاهتمام بأمن البيانات والمعلومات ضرورة في وقت تُقدر الخسائر السنوية بسبب الأمن السيبراني بنحو 2 تريليون دولار، على أن تطرح الحكومات والمنظمات المختصة استراتيجياتها الخاصة لتفادي الخسائر للسنوات القادمة.