تأتي خطط البحرين المستقبلية ضمن استراتيجية المملكة للتنمية وتهدف إلى تطوير كافة القطاعات من بينها قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات. في هذا الإطار تؤكّد الوزارات المعنية أهمية العبور للمرحلة المقبلة مع اعتماد رؤية محددة للتعافي من تداعيات الوباء الاجتماعية والاقتصادية.
أعلنت مملكة البحرين استراتيجيتها الخاصة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتنمية الاقتصاد الرقمي للسنوات الممتدة من 2022 إلى 2026. تُعزز هذه الخطوة مكانة البحرين على صعيد المنطقة والعالم من ناحية تطوير الكفاءات والقدرات ودعم الخدمات التي ترتكز على الحلول الرقمية والالكترونية. في ظلّ التحولات السريعة، كما تُصعّد مملكة البحرين جهودها في البحث والتطوير إلى مستويات متقدّمة مواكبةً للمؤثرات الخارجية والعوامل الداخلية المساهمة في الاتجاه نحو التحول الرقمي وتطبيقه على كافة المستويات. وأشار المعنيون في المكتب الاقليمي للاتحاد الدولي للاتصالات في المنطقة العربية إلى أهمية الاستراتيجية المعتمدة من قبل البحرين التي تساهم بتنمية القطاع الصناعي والخدماتي بشكل كبير إلى جانب دعم الاقتصاد الرقمي والاتصالات والتكنولوجيا. هذا وتعمل الحكومة البحرينية بكل مقوماتها على تحقيق رؤية البحرين الاقتصادية 2030 مع الأخذ بالاعتبار ضرورة تسريع عملية التحول الرقمي في إطار تمكين المملكة من جهة وتأسيس بنية رقمية بمعايير عالمية من جهة أخرى. فما هي المحاور التي ترتكز عليها استراتيجية قطاع الاتصالات والتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي وما العوامل الداعمة لها؟ وكيف تحتضن البحرين شبكات الجيل الخامس؟
مسيرة التحول الرقمي واستراتيجية البحرين 2022-2026
تتمتع مملكة البحرين ببنية تحتية رقمية متينة حيث تعتبر الحكومة والجهات المعنية أن العصر الجديد يفرض على القطاعات العامة والخاصة تبني التقنيات الأكثر تطوراً لخدمة العملاء والأفراد والشركات الصغيرة والكبيرة. من هنا تتبع الجهات المعنية خطة واحدة تهدف من خلالها الى تنفيذ المبادرات والتعاونات لنشر الرقمنة في جميع أنحاء المملكة.
مع زيادة استخدام الانترنت والأجهزة الذكية إثر انتشار الوباء، وسّعت البحرين مشاريعها متوجهةّ نحو تطبيق التحول الرقمي الشامل خلال السنوات القليلة المقبلة ولتكون نموذجاً للحكومات المتطوّرة في المنطقة. على ضوء ذلك، فعّلت المملكة الخدمات الالكترونية مع دعم الدفع الرقمي، اعتماد المعاملات الحكومية الرقمية بدلاً من الورقية مع حفظ البيانات والمستندات على السحابة لتسهيل الأعمال والوصول إلى أكبر عدد ممكن من السكان. تبعاً للتطورات الأخيرة، عززت البحرين دور التكنولوجيا والاتصالات في المملكة مع إنشاء أكبر شبكة بيانات وطنية آمنة، إلى جانب مركز بيانات وطني، بالاضافة إلى إصدار الهوية الذكية وتفعيل خدماتها. وقد أدت هذه التحولات إلى تغيير توجهات الحكومة البحرينية بما بتماشى مع تنظيم رؤية الحكومة الالكترونية التي بدأت مع العام 2010 واستمرت للعام 2016 مع بعض التعديلات التي لحقتها. كذلك استجابت البحرين إلى الأوضاع الاقتصادية وطوّرت استراتيجية الحكومة الالكترونية لديها لتتماشى مع خطة العام 2018 وصولاُ إلى اليوم مع استراتيجية جديدة للحكومة الرقمية خاصة بالعام 2022. مع هذه الاستراتيجية، تلتزم البحرين بتحويل خدماتها التقليدية إلى خدمات رقمية إلى جانب تعزيز البيئة الرقمية ودعم الأجهزة الالكترونية. هذا وتطمح الحكومة الرقمية إلى تطوير خدماتها استجابةّ لمتطلبات المواطنين وسلوكياتهم المتبدّلة وذلك بالتنسيق مع المبادارات التي تُقام في المملكة.
تُشجّع استراتيجية الحكومة الرقمية لعام 2022 الدور الحكومي مع العملاء من خلال القنوات الرقمية المتوفرة. كما تعمل الفرق المعنية على توفير الخدمات الرقمية مع رقمنة الأنشطة وإعادة تصميم خدمات القطاعات العامة والخاصة لدمجها بعالم الانترنت.
وتنص الاستراتيجية الرقمية 2022 على توحيد البيانات الحكومية وتناقلها بين المواطنين مع احترام الخصوصية والأمن الالكتروني. كذلك يتم العمل على تطوير الآلات والأجهزة الذكية المتاحة بالتوازي مع تطوير الأنظمة والبرامج والمنصات الالكترونية لدعم التحول الرقمي في المؤسسات والشركات. كما تعزز الحكومة البحرينية توفير خدمات الانترنت لكافة المناطق ضمن خطتها للشمول الرقمي مع احترام التكاليف المتدنية، الاتصال الدائم بالانترنت والقدرة على إتمام المعاملات والتعلم والعمل عن بُعد عبر المنصات الالكترونية المتاحة في المملكة بسرعة وسهولة. وتساهم هذه الخطوات بسد الفجوة الرقمية دعماُ للعملاء والشركات من خلال توفر الانترنت والبرمجيات بأسعار مدروسة.
يرتكز الشمول الرقمي في البحرين على تعزيز المبادرات والبنية التحتية الرقمية، توفير الاتصال المجاني بشبكة الواي فاي، إمكانية الوصول إلى المحتوى الرقمي والعمل على نشر الجيل الخامس في كافة المناطق والمدن خصوصاّ تلك التي تتمتع بكثافة سكانية.
هذا وتركز استراتيجية 2022 على دعم الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء استجابةً للواقع الجديد إلى جانب توسيع أعمال الحكومة الرقمية وتحسين الخدمات مع التركيز على حفظ أمن البيانات والمعلومات الشخصية المتشاركة.
تسريع الجهود لتطوير خطة الاقتصاد الرقمي وحماية البيانات
ساهمت جائحة كورونا بخلق فرص جديدة وبانتشار البرمجيات والأجهزة الذكية المدعومة بتقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي للتوافق مع البيئة الرقمية التكنولوجية.
هذا وتهدف حكومة مملكة البحرين إلى تعزيز استراتيجية الاقتصاد الرقمي عبر خدمات الدفع المحلية والعالمية. كما من الضروري التعامل مع المهارات والكفاءات الموجودة في البلاد لتطوير الاستراتيجية والحكومة الرقمية، توفير البيانات للقطاعات العامة والخاصة، تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة بحلول العام 2025.
مقابل ذلك، تهتم البحرين بمسألة حماية البيانات باعتبارها عنصراً أساساً للعمل الالكتروني، حيث أنشأت قانون حماية البيانات الشخصية الذي يسري تطبيقه داخل المملكة وخارجها. بموجب هذا القانون تم إنشاء هيئة خاصة لحماية البيانات الشخصية والتصدي للانتهاكات الرقمية. وللغاية نفسها، أُنشئ المركز الوطني للأمن السيبراني حيث تتم فيه البحوث ومراقبة البيانات والملفات لتمكين سياسة حماية الخصوصية في المملكة والحفاظ على منافسة عالية في مجال الأمن السيبراني.
تماشياً مع ذلك، تدعم البحرين ريادة الأعمال في المملكة من خلال تكثيف الابتكارات، تحسين الانتاجية والجودة وتمكين العملاء من التفاعل أكثر مع المواقع الالكترونية والانترنت مما يفتح المجال أمام العديد من المجالات بالتوسع على مستوى المنطقة.
تُسرّع الحكومة في المملكة عجلة التحول الرقمي وتنمي الاقتصاد الرقمي من خلال المشاريع الناشئة وإمكانية الوصول إلى برامج تمويل متخصصة بالعالم الافتراضي والحلول الالكترونية. كذلك أطلقت المملكة البرامج الخاصة بالحوسبة السحابية بالتوازي مع خطة متكاملة إلى جانب تفعيل البلوك تشين وتطبيقه في مؤسسات القطاعين العام والخاص.
وكانت البحرين السباقة في التحول نحو المدن الذكية بعد مشاركة الأفراد والشركات بالعالم التكنولوجي. تعمل هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة إلى جانب وزارة الطاقة والبلديات على توفير كل الشروط اللازمة للانتقال إلى مفهوم المدينة الذكية على أن تتم زيادة الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية (إشارات المرور، أنظمة التحكم، أجهزة الاستشعار وتقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي) والطاقة المتجددة التي من المرجح أن تُستخدم 5% بحلول العام 2025 وبنسبة 10% بحلول العام 2030.
البحرين تُصعّد مكانتها بنشر شبكات الجيل الخامس
تُقدّم البحرين مرونة كبيرة في البيئة التنظيمية للاتصالات وفي مجال التكنولوجيا مما يُعد عنصراً أساساً لاتاحة كل الحلول التقنية لجميع القطاعات وبأسعار مناسبة. هذا ويلعب المشغلون في البحرين دوراً بارزاً في ما يتعلّق بتطور قطاع الاتصالات والخدمات المتاحة. بحسب دراسة للاتحاد الدولي للاتصالات، حققت البحرين في العام 2021 أعلى تصنيف للجيل الرابع في مستويات تنظيم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كذلك احتلت البحرين المرتبة الثانية بين أفضل الدول العربية من حيث حجم البيانات المقدمة للعملاء وجودة خدمات النطاق العريض. في هذا السياق، يشير المعنيون في المملكة إلى تطور قطاع الاتصالات وخطط التحول الرقمي لتصبح المملكة مركزاً رقمياً فريداً في المنطقة.
بدورها تقوم شركات الاتصالات بالكثير من التعاونات لتوفير شبكات وابتكارات الجيل الخامس المستدامة تماشياً مع رؤية الاقتصاد الرقمي للمملكة وتحولها إلى مدينة ذكية. وكشف تقرير صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات في وقت سابق أن مملكة البحرين احتلت المرتبة الرابعة عالمياً في مؤشر البنية التحتية للاتصالات (TII)، حيث بلغ معدل الاشتراك في الهاتف المحمول 140% من إجمالي السكان. تماشياً مع ذلك، نشرت البحرين رسميًا في العام 2021 خدمات الجيل الخامس التجارية على الصعيد الوطني. كما عملت هيئة تنظيم الاتصالات مع وزارة المواصلات والاتصالات وجميع الجهات الحكومية ذات الصلة في الدولة لتسهيل إطلاق خدمات الجيل الخامس ولجعل مملكة البحرين من أوائل الدول التي تغطي سكانها بشبكة الجيل الخامس.
تؤكد هيئة تنظيم الاتصالات محافظة البحرين على مكانتها كمركز عالمي رائد في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتهدف إلى تحسين الاستعداد لأحدث التطبيقات الناشئة مثل اتصالات إنترنت الأشياء واتصالات M2M. في بلدان مثل البحرين، يكون الاعتماد المتوقع للأتمتة بحلول العام 2030 أعلى من المتوسط العالمي المتوقع البالغ 32%، على أن تُطبّق التحول الشامل خلال السنوات العشر المقبلة.